مناقشات بين وزارة الخارجية اليمنية و السفارة الصينية
الرئيس السوري أحمد الشرع يوقع على مسودة الإعلان الدستوري في البلاد
حسم الجدل بشأن صحة ''ركلة'' ألفاريز لاعب أتلتيكو مدريد
الحكومة الشرعية تُطمئن المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين بعد قرار أمريكا حظر دخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة
عيدروس الزبيدي يزور المهرة بموكب مدرع وبشكل استعراضي وآليات عسكرية مد البصر لتأمينه .. فهل يشعر بالخوف ام يتعمد استفزاز الجنوبيين .
أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني
مبابي يعود لقائمة فرنسا أمام كرواتيا بدوري أمم أوروبا
أسعار الذهب تصل الى مستويات قياسية جديدة في ظلّ تهديدات ترامب؟
قرار أمريكي بحظر دخول المشتقات النفطية إلى اليمن عبر ميناء الحديدة
تفاصيل لقاء عيدروس الزبيدي مع سفيرة بريطانيا
أهم موقف خلال ال 48 ساعة الماضية كان اعلان جماعة الحوثي رفضها للأقاليم الستة المقرر ان تعكسها مسودة الدستور التي ستعلن الاثنين القادم.
الموقف الرافض للأقاليم كان متوقعاً ، بخلاف ما أعلن عن موافقتهم عليها في مؤتمر الحوار ، وبخلاف ما كانت التكهنات تذهب الى اشتراطهم إضافة محافظتين لإقليم " آزال " وميناء بحري.