بتعمر : أطراف تعمل في الخفاء مهدت للحوثي احتلال صنعاء
بقلم/ صحيفة عكاظ
نشر منذ: 10 سنوات و شهر و 8 أيام
السبت 27 سبتمبر-أيلول 2014 10:49 م
 
● كيف تقرأون مستقبل اليمن وإمكانية تنفيذ اتفاق السلم في ظل استمرار الوجود المسلح لميليشيات الحوثي في شوارع صنعاء؟
قمنا بدور «الميسر» في العمل مع الأطراف السياسية، والوثيقة التي تم التوقيع عليها بنيت على مخرجات الحوار الوطني وبعض الأفكار من شخصيات وأطراف سياسية مختلفة، وهي ليست برنامجا قدمه طرف سياسي معين بل منتوج اتفاق جميع الأطراف، ومن ثم فالوثيقة المخرج الوحيد الذي يمكن أن يحفظ اليمن من الدخول في حرب أهلية، لا سيما أن الاشتباكات كانت جارية وجماعة الحوثي المسلحة على مشارف العاصمة، كما أن الأجهزة الأمنية والعسكرية انهارت في وقت وجيز، وكانت هناك أطراف تعمل في الخفاء من أجل مساعدة جماعة الحوثي المسلحة على دخول صنعاء.
باختصار ما حدث مأساة كبيرة، إذ إنه مع الأسف قبل أن ينتهي الحوار الوطني بدأت الاشتباكات في دماج وكتاف ومناطق أخرى وكان ضحاياها بالمئات في عمران وتوسعت ظاهرة العنف لتصل إلى صنعاء لتصبح العاصمة محتلة من قبل جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) التي أحتلت أيضا جميع المرافق والمؤسسات الحيوية للدولة، وحاليا تتحكم في المطار وطريق المطار وتفتش المسافرين ويقتحم أفرادها الطائرات ويمنعون أشخاصا من السفر، كما أن عددا من الأجهزة الأمنية أصبح أداؤها غير فاعل على الأرض، وهذا الوضع يخيف اليمنيين.
الاتفاق مبني على مخرجات الحوار
● وما هي الضمانات التي يمكن أن تقدمها هذه الاتفاقية للشعب اليمني في ظل كل ما ذكرت؟
ما تم التوافق عليه هو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وجميع النقاط التي أوردتها الوثيقة مطلب لجميع اليمنيين دون استثناء، وليس للحوثيين فقط، واليمن تعاني من مشكلات اقتصادية ومالية خانقة ناتجة عن تراكمات وسوء تسيير وتدبير منذ عقود ونتيجة الأعمال الإجرامية التي تستهدف أنابيب النفط والغاز ما يكلف الدولة كثيرا، وتم معالجة هذا الوضع.
الاتفاق تضمن قضايا أمنية وعسكرية والحالة في عمران وصنعاء والجوف، وتنفيذ مخرجات الحوار المتعلقة بإعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة المنهوبة في وقت زمني محدد، ويؤسفني أنه وبعد هذا الاتفاق استمر نهب الأسلحة الثقيلة والاتجاه بها نحو مناطق في الشمال، فالاتفاق مبني على مؤتمر الحوار الوطني ويتضمن استكمال الاستحقاقات التي تم الاتفاق عليها وفي إطار الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية كصياغة الدستور والاستفتاء عليه، والاتفاق على قانون انتخابات جديد وتنظيم انتخابات عامة.
دوامة جديدة من العنف
● تحدثت عن أن صنعاء محتلة.. فأين دور مجلس الأمن والأمم المتحدة؟
مجلس الأمن رحب باتفاق السلم والشراكة لأنه بني على مؤتمر الحوار ومبادرة مجلس التعاون، وهو الوسيلة المثلى لتحقيق الاستقرار والحيلولة دون الدخول في المزيد من العنف أو الحرب الأهلية، ولذا فإن أعضاء مجلس الأمن دعوا للتنفيذ الكامل لبنود الاتفاق وتسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة لأجهزة الدولة الشرعية، وحذر من أي تحركات مخلة بالأمن أو شن هجمات أو تهديد معارضين سياسيين باعتباره أمرا غير مقبول يهدد السلام والأمن باليمن.
