وزير الدفاع: المعركة الحاسمة لاجتثاث القاعدة من جذورها بدأت
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 24 يوماً
الأحد 06 مايو 2012 05:58 م
 
 

نص الحوار الذي جراه فهيم الحامد،موفد صحيفة عكاظ مع وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد:

• بداية نود معرفة رؤيتكم لمستقبل العلاقات السعودية اليمنية وخاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري والحرب على الإرهاب؟

- ليس هناك شك أن العلاقات اليمنية السعودية هي علاقات تاريخية متينة قائمة على قواعد قوية ومبنية على الشراكة بين بلدين وشعبين شقيقين. والشعب اليمني يعتز، أيما اعتزاز بهذه العلاقة والشراكة التي تصب في نهاية المطاف في مصلحة البلدين.

أما فيما يتعلق بجوانب التعاون العسكري بين البلدين فنحن نعبر عن اعتزازنا بما تحقق في مجالات التعاون العسكري. وتحديدا في جانب التأهيل وتبادل الخبرات ، ونستذكر هنا العلاقات الوطيدة في جانب التدريب حيث نفذت وحدات عسكرية يمنية وسعودية تمرينا مشتركا (وفاق1) والذي نعتبره إضافة نوعية غاية في الأهمية أسهم في توطيد علاقات التعاون العسكري. وفيما يتعلق بالتعاون في مجال الحرب على الإرهاب، فيمكن القول إن التنسيق بين القوات المسلحة اليمنية والسعودية، على أرفع مستوياته، خاصة أن خطر الإرهاب لا زال يهدد ليس فقط أمن البلدين، بل والمنطقة برمتها. لذلك فنحن نعتبر أنفسنا مع الأشقاء في المملكة والخليج في خندق واحد بعد أن تحول تحدي الإرهاب إلى عابر للحدود الدولية، وأصبح الجميع تحت مرمى الإرهاب وتحدياته وتبعاته الأمنية الخطيرة خاصة أن استراتيجية الإرهاب القاعدي قائمة على رؤية تدميرية لكافة المكونات الحياتية من اقتصاد وروابط اجتماعية. ولم تعد المجتمعات جميعها بمنأى عن الأضرار التدميرية لهذه الجماعات الضالة.

• هل يشمل التنسيق بين البلدين في مواجهة القاعدة تبادل المعلومات على الجانب الحدودي؟

- من الطبيعي والمنطقي أن تتضافر كافة الجهود للحيلولة دون وقوع الأضرار سواء في اليمن أو المملكة، فالبلدان أمام تحديات الإرهاب، ومن المصلحة مضاعفة حجم التعاون والتنسيق لمواجهة الأعمال الإرهابية خاصة أن مدبريها ومموليها طموحاتهم أبعد مسافة من اليمن.

عودة الخلايا النائمة

• إلى أين وصلتم في حربكم على القاعدة في مناطق أبين؟

- في الحقيقة أن المجاميع المسلحة التابعة لما يسمى «بأنصار الشريعة» وهي مجموعة مفرخة من تنظيم القاعدة ليست بتلك الهالة الكبيرة والتجسيم والتضخيم الذي يراد لها.

وهذه المجاميع المسلحة الإرهابية حاولت أن تنفذ ضربات خاطفة ونظرا لغياب الدولة بسبب الأزمة التي شهدتها اليمن، سعوا إلى إيجاد موطئ قدم لهم، و خلال الفترة الماضية لم تجد من يتصدى لها بحزم وقوة، وحاولت أن «تنتفخ» وتظهر بمظهر القوة المسيطرة على محافظة أبين، ولكن خلال الأسبوعين الماضيين، وكما شاهدتم بأنفسكم خلال زيارتكم للودر، عندما بدأنا بجد وبصلابة وبتنسيق الجهود بين كافة وحدات القوات المسلحة والأمن، وبتعاون اللجان الشعبية التي تداعى أبناء محافظتي أبين ولحج إلى تشكيلها للدفاع عن حياتهم، بدأت تلك المجاميع الإرهابية «المنتفخة» تنكمش وهي كل يوم تتكبد خسائر وانحسرت تهديداتها كثيرا وبحسب المعلومات المتوفرة لدينا حتى الآن فإن مجاميعها المسلحة بدأت تنهار معنوياتها، وشوهدت بعض مجاميعها تتراجع وتحتمي بالجبال، ولا يستبعد أن يتسلل الباقون متخفين بين أوساط المواطنين وهم يستخدمون أساليب الغدر ويضعون المواطنين كدروع بشرية.

