حيث الإنسان يصنع السعادة لصانع سعادة الأطفال.. رحلة التنقل بين محطات الألم والحرمان.. تفاصيل الحكاية
بشكل عاجل الرياض توفد طائرة خاصة الى مطار سيئون وتستدعي رئيس حلف قبائل حضرموت وقائد قوات الحماية الحضرمية
في موقف مخزي.. الرئاسة الفلسطينية تدين تصرفات حماس وتصفها بـ ''غير المسؤولة''
حسن نصرالله «يعيد» طبيبة لبنانية علوية من أمريكا الى لبنان بالقوة
اليمن تعلن موقفها من القصف الإسرائيلي على قطاع غزه
الحوثيون ينهبون مخازن برنامج الغذاء العالمي بمحافظة صعدة
الكشف عن اسم قيادي حوثي قُتل في الغارات الأمريكية الأخيرة
سلسلة غارات أمريكية دمرت مخزنًا سريًا استراتيجيًا داخل معسكر للحوثيين في الحديدة
تقرير حقوقي شامل بين يدي العليمي.. توجيهات رئاسية بتسهيل عمل لجنة التحقيق الوطنية والتعامل بمسئولية مع ما يرد في تقاريرها
شرطة مأرب تقيم البرنامج التوجيهي الرمضاني لمنتسبيها في الوحدات الأمنية بالمحافظة
ها هو الشهر الفضيل يطوي أيامه القلائل ويهم بالرحيل عنا، جاءنا كريماً ويغادرنا كريماً، ولكن السؤال هل أكرمنا وفادته؟ وهل أعطيناه قدره ومنزلته؟ وهل راعينا حقوقه فأديناها؟ ومحظوراته فاجتنبناها؟ هل عملنا بمقتضاه؟ وهل ختمناه كما بدأناه؟ هل وهل وهل، أسئلة كثيرة ينبغي أن نطرحها على أنفسنا قبل ساعاته الأخيرة، هذا إذا كنا فعلاً نحبه كشهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
الكمال لله وحده، ومن ادعاه منا فليتأكد أنه أخطأ الطريق وسلك درباً غير درب التقوى، فكلنا خطائون وخير الخطائين التوابين، وذلك مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم\" ومن هذا المنطلق لا ينبغي أن نكابر وندعي أننا الخيرون وسوانا أهل السوء، ولكن خطأٌ عن خطأٍ يفرق، ومسيئٌ عن مسيئٍ يختلف، والعبرة بالاستغفار مع عدم الإصرار على الذنب.
ولهذا فقد رغم أنف من أدرك هذا الشهر الفضيل ولم يغفر له، كما قال صلوات ربه وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم: \"رغم أنفه من أدرك رمضان ولم يغفر له\"... هل نعي معنى هذا الحديث الشريف الذي يلخص علاقتنا بربنا تعالى من خلال تعاملنا مع الناس عبر شهر الصوم؟، وبالأحرى هل يعرف من اقترفوا الموبقات الكبار فيه، ولو صلوا وصاموا وقاموا وتصدقوا، فما يفعل الله تعالى بكل تلك الأعمال إذا لم تقترن بالتقوى، وتقوى الله تعالى تتجلى في خدمة عبيده وتهيئة ظروف حسنة لصومهم.
رغم أنفه -من أدرك رمضان- وما زال مصراً على قطع التيار الكهربائي –منفعة لجهة ومضرة لأخرى- كيف يدعي الاسلام وهو يُجهز على المرضى في المستشفيات، وعلى الأطفال والشيوخ والعجائز في المنازل، كيف يريد أن يضيئ الله قبره وهو بعمد يجعلهم يتسحرون ويفطرون في الظلام، ويضلون طيلة ساعات اليوم في حر شديد، هل يعرف مقدار حر نار جنهم التي سيذيقه الله منها جراء ما فعله بعبادة خاصة في شهر رمضان إذا لم يبادر بالتوبة والإقلاع نهائياً عن هذه الجرائم .