كما دعا المجلس إلى وقف هذه التحركات على الأرض، ودان مستخدمي العنف لعرقلة العملية السياسية، وشدد على الوقف الفوري لإطلاق النار كما هو متفق عليه في صنعاء والجوف وكافة المناطق وإعادة مؤسسات الدولة إلى السلطات الشرعية، وأكد أن الرئيس يمثل السلطة الشرعية بناء على الانتخابات وبنود الاتفاقية الخليجية، هذا موقف مجلس الأمن. ومن ثم فإنني أنبه بأنه إذا لم تتوفر النية الصادقة والإرادة السياسية لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، فإن اليمن ستدخل في دوامة جديدة من العنف.
معاقبة معرقلي العملية السياسية
● لماذا لم تكشفون وتعاقبون الأطراف المعرقلة والداعمة للحوثي؟
أعضاء لجنة العقوبات عبروا عن استعدادهم وبشكل عاجل للنظر في مقترحات لتحديد الأطراف والجماعات المعرضة لإجراءات العقوبات وفقا لقرار 2140 وهي رسالة واضحة للجميع.
● لم تستطيعوا الضغط على الحوثي للتوقيع على ملحق الاتفاق الأمني والعسكري.. فكيف ستستعيدون السلاح؟
الأمر ليس كذلك.. الوثيقة التي وقع عليها الأطراف ومن بينهم الحوثيون وثيقة متكاملة غير قابلة للتجزئة، وقد جرت العادة أن الاتفاقيات يوقع عليها في النص الرئيس وليس الملاحق. وحتى لا يكون هناك أي نوع من اللبس وحتى تكون الأمور أكثر وضوحا فقد التزم «أنصار الله» بالملحق الأمني كغيرهم بمجرد توقعيهم على الوثيقة، حيث ينص البند رقم 13 من الوثيقة على «تعالج الحالة العسكرية والأمنية والقضايا المتعلقة بصنعاء والجوف وعمران بالملحق لهذا الاتفاق» وبالتوقيع على هذه الوثيقة تم الالتزام بالوثيقة وملحقها. ومن يدعي أنه لم يتم التوقيع على الملحق فإنه يحاول التنصل من الاتفاق بأكمله.
ذرائع للحوثي والقاعدة
● هناك من يرى أن الاتفاق وفر للحوثي غطاء سياسيا لارتكاب مزيد من الجرائم وصنع ذرائع للقاعدة التي تهدد بتحويل صنعاء إلى ميدان صراع طائفي بدلا من معالجة الوضع.. ما ردكم؟
أكدنا مرارا أن ما سيحد من أعمال هذه الجماعات هو بناء الدولة المدنية القوية الضامنة القائمة على الديموقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان، فغياب الدولة وضعفها وانتشار المجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطق بأكملها هو ما سيخلق المناخ المناسب لتنظيم القاعدة لكي تزيد من هجماتها على الأجهزة العسكرية والأمنية، ومن ثم فإن تنفيذ الاتفاق وتشكيل الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار ونبذ العنف وتنفيذ الجانب الأمني سيسهم في الحد من ظاهرة الإرهاب في اليمن، لأن إضعاف الدولة لن تستفيد منه إلا الجماعات الإرهابية.
مؤامرات وتدخلات إيرانية
● أين دوركم إزاء المؤامرات والتدخلات الإيرانية خاصة أن الرئيس هادي اتهم طهران علنا؟
بيان مجلس الأمن الصادر في 29 أغسطس 2014 حذر من التدخلات الخارجية وهو موقف واضح، نحن ندعم العملية السياسية وندعو جميع الأطراف للتعاون وإكمال جميع الاستحقاقات التي تم توافق اليمنيين عليها في إطار مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والمبادرة الخليجية، وسنعمل على الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام ونتطلع أن يسهم هذا في إعادة بناء الدولة اليمنية على أسس جديدة.
● لكن هذه التدخلات قد تمزق اليمن إلى دويلات خاصة أن هناك تحركات جنوبية للانفصال بعد دخول الحوثي صنعاء؟
استعمال لغة السلاح بدلا عن الحوار قد يشجع جماعات أخرى ترى بأنه ليس هناك أي وسيلة لتحقيق أهدافها إلا بالعنف، ولذا فإن مجلس الأمن أكد مرارا على الأطراف السياسية أن لا تستعمل العنف كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية.
