تونس بحاجة الى ( تشودري تونسي) يرفض قوانين القيصر وبيع شركات الدولة
بقلم/ سمير عبيد
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 21 يوماً
الثلاثاء 15 مايو 2007 10:54 ص

مأرب برس ـ بروكسل ـ خاص

أن السؤال الذي أخذ يتردّد هذه الأيام في بعض المراكز الإستراتيجية والدفاعية هو : هل أن تونس ذاهبه نحو السيناريو الروماني ضد الرئيس شاوشيسكو، أم أنها ذاهبة نحو السيناريو الجورجي ضد الرئيس شيفرنادزه، أم أنها ذاهبه نحو السيناريو الأوكراني والثورة البرتقالية، أم أن الشعب التونسي بحاجة الى مساعدة دولية كي يحل السيناريو العراقي ونهاية النظام العراقي وأعوانه؟

فالمؤشرات تؤكد أن معظم المستفيدين ( الحيتان والقطط السمان) من حكم القيصر التونسي، لن يدافعوا عن القصر التونسي، ولا حتى عن نظام الرئيس زين العابدين ،بل أنهم رتبّوا طريقة ووجهة هروبهم سلفا ،خصوصا وأن النظام في تونس قرر الطلاق مع الشعب، ومع الإسلام، ومع الإنسان وحقوقه، وركب موجة القمع والإقصاء والتغييب والمراقبة، ولا نعتقد ستفيده السياسة الإنبطاحية التي ينهجها أمام الأميركان والغرب وإسرائيل، والتي وصلت لتطبيق سياسة الحديد والنار ضد الإسلاميين واليساريين والليبراليين على حد سواء، وضمن نهج إستراتيجي عنوانه ( من هو ليس معي فهو ضدي ويجب ملاحقته) ولكن الرئيس التونسي نسى أن هناك من الإسلاميين الذين أصبحوا ينهجون الإسلام الأميركي وهم رجال العصر الجديد، وهذه حقيقة قد تزعجك وتزعج البعض، ولكنها حقيقة ولا تفرح كثيرا لأنها لن تخدمك ، فهناك مصاهرة سياسية بين التيارات الإسلامية المنبطحة ( الإسلام الأميركي) و التيارات الليبرالية الجديدة ( الليبراليون الجُدد) ومعهم مجموعات من الشيوعيين واليساريين الذين لعنوا ماركس ولينيين وذهبوا سرا نحو حج البيت الأبيض، فأن هذه الخلطة هي التي أصبحت تعجب الولايات المتحدة، وخصوصا بعد إحتلال العراق، والتبشير بالمشروع الأميركي في المنطقة.

 فالتوليفات السياسية التي سادت ولا زالت تسود في العراق وفي الأراضي الفلسطينية هي التي يُراد لها التعميم نحو الدول العربية، ولكن لا تفرح يا سيادة الرئيس من أنك قادر على تكوين خلطة من هذا النوع، فليس هناك جهة من هذه الجهات ستثق بكم، والسبب لأن قرار تسريحكم قد صدر إسوة بالديكتاتوريين الذين يحكمون بعض الدول والشعوب العربية وبطريقة القرون الوسطى والإقطاع.

لذا لزاما على المعارضة التونسية ومن مختلف أطيافها أن تعد نفسها وترص صفوفها وتبدأ بتجسير الفجوات فيما بيها كي تكون جاهزة لملأ الفراغ، أو أخذ زمام المبادرة من النظام كي لا تتميّع تونس وتكون بؤرة للإرهاب والخلايا التي تنشر الغلو المذهبي والديني والفكري، ومن ثم تُسحب من النظام مقولة ( أن وجودي هو الذي يحمي تونس) فأنها مقولة تخويفية ليس لها نسبة من الحقيقة.

لهذا فالدولة التونسية بحاجة الى وقفة شرفاء ( القضاء والقانون) في تونس، أي أنها بحاجة الى ( تشودري تونسي) على نمط القاضي الباكستاني المعزول ( تشودري) الذي رفض القرارات التي صدرت من الرئيس الباكستاني برويز مشرّف، والذي أغتصب السلطة على طريقة أغتصاب السلطة في تونس ومن قبل الرئيس زين العابدين، حيث وقف هذا القاضي الشجاع ورفض عملية ( التخصيص) الى أكبر مجموعة للصلب والحديد في باكستان، ولا ننسى الـ 18 قاضيا ومن بينهم رئيس المحكمة العليا الذين رفضوا أداء القسم عام 2000 بعد إنقلاب برويز مشرّف، وعلى أثرها قرّر إقالتهم، فهو فقدوا وظيفتهم لكنهم كسبوا شعبهم وحب الناس، وكسبوا التاريخ الناصع، وبالتالي لم يموتوا من الجوع فها هو القاضي تشودري محمولا على أكتاف الناس وبشكل طوعي ،أي قرر الناس حمايته بأجسادهم وأرواحهم، ولقد قال أخيرا وفي كلمة مهمة ( أن زمن الأنظمة الديكتاتورية قد ولى) وكان يخاطب الرئيس الباكستاني.

فمتى يخرج قضاة تونس عن صمتهم أزاء عمليات البيع المرعبة في تونس، حيث شرع النظام التونسي أخيرا ببيع الشركات والمعامل الحكومية الى الأجانب، وهناك مناقصات سرية وعلنية لشركات أخرى من أجل بيعها ،ولقد وصل الأمر الى ( شركة الإتصالات التونسية) فأين وقفة قضاة تونس من هذا الإستهتار القانوني والسياسي بحق ثروات وممتلكات الشعب، ولماذا هذا البيع الآن ؟

هل هو الشروع بموسم الهروب نحو الخارج ، وهل هو موسم إخراج الخزائن والأموال والآثار نحو البنوك والمخازن الغربية؟

فمن هو الذي يقرر وقف هذه المهزلة؟

الجواب: هو الشعب التونسي الحر.

 ولكن هذا الشعب بحاجة الى قيادة تجيد صنع اللوبيات الدولية من أجل مصالح الشعب التونسي، وتجيد صنع تنظيم الجماهير، وتجيد الطروحات السياسية نحو بلورة ميثاق عمل وطني تجتمع من أجله جميع فصائل المعارضة ،وإن إقتضى الأمر لتكوين حكومة منفى أو ولادة مجلس وطني، كي لا ينزلق البلد الى الفوضى، وكي لا يكون مرتعا للإرهاب والثأر والإنتقام، ليحل محلها العدل والقانون والشروع بمحاسبة المسيئين دون اللجوء الى القتل والسحل وغير ذلك.

وأخيرا ....أن ما يحصل في تونس من إنتهاكات لحقوق الإنسان، ومن إنتهاكات لحرية الأفراد لا يمكن السكوت عنه وعليه.... فأين المنظمات الدولية من هذا كله!!!.

كاتب ومحلل سياسي

مركز الشرق للبحوث والدراسات