رغم أنفه -من أدرك رمضان- ولم يقلع عن قتل إخوانه الآمنين –سواءً مدنيين أو عسكريين- ألم يفكر في يوم القصاص حين يقول المقتول لرب العزة –وهو سبحانه أعلم بذلك- سله لماذا قصف عمري، أي لماذا قتلني بغير ذنب ولا جريرة سوى لأنه ينفذ أوامر من يعيثون في الأرض فساداً وإفسادا.. هل يعي القاتل اليوم أي موقف سيقفه يوم لا ينفعه شيخه ولا قائده ولا زعيمه ولا قبيلته ولا حزبه ولا طائفته، فلكل واحد منهم يومئذٍ شأن يغنيه عنه، لو أدرك ذلك لما طاوعته نفسه على قتل نفس مسلمة بغير قصاص شرعي في حدٍ من حدود الله.
رغم أنفه -من أدرك رمضان- ولم ينتهي عن أذية جيرانه سواء بحفر خندق، أو إقامة متراس، أو أسلاك شائكة.. فالطريق أرض الله جعلها لمنفعة عبيده، فبأي حق يتقطع فيها الخارجون لا أقول على القانون، بل الخارجون عن طاعة الله عبر ترويع الآمنين وقطع طرقهم وجعلهم في سجون كبيرة، فالسجن ليس زنزانة داخل معتقل، بل هو تقييد حرية الناس عن الانتقال من مكان إلى آخر لقضاء حوائجهم.
رغم أنفه -من أدرك رمضان- ولم يترك أنابيب النفط –التي يقتات منها الشعب – سالمة من التفجير الذي لا يؤذي المسئولين بقدر ما يزيد الأزمة الاقتصادية على البلاد والعباد، فمن يسره أن تخسر بلده، وأن تستعطف الآخرين لإغاثتها ليس بيمني، وإن حمل جنسيتها –على الورق- أما دماؤه فليست كدماء الشرفاء من أبناء اليمن.
رغم أنفه -من أدرك رمضان- من التجار، ولم يغادر الجشع قلبه، وإن تظاهر بالصدقة، وإفطار الصائمين، فصدقات التجار فتاتها للمحتاجين، أما المسؤولين فرشوتهم لا تخرج إلا في رمضان بصرف مئات الألاف من الريالات لشخص واحد، فيما المسكين لا يمنح إلا ألف أو الفين على أكثر تقدير، فأي زكاة يبتغي بها التجار –إلا من رحم ربي- وجه الله تعالى وهي تعطى في رمضان لجني منفعتها ولقضاء حاجاته في المصالح الحكومية طيلة العام، وأي زكاة تقبل، وهو يصر على رفع الأسعار وينتهز الشهر الفضيل ليزيد غلته، فيما يزيد العوّز والحاجة لدى الفقراء.
رغم أنفه -من أدرك رمضان- وأهمل عمله الحكومي، وتفرغ –للشحت- بين التجار، فلم نكتفي بأننا الأقل دواماً -من حيث عدد الساعات- وانتاجاً -من حيث الخدمة المقدمة للمراجعين- ورغم ذلك لا يزور الموظفون مؤسساتهم إلا في ثلاث حالات أولها عند توقيع الحضور وثانيها توقيع الانصراف وثالثها عند استلام الراتب والإكرامية، فهل سأل الموظف نفسه هل أديت حق الله وحق عباده وحلّلت الراتب الذي أتقاضاه؟.
رغم أنفه -من أدرك رمضان- وهو مُصرٌ على المبيت في الطرقات والأسواق لا لشيئ إلا ليغازل الفتيات ويعاكسهن بسيئ القول والفعل، ونسيّ أو تناسى أن له عائلة يمكن أن تصادف نذلاً مثله، ألم يعلم أن هناك أناس قائمون يصلون التراويح والتهجد، وهو قائم على ما لا يرضي الله وما يذهب المروءة بين الناس.
نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا وسائر المسلمين من عتقاءه في هذا الشهر الفضيل، ومن الذين تنزلت عليهم رحمات ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وأن يصلح ولاّة المسلمين عامة وولاّتنا في اليمن خاصة، وأن يهيئ لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير، وأن يهديَ الرعاة الى العدل والرعية الى الطاعة، وأن يحقن دماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن ينصرهم على كل معتد وغاصب ومعادٍ لله ولرسوله... وخواتم مباركة وكل عام وانتم بخير.