الرئيس (الصالح) ومعارضة أخرى
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 22 يوماً
الجمعة 05 أكتوبر-تشرين الأول 2007 05:34 م

لسنوات عديدة ظلت احزاب المعارضة (المشترك) عرضة لهجوم ونقد وسخرية وتخوين الرئيس علي عبدالله صالح وابواق نظامه (الاعلامية والسياسية) بمبرر عدم قبولها شعبياً وتعيش قياداتها في بروج عاجية ولاتعرف حتى ازقة الحارات والقرى ماجعله بعيدة عن الجماهير وهمومها وتطلعاتها وتلهث وراء الصفقات والتسويات السياسية والمصالح الشخصية والحزبية الضيقة.

وظل الكثيرون يأخذون على المعارضة بعض هذه الاتهامات, وعندما اصرت المعارضة على نفض غبار تلك الاتهامات وحمدنا الله على عودتها لرشدها وجماهيرها ونسيان خلافاتها السابقة ووضع مصالحها وراء ظهور قياداتها تنفيذاً لتوجيهات الأخ الرئيس ونصائحه – ككل شيء في البلاد يتم -, وأيضاً تلبيةً لرغبات الجماهير والأعضاء والانصار, استمرت كمرمى للهجوم والنقد وبصورة اكبر, بمبرر الإصطياد في المياه العكرة وإستغلال الارتفاع العالمي للأسعار وأزمات الوطن ومطالب المتقاعدين وسعيها للتحريض وإثارة الفتن والعمل وفق اجندة خارجية.

ولم تتوقف مبررات (التنشين) على المعارضة وجعلها شماعة (للتنفيس) عن الأخ الرئيس وابواقه المتجددين, حتى صار خروجاً على الثوابت الوطنية توجيهها للمسيرات والاعتصامات والاحتجاجات وعدم حضور موائد ولقاءات الرئيس الرمضانية او الشعبانية التي تقدم فيها اروع الوجبات الإصلاحية وأبدع الأطباق الوعظية وصحون الدروس الوطنية والمبادرات (التمديدية) والشطحات المعجونة بالفلافل والبهارات و(البهررة) وترفض دور الكومبارس وشاهد الزور كأحزاب (الموالاة) الظافرة.

ورغم ان رئيسنا يتحدث وكله ثقة كرئيس جمهورية, بدأت منذ سنوات تصدير (الفهلوة) الديمقراطية للمحيط العربي وربما في اتجاهات متعددة من المعمورة, عن سنوات خبرته في الحكم الـ28 او 29 وتعلم خلالها الكثير, يأبى دائماً إلا أن يجعلنا في حيره من الأمر وأوصلنا الى مرحلة لم يعد فيها أمامنا إزاء مايقوله أو يروج له سوى خيارين أحلاهما أمر من الآخر, فإما انه يعتقد في شعبه الذي خبزه وعجنه 30 عاماً الغباء وتنطلي عليه الفهلوة والمرفالة أيضاً ولايصبر عليها فقط, أو انه - حفظه الله – ولأسباب عدة اهمها العمر المديد في الحكم والحياة الدنيا معاً وإرتفاع عدد الأقارب والاصهار والانساب وقوى النفوذ والاستبداد لم يعد (يفرمل) أمام كل (مطب) فيما يقوله ويروج له.

ولأن المؤمن لايمكن ان يظل يلدغ من رئيسه ونظامه مالايعد ولايحصى, فليس امامنا إلا ان نشد على يد احزاب المشترك لتستمر في خطواتها التغييرية وإيقاعات حركتها الحكيمة التي دشنتها ببرنامجها للإصلاح ومن ثم الانتخابات الرئاسية وأخيراً بتعففها عن موائد التمديد وشهادة الزور.

* للشحت أصول أيضاً

الرئيس – حفظه الله ومد في عمره دون تمديد سنوات حكمه عن ولايته الحالية والاخيرة – ولأن فشل نظام حكمه وسياساته الاقتصادية والاجتماعية صار فضيحة (بجلاجل) بما اوصلنا اليه من فقر وبطالة وجهل ومرض واستبداد وفساد ونهب وعبث بالمال العام واستغلال لإمكانيات الدولة ووظائفها وجيشها واجهزة الأمن والاعلام, بدا منذ سنوات يصر على تقديم نفسه وبفجاجة كفاعل خير عبر مؤسسة الصالح, ولم يقف الأمر فقط عند تناسي تحمله المسئولية تجاه شعبه كحاكم – وفق الدستور – وفي دولة جمهورية, وتصم آذاننا وسائل الاعلام مع كل مناسبة وطنية – وما اكثرها – بأنها جمهورية ولدت من رحم ثورتين (سبتمبر وأكتوبر) وجلاء إستعمار (نوفمبر) لتنتهي في بوتقة واحدة بعد 22 مايو 1990م.

