الزواج السياحي..
بقلم/ موقع محيط
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و يومين
الأربعاء 25 مارس - آذار 2009 07:20 ص

هي تعلم أنها زوجة مؤقتة, سيتركها زوجها بعد مدة لا تتجاوز عدة أشهر, إتفقوا عليها عند عقد القران, دفعها الفقر وأحياناً ضغط الأهل لإتمام هذه الزيجة, فالزواج من السائح الثري أو رجل الأعمال صفقة لا ينبغي عليها أن تخسرها, ليولد بمجتمعاتنا نوع جديد من أنواع الزواج التي تفرزها ظروف المجتمع كل فترة, فيما يعرف "بالزواج السياحي"...

فالمسافر سواء بغرض السياحة أو بغرض العمل يقدم على الزواج بفتاة من أهل هذا البلد, تنتهي علاقته بها بمجرد إنتهاءه من سفره هذا أياً كان مدته والتى بكل الأحوال لن تتعدي السنة..

حكم الشرع في الزواج المؤقت معروف, لكن البعض يدافع عن هذا النوع من الزواج لأنه من شأنه أن يحصن هذا الزوج ويقيه من الإنحراف.. , ولكن ظهرت لهذا الزواج العديد من الأضرار التي ترتبت عليه, كأن يرزق الله هذين الزوجين بطفل, فهل عندها سيتحول هذا الزواج المؤقت إلي دائم , أم أن هذا الإبن لن يري أبوه مطلقاً, وهل سيحمل جنسية والده, وهل هذا سيكون متاحاً دون مشاكل, عديد من من تزوجن بهذه الطريقة وقعن فريسة لهذه الإشكاليات وهذه المعاناة...

يلقي رواجا بالأوساط الخليجية

ويلقي هذا النوع من الزواج رواجاً كبيراً في الأوساط الخليجية، حيث إن هذه الظاهرة كانت منتشرة في السعودية ثم إنتقلت إلى باقي دول الخليج.

والطريف أن رجال الأعمال يحرصوا على اشتراطات معينة لابد من توافرها في زوجات هذا النوع من الزواج، ومن أهمها، إجادة اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة، ورشاقة القوام، وجمال الوجه، واللباقة، وأن لا تجد مانعاً في حضور الحفلات الخارجية والتي تستدعي السفر والاختلاط.

وقد كشفت دراسة ميدانية أجريت أخيراً عن الآثار الإجتماعية التي تسببها ظاهرة الزواج السياحي, أن نسبة أكبر من العائلات التي ترتضي الزواج السياحي لبناتها هي عائلات متوسطة الحال بنسبة 57.5 % تليها بفارق كبير العائلات الفقيرة التي شكلت نسبة 30 % فقط من عدد العينة المدروسة

وبينت الدراسة والتي إستهدفت40 فتاة من الفتيات اللاتي جربن هذا الزواج, أن ضحايا هذا الزواج الصيفي في الغالب من الفئات العمرية " 20 ـ 24 عاماً بنسبة 38% تليها الفئة العمرية من 15 " 19 عاماً" بنسبة 35 % وجاءت في المرتبة الدنيا الفتيات من الفئة العمرية "25 ـ 29 عاماً"" بنسبة 20% من إجمالي العينة.

كما تبين أن غالبية فتيات الزواج السياحي من ذوات التعليم الثانوي بنسبة % 30 تليها ذوات الشهادات الابتدائية بنسبة 22.5 % وحلت ثالثاً الفتيات من ذوات الشهادات الإعدادية بنسبة 17.5 % تليها فئة الجامعيات بنسبة 12.5 % ثم من يُجِدن القراءة بنسبة 7.5 % فيما تساوت نسبة الفتيات اللواتي يحملن شهادات الدبلوم من مثيلاتهن الأميات بنسبة 5 %.

مصر تتصدر الدول العربية في الزواج السياحي

ورغم رواج هذا النوع من الزواج في منطقة الخليج, إلا أن دراسة فرنسية حديثة صادرة من جامعة السوربون أجراها البروفيسور جيرار نيتش, أشارت إلي تصدر مصر قائمة الدول العربية التي ينتشر فيها ما يعرف بالزواج السياحي.

في الحين الذي تحدثت فيه تقارير عن ظاهرة زواج أبناء مدينة الأقصر السياحية من سيدات كبيرات في السن, وبلغ عدد حالات الزواج السياحي في العام 2007 أربعين ألف حالة.

قانون يمني خاص لتنظيمه

وفي اليمن تفاقمت مشاكل هذا النوع من الزواج, والذي إحتل الأزواج السعوديون المرتبة الأولى في عدد زيجاته, بشكل كبير, فكانت قد أشارت إحصائيات رسمية إلى أن حالات ما يعرف في اليمن بـ "الزواج السياحي" إرتفعت خلال النصف الأول من عام 2006 إلي (470) حالة منها (333) موافقة زواج أجانب بيمنيات, فيما بلغت خلال النسبة نفس العام 2006 م بالكامل نحو (849) حالة، وفي العام 2005 م كانت النسبة (785) حالة.

وقد أكدت رئيسة الإتحاد العام لنساء اليمن رمزية الإرياني إلى أن الإتحاد تصل له قضايا كبيرة جداً عن الزواج السياحي ومشاكله فيما بعد الزواج.

مشيرة إلى أن هذه الظاهرة إنتشرت أكثر في محافظتي المحويت وإب وبعض المحافظات الأخرى منذ عام 2003، حيث كانت قبل ذلك مجرد حالات قليلة وعادية ولم تصل إلى مستوى الظاهرة ، كما ذكرت جريدة "البيان".

وعن إنتشار هذه الظاهرة باليمن بهذا الشكل الكبير قالت الإرياني: "هؤلاء السياح الذين يزورون اليمن من الدول الشقيقة يرجعون إلى بلدانهم ويحكون لأصدقائهم انه في اليمن من السهولة أن تتزوج لمدة شهر وتعطي لأهل الزوجة فلوساً وكأن شيئاً لم يكن، وبدأ هؤلاء يأتون إلى اليمن ويفعلون كما فعل أصدقاؤهم".

وقدّر عدد الأزواج من ذوي الجنسية السعودية خلال النصف الأول من عام 2007 بنحو (166) زوج سعودي ، وفي عام 2006 بحوالي (378) حالة زواج سعودي بيمنية ، وفي العام 2005 بنحو (359) حالة زواج سعودي بيمنية .

وجاء حاملو الجنسية الإماراتية في المرتبة الثانية أي بنحو (59) حالة عام 2007، و85 حالة في عام 2006، و82 حالة في عام 2005، فيما توزعت بقية حالات الموافقات لزواج أجانب بيمنيات بين أكثر من 50 جنسية من مختلف أنحاء العالم.

وقد جعلت مشاكل هذا الزواج الحكومة اليمنية تصدر قانونا خاصا لتنظيمه, فقد أشارت مصادر رسمية إلى أنه منذ عام 2000 م، لا يسمح القانون ليمني أو يمنية الإقتران بأجنبي إلا بعد الحصول على موافقة من وزارة الداخلية في اليمن، وموافقة السلطات في بلد الطرف الآخر .

إجراءات تعرقل هذا الزواج بالمغرب

وفي المغرب يشغل السعوديون أيضاً النسبة الأكبر من الزواج بمغربيات حسب إحصاء رسمي، وقد إتخذت الحكومة المغربية أيضاً إجراءات للقضاء على هذا النوع من الزواج والحفاظ على حقوق الزوجات، ومنها إشتراط موافقة الزوجة الأولى على زواج الخليجيين بمغربيات، وإجراءات أخرى جعلت مثل هذه الزيجات أكثر صعوبة.

حكم الشرع

أما عن حكم الشرع في هذا النوع من الزواج المؤقت, فنكاح المتعة من الأنكحة الباطلة المحرمة، بإجماع المسلمين، فلا يجوز لأحد الإقدام عليه .

وقد نقل الإجماع على حرمته وبطلانه الإمام ابن المنذر، والقاضي عياض والخطابي والقرطبي وغيرهم. وروى البخاري ومسلم من حديث الحسن وعبد الله ابني محمد ابن الحنفية عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية".

وروى مسلم في صحيحه عن سبرة الجهني أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة،فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا".

وزواج المتعة هو ما يتم في عقده تحديد المدة أما الزواج بنية الطلاق دون إعلام وإخبار بذلك في العقد،فقد اختلف فيه العلماء، ومذهب الجمهور جوازه، لأن النية أمرها في القلب، وقد تتبدل،والأولى ترك ذلك،لما فيه من الغش الذي لا يرضاه الإنسان لنفسه ولا لبناته وأهله.

وقد ذكر موقع الشبكة الإسلامية أنه لا يعرف في مصطلح الفقهاء المتقدمين ما يسمى بالزواج السياحي، ولكن إن كان المقصود بالزواج السياحي هو ما يفعله البعض من الزواج فترة مقامه في بلد ما للنزهة أو الراحة أو الدراسة أو نحو ذلك، مع نيته الطلاق عندما تنتهي فترة راحته أو دراسته، فالجواب أن هذا هو النكاح مع نية الطلاق بدون اشتراط وهو مختلف فيه بين أهل العلم، والجمهور منهم على جوازه،

والزواج بنية الطلاق: لا يخلو من حالتين: إما أن يشترط في العقد بأنه يتزوجها لمدة شهر أو سنة أو حتى تنتهي دراسته فهذا نكاح متعة وهو حرام، والعقد فاسد, وإما أن ينوي ذلك بدون أن يشترطه، فمذهب الجمهور عدم منعه، والمشهور من مذهب الحنابلة أنه حرام وأن العقد فاسد، لأنهم يقولون: إن المنوي كالمشروط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه، ولأن الرجل لو تزوج امرأة من شخص طلقها ثلاثا من أجل أن يحللها له ثم يطلقها فإن النكاح فاسد، وإن كان ذلك بغير شرط ،لأن المنوي كالمشروط، فإذا كانت نية التحليل تفسد العقد فكذلك نية المتعة تفسد العقد. هذا هو قول الحنابلة.

والقول الثاني لأهل العلم: أنه يصح أن يتزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها إذا فارق البلد كهؤلاء الغرباء الذين يذهبون إلى الدراسة ونحو ذلك، قالوا: لأن هذا لم يشترط، والفرق بينه وبين المتعة أن المتعة إذا تم فيها الأجل حصل الفراق شاء الزوج أم أبى، بخلاف هذا فإنه يمكن أن يرغب في الزوجة، وتبقى عنده وهذا أحد القولين لشيخ الإسلام ابن تيمية. وهذا الكلام صحيح، من جهة أنه لا ينطبق عليه تعريف المتعة، ولكن لقائل أن يقول إنه محرم من جهة أنه غش للزوجة وأهلها، وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الغش والخداع.

* محيط ـ هبة رجاء الدين