اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري 30 اغسطس 2023م الاحاطة الدورية
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: سنة و شهرين و 6 أيام
الأربعاء 30 أغسطس-آب 2023 10:06 م

    إحاطة رئيس الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين

الاستاذ / رضوان مسعود 

 بسم الله الرحمن الرحيم

أعزائي الحضور ....أسعدَ اللهُ صباحَكم .... أُرحبُ بكم وأشكرُكم على تلبيةِ الدعوة. في اليوم الدولِي للاختفاء القسري، يُسعدُنِي أن أقدمَ لكم إحاطةٌ مختصرةٌ حولَ هذه القضيةُ الحساسة.

يُعرَّفُ الاختفاءُ القسري بأنهُ الاعتقالُ أو الاحتجازُ أو الاختطافُ أو أيُّ شكلٍ من أشكالِ الحرمانِ من الحرية، يعقبُه حرمانِ الشخصِ من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يَحْرِمه من حماية القانون. وفيما يلي بعض النصوص القانونية التي جرمت الممارسات التي تقوم بها الأطراف بحق ضحايا الاختفاء القسري: - -

ينص دستور الجمهورية اليمنية في المادة ( 48 ، أ ):      " تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطنين و لا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكم من المحكمة ". - كما نصت المادة ( 9 ) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:                 " لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً ". - وفي المادة ( 9 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية : " لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً، ولا يجوز حرمان أحد إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه ". ونظراً لخطورة الاختفاء القسري فقد دخلت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والتي اعتمدت من قبل الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ عام 2010م، اعتبرت ممارسة الاختفاء القسري على نطاق واسع أو بشكل منهجي تشكل جريمة بحق الإنسانية ، كما تنص الاتفاقية على الحق في عدم التعرض للاختفاء القسري وكذلك حق أقارب الشخص المختفي في معرفة الحقيقة ومنع الجريمة والتحقيق فيها ومعاقبة مرتكبيها. ·    

  الإحصائيات الرقمية: - تعزز الحرب في اليمن هذه الظاهرة المروعة، ويتجلى ذلك في استخدام القوة غير القانونية وانتهاك حقوق الإنسان حيث تقوم بعض الأطراف المتحاربة بالقبض على المدنيين بشكل تعسفي، ويتم نقلهم إلى مراكز احتجاز سرية أو أماكن مجهولة يكونون عرضة فيها للتعذيب المفرط بدرجة كبيرة والعنف الجنسي أو حتى القتل لأنهم خارج حماية القانون تماماً، ويكونون متجردين تماماً من إمكانية الدفاع عن أنفسهم. في الآونة الأخيرة، تعتبر حالات الاختفاء القسري في اليمن من بين أبرز التحديات التي يواجهها الشعب اليمني خلال فترة الحرب. وفقًا للإحصائيات الموثقة التي رصدها فريق الهيئة فإن أكثر من ( 1784 ) مدنياً تعرضوا للاختفاء القسري لفترات متفاوتة تتراوح ما بين شهرين إلى خمس سنوات متواصلة بينهم (34) امرأة و(64) طفلا خلال الفترة من 21سبتمبر /ايلول 2014- يوليو/تموز2023م. خرج منهم قرابة (1632) بحالات نفسية صعبة وعاهات بدنية نتيجة التعذيب الممنهج داخل السجون في ظل انعدام أي مراكز لتأهيلهم وإعادة دمجهم بالمجتمع.  تحتل جماعة الحوثي المرتبة الأولى بواقع (1585) حالة اختفاء قسري تليها قوات المجلس الانتقالي بواقع (103) وجهات مجهولة بواقع (42) في مناطق متفرقة من البلاد ثم قوات الحكومة المعترف بها دولياً بواقع (32) ويتحمل تنظيم القاعدة المسؤولية عن (22) حالة اختفاء قسري. لايزال (152) مدنياً مخفياً في السجون إلى هذه اللحظة، تتحمل جماعة الحوثي المسؤولية عن ( 87 ) تليها قوات المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات العربية بواقع (62) ثم قوات الحكومة المعترف بها دولياً بــ( 3 ) حالات اختفاء قسري. كما رصد فريق الهيئة عثور الاهالي على جثث (16) مخفي قسراً لدى جماعة الحوثي في مقبره جماعية بمحافظة عمران خلال يوليو الماضي ولايزال فريق الهيئة يسعى لاستكمال توثيق هذه الجريمة .  هذا ما أستطاع فريقنا الوصول إليه فقط وليست جميع حالات الاختفاء القسري في اليمن . ·      الأثر النفسي والاجتماعي على أُسر الضحايا والمجتمع: -

يعاني أهالي وأقارب الأشخاص المختفين قسرياً من عدم وجود أي معلومات عن أقاربهم المفقودين، مما يزيد من معاناتهم ويتركهم في حالة من القلق والانتظار الطويل فضلاً عن فقدان عائلهم الوحيد أحياناً. في أغلب الأحيان يتحمل النساء، وطأة الصعوبات الاقتصادية الخطيرة التي عادة ما تصاحب حالات الاختفاء القسري. فالمرأة هي التي تتصدر الكفاح في معظم الأحيان لإيجاد حل لقضية اختفاء أحد أفراد أسرتها وعلى وجه الخصوص الأم والزوجة وقد تتعرض المرأة، عند قيامها بذلك، للمضايقات والاضطهاد والانتقام. كما أن فقدان أحد الوالدين عن طريق الاختفاء يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان المكفولة للطفل. سنتطرق هنا بشكل مختصر للأثر النفسي والاجتماعي للاختفاء القسري على أُسر الضحايا والمجتمع كما يلي:    

 1. الحالة النفسية والعاطفية حيث يواجه أفراد أُسر المخفيين تأثيراً قوياً على صحتهم النفسية والعاطفية ويعاني الكثير منهم من القلق المستمر، الاكتئاب، وقد يشعرون بالذنب والضيق لعدم قدرتهم على حماية أحبائهم.

2. العبء المالي والاقتصادي يفقد الكثير من أُسر ضحايا الاختفاء القسري العائل الوحيد للأسرة، مما يؤدي إلى الحاجة إلى تغيير نمط الحياة والبحث عن سُبل لتوفير احتياجاتهم اليومية.

3. تسرب الأبناء من المدارس والجامعات ويواجهون صعوبة في تحصيلهم الدراسي إما نتيجة عدم القدرة على توفير متطلبات إكمال دراستهم أو نتيجة انصرافهم لتوفير احتياجات أسرهم.

4. يمكن أن ينتج عن الاختفاء القسري ضغوط نفسية كبيرة وتوتر مستمر لأفراد أُسر المخفيين، مما يؤثر على صحتهم البدنية ويجعل بعضهم يعاني من مشاكل النوم، والأمراض الجسدية، والتعب المستمر، والضغط، والسكر.

5. التوتر العائلي والعلاقات المتعثرة: يمكن أن يتسبب الاختفاء القسري في التوتر العائلي وتدهور العلاقات الداخلية وقد تنشأ خلافات ونزاعات بين أفراد الأسرة. أيضاً تتأثر المجتمعات تأثيراً مباشراً من جراء اختفاء المعيل الوحيد للأسرة، بالإضافة إلى تأثرها من تدهور الوضع المالي للأسر وتهميشهم اجتماعياً. وكثيراً ما استُخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية لبث الرعب داخل المجتمع فالشعور بانعدام الأمن الذي يتولد عن هذه الممارسة لا يقتصر على أقارب المختفي، بل يصيب أيضا المجتمع المحلي. ·   

   المطالب والتوصيات: -

اولا : يجب على جميع الأطراف وعلى رأسهم جماعة الحوثي الإفصاح والافراج عن جميع المخفيين قسراً وفي المقدمة منهم السياسي المخضرم محمد قحطان

. ثانيا : يجب على الحكومة بمختلف مؤسساتها العمل على مكافحة ومنع ظاهرة الاختفاء القسري، وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات التالية: - التوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، واعتبارها أحد الأولويات.

- تحديد جهة خاصة لاستقبال شكاوى الأشخاص ودراسة حالات الاختفاء القسري واجتثاث الظاهرة من اساسها. - تعديل القوانين والتشريعات المحلية المجرمة للظاهرة وتشديد عقوباتها.

- ضمان حق الناجين وأقارب الضحايا في الحصول على جبر الضرر، بما في ذلك التعويض وإعادة التأهيل ورد الاعتبار، وضمان عدم تكرار حوادث الاختفاء. - إلغاء أي قوانين أو إجراءات تسمح بالإفلات من العقاب، مثل قوانين العفو وقوانين التقادم.

  • تقديم الدعم الطبي والصحي لضحايا الاختفاء القسري، سواء في تسجيل إصاباتهم الجسدية أو الأضرار الصحية التي تعرضوا لها أثناء فترة اختفائهم، بما يشمل الرعاية الطبية اللازمة ودعم الإثبات الجنائي والمدني ضد المسؤولين عن الانتهاكات. -
  • تقديم الدعم النفسي للضحايا وأسرهم لمساعدتهم على التغلب على الآثار النفسية السلبية الناجمة عن الاختفاء القسري. - توفير الحماية القانونية المطلوبة لحقوق وحريات الأفراد، واحترام كرامتهم من خلال إصدار قوانين الإجراءات الجنائية التي تضع قيودًا على السلطات المعنية بالقبض وتحمي كل شخص من أي احتجاز غير قانوني وأي إيذاء جسدي أو نفسي.
  • ثالثا : نهيب بمنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان تكثيف جهودها في تعزيز الوعي حول ظاهرة الاختفاء القسري وأثرها الوخيم على الضحايا وأسرهم من خلال: - تنظيم حملات توعية ونشر مواد تثقيفية تشرح عن أسباب وأعراض الاختفاء القسري، وتسلط الضوء على حقوق الضحايا والإجراءات القانونية المتاحة لهم.
  • . - تنظيم فعاليات وورش عمل لتبادل المعرفة والخبرات بين النشطاء والمنظمات المختلفة لتعزيز الجهود المشتركة في مكافحة الاختفاء القسري. - توفير الدعم القانوني والمشورة القانونية للضحايا وأسرهم في متابعة قضايا الاختفاء القسري والتوصل إلى العدالة. - التعاون مع الجهات الحقوقية الدولية والمنظمات ذات الصلة لضمان الرصد الدقيق والتوثيق المستمر لحالات الاختفاء القسري
  • . - دعم بناء القدرات للعاملين في المجال القانوني والهيئات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان لتشجيع التعاون وتبادل المعلومات والتجارب الناجحة في مكافحة الاختفاء القسري.
  • رابعا :على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية العالمية العمل بشكل مكثف لمكافحة ظاهرة الاختفاء القسري على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك من خلال:
  • 1- تعزيز التعاون الدولي لتبادل المعلومات والتجارب في مجال مكافحة الاختفاء القسري.
  • 3- ضمان تشكيل لجان وفرق عمل دولية مستقلة للتحقيق في حالات الاختفاء القسري وتجاوزات حقوق الإنسان، ومتابعة تنفيذ التوصيات والعقوبات المفروضة. 4- تقديم الدعم المالي والفني للدول التي تعاني من مشكلة الاختفاء القسري لتعزيز قدراتها في مجال حقوق الإنسان وتنفيذ الإصلاحات اللازمة.