كنا تطرقنا في الجزء الأول من مقالنا " مآزق المشهد السياسي اليمني والحلول الممكنة " وتحدثنا فيه عن التدخل الفارسي المجوسي عبر الحوثيين ونواصل اليوم الى المأزق الثاني :
التدخلات الغربية والدور المشبوه لجمال بن عمر :
أكبر خطأ فادح ارتكب فى اليمن هو السماح للدول الغربية أن تكون مراقبة ومسيطرة على كل الأمور فى اليمن ، وساهم في ذلك الرئيس هادي وأحزاب المشترك ، معوّلين على هذه التدخلات أنها ستمنع تدخلات الرئيس السابق / علي صالح من التأثير على حرف الموقف السياسي لصالحه ، لكنهم وقعوا من حيث لا يعلمون في مآزق الحلول الداخلية والخارجية ، وتم بناء مواقف تلك الدول بناء على مصالحها الإقتصادية وسيطرتها السياسية ، بالإضافة إلى تنوع الصراعات وتقاطع المصالح بين تلكم الدول ، فنحن نعلم أن الصراع الروسي الصيني من جهة والأمريكي البريطاني الفرنسي من جهة صراعًا عالميًا محتدمًا فيما بين الفريقين ، وهذا أدى الى عكس تلك الصراعات العالمية بينهما إلى الصراع في اتخاذ كثير من المواقف التي تخدم اليمن ، مما جعل علي عفاش والحوثيين يستغلونها في تشتيت كل الجهود المبذولة للحلول السلمية ، وعدم مبالاتهم وجرأتهم على العرقلة للتسويات السياسية ، من ثم فأي مواقف دولية عبر مجلس الأمن يمكن أن تتخذ ضد أي طرف معرقل يتم عرقلته من قبل الطرف المعادي للآخر بالفيتو ، وكثيرة تلك القرارت التي تم تعطيلها ، وهي فى الأساس لا تمت لخدمة اليمن بصلة بسبب تلكم المناكفات والصراعات المبطنة ، وتم استدعاؤها إلى المشهد السياسي اليمني بخبث ، بل وأدى قيام الحوثيين والعفاشيين بأعمال تخريبية وعسكرية تمزّق البلاد لعلمهم اليقيني المسبق أن هناك دولاً ستدافع عنهم وستوقِف أي قرارات ضدهم .. ثم هناك أطراف أخرى مثل فرنسا لها مصالحها الإقتصادية فى اليمن وعلى وجه الخصوص صفقات الغاز المجحفة تم استغلالها سياسيًا ضد البلاد وكذلك أمريكا ووفقًا لأجنداتها استخدمت نفوذها الأممي في تنفيذ إستراتيجيتها في ضرب المشروع الإسلامي المعتدل فى اليمن وتحجيم دوره فى اليمن وسعت بكل جهدها للعبث فى المشهد السياسي اليمني من خلال الحوثيين وإقناعهم الرئيس هادي بتمرير مثل هذا المخطط ، وقد أدى ذلك العبث إلى إسقاط صنعاء وكثير من المحافظات بأيدي الحوثيين والعفاشيين ، ولم يرعوا حينها أن هذا العبث الخبيث سيؤدي بالبلاد إلى الخراب والدمار ، بل ولم يشكل لهم أي قلق يذكر ..
ثم يأتي الدور المشبوه لجمال بن عمر الذي أتى إلى اليمن منقذًا ، وقد أحبه الناس والأحزاب السياسية باعتباره يخدم مصالح اليمن ، لكن وجدناه وفي لحظة فارقة ينقلب على عقبيه ، وصار يسير في فلك المخطط الأمريكي الإماراتي الإيراني ، فافتضح أمره للقاصي والداني فى الداخل والخارج ، أنه أمعن في تأجيج الصراعات ، وساهم مساهمة فاعلة في إسقاط صنعاء بالترتيبات المريبة مع الحوثيين ...
فكيف يمكن الخروج من هذا المأزق العويص ، وقد ارتهنت بلادنا للبند السابع ، وصار عصا غليظة بيد مجلس الأمن ضد كل من لا يحلو لها من أي طرف يعارض سياستها الخارجية الخبيثة ، يضاف إليه أن الدعم الخارجي هو أيضًا عامل ضعف قاهر لكل قرار حر يمني ، وكيف لمن لا يملك المال أن يكون له قرار
وهل بالإمكان الآن إعادة القرار ليكون يمنيًا خالصًا وتتلاعب به كل الأطراف الخارجية من كل جانب فهذا مستحيل ، إلا أن يصل اليمنيون إلى اتفاق لحل كل أزماتها المتراكمة ، وهذا فى الوقت الحالي من المستحيلات ، وأقل حل يمكن الركون عليه فى الوقت الحالي هو أن تلجأ اليمن لشيقيقاتها في دول الخليج وعلى وجه الخصوص السعودية ، نظرًا للروابط والمصالح المشتركة ، والعمق الإستراتيجي الذي يمثله اليمن للسعودية ، وأن يتم حسم كل القضايا العالقة دون التفريط فى السيادة ..