مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
أصبح الآن واضحا أن هناك أزمة داخلية طاحنة تعيشها جماعة الأخوان المسلمين ظهرت حينما طلب المرشد العام للأخوان المسلمين محمد مهدي عاكف تصعيد القيادي عصام العريان إلي عضوية مكتب الأرشاد ورفض المكتب فغضب المرشد وأعلن عن إصراره علي عدم الترشح لفترة ثانية وكانت هذه الحادثة هي القشة التى قصمت ظهر البعير وأظهرت حجم المأزق التاريخي الذي تعيشه الجماعة و حجم الخلافات الداخلية بين قياداتها والتى بقيت عوامل كثيرة تحول دون ظهورها خلال العقود الماضية .وقد أظهر هذأ المأزق التاريخي أن هناك فريقان داخل الجماعة كل فريق يحاول أن يتغلب علي الأخر أو يقصيه فريق يقوده النائب الأول للمرشد الدكتور محمد حبيب وفريق يقوده الأمين العام للجماعة الدكتور محمود عزت ، وقد اتضحت الصورة كاملة حينما ظهر الدكتور محمود عزت معي فى برنامجي التليفزيوني بلاحدود ..،يوم الأربعاء 16 ديسمبر وأعلن في نهاية الحلقة بعد مغالبة أرهقتني في محاولة استخراج معلومة نافعة منه علي مدي ساعة أن مجلس الشوري قرر اختيار مكتب إرشاد ومرشد جديد للجماعة قبل الثالث عشر من يناير القادم وهو موعد انتهاء ولاية المرشد الحالي محمد مهدي عاكف ، ويبدوا أن هذا الأعلان مثل صدمة حقيقية لدي كثير من قطاعات الأخوان علي رأسهم نائب المرشد العام محمد حبيب حينما خرج لوسائل الأعلام فى اليوم التالي وصرح بأن ما أعلنه الأمين العام للجماعة يخالف اللوائج وتم دون إعلام لمكتب الأرشاد أو مجلس الشوري .
السؤال الهام هنا هو ما الذي أوصل الأخوان المسلمين إلي هذا المأزق ؟ وهذا سؤال صعب ومعقد تماما مثل الحالة المعقدة التى يعيشها الأخوان الآن بعد أكثر من ثمانين عاما علي تأسيسها علي يد الأمام حسن البنا ، وخمسين عاما علي اغتياله في الثاني عشر من فبراير عام 1949 ، فقد اغتيل حسن البنا وعمره لم يتجاوز أربعة وأربعين عاما ، وكان مشروعة لم يكتمل بعد ، فترك مقتله فراغا قياديا كبيرا تعيشه الجماعة منذ ذلك الوقت فقد بقيت الجماعة طيلة عامين دون مرشد بعد اغتياله حيث تفاقم الخلاف بين قادتها آنذاك ثم اتفقوا علي مرشد من خارج الجماعة تنظيميا هو المستشار حسن الهضيبي الذي جاء من بعده عدد من المرشدين لم يملك هو او أيا منهم شيئا من مقومات الزعامة والقيادة والحكمة وبعد النظر وفهم المشروع والحضور والضوء الذي كان يميز البنا ، وكان حرصهم جميعا لا يتجاوز الحفاظ علي ما تركه البنا دون أي إبداع أو تجديد أو بروز زعامة تاريخية تقدم الأخوان فكرا وتنظيما إلي العالم من جديد وتكمل المشروع الذي بدأه حسن البنا ، كما لعبت المحن والضغوط السياسية والأمنية التى يعيشها الأخوان منذ خمسين عاما دورا كبيرا فى التغاضي عن كافة المثالب والأخطاء الداخلية التى أصبحت تتراكم داخل الجماعة دون تصويت ، وأصبح التنظيم أهم من الجماعة بل قزم التنظيم الجماعة وأصبح لا يستوعب إلا من ينطوي تحت بند السمع والطاعة وباقي البنود التى تقتل الأبداع وإبداء الرأي الآخر داخل التنظيم ، وربما كان لرجال النظام الخاص الدور الأساسي فى الحفاظ علي التنظيم حينما خرجوا من السجون بعد محنتي 1954 و1965 ، فلعبوا الدور الأساسي فى إدارة التنظيم