رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
في أيار مايو العام 2011 أطلق رامي مخلوف، إبن خال الرئيس السوري بشار الأسد، وواجهة النظام الإقتصادية تصريحه الأثير: أمن "اسرائيل" من أمن سوريا!
كان لهذا التصريح دلالات عميقة توضّح مرحلة طويلة من العلاقة المبهمة و الغير مفهومة بين النظام السوري والعدو الصهيوني.
عانى الشعب السوري منذ وصول الأسد الأب إلى السلطة بحجة العداء للكيان الصهيوني، مما استدعى إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية منذ وصوله للسلطة، ليقضي بشكل كامل ومبرم على الحياة السياسية والديمقراطية في سوريا التي كانت مزدهرة في هذه البلاد قبل الأسد، وربما ساعده المناخ الديمقراطي الذي كان سائداً وقتها في الوصول للسلطة بانقلابه على رفاقه في العام 1970 حيث أنهى وصوله جبهة الجولان بعد أن مُنعت فصائل المقاومة الفلسطينية من تنفيذ عملياتها العسكرية من هذه الجبهة، والتي كانت مشتعلة قبل وصول آلـ الأسد للسلطة، لابل أنه كان من شروط الإنتساب لحزب "البعث العربي الإشتراكي"، أن يُنفّذ العضو الراغب بالإنتساب للحزب عملية ضد العدو ما لم يكن من عائلة مالكة و معروفة.
اعتُبرَت جبهة الجولان الجبهة الأهدأ على الإطلاق طيلة فترة حكم آلـ الأسد، ويعرف الشعب السوري أن لهذا النظام خطابان فيما خص هذا الكيان الغاصب. الخطاب الأول: وهو يتحدّث عن ضرورة استعادة الجولان وباقي الأراضي العربية المحتلة بقوة السلاح وعن طريق المقاومة التي عملت على كل الجبهات في فترات متباعدة وغير منتظمة، اللهم باستثناء جبهة الجولان كما أسلفنا قبلاً.
الخطاب الثاني: ويتحدّث عن السلام وضرورته، وهذا ما لن يتم إلا بالجلوس مع هذا العدو على طاولة مفاوضات واحدة، ولو من باب الواقعية السياسية للتفاوض معه على حل يحفظ "أمننا وأمنه" في الأراضي التي احتلها قبل أيار مايو العام 1967.
وبناء عليه، وانسجاماً مع خطابه الثاني، بدأ النظام مفاوضاته مع العدو بعد العام 1994 ، أي بعد توقيع اتّفاقي "أوسلو" بايلول 1993 مع الفلسطينيين، و"وادي عربة" مع الأردنيين بعدها بعام . وكلنا يذكر حينها الجولات المكّوكية بين دمشق و تل أبيب لوزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر، والتي لم تسفر عن شيء ملموس، باستثناء تثبيت مبدأ التفاوض كنهج لحل الأزمة "المزمنة" بين العدوين، لنكتشف قبيل الثورة السورية مباشرة أن النظام ومنذ العام 2005، كان يفاوض العدو الصهيوني في اسطنبول سرّاً برعاية تركية (قيل وقتها أن عدد جولات التفاوض السرية وصل إلى 5).
ما يهمنا هنا، هو الإضاءة على أن هذا الملف لم يتقدّم قيد أنملة طيلة (40) عاماً، لا بل، كان عامل ابتزاز للشعب السوري على الدوام، فالعداء للكيان الصهيوني هو ما يضفي على هذا النظام شيئاً من "الشرعية الوطنية"، وهو الحريص على بقاء الحال على ما هو عليه، بحيث يحفظ بقاؤه، وهو القائم وفقاً لحالة توازن تعبّر عن نفسها بالآتي: حالة اللاحرب، وللاسلم!
بعد قيام الثورة 2011 مباشرة، سارع النظام لإتّهام شعبه بالعمالة للعدو الصهيوني، حيث عمل إعلامه بشكل حثيث على فبركة هذه التهمة وإلصاقها بالشعب السوري، منطلقين من قناعة مؤدّاها: أن هذا النظام، يستمد "شرعيته الوطنية" من هذه القضية، وأنه النظام العربي الوحيد "الممانع" و الذي مازال يحافظ على مسافة واضحة من هذا العدو، وعليه، فإنه إذا نجح بكسب الرأي العام العربي على الأقل، فسيكون مبرراً له، قتل شعبه، وسحق حراكه الثوري دون أن يرف له جفن.
حاول النظام أن يجبر شعبه على طلب الإستغاثة من العدو الصهيوني لتثبيت اتهامه له بالعمالة، فقام بهجمات لا تخلو من القتل عن طريق الإعدامات الميدانية للناشطين الميدانيين، وحرق البيوت بعد سرقتها وتهجير ساكنيها، واعتقال من يرتأي، لإجبار الناس فعلاً على طلب الإستغاثة ولو من الشيطان. (وهنا أراني مجبراً على القول: أن ما فعلوه، صورة طبق الأصل عمّا يفعله العدو الصهيوني بسكان الأراضي التي كان يحتلّها).
في المقابل، نشهد حالة تشوّه ثقافي تجلّت في الشعور بتراجع التعبير عن العداء الشعبي للعدو الصهيوني، بينما أصبح التعبير عن العداء لإيران التي تدعم النظام بكل إمكاناتها، هو الأبرز.
إذاً، الشعب السوري تراجع تعبيره عن العداء للكيان الصهيوني، بينما برز بوضوح عداءه لإيران، (لأسباب كتيرة، تبدأ بدعم النظام على قمع الشعب، ولا تنتهي بأسباب ذات بعد طائفي، ليس هذا السياق مناسباً لتوضيحها).
مشكلتنا الأكبر، هي في سكوت طبقة "المثقفين"، وأغلبهم معارضين للنظام، وانسياقهم بردود أفعالهم على ممارسات النظام وأدائه، بحيث لم يعد هناك فارق بين معظمهم، والمواطن البسيط المسحوق، في النظر للقضية الفلسطينية، أو للكيان الصهيوني ككيان غاصب ومعادي، على أراضينا، وكأنّهم يعملون وفق القاعدة التالية: أين يكون النظام، نكون بالإتّجاه المعاكس!، مثال على ذلك: عندما يقصف العدو الصهيوني -وهو فعلها مراراً وتكراراً في السنوات الماضية- أهداف للنظام على الأراضي السورية، يصيبهم الذهول، أو يخطئون بتهكّمهم على النظام عندما يطلبون منه الرد على الإعتداء الصهيوني، مُفترضين أنه لن يجرؤ (وهو بالفعل لم يجرؤ في كل الحالات المتكرّرة). إلا أن إحراج النظام شيء، وبناء موقف مبدأي واضح من القضية الفلسطينية والأراضي المحتلة شيء آخر.
في أيار مايو 2011 أطلق رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، وواجهة النظام الإقتصادية تصريحه الأثير: أمن "إسرائيل" من أمن سوريا!
لكن ماذا عن "مثقفينا" بعد سقوط نظام آلـ الأسد؟
*كاتب سوري