وعندما تعرضت هذه الجماعات الإرهابية لضربات قوية ومكثفة انخفضت قوتها، ولا يستبعد أن تعود إلى حالة «الخلايا النائمة» حفاظا على ما تبقى من عناصرها التي لقيت كثيرا من قياداتها وعناصرها مصرعها تحت قوة ضربات القوات المسلحة واللجان الشعبية.

الاعتماد على العمليات الخاطفة

• هل لديكم إحصائية بأعداد أفراد تنظيم القاعدة والتي يخوض الجيش قتالا عنيفا ضدها في أبين؟

- في الحقيقة أن أعداد المجاميع المسلحة التابعة للقاعدة ليست كبيرة ولكن هي مجاميع لديها خبرة قتالية إرهابية، وتعتمد على العمليات الخاطفة وعلى تنظيم كمائن وعلى تمويه أماكن تواجدها.

وإن كانت معلوماتنا الاستخباراتية تفيد أن أعدادا كبيرة تتوافد إلى أبين عبر ممرات بحرية مستغلين اتساع الشواطئ، وأعدادهم تتضاعف، خاصة من العناصر غير اليمنية من صوماليين وباكستانيين ومن جنسيات عربية أخرى.

لاسيطرة للقاعدة على أبين

•ما هي أولوياتكم في ظل تصاعد تهديدات القاعدة واستمرار سيطرتها على بعض مدن أبين و شبوة؟

- التهديدات الإرهابية هي أولوية لكل مؤسسات الدولة، ونحن في وزارتي الدفاع والداخلية هيأنا القدرات والموارد لمواجهة كل التحديات، بل إن شعبنا كله مصمم على استكمال المهمة التي بدأها في ضرب الإرهاب وفي اجتثاثه من أرضنا وبالرغم من استغلال تنظيم القاعدة لظروف البلاد وما تعانيه من تداعيات الأزمة التي تسببت في نشوء ثغرات أمنية تسللت منها هذه العناصر الإرهابية إلا أن المعركة الحاسمة معهم قد بدأت ولن تقف إلا باجتثاث هذه الآفة من اليمن و المنطقة.

وما يتوجب إيضاحه هو أن القاعدة ليست مسيطرة على أبين كاملة. فالقاعدة متواجدة في مديريتي زنجبار وجعار ولها بعض التواجد في بعض مديريات شبوة. وهي تحاول أن توجد لها حاضنات قبلية في تلك المناطق التي ذكرناه، ولكنها لم تتمكن من التغلغل بشكل كبير في النسيج القبلي بعد ارتكابها تلك الأعمال البشعة ضد المواطنين. حيث بدأ الشارع يقف ضد هذه العناصر حيث تشكل رأي عام مناهض لها وانعكس ذلك في وقوف المواطنين إلى جانب القوات المسلحة والأمن وهذا هو المؤشر الأقوى على قرب زوالهم، وقد بدأت ملحمة التصدي لهم من منطقة لودر الباسلة وأبنائها الأبطال الذين يسطرون في التحامهم برجال القوات المسلحة والأمن أروع صور البطولة لاجتثاث هذه الشراذم الإرهابية من جحورها.

