كشف المخطط الإمامي الفيدرالي قبل حرب 94م
بقلم/ حارث الشوكاني
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 16 يوماً
السبت 18 ديسمبر-كانون الأول 2010 08:23 م

هذا مقال لي نشر في صحيفة الإصلاح الصادرة في تعز بتاريخ 19/7/1993م كشفت فيه طبيعة المخطط الإمامي الشيعي الفيدرالي لتجزأة اليمن.

وكان هذا المقال يعبر عن خط التجمع اليمني للإصلاح وليس عن رأيي فحسب، حيث وقع المؤتمر الشعبي والحزب الإشتراكي إتفاقية ثنائية تشبه إلى حد بعيد إتفاقية فبراير تتضمن الدعوة لتعديلات دستورية وإلى الفيدرالية تحت تسمية الحكم المحلي، وقمنا بالتصدي لهذه الإتفاقية وإفشال المشروع الإمامي الذي مرر عبر الحزب الإشتراكي، وتفاعل معي في هذا الموضوع كافة قيادات الإصلاح (الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رحمه الله والأخ محمد اليدومي وعبد الوهاب الآنسي باستثناء ياسين القباطي الذي كان مسافر في الخارج) .

وبعد إفشال هذا المشروع سياسياً عن طريق إجتماع ثلاثي ضم ممثلين عن المؤتمر والإصلاح والإشتراكي وكنت أنا والأخ عبد الوهاب الآنسي ممثلي الإصلاح.

وإثر خروجنا من الإجتماع حدّثت الأخ عبد الوهاب الآنسي بأن هذا الإفشال السياسي غير كافي ولابد من حملة لتوعية الناس بخطورة هذا المشروع، وقلت للأخ عبد الوهاب سأكتب مقالاً في هذا الموضوع في صحيفة من صحف الإصلاح لتوعية قواعدنا ولم أكن أعلم حينها أن ياسين القباطي قد تم إستقطابه لهذا المشروع عبر العناصر الإمامية المخترقة للإصلاح.

ومن الغريب أن ياسين القباطي حمل حزب الإصلاح فيما بعد على تنفيذ المخطط الإمامي ودفع بمشروعهم الفيدرالي ووقع إتفاقية فبراير بنفس مضامين الإتفاقية السابقة المستهدفة لوحدة اليمن السياسية ولوحدة اليمن الوطنية.

كما أن هذا المقال دليل لإخواني في الإصلاح أن كتابتي الحالية ضد هذا المشروع هي قديمة وليست بسبب خلاف شخصي مع ياسين القباطي لأنه ليس هناك بيني وبينه أي خلاف شخصي عدا الخلاف حول هذا الموضوع الذي هو مشروع لتجزأة اليمن.

وسيلاحظ القارئ أنني حذرت من هذا المخطط الإمامي مبكراً، ومن خطره على الوحدة الوطنية قبل أن تظهر النعرات المناطقية والحراك.

وهذا نص المقال:

بقيام الوحدة اليمنية قفزت اليمن قفزة إستراتيجية كبرى تأتي من حيث الأهمية في المرتبة الثانية مباشرة بعد الثورة اليمنية السبتمبرية والأكتوبرية بحيث يمكننا القول بأن الثورة والوحدة أصبحتا تشكلان جناحين قويين يمكن من خلالهما أن ينهض الجسد اليمني الذي عانى طويلاً تحت وطأة الأئمة العنصريين والإستعمار البغيض ليحلق عالياً صوب إنبعاث حضاري جديد ولمّا كانت الوحدة إنجازاً كبيراً كان لابد أن يكون لها ثمن يقترب من حجم هذا الإنجاز فكما يقال : لا بد لكل ميلاد من مخاض ولا بد لكل مخاض من آلام ، وهذا ما انسحب على الوحدة اليمنية بفارق أن الوحدة اليمنية كانت مخاضها وآلامها بعد ميلادها فكانت المرحلة الإنتقالية مخاض وآلام ومعاناة ساعد في ذلك إلى حد كبير عدم الإهتمام بالتخطيط لمستقبل اليمن الموحد بما يوازي الإهتمام بقيام الوحدة فالنظرة الآنية للزمن وعدم الإهتمام بالنظرة المستشرفة للمستقبل داء قديم ملازم للعقلية العربية فكانت النتيجة أن أدت عملية التقاسم للسلطة والحسابات الحزبية المتضخمة إلى أزمة سياسية حادة تجسدت في الصراع السياسي بين الشريكين الحاكمين وتحولت مع هذا الصراع كل إمكانات الدولة ومؤسساتها المختلفة إلى أدوات للصراع السياسي وإنعكست هذه الأزمة السياسية بآثار إقتصادية مدمرة حيث أرهق الغلاء والتضخم كاهل المواطنين وتجذر الفساد والإنفلات المالي والإداري بسبب إزدواجية السلطة وإنتقال أدواء التشطير إليها وتوقفت عجلة التنمية والمشاريع بسبب أولوية الصراع السياسي الحزبي ، و مع الأسف أن المعاناة لم تقتصر آثارها عند حدود السلطة ، بل إمتدت لتطال بتأثيرها البنية الإجتماعية المتماسكة للشعب اليمني بتكريس النزعات الطائفية والقبلية والمذهبية ... ومع ذلك ضل الشعب اليمني صابراً متماسكاً لا لشيء في تقديري سوى حرصه على وحدة اليمن وإدراكه لهذه المعادلة (أن لكل حدث عظيم ثمن ، وأن لكل ميلاد مخاض وآلام) ، وظل يرقب بعين الأمل ساعة الخروج من نفق المرحلة الإنتقالية المظلم بقيام الإنتخابات لعلها تخرج اليمن من أزمتها السياسية ومن عنق الزجاجة ويعبر بها إلى بر الأمان فكانت الإنتخابات وكانت تلك التظاهرات الحضارية التي أداها أبناء اليمن مؤكدين عمق أصالتهم وخصائصهم الحضارية في ظل ترقب ومراهنات على تفجير الأوضاع .

وبقيام الإنتخابات ونجاحها بشكل عام عبرت اليمن من عنق الزجاجة وإنتقلت نقلة إيجابية هامة جعلتها على أعتاب مرحلة سياسية جديدة تشهد إنفراجاً سياسياً نسبياً يمكن معه لو حسنت النوايا وتغلبت المشاعر الوطنية على الذوات الحزبية المتضخمة أن يتم حشد كافة الطاقات والإمكانيات لحل مشاكل البلاد المتفاقمة وتدارك الآثار السلبية التي أفرزتها المرحلة الإنتقالية .

وثيقة خطيرة :

ولكن المفاجئة الخطيرة هي ما إنطوت عليها الإتفاقية الثنائية بين المؤتمر والإشتراكي فيما يتعلق ببعض التعديلات الدستورية في التركيبة البرلمانية والحكم المحلي حيث تم بموجبها تغيير بنية النظام السياسي لليمن من نظام سياسي يمني موحد إلى نظام سياسي متحد أو بمعنى أصح تم تحويل الوحدة اليمنية من وحدة إندماجية إلى وحدة فيدرالية ليس على مستوى المحافظات الشمالية والمحافظات الجنوبية وإنما على مستوى كل المحافظات ، بل إتسع الخرق على الراقع حتى وصل إلى مستوى النواحي والمديريات.

إنّ تحويل اليمن من الوحدة الإندماجية إلى الإتحاد الفيدرالي وهو شعب موحد عقيدة ودماً وليس مكون من عدة قوميات ولغات وأعراق ما هو إلا إفراغ لوحدة اليمن من مضمونها ، بل إن الأمر أخطر بكثير فلو أتخذ قرار بإلغاء الوحدة اليمنية وإعادة التشطير لكان أهون من تحويل اليمن إلى النظام الفيدرالي وإعتبار كل محافظة ومديرية بمثابة ولاية مستقلة لأن التشطير الجغرافي أهون بكثير من التشطير الإجتماعي والتمزيق للوحدة الوطنية ، فالوحدة الوطنية في ظل التشطير الجغرافي هي التي أعادت لليمن وحدته ولكن إذا مزقنا الوحدة الوطنية فلن يعود التشطير الجغرافي فقط ،بل سيتحول الجسد اليمني إلى أشلاء مبعثرة حيث سيتم بشكل رسمي وفي أوضاع سياسية غير مستقرة تكريس الحس المناطقي والطائفي والقبلي وتمزيق اليمن على مستوى كل ناحية وعزلة ، فما الذي دعا الحزب الإشتراكي إلى الإصرار على هذا الأمر تحت شعار الحكم المحلي حتى أنه كان من ضمن مقررات اللجنة المركزية وما هو المطلوب إدارة محلية ولامركزية إدارية أم حكم محلي ونظام فيدرالي بحيث تتحول كل محافظة إلى ولاية ، وكيف وافق المؤتمر الشعبي على تمزيق اليمن على مستوى كل محافظة ومديرية ؟ . وما الذي يدعونا لتحويل اليمن الموحد والشعب الموحد إلى ولايات متحدة يمنية بحيث تكون كل ولاية مستقلة وذات سيادة والعلاقة بين ولاية وأخرى تنظمها الحكومة الفيدرالية ، هل نحن الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت عدة دول مستقلة وتعاني من تعدد عرقي ثم دفعها مواجهة الإستعمار البريطاني للوحدة الفيدرالية ، أم نحن الإتحاد السوفيتي (سابقا) الذي كان يضم عدة جمهوريات بقوميات وثقافات وأديان مختلفة أم نحن في سويسرا التي تعاني من تعدد لغوي وعرقي فنحل مشكلتها بالفيدرالية؟.

إن الأخطر من كل ذلك أن يتضح أن ما ورد في الإتفاقية وفي التعديلات الدستورية ما هو إلا تطبيق لفكرة وردت في كتاب تحت عنوان (نحو وحدة يمنية لا مركزية) لزيد بن علي الوزير – أحد القيادات الإمامية القابعة وراء الحدود التي ما تزال تنتظر لحظة سقوط النظام الجمهوري وعودة الحكم العنصري الإمامي – وهو يعيش في المملكة العربية السعودية ويرتبط بدولة شيعية برباط عقائدي واستراتيجي ويحلم باليوم الذي تقوم فيه دويلة شيعية في الأحساء – أغنى منطقة بالنفط في العالم – لدعمه في قيام دولة مماثلة في اليمن ، أما الهدف من هذه الفكرة التي وردت في الكتاب فهي تمزيق الوحدة الوطنية للشعب اليمني وتحويله إلى كميونات وكانتونات على غرار النظام الفيدرالي السويسري لأنه يدرك أن الأنظمة الإتحادية الفيدرالية لا تقوم إلا بين كيانات منفصلة مستقلة متميزة عن بعضها بحيث يتعثر توحيدها في شكل إندماج كامل ، وبالمقابل فإن تطبيق هذا النظام الإتحادي في مجتمع موحد ذي كيان واحد وسيلة لتمزيقه وتقسيمه لا سيما وقد قام الإماميون في الداخل في المرحلة الإنتقالية بالتمهيد لذلك بعقد المؤتمرات التي تمارس النزوع الطائفي والقبلي والمذهبي لأنهم يدركون أن الأئمة لم يحكموا اليمن قبل الثورة إلا بسياسة فرق تسد فمزقوا هذا الشعب أفقياً إلى طبقات قسرية مغلقة لا تسمح بعملية الحراك الإجتماعي التي هي أساس التغيير الحضاري فقسموه أفقياً إلى (سادة – قضاة – قبائل – مزاينة) وقسموه عمودياً إلى جماعات (حاشد – بكيل – مذحج – يمن أعلى – يمن أسفل – جبلي – تهامي - ....الخ) ومزقوه مذهبياً إلى (زيود – شوافع) واعتبروا أبناء المناطق السنية كفار تأويل وأرضهم خراجية ، واليوم يسعون لإثارتهم طائفياً ليس حباً فيهم ، بل تمهيداً لزعزعة الأوضاع حتى تسقط في أيديهم ثم يطعنون أبناء المناطق الشافعية السنية بخنجر (هادوي) كما فعلوا تاريخياً ومن لا يعي دروس الماضي يمكن أن يلدغ مرتين .

كما أن الإماميين العنصريين يدركون أنه من بعد الثورة إنتشر التعليم السني التجديدي في اليمن بشكل عام لا سيما المناطق الشمالية التي تعتبر قاعدتهم العسكرية فوحد اليمن على منهج فكري وفقهي واحد ، ولما كانت دولتهم لا تقوم في اليمن إلا على أساس مذهبي رفعوا شعار المذهبين الشافعي والهادوي، أما الذين مرروا هذا المخطط الخبيث فهم الإماميون العاملون في داخل البلاد وعلى رأسهم دكاترة مثقفين مستغلين الصراع الدائر بين الأحزاب الجمهورية ومعتمدين على قوة تأثيرهم السياسي في بسبب تغلغلهم داخل المؤسسات والأحزاب وليس على قوتهم الشعبية ولكنهم في تمريرهم لهذا المخطط لم يستطيعوا الجهر بفكرة الفيدرالية فتم طرح الفكرة تحت شعار الحكم المحلي واللامركزية كحل لسوء الأوضاع ، والناس في مثل هذه الظروف تقبل أي شعار يطرح كحل دون تفريق بين اللامركزية السياسية التي تعني الفيدرالية واللامركزية الإدارية التي تعني إصلاح الوضع الإداري، وكذلك دون تفريق بين مصطلح الحكم المحلي والإدارة المحلية فالأول مصطلح سياسي والآخر إداري .

بين يدي الكتاب (المؤامرة):

ولنعد الآن إلى الكتاب ونأخذ منه فقرات ونرى ملامح النظام الإتحادي الفيدرالي ونرى كذلك خطة تمزيق اليمن إلى كانتونات على الطريقة السويسرية كما يلي:

1-لقد نص الكتاب صراحة على أن الفيدرالية هي الهدف والنظام السويسري الفيدرالي بشكل خاص ، في حين أن الفريق الإمامي الذي نفذ الفكرة في الداخل لم يجرؤ على الجهر بهذه التسمية لأنه يدرك أن القوى السياسية الوطنية سترفضه حفاظاً على الوحدة الوطنية ، أما الكاتب فقد صرّح بقصده في ص64 حيث يقول: (إن هدفنا في هذه الدراسة هو الإتحاد الفيدرالي باعتباره النموذج الأكمل والأكثر تحقيقاً للحكم الشعبي المباشر) إلى أن يقول (في النظم الإتحادية يتم تقسيم السلطة السياسية بين حكومتين تتمتع كل منهما بسلطاتها وإدارتها الذاتية حكومة قومية فيدرالية وحكومة محلية، وتخضع كل منهما مباشرة للشعب وعادة ما يحدد الدستور توزيع السلطات بين الحكومات المحلية أو حكومات الأقاليم التي تمارس سلطات مستقلة داخل حدود أقاليمها) وبهذا يتضح أن الهدف هو حكومة قومية وحكومات محلية وبهذا تصبح اللامركزية سياسية لا إدارية بحيث تتحول كل محافظة إلى ولاية أو إقليم مستقل، وبدلاً من تعميق الوحدة اليمنية وإزالة آثار التشطير بعد الإنتخابات نقوم بتمزيق اليمن سياسياً إلى أقاليم مستقلة لا يربط بينها إلا حكومة فيدرالية تختص بالدفاع والسياسة الخارجية فقط وكأننا لسنا شعباً واحداً ويمناً موحداً.

ثم يقول الكاتب في نفس الصفحة :(وسوف نتحدث عن النظام السويسري بعد قليل لأنه هو هدفنا الأخير)!!.

2-وعن مبررات قيام النظام الفيدرالي في سويسرا يقول زيد الوزير في ص85 :

(لم يبق أمامنا وقد أبرزنا كل الملامح الأساسية والرئيسية للأنظمة المتعامل بها في العالم المتقدم والمتخلف إلا أن نصل إلى غايتنا وهي الإتحاد الفيدرالي السويسري وغايتنا من هذا الإختيار هي ما يقدمه هذا الإتحاد من تكامل ليس له مثيل آخر ثم أنه يشكل حلاً لمجتمع متعدد عرقي ولغوي في دولة صغيرة وهو إلى جانب ذلك أقل عرقية ولغوية من الإتحاد السوفيتي وأقل تنوعاً عرقياً من الإتحاد الأمريكي والتشابه بينه وبين المجتمع اليمني يتقارب إلى درجة يسهل إقتباس النماذج) .

فالملاحظ هنا إعتراف الكاتب بأن الفيدرالية تأتي حلاً لمجتمعات تعاني من تعدد لغوي وعرقي ولكن الشيء الغريب الذي يؤكد إنسياق الكاتب وراء هدف معين مما جعله مضطر للكذب والمغالطة أن يدعي أن المجتمع اليمني يعاني من تعدد عرقي ولغوي مثل المجتمع السويسري .

3-وعن طبيعة الفيدرالية التي يريدها الكاتب وهل على مستوى المحافظات أم أصغر بحيث يتحول الجسد اليمني إلى شظايا يحدثنا عن طبيعة النظام السويسري أولاً ثم عن تطبيقه في اليمن كما يلي:

حيث ورد في ص74 (تشكل الكميونات في سويسرا والتي تصل عددها إلى 3020 كميون أصغر وحدة سياسية في المجتمع السياسي داخل التركيب الإتحادي للدولة السويسرية ) ثم يقول في ص76 (وكل كميون له نوع من الدستور الخاص به والذي تحدد فيه القوائم السياسية للحكم الذاتي التي منحه إياها إدارة الكانتون التابع له) وتحدث عن مبدأ سيادة الكانتونات فيقول في ص77 (أن مبدأ سياسة الكانتونات يعد من المبادئ الأساسية في كافة قطاعات الحياة فيما عدا تلك التي حددها الدستور الإتحادي واحتفظ بها لسلطة الدولة الإتحادية ولكل كانتون أو نصف كانتون دستوره الخاص وهيئته التشريعية الشاملة التي تستمد شرعيتها وسلطتها من دستور الكانتون ، والسلطة التشريعية عبارة عن برلمان من مجلس واحد) إلى أن يقول : (وكما هو الحال في الدولة الإتحادية فإن لكل كانتون جهازاً تنفيذياً (حكومة) للعمل بأسلوب جماعي) ، ثم يتكلم عن الموارد المالية لكل كانتون : (ويقوم الكانتون بتمويل أنشطة إدارته من خلال ضرائب الدخل على الأفراد والعقارات داخل حدوده) وقد تم في برنامج الحكومة الإشارة للموارد الذاتية لكل محافظة .

أما عن كيفية أخذ النموذج السويسري وتطبيقه على اليمن فيقول في صفحة 80 : (فإذا نحن أخذنا بني حشيش مثلاً للتقسيم العشائري الإداري والقابل لتحويله إلى لامركزية لوجدنا بني حشيش تنقسم إلى ثمانية أفخاذ هي ( 1- الأبناء 2- سعوان 3- الرونه 4- عيال مالك 5- صرف 6- ذي مرمر 7- الشرفه 8- رجام) ، وكل هذه التقسيمات تحتوي على عدة قرى تتوزع في حدود جغرافية متصلة أو متفرقة .

إذاً لو إعتمدنا نظام الكميونات لقلنا أن كل فخذ من الثمانية الأفخاذ يمكن أن تكون بمثابة الكميون وبني حشيش كلها بمثابة الكنتون وهكذا في غيرها) .

وبهذه الطريقة يتم تحويل اليمن إلى أشلاء ممزقة فهذه هي غاية طموح العقلية الإمامية .

4-ثم يصل الكاتب إلى بيت القصيد وهو التركيبة المذهبية التي هي أساس العودة للحكم في وجهة النظر الإمامية ولذلك هم يشنون اليوم حرباً شرسة على المناهج الدراسية اللامذهبية التي ربطت الطالب مباشرة بالدليل من الكتاب والسنة سيراً على نهج المدرسة التجديدية اليمنية بروادها المشهورين : إبن الوزير والإمام الشوكاني والمقبلي لأنها عمّقت الوحدة الوطنية ورفضت التقليد الأعمى والتعصب، يقول في صفحة 82 : (هناك إعتراض ثالث يتفرع من الإعتراض الثاني وهو ما سيثيره المذهبيون من أي المذهبين سيكون القضاء .. أيكون من الزيدية أم من الشافعية ، والجواب أيضاً سهل وميسور فالمنطقة الشافعية يجب أن يطبق فيها مذهب الإمام الشافعي والمنطقة الزيدية تطبق مذهبها وهذا ما إعتمدته اللامركزية السويسرية إذ تنقسم إلى مذهبين متساويين الكاثولوكي والبروتستانتي كل فئة تحكم بما تريد) .

5-أما عن الشكل البرلماني للنظام السويسري فيأتي في الكتاب تحت عنوان (البرلمان) في ص92 ما نصه : (أن البرلمان السويسري ويطلق عليه الجمعية الإتحادية والجمعية الفيدرالية يتكون من مجلسين وفي الواقع نادراً ما يجتمع المجلسان في إجتماع مشترك إلا لإنتخاب أعضاء المجلس الإتحادي أو قضاة المحكمة الإتحادية) (ومجلسا البرلمان السويسري هما :

- المجلس القومي : وهو التمثيل المباشر للشعب ويتكون من 200 عضو .

- مجلس الولايات : وهو المجلس الذي يمثل الكانتونات ) ، إلى أن يقول في نفس الصفحة (والجمعية الفيدرالية ، أي البرلمان ، هي عبارة عن الإجتماع المشترك للمجلسين معاً ) .

إن أغرب ما في هذا الكلام والذي يؤكد علاقة الكاتب بما تم الإتفاق عليه في الإتفاقية الثنائية (التنسيق التحالفي على طريق التوحد) إن ما ورد في الكتاب في التركيبة البرلمانية قد جاء بنفس الشكل باختلاف الأسماء فقط بحيث أصبح يقابل الجمعية الفيدرالية في سويسرا الجمعية الوطنية عندنا والمجلس القومي في سويسرا مجلس النواب عندنا بطابعهما الممثل للشعب ومجلس الولايات هناك يقابله مجلس الشورى عندنا بطابع التمثيل للولايات والمحافظات.

6-أما أجمل ما ورد بحيث يدل على نقض الكاتب لكتابه بعضه ببعض لتفاهة الفكرة وهو إعتراف الكاتب أن اللامركزية البريطانية التي طبقت في الجنوب دعمت قيام سلطنات كانت سبباً في تمزيق وحدة اليمن ، ثم نجد مضمون الكتاب في الأساس يدعو إلى نفس الأسلوب بحيث يقول في ص 39 : (وجاء البريطانيون وشجعوا الفردية المحلية في شكل المشيخات القائمة ودعموها وتعاملوا معها فظن السذج أنهم أحرار فأخلصوا ولاءهم للمستعمرين - البريطانيين والإماميين – وبهذه الطريقة العجيبة تمكن البريطانيون عن طريق إستخدام اللامركزية لتثبيت الفردية المشيخية من جرّ كل تلك القوى بخطام من حرير زائف وهكذا نجد أن اللامركزية البريطانية دعمت بذكاء وعن عمد فردية المشيخة من أجل صفقة مأساوية دفعت الوحدة اليمنية ثمنها الباهظ) .

وبعد هذا لايسعنا إلا أن نقول لزيد الوزير واللوبي الإمامي العنصري : وأنتم لماذا تفكرون بنفس الطريقة الإستعمارية ، ألا تشعرون بالإنتماء والمواطنة ؟! ولا سيما وقد قال زيد في نفس الكتاب في ص68 : (والملاحظ أن أكثر الدول التي حظيت بحكم موحد بإستثناء الصليحيين هم من خارج اليمن كالأيوبيين والرسوليين والطاهريين والهاشميين في حين ظلت الزعامات اليمنية تتحكم في أجزاء محدودة من اليمن وسط معارك حامية).

ألا يدل مثل هذا الكلام على عدم الشعور بالمواطنة والإنتماء وإن كان لا يعبر إلا عن قيادات التعصب الإمامي والنفسية السوداوية القائلة لا عن السواد الأعظم من الأخوة الهاشميين ، ثم كيف يدعي الأخ زيد أنه أحد القياديين لحزب إسلامي وهو يتجاهل أن الإسلام يعتبر أساس الإنتماء العقيدة لا العرق والدم !!..

وختاماً نقول

للأخوة في الحزب الإشتراكي ، كيف إستطاع الإماميون تمرير كل هذا عن طريقكم ؟ ونقول للأخوة في المؤتمر الشعبي : وكيف وافقتم على ذلك ؟ .

ونقول للجنة التعديلات الدستورية تداركوا الأمر مالم فلينهض رئيس وأعضاء مجلس النواب بمسؤوليتهم التاريخية للمحافظة على وحدة اليمن وعلى الوحدة الوطنية للشعب اليمني بإلغاء كل التعديلات التي يُشتَمَّ منها رائحة فيدرالية وإن تعارضت مصلحة أحزابهم مع مصلحة الوطن فليُغلّبوا المصلحة الوطنية.

ونقول أخيراً للأخ الرئيس أن الوحدة اليمنية هي أهم منجز تحقق في عهدك فيجب المحافظة عليها وعلى الوحدة الوطنية والتصدي لكل المخططات الإمامية التي تأتي من وراء الحدود ولنعمل جميعاً على إصلاح الأوضاع ولكن بما لا يؤدي تحت هذا الشعار إلى تمزيق اليمن ... انتهى نص المقال بتاريخ19/7/1993م.