وبقي مكتب الأرشاد ومجلس الشوري وباقي الهيئات الأدارية فى الجماعة تدور في إطار ما يخططه ويرتبه رجال النظام الذين وصل أبرزهم مصطفي مشهور إلي منصب المرشد فيما بقي الآخرون يديرون أمور الجماعة من وراء ستار ويختارون مرشدين لا علاقة لهم بالقيادة من قريب أو بعيد حتى يبقي زمام الأمور بأيديهم ،، لكن المشكلة بقيت داخل الجماعة ومع كل مرشد جاء بعد حسن البنا هي مشكلة الأدارة ومشكلة الرؤية والمشروع والكاريزما وا لزعامة ومن ثم مشكلة القائد الذي لا يكون دوره مجرد الحفاظ علي التنظيم وإنما قيادة الجماعة برؤية القائد الزعيم والمرشد الملهم ، لكن المشكلة بقيت في هؤلاء الرجال الذين يحركون التنظيم من وراء الكواليس ، وهذا من أخطر ما أصاب الجماعة في مقتل فهؤلاء فى النهاية بشر وليسوا ملائكة ، ويعتريهم ما يعتري البشر من أمراض وعلل نفسية ومزاجية مهما كانت سلوكياتهم من التقوي و الورع والأخلاص فالتقي الورع تقواه وورعه لنفسه وقليل منها للناس ، لكن سياسة أمور الناس تحتاج إلي عقول ونفوس عركتها الدنيا ومصاعب الحياة تعرف طباع البشر وما آل إليه مصير الدنيا من تطور وعلم وتنوع بشر وسياسي ومعرفي ، ويعرفون من فنون الأدارة وسياسية الناس ما يؤهلم للعبور بمن تولوا أمرهم مصاعب الحياة وألآعيب السياسة وأنواع الخداع التى تمارسها الأنظمة المستبدة ويعرفوا كيف يتعاملون مع الأنظمة القائمة بعقلية الساسة المحنكين ، ورجال الدولة المدربين ، أما التقوقع فى دائرة المحن والابتلاءات والصبر فهذا ضعف وعجز مهين .
إن الأزمة التاريخية التى يعيشها الأخوان اليوم هي نتاج لأزمة قيادة وإدارة وإقصاء وإبعاد لكل من له رأي مخالف أو رؤية مبدعة ، كما أنها تعكس عجزا عن صناعة علاقات بكثير من المتعاطفين من الأخوان من السياسيين والمفكرين الذين لهم رؤي إصلاحية ربما تخالف القيادات المتقوقعة علي نفسها وعلي تنظيمها وترفض الأستماع أو الأستفادة من الآخر ، وقد استمر هذا الأمر ما يزيد علي خمسين عاما حتى وصلت الأمور إلي حالة الأنفجار القائم وبالتالي إن لم يتنادي المخلصون من قادة الأخوان بل من جميع الأخوان و يتخلوا عن حظوظ أنفسهم التى تتواري تحت الورع أحيانا والمصلحة العامة أحيانا أخري ويصلوا إلي حلول تخرج الأخوان من هذا المأزق ، فإن الأنشقاق واقع لا محالة وسوف يكون الأخطر في تاريخ الجماعة وسيقدم هؤلاء نهاية الجماعة علي طبق من ذهب إلي كل الأنظمة التى عجزت عن القضاء عليها طيلة ثمانين عاما ، وإذا نجا الأخوان من هذه الأزمة وقد أصبح هذا الأمر مستبعدا ـ في رأي كثير من المراقبين ـ فإن عليهم أن يعرفوا كيف يختارون قادتهم وأن يعدلوا لوائحهم ووسائل المحاسبة لقادتهم بشكل لا يسمح لأحد أن يدمر الجماعة علي رؤوس من فيها كما يحدث من بعض القيادات الآن تحت بنود التقوي والورع والأخلاص والحفاظ علي التنظيم ، وكل هذا بعيدا عن حسن النوايا هراء وجهل بمقتضيات الحياة وتطور الأحداث لاسيما وأن كثيرا من هؤلاء قضوا عشرات السنين داخل أسوار الأخوان لا يعرفون ماذا يحدث خارجها وهذا سبب خلافهم مع غيرهم من الأخوان الذين اختلطوا بالدنيا والناس وعرفوا كيف يختلفون ويقبلون الآخر ، إنها حقا كارثة لكن كثيرين يتمنون ألا تكون النهاية .