• ما هي الأسباب وراء إطالة أمد سيطرة القاعدة على بعض مدن أبين ومناطق في شبوة ؟

- إن استمرار الأزمة يعود لتواضع الموارد الاقتصادية وضعف الهيكلة العسكرية والأمنية في أبين وفي بعض المحافظات وغيرها من الأسباب التي هيأت الفرصة أمام تواجد عناصر القاعدة في أبين. كما أن القاعدة لديها قدرات مادية كبيرة، ما وفر لها دعما لوجستيا مهما لاستمرارها، وكما أسلفت مسبقا أن المواجهة الحاسمة بدأت مؤخرا، فقد بدأت القاعدة تشعر أنها أمام متغير عسكري وأمني كبير وهي الآن تلوذ بالفرار إلى الجبال ووحداتنا العسكرية دخلت أحياء من زنجبار وهي تخوض حرب شوارع مع مجاميع القاعدة التي لديها خبرة كبيرة في حرب الشوارع و العصابات ومع ذلك ما هي إلا فترة زمنية حتى يتمكن أبطال القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية من تطويق عناصر القاعدة والقضاء عليهم.

• كيف تقيمون مراحل تنفيذ المبادرة الخليجية فيما يخص مهام اللجنة العسكرية في إزالة أسباب التوترات في صنعاء وعدد من المدن اليمنية؟

-المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هي جهد جبار للأشقاء في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وشعبنا اليمني يدين بالعرفان الكبير للأشقاء في المملكة وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي مثل ركيزة ومرجعا مهما وصادقا لأشقائه في اليمن ولن ينسى الشعب اليمني مواقفه الخيرة، وسيظل يتذكر هذه المواقف الأخوية الصادقة والتي نزعت فتيل الأزمة والصراعات المسلحة التي كانت قد اندلعت وتم احتواؤها بفضل هذه المبادرة الشجاعة.

وحقيقة أن المرحلة الأولى من المبادرة حققت كثيرا من مكوناته، وتم إيقاف حالات الاشتباكات، وأعقب ذلك إزالة أسباب وعوامل الاحتقان السياسي والعسكري والأمني.كما أزيلت المتارس وتم إخلاء معظم المدارس التي كان يتمترس فيها مسلحون من طرفي الأزمة، ورفعت نقاط التفتيش غير المشروعة التي استحدثت بعد يناير 2011م.

إ خلاء العاصمة من الجيش

• أعلنتم عن خروج ألوية من الفرقة الأولى مدرع من وسط صنعاء هل هناك خطة لإخلاء العاصمة من الجيش؟

- بكل تأكيد هناك رؤية سياسية وعسكرية للتخفيف من تكدس الوحدات العسكرية في صنعاء والاستفادة منها حيث يستدعي الواجب تواجدها. وهذه المسألة ليست وليدة الوقت الراهن وإنما هي مسألة سبق وتم بحثها ودراستها في وقت سابق، و تم تكليف أحد الألوية العسكرية التابع للفرقة الأولى مدرع بالخروج من صنعاء والتوجه إلى أبين لأداء دوره، وإنجاز مهمة عسكرية أسندت إليه في محاربة الإرهاب. وهذه خطوة أولى لإعادة انتشار وتموضع الوحدات العسكرية المكدسة في أمانة العاصمة.

• برأيكم من يقف وراء أعمال التخريب وتصعيد العنف في عدد من المدن الجنوبية وخاصة عدن؟

- في الحقيقة، هناك أسباب كثيرة تعود إلى ما قبل وما بعد حرب صيف 1994م بالإضافة إلى الأزمة وما تبعها من إخلالات أمنية ومن فراغ مؤسسات الدولة، كل ذلك وفر الأرضية الخصبة لما يجري اليوم يضاف إلى ذلك تنظيم القاعدة الذي تتمحور استراتيجيته في أن نجاحه يعتمد على فرض حالات من الانفلات الأمني لتسهل حركته ويعظم تأثيره، ويكثر أنصاره ومؤيدوه.