لكن زاد على ذلك ان أخبار الرسمية طوال العام وخاصة شهر رمضان لاتتوقف عن مؤسسة الصالح, حيث تعقد القيادات الحكومية في المحافظات والمديريات اجتماعات رسمية لترتيب عملية توزيع صدقات الصالح وعطاياه الكريمة على عقال الحارات والقرى والنافذين في المؤتر والوطن, وهي ذات الأدوات للنظام الفاشلة, ويتبرع لمؤسسته الخيرية هذه بالملايين والمليارات من خزينة الدولة – بعيداً عن مزرعته في عبس – وكان بالإمكان لولم تكن تلك الأدوات سيئة وقد عرفها الشعب كل هذه السنوات كما يتعرف عليها حالياً رغم المكياج الخيري الصالح, ان تدعم بتلك الاموال العامة دور الايتام والرعاية الاجتماعية التابعة للدولة دون ضجيج اعلامي وترويج لإسم أسري بصورة لم يجرؤ على الإقدام عليها حتى الآن عربياً الرئيس المصري (بزاته) على رأي إخواننا من رعيته.
 

ولأنه قد سبق لي قبل سنوات ان طالبت بمقال لي بتغيير إسم الجمهورية الى (جمهورية الصالح), فقد صار الأمر طبيعي وتخدرنا عليه, إلا ان نوبة من الضحك والبكاء معاً كادت تعصف بي حينما سمعت رجل اعمال (مالي هدومه) وهو يتحدث بغير اكتراث عن مستشفى الصالح لأمراض السرطان بتمويل قطري يصل الى 200 مليون دولار ان لم تخني ذاكرتي, وكان مبرري لتلك النوبة (ضحك وبكاء) هو ان المشروع الصدقة لم يحمل اسم دولة قطر او اميرها (حمد) أو لقب أسرته (آل ثاني) مادام ممولاً منهم إذا لم يحمل اسم وطني أوغيره.

ولم يعد الوضع مقتصر على الصالح كمؤسسة ومدرسة ومستشفى ومدينة سكنية او طبية ومشروع أكشاك قمع البطالة, لكن كل ذلك يحتاج لجرعة سعرية جديدة وقليل (بهررة) اعلامية ليسهل علينا (البلع) لكل مايحمل لقب الصالح وهو من تمويل خزينة الدولة او خزينة الرئيس – لافرق – او رجال اعمال يمنيين, ومالا استطيع بلعه مهما كانت حبوب (التسهيل) هو ان يصفع اللقب على كل مشروع تجود به ايادي فاعلي الخير من يهود ونصارى, او ماتثمره نخوة الاشقاء العرب والمسلمين او ماتتلقفه حكومتنا من جيوب رجال البر والاحسان من اتباع بوذا وكونفوشيوس واحفاد لينيين وماو تسي وفيدل كاسترو.

وأعتقد ان مايحدث هو قمة الإساءة لهذا اللقب الكريم الذي قد يطغي على معالم اللقب الوحيد الذي التصق بإسم دولة عربية, فجيراننا (آل سعود) مطلع القرن العشرين (لطشوا) لدولتهم لقب العائلة, وعززوها بمؤسسات ومشاريع تحمل اللقب او اسماء الملوك والامراء منهم إسماً لها بتمويل من خيرات وطنهم (حكومي, او خاص) لكن أثق كثيراً أنهم لم يكن لهم السبق بإطلاق اللقب والأسماء حتى على مايتم شحته من صدقات وقروض ويفرض عليه اتاوات وينفذه مقاولين مقربين او نافذين, فبراءة الإختراع هنا حكراً على نظامنا الصالح, وليس جديداً الإشارة الى طريق استراتيجي يربط عدد من مديريات صعدة بحرض ويطلق عليه اسم الرئيس ولازال معبداً ومنفذه يقاضي الحكومة دولياً ويطرح تمويله منذ سنوات أمام الأشقاء والأصدقاء لتمويله بمايحمله من إسم (صالح) دون خجل.

- نقلاً عن صحيفة الثوري

reshadali@hotmail.com