انتقادات الشارع اليمني
● ثمة انتقادات للأمم المتحدة من الشارع اليمني مفادها «خذلتمونا مع أننا كنا نعول عليكم كثيرا».. ما تعليقكم؟
العملية السياسية يقودها اليمنيون وعليهم أن يعتمدوا على أنفسهم ويحلوا مشاكلهم بأنفسهم ويجب أن يتواصلوا ويتوافقوا كما حدث في السابق، ومسؤولية إنجاز التحول السلمي والتغيير الديموقراطي تقع على اليمنيين، والمجتمع الدولي يقف إلى جانبهم داعما. التحول الديموقراطي لا يفرض من الخارج أو بقرارات من مجلس الأمن أو أطراف أخرى. ما يميز الحالة في اليمن وجود مجتمع مدني وفضاء سياسي، هذا المجتمع أثبت عبر عقود من الزمن أن اليمنيين ورغم العقبات برهنوا على أنهم قادرون على الاستمرار في بناء الدولة التي ينشدونها، وما حدث مؤخرا تحد كبير لكني على ثقة في قدرة اليمنيين على الصبر والتحمل ليصلوا إلى الدولة التي يريدونها.
فشل المجتمع الدولي
● هناك من يرى أن فشل المجتمع الدولي في تنفيذ قرارته ضد المعرقلين دفعه للاستعانة بالحوثي للوصول إلى مراكز القوى المعيقة في إطار مؤامرة دولية كبيرة.. ما ردكم؟
الموضوع معقد، فالعملية السياسية كانت قد تقدمت لكن كانت هناك تحديات وعرقلة ممنهجة هدفها تقويض العملية السياسية، وكانت هناك أخطاء يتحمل مسؤوليتها جميع الأطراف واستشعر ذلك مجلس الأمن مبكرا وأصدر قرارين يتعلقان بالعرقلة والعقوبات. جميع الأطراف السياسية تتحمل مسؤولية ما حصل. هناك أخطاء ارتكبتها الدولة والحكومة وعدد من الأطراف السياسية وجميعهم مسؤولون أمام الشعب في ما وصل إليه الوضع الآن، ولكن مع ذلك غلبت الحكمة وتوصل الجميع إلى اتفاق يقوم على نبذ العنف والشراكة وعليهم الالتزام بتنفيذ بنوده.
اليمنيون قادرون
● هل هناك توجه أممي لإخراج ما تبقى من الأقطاب السياسية التي تشكل إعاقة للعملية السياسية من البلاد؟
قناعتي أن اليمنيين قادرون على حل الإشكالات التي تعترض هذه العملية الانتقالية، ففي اتفاق السلم والشراكة التزام بالشراكة سواء على المستوى المركزي أو المحلي، وخطة متكاملة للدفع بالعملية السياسية للأمام وإنجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية وعدد من القضايا المتعلقة بضمان الأمن والاستقرار في البلاد.
نصيحتي للحوثي
● إذن، ما هي نصيحتك للحوثي ومسلحيه؟
نحن شجعناهم على المشاركة في الحوار الوطني والتوقيع على مخرجات الحوار الوطني بمشاركة فاعلة من الدكتور الشهيد أحمد شرف الدين، وكانت هذه المشاركة إيجابية ونجحوا في الاتفاق مع الأطراف الأخرى على وثيقة مؤتمر الحوار، ويجب أن ينبذوا العنف كوسيلة لبلوغ أهداف سياسية وأن يشاركوا بشكل سلمي في العملية السياسية كطرف سياسي ملتزم بما تم التوافق عليه في مخرجات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة.
المملكة شريك فاعل
● كيف تنظرون إلى دور المملكة إزاء أشقائها في اليمن خاصة في الآونة الأخيرة؟
قامت المملكة بدور رائد منذ البداية بإطلاق مبادرة مجلس التعاون الخليجي ولم تبخل بتقديم الدعم لليمن منذ بداية الأحداث في 2011م ودعمت مشروع الانتقال السلمي للسلطة وبرعاية من خادم الحرمين الشريفين تم التوقيع في الرياض على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، كما كان لها دور رئيسي في حشد المانحين لمساعدة اليمن وإعادة إعماره وحل مشاكله الاقتصادية والأمنية. ولا ننسى أن المملكة أكبر دولة مانحة لليمن وأول دولة أوفت بتعهداتها، ويقدر اليمنيون والمجتمع الدولي هذا الدور للمملكة، وهناك تنسيق وثيق مع المملكة ودول مجلس التعاون والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.