اختطاف الخالدي عمل إرهابي

• كيف تنظرون إلى إقدام القاعدة على اختطاف نائب القنصل السعودي في عدن؟

- ما أقدم عليه تنظيم القاعدة يعد جريمة وعملا إرهابيا لا نقبل به، وأن عملية الابتزاز التي تنتهجها القاعدة مرفوضة من جميع الأطراف اليمنية باعتبارها لا تمثل المجتمع اليمني الذي يرفض أساليب القاعدة وفكرها الإرهابي، بل ندينه بشدة وكنا جميعا في وزارة الدفاع والداخلية متابعين بشكل متواصل للعملية، وما زلنا نتابع تطورات الموقف. واتجهنا إلى ممارسة أعلى درجات الضغط على المجاميع الإرهابية ومراقبة نشاطها وتحركاتها. وحذرناهم بشدة من أي مساس به.

ونحن حتى اللحظة نتابع حالة الاختطاف، ونعمل بكل جهد ممكن من أجل الحفاظ على سلامته وإطلاق سراحه من أيدي تلك الجماعات الإرهابية، وكل مانريد هو الصبر على هذه المحنة من أهله بما يمكننا من تجاوزها.

• كيف تقرؤون مستقبل اليمن في ظل التحديات والانقسامات المتواصلة؟

- إن أوضاع اليمن ليست خافية على أحد، وبلادي تواجه تحديات عديدة، وتعاني من إشكاليات شديدة التعقيد وهناك إجماع لدى كل القوى والتنظيمات السياسية حول جملة هذه المشكلات.

ولكن بعد 21 فبراير 2012م حدثت انفراجات مهمة لأن الشعب وجد فرصة حلها بإعلاء سقف الشرعية والمشروعية السياسية التي منحها وبتلك النسبة العالية للرئيس عبدربه منصور هادي. وبذلك نكون قد نجحنا في إلغاء حالة الاضطراب النفسي والسياسي بوجود مرجعية سياسية مسنودة بالإرادة الشعبية وبدعم ورعاية إقليمية ودولية.

ولكن يبقى التحدي الاقتصادي هو الأساس وهو مربط الفرس ــ كما يقال ــ لأن الأزمة وما تبعها قد عملت على إعاقة حركة التنمية وعطلت مصالح قطاعات واسعة من أبناء المجتمع، الأمر الذي يوجب على الأشقاء والأصدقاء من رعاة المبادرة الخليجية أن يضاعفوا من مساندة اليمن، لأن استمرار الاستقرار الاقتصادي والإنمائي يسهم في تماسك وترابط المكونات المجتمعية، ويمنع من تدهور الأوضاع عامة في البلاد.

الملك عبدالله داعم لليمن

• كيف تنظرون إلى سياسة خادم الحرمين الشريفين التي اتبعها طيلة الفترة الماضية ومنذ توليه مقاليد الحكم على كافة المستويات، وخاصة المستوى الأمني والسياسي ؟

- حقيقة أن استراتيجية السياسة السعودية قائمة على خدمة الجوار العربي، ودعم القضايا العربية وإسهامات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز محل تقدير عربي وإقليمي وعالمي. والكثيرون يرون أنه أدخل مضامين واستراتجيات جديدة في العلاقات العربية ــ العربية والعربية الدولية. ونحن نرى في السياسات التي اتبعها خادم الحرمين الشريفين قدرة وحنكة سياسية كبيرة على الإدارة الذكية لحزمة من الملفات الشائكة في التعامل مع أزمات المنطقة والتي تمكن من خلالها نقل المملكة إلى مصاف الدول العالمية. وخادم الحرمين الشريفين ظل على الدوام سباقا لاستشراف ما يتطلبه المستقبل. وأعني مستقبل الأمة العربية والإسلامية، وكل أطروحاته تحظى بإجماع عربي ودولي وهو كان ولايزال خير معين للشعب اليمني في أصعب ظروف عاشها، وخفف بوقفاته الكريمة من أعباء جمة كان يعيشها شعبنا وسيحفظها له التاريخ في أنصع صفحاته.