أقصانا لا هيكلهم
بقلم/ د.رياض الغيلي
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 26 يوماً
الأحد 04 فبراير-شباط 2007 05:14 م

مأرب برس -خاص

يتوجه اليوم المقدسيون ومعهم عشرات الآلاف من الشعب الفلسطيني المجاهد على باحات المسجد الأقصى لنصرته والذب عن حياضه من مؤامرات الهدم الإسرائيلية ، و لله در الشاعر الذي أحس بآهات الأقصى فأنشأ يقول :

أرسَلَ الأقصى خِطاباً فيه لومٌ واشتِياقْ قالَ لي وَهْوَ يعاني مِنْ هَوانٍ لا يُطاقْ:

حَدِّثِ الأمّةَ عنّي

بَلِّغِ الأمّةَ أنّي

عيلَ صبري بين أسرٍ واحتِراقْ

هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي

مِنْ رُواقٍ لرُواقْ

أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا

وصفيراً ودَنَايا وسُفورا

دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا

فأنا – اليومَ – أُعاني

بل أُعاني منذُ دهرٍ

أَلَمَ القهرِ أسيرا

لَمْ يَزَلْ قيديَ مشدودَ الوَثاقْ

أَوَ ما يَكفي نِفاقا ً؟

ضِقْتُ من هذا النّفاقْ

أرسِلوا ليْ من صلاحِ الدّينِ خيلاً

أرسِلوها من حِمى الشّامِ وَنَجْدٍ

مِنْ سرايا جيشِ مِصرٍ، أوْ عَرانينِ العِراقْ تنشُرُ الهيبةَ للإسلامِ بالدّمِّ المُراقْ منذُ دهرٍ لم تزُرنيْ هذِهِ الخيل العتاق

***

قالَ ليْ الأقصى سلاماً

بِلِّغِ الأمّةَ – يا عبدُ – سلامي

من معاني سورةِ الإسراءِ قُدْسِيَّ الهِيامِ أَثَرىَّ الوَجْدِ سُنّيَّ العِناقِ لا سَلاماً خائنَ النّشأةِ عِبْرِيَّ المَذَاقِ

***

واسألِ الأمّةَ أوْ سَلْ بعضَها

كيف للموتِ على الجَمرِ أُساقْ ؟

كيف أصبحتُ مكاناً أثريّاً

بصُنوفِ الفِسقِ ضاق ؟

كيف قد بُدِّلَ طُهريْ

مسرحاً للعُريِ يُغريْ

بين ضَمٍّ واعتِناقِ والتصاقْ ؟!

كدتُ أَنْضَمُّ إلى الحمراءِ من أندلُسٍ

في نَعَايا العصرِ، في ذاك النّطاقْ

يا بني الإسلام، ما حلَّ بكمْ ؟!

هل نسيتُمْ أنّني بوّابةُ السّبْعِ الطّباقْ ؟ من هنا قد واصَلَ الرحلةَ في الكونِ البُراقْ

***

كتَبَ الأقصى وفي رِجليه قيدُ

وعلى أبوابِهِ – من بقايا عُبَّدِ الطّاغوتِ – جندُ:

طالَ شوقي لصليلِ السّيفِ يشدو

وصهيلِ الخيلِ وَسْطَ النّقْعِ تعدو

هل صلاحُ الدّين – يوماً – في رجالِ القومِ يبدو؟ هل ستأتي في نساء القومِ خنساءٌ وهندُ ؟ أم تُراها عقِمَتْ أرحامُها اليومَ فلنْ يولدَ سعدُ ؟!

ضاعتِ الأوطانُ هدراً

عندما القومُ أضاعوا: "وأعدوا"

لماذا المسجد الأقصى ؟

أولاً : لأن المسجد الأقصى توأم البيت الحرام و مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه عرج به إلى السماء، قال تعالى: ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير).

ربطَ القرآنُ بينَ البيتِ والأقصى رِباطاً أبَدِياً لم يكُنْ ذاك خِياراً أوْ قراراً عربيّا لم يكُنْ ذاك شِعاراً مُستعاراً أجنبيّاً كلُّ مَنْ فَرّقَ بين البيتِ والأقصى فَقَدْ كَذّبَ القرآنَ أو خانَ النبيّا

ثانياً : لأنّ المسجد الأقصى أولى القبلتين فقد توجه المسلمون بصلاتهم نحو المسجد الأقصى بعد رحلة الإسراء والمعراج مدة 16 شهراً، حتى أمر الله تعالى بتغيير القبلة إلى المسجد الحرام.

ثالثاً : لأن المسجد الأقصى ثاني مسجد بني على الأرض :- فقد روى البخاري عن أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – قال: قلت لرسول الله: يا رسول الله: أي مسجد وضع في الأرض أولاً، قال: "المسجد الحرام “، قلت ثم أي قال:" المسجد الأقصى “، قلت: كم بينهما ؟ قال : " أربعون سنة " .

رابعاً : لأن المسجد الأقصى هو ثالث الحرمين: قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:" لا تشد الرحال إلاّ لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ".

خامساً : لأن الصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة: قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:" فضّلت الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة، وفي مسجدي بألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة ".

سادساً : لأن في المسجد الأقصى وأكنافه تكون الطائفة الظاهرة على الحق: فعن أبي أمامة الباهلي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله – عز وجل- وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله وأين هم، قال: "في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس “.

سابعاً : لأن بيت المقدس هو المكان الذي كلم الله فيه موسى، وتاب على داوود وسليمان ، وبشر زكريا بيحيى ، وسخّر لداوود الجبال والطير وأوصى إبراهيم وإسحاق أن يدفنا فيه ، وفيه ولد عيسى ، وتكلم في المهد وأنزلت عليه المائدة ، ورفع إلى السماء ، وماتت مريم ، وإليه هاجر إبراهيم ، وعلى مقربة منه دفن - في خليل الرحمن -.

ثامناً : لأنّ المسجد الأقصى ملتقى الأنبياء بالرسول صلى الله عليه وسلم حين صلى بهم إماما في رحلة الإسراء والمعراج، مبايعة منهم له بالخاتمية والعالمية وتوجيها إلى الباقين من أقوامهم أن يفقهوا معنى " إن الدين عند الله الإسلام ".

تاسعاً : لأن بيت المقدس هي عاصمة الخلافة الراشدة القادمة : روى بن عساكر عن يونس بن ميسرة قال : قال الحبيب صلى الله عليه وسلم :(هذا الأمر (يعني الخلافة) يكون بعدي بالمدينة ، ثم الشام ، ثم بالجزيرة ، ثم بالعراق ، ثم بالمدينة ، ثم ببيت المقدس ، فإذا كان ببيت المقدس ، فثم عقر دارها ، ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبدا) عاشراً : لأنّ المسجد الأقصى وقف إسلامي بكل ساحاته ومصاطبه وقبابه وأسواره وكل ما تحته وقف ، وما فوقه وقف إسلامي ، ليس لغير المسلمين حق فيه ، فالمسجد الأقصى المبارك مسجد إسلامي بقرار رباني وليس بقرار وضعي .