و طُويتْ مظلّة ُالقبيلةِ في اليمن
بقلم/ مايكل جريـفـيـن
نشر منذ: 17 سنة و 11 شهراً و 10 أيام
الجمعة 24 نوفمبر-تشرين الثاني 2006 07:06 م

 المشـائخ لم يكن لها شـيء من ذلك البـتة. يذكر الشيخ سنان أبولحوم في مقابلة مع فناة " الجزيرة " الفضائية أنه حين يمّم وجهـه إلى عـدن هربـا من نظام الإمام والتقى بقادة الأحرار مثل محمد الزبيري وأحمد نعمان قال لهم : " أنا لا خطيـب ولا أنـا كاتب ، أنا عسكـري " ، وأن ما يجيــده هـو أعمـال التفجــير( برنامج زيارة خاصة ، تاريخ الحلقة 1 / 7 / 2006 ) .

 

وقد تفاوتـت حظـوظ القبيلـة في السيطـرة على مقاليـد الحكـم صعـودا وهبوطا منـذ قيـام ثورة سبتمبر 1962 وحتى اليـوم . فخـلال حكـم المشيرعبد الله السلال أول رئيس للجمهورية (1962 – 67 ) ورغم اعتمـاد النظـام على دعم مشـائخ القـبائـل لمؤازرة الجيش والقوات المصرية لمواجهة القوات الملكية ، إلا أن المشـائخ ظلـوا بعيـدين عن الإمسـاك بزمـام الحكـم الذي كان في حوزة المثـقـفيـن من الجمهوريين العسكريين والمدنيين. ثـم جـاء نظـام حركـة نوفمبر 1967 فأتـاح مجالا كبيرا لتقدم زعمـاء القبـائل للسيطرة على الحكـم . ولكـن تلك المرحلة انتهـت بحركة انقلابية عسكرية قادها المقدم الشاب إبراهيم الحمـدي في الثالث عشر من يونيو 1974. وبهـذا الإنقلاب عاد القرار السياسي مرة أخرى إلى يـد المثقفيـن العسكريـين والمدنيـين الذين يرى الشيخ الأحمرأن لديهـم نظـرة مغلوطـة وسيئـة نحو القبيلـة حيث يعتبرونهـا تقف ضد التقـدم وضد النظام والقـانون والتطـور( أنظرمذكرات الشيخ الأحمر، ص 312 ) . ولهـذا سـرعان مادخلـت الحـركة في مواجهـة مـع مشـائخ القـبائل ألزمتهـم الجلـوس في مناطقهـم . 

 

ويمكـن القـول إن فتـرة حكـم الرئيس الحالي علي عبد الله صالح الذي وصل إلى السلطة عام 1978 تمثــّـل العصـر الذهبـي لسيطـرة القبيـلة على مقـاليـد الحكـم في اليمـن . وعلى الرغـم من المكانة البارزة التي احتلها الشيخ الأحمـر منـذ ظهـور النظـام الجمهـوري ، إلا أن دوره قـد تعـاظم ومكانته ترسخـت كثيـرا في عهـد الرئيس صالح ، وله وحـده دون ســواه من المشـائخ انعقـد لـواء القيـادة للقبيلـة في اليمـن .

 

ومن الواضـح أن تلك المكـانـة الكبيـرة التي كان يحتلهـا الشيـخ الأحمـر قـد خلقـت انطبـاعـا مشـوّشـا بل وخاطئـا لـدى بعض اليمنيـين عن الـدور الحقيقـي الـذي كـان يلعبه الشيـخ الأحمـرضمـن منظومـة الحكم في اليمـن . فقـد اعتبـر بعض السياسيــين والمثقـفين اليمنيـين أن الشيـخ الأحمـر كان يلعـب دور التـوازن بيـن سلطـة الدولـة وسلطـة القبيـلة . وهـذا التوصيـف لـدور الشيـخ يفتقـد إلى الرؤيـة النظـرية السليمـة كمـا ينطـوي على خطـأ سيـاســي فـادح ولا يسـاعـد على استشـراف المرحلـة التالية في تاريخ اليمـن . ذلك أنه لايمكن أن تكـون ثمة سلطتان في المجتمـع إحـداهما للـدولة وأخرى للقبـيلـة وثمـة دورٌ وازن ٌ بيـن السلطتـين . فشئـون المجتمـع السياسيـة والإقتصادية والتجارية والإجتماعيـة إما أن تـدار وتحكـم وفقـا لقـانون الـدولـة ، وإما أن يحتكـم الناس إلى أعراف القبيلـة . وعلى خلاف بعض كتـاب السياسة في اليمـن الذين نشــأ لـديهـم هـذا الإنطبـاع الخاطيء ، نجـد الشيـخ الأحمـرنفسـه يقـرّ بوجـود هـذه العلاقـة التناقضيـة بيـن قانـون الدولـة وعـرف القبيلة إذ يقـول في مـذكـراته إن " العـرف يقـوى إذا غـاب القــانـون ، ويضعـف إذا قـوي القـانون " ( مذكرات الشيخ الأحمر ، ص 318 ) .

 

وما تـؤكـده مشـاهـدة وقائـع الحيـاة اليـوميـة في اليمـن هـو أن النـاس يحتكمـون في معظـم شئـون حياتهـم إلى العـرف القـبلـي أكثـر من لجـوئهـم إلى قـانـون الدولـة الـذي عمـدت القـوى الحاكمـة إلى تهميـش دوره وإضعـاف حضـوره بـل وتغيـيبـه كي لايجـد المواطنـون سـوى عرف القبيـلة للجـوء والإحتكـام إليه. وغالبـا مايفـرض كحلـول للمشـكلات تقـديم قرابين من الخـراف والثيـران وغيـر ذلك مما تستلـزمـه العـادات والأعـراف القبليـة .

 

والشيـخ عبـدالله الأحمـر كـان المظلـة التي استظلـت بهـا القـبيلـة في اليمـن ونشـرت تحت ظلالهـا أحكامهـا وبسطـت أعـرافها على سـائر المناطق اليمنيـة . وفي الحالات التي كان يصطـدم فيها قانون القبيلـة مع قـانـون الدولـة كـان الشيـخ الأحمـر يلعـب دور الناصـر والمغلـّـب لقـانـون القبيلـة على قانون الدولـة . ولكي نجلـي هـذا الـدور نـورد المثـال التـالي :

 

اختصـم رجـلان في منطقـة ريفيـة في محافظـة تعـز أو إب أو الحـديـدة ، وكـان الجاني في الخلاف مقـربـا من الشيـخ المحلـي في القـريـة فلـم يجـد المجنـي عليـه إنصـافـا من الشيـخ فعـزم إلى مؤسسة الدولـة في مركـز المحافظة وعرض قضيته على المحافـظ فـوجـّـه مـديرالأمـن العـام بإنفـاذ " طقم " من العسـاكر لإحضـار الجاني من القـريـة . ولكن الشيـخ امتـنع عن تسليمـه ، فبلـغ الأمر المحافـظ فتشــدد وأراد إبراز هيبـة الدولة وتنفيـذ القـانون وتحقيـق العدالة ، فأمـر بإرسـال أربعـة " أطقـم " من الجنـود لإحضـار الجاني . وحيـن وصل هـذا العـدد من الجنـد إلى دار الشيـخ أسـقــط في يـده ، وشعـر أنـه أصغـر وأضعـف من أن يقـف في وجـه الدولة ، وخشـي التصعيـد من جانب سلطة الدولة في مركز المحافظـة بما يـؤدي إلى كسـر هيبتـه وإضعـاف نفـوذه بين " رعيتـه " وخـروجهم مستقبلا عن سلطتـه . فمـا كان من هـذا الشيـخ المحـلي الضعيـف ، غير القادر على مواجهـة سلطـة الدولة ، سوى أن أخـذ جهـاز هاتفـه واتصـل بالشيخ الأحمر طالبا نصـرته حفاظـا على هيبـة ونفـوذ الشيخ الركـن الأسـاس في نظـام القبـيلـة . ولم يتـردد الشيـخ الأحمـر في الإتصال بالمحافظ طالبـا منـه أن يسحـب جنـده ويتـرك أمــر النـزاع للشيـخ المعنـي كي يبـت فيه بنظـره .

 

إن هـذا المثال البسـيط يظهـر أنـه حيـن اصطـدم سلطان الدولـة ومؤســساتها مع نفـوذ شيـخ يمثـل سلطة القبيلـة لعـب الشيـخ الأحمـر دوره الخطيـر فنـشـر مظلتـه واستخـدم نفـوذه وقــوة مركـزه لتغـلـيـب سلطـة القبـيلة على سلطـة الـدولـة .

 

وتظهـر مـذكرات الشيـخ الأحمـر التي نشـرها قبيـل وفـاته أنـه لم يُخِـفــْـه شــيء ٌ كما أخـافتـه فكـرة الوحـدة مع النظـام في شطـر اليمـن الجنـوبي . وأشـدّ مايأخـذه الشيـخ الأحمـر على النظـام الجنـوبي هو أن ذلك النظـام قضـى على المشائخ والسلاطيـن في جنـوب اليمـن . ولـذلك فإن أكثر ماكان يقلـق الشيخ الأحمـر ويقـضّ مضحعــه هـو أن تحمـل الوحـدة بين شطـري اليمن في مضمونهـا مشـروع القضـاء على القـوى التقليـدية ونفـوذ المشـائخ في شمـال اليمـن .

 

ولم يكـن تخـوّ ف الشيـخ الأحمـر في غيـر محلـه ، فاتفـاقيـة الوحـدة اليمنيـة كانـت تهـدف إلى إنشـاء دولة موحـّـَـدة تقـوم على بسـط سلطـة القـانون ونشـر رايـة الديمقـراطيـة وهـو مايتـناقض من حيث المبـدأ مع نظـام القبـيلة وسلطـة ونفـوذ وهيمنـة المشـائخ .

 

ولهـذا فقـد وافـق الشيـخ الأحمـرهو وحلفـاؤه من القـوى الإسلامية على مسـاعدة الرئيس صالح على التمـلـص من الوفـاء بوعـوده للشـريك الجنـوبي في الوحـدة تمهيـدا للإنقـضاض على ذلك الشريك والإجهـاز عليـه ، رغم أن الشيخ وحلفـاءه من الإسلاميين يعلمـون أن الدين الإسلامي يأمر بالوفـاء بالعهـود.

 

يقـول الشيخ الأحمـر : " طلب الرئيـس منا ، بالذات مجموعـة الإتجـاه الإسـلامي وأنا معهـم ، أن نكـوّ ن حـزبـا في الوقـت الذي كنا لانزال في الموتمر( الشعبي العام ) . قال لنا : كـوّنـوا حـزبا يكون رديفـا للمـؤتمـر ونحـن وإيـاكم لن نفتـرق وسنكـون كتلـة واحـدة ، ولن نختلـف وسنـدعمكـم مثلما المؤتمر، إضـافـة إلى أنه قـال : إن الإتفـاقيـة تمـت بينـي وبين الحـزب الإشتراكي ... وبينـنا اتفاقيات لا أستطيـع أتملمـل منهـا ، وفي وظـل وجـودكـم كتنـظيم قـوي سـوف ننســق معكـم بحيـث تتبـنون مواقـف معـارضـة ضـد بعـض النقـاط أو الأمـور التي اتفقـنا عليهـا مع الحـزب الإشتـراكي وهي غير صائبـة ونعـرقـل تنفيــذها ، وعلى هـذا الأســاس أنشــــأنا التجمـع اليمنـي للإصــلاح " .

 

( مذكرات الشيـخ الأحمـر ، ص 248 – 249 ) .

 

ويسجـل تاريـخ الوحـدة اليمنـية أن القـوى التقليـديـة في شمال اليمـن من زعمـاء قبـائـل وأربـاب نفـوذ في المؤسستـين العسكرية والمـدنية وقـوى إسلامية ، قـد لعبـت هـذا الدور على نحـو تـام وأعـانوا الرئيس صالح بجـد وإخـلاص على الحنث بعهـوده لشـركائـه الجنـوبيـين وعرقلـة تنفيـذ الإتفـاقيـات الموقعــة بيـن الشطـرين مما أدى إلى خلق أزمـة حكـم في اليمـن انتهـت بالحـرب الأهليـة بين الطـرفيـن صيـف 1994 . ويؤكـد الشيـخ الأحمر في مـذكراته أنه كان للمشـائخ وشبـاب القـوى الإسلامية دوربارزفي حسـم المعـركة لصالح نظـام الرئيس صالح (مذكرات الشيـخ الأحمـر، ص 281 – 282 ) .

 

ولكـن من ســوء حـظ القــوى التقليــديـة أن اليوم الذي سقطـت فيه مدينة عـدن عاصمة اليمن الجنوبي سابقا أثناء حرب 1994 ، كان هو اليـوم الذي سجـل فيـه التاريخ انتهـاء دورهـا على المسـرح .

 

بتحـدث الشيـخ الأحمـر في مـذكراته عن الواقـع الجـديـد الذي تشكـل عقـب حـرب 1994 فيقـول :

 

" بعـد انتخـابـات 1993 التي لم يحصل فيهـا المؤتمـر( الشعبي العام ) على الأغلبية كـانوا بحاجـة إلى الإصـلاح لاستمـرار الإئـتـلاف كمـا أنـه أثنـاء الأزمـة والحـرب كـانوا محتـاجـيـن لأن نكـــون شـركـاء معهـم ، فلمـا انتهـت الحـرب لم يعـودوا بحاجـة لأن يكـون الإصلاح شـريكـا معهـم يقـويهـم أو يعيـنهم ، بل أصبحـوا يعتـبرون الإصلاح عبـئا عليهـم يـودون التخلـص منـه " (مذكرات الشيـخ الأحمـر ،ص 300 ) .

 

لقـد انصــرمت ثلاثـة عشــرعاما منـذ انتهـاء حرب 1994 وحتى وفاة الشيـخ الأحمـر عام 1997 ، ورغـم أن الأخيـر وافتـه المنيـة على فـراش مرضـه إلا أن ثمـة ضـربـات مؤلمـة وجهـت للشيـخ خلال هـذه الفتـرة لاشـك أنهـا ضاعفـت من آثـار المـرض وعجلـت بـدنـوّ أجلـه . ويأتي في مقدمـة تلك الضـربات قرار إلغـاء المعـاهـد العلميـة التي كانـت تمثـل موردا ماليـا هائـلا لحزبـه ومعينـــا

 

استراتيجيـا لاستقطـاب وتـدريـب الشـباب في إطـار إسـلامي متشــدد. كمـا لحـق بنظـامه القبـلي خسـائرجـديـة طـالــت ركـائز أسـاسيـة من أربـاب النفـوذ القبلـي والعسكـري . فقـد خلت الساحة من شخصيـات تقليـدية نافـذة من أمثال محمـد عبدالله صالح ومحمـد إسماعيـل وأحمـد فـرج ومجاهـد أبو شـوارب وغيرهم . كمـا تضاءل دورعبدالمجيـد الزنـداني وعلي محسـن الأحمـر وعبـدالإله القاضي و آخـرين . وتعـرض الشيخ الأحمر نفسـه لهجمات سـواء على مستوى أنجـاله أو حتى مركـزه في مؤسسته البرلمانية ناهيـك عن الهجـوم الذي طالـه من جانب إعلام النظام . كما تعرض الشيخ الأحمرلحادث مروري لدى زيارته الرسمية لدولة السنغال لم يبرأ من آثاره حتى وفاته .

 

ولايمكـن للمراقـب ألا يـرى رابطـا خفيـا يربـط بيـن كـل هـذه الأحـداث التي هـدفـت إلى ضـرب هيبـة الشيـخ الأحمـروزعـزعـة مكانتـه الإجتماعيـة التقليـدية وإضعـاف قـاعـدة نفـوذه والنيـل من دوره التاريخـي كمظلـة للمؤســسـة القبليـة في اليمـن .

 

لقـد عطـّـل النظـام القبلـي تطـور اليمـن ، فالبلـد لاتحتكـم إلى القـانون وإنمـا إلى القـوة والنفـوذ والوجاهـة . فتراجـع دورالدولـة ، وفـقـد الأمـن، واضطربت الأوضاع ، وانـزوى القضـاء ،وغابـت العـدالة . وكانت النتيجة الطبيعيـة أن أصبحـت البيـئة طاردة للإستثمـارات ورؤوس الأمـوال الأجنبيـة فلم يتوسـع الإقتصـاد ولم تتحـرك عجلـة التنميـة بما يتنـاسب مع نمـو السكـان . وكان من عواقب ذلك أن اتسـعت مسـاحة الفـقـر وتردّت الخـدمات العامة وضاقـت فرص الظفـر بحيـاة كريمة وفقـد الشـباب الأمل في المستقــبل . هـذا في الوقـت الذي ينظر فيـه أبناء اليمن بقلـوب يملـؤهاالقهـر والأسـى إلى اتســاع الهــوة وتعـاظـم الفـروق الهائلـة في مستـوى المعيشــة والـرفـاه بيـنهــم وبيـن جيـرانهم من أقطارالخليـج بل والـدول العربية عمـوما حيـث باتـت اليمـن تحتـل المراكـز الأخيـرة في مؤشـرات التنميـة العـربيـة .

 

وقـد أدت النتائج الإقتصادية والإجتماعية للحكم القبـلي لأن تصبح اليمـن ملاذا لعناصرالإرهاب وبيئـة خصبـة لتهـريـب الأسلحـة والمخـدرات بل والبشـر إلى الدول المجـاورة ، إذ لايمـر شهـر دون أن تعلن الأجهزة الأمنية في السعـودية مثلا عن إحبـاط محاولات تهـريب آلاف القطـع من الأسلحـة ووسائل التخـريب وحتـى الصـواريخ . ولاشـك أن المملكة السعـودية ودول الخليج عامة بحكـم مركزها المـرمـوق في ســوق الطـاقـة تعتـبر نقطـة مصـالح دوليـة هـامـة جـدا ، وأمنهــا ينظـرإليه جـزءا من الأمــن العـالمـي . وإذا مانظـرنا إلى المسـألة بهــذه الرؤيـة الواسعـة لوجـدنا

 

أن النظـام القبــلي لا تقـتـصـرآثاره السلبية الضارة على أهل اليمـن وإنما تمتـد إلى الأمن والمصالح الإقليمـية والـدوليــة .

 

ومن هنا فإن تحليـل الـدور السيـاسي الهـام الذي كان يلعبـه الشيـخ الأحمـرحصنـا ودرعـا ومظلـة

 

للنظام القبـلي والنتائج التي أوصل إليهـا ذلك النظـام ، يقـود إلى إستنـتاج مهـم فحـواه أن القـوى ذات المصلحـة في أفـول النظـام القبلـي والتي عملـت بشتـى الوسـائل على طيّ مظلـة القبـيلة لايمكـن أن تسمـح لشـخص آخـربعـد الشيـخ الأحمـرأن يقـوم بنفـس الـدور. فلا يمـنــيـّـن ّ أحـد ٌ نفســه أن يكـون نسخـة منقحــة من الشيـخ الأحمـر، أو يتطلــع لأن يلعـب دوره ، فالضربات التي انهـالت على الرجل إنما كانت تستهـدف المكانة والهيبة والنفـوذ والـدورالذي كان يلعبه أكثرمما كانـت تستهـدف شخصه.

 

ونجـد تكـريـس الاهتمام الإقليمي والـدولي في بناء دولـة تقـوم على القـانون وتطبـق العـدالـة وتوفـر الأمـن وتخـلق فرصـا حقيقـية للإستثمـار وتطـلق عجلـة التنميـة ، في البرامـج المـوضـوعة على جـدول أعمـال الحكومـة اليمنيـة بـدفـع وتشجيـع من جانـب الـدول المـانحـة وفي مقـدمتهـا الولايات المتحـدة الأمريكيـة ، ويأتي على رأس تلك البـرامـج نظـام الحكـم المحلي وتنفيـذ إصلاحات سياسية وقضائية وإدارية .

 

ومن نافل القـول إنـه كلمـا سـارت اليمـن خطـوات على صعيـد تنفيـذ تلك البرامـج وانتشـر التعليـم واتسعـت مساحة الوعـي وانخرطـت أعـداد واسعـة من السكـان في الأنشـطة السياسية والإجتماعية ، كلمـا تضـاءل دور النظـام القبلـي وتراجـع نفـوذ المشـائخ وأصبـح المواطنـون وفي مقدمتهـم أبنـاء القبـائـل اليمنــية يمتـلكـون مصـائرهم بأيـديهـم .

 

** معهـد العلاقات الدولية . سان فرانسيسكو الولايات المتحدة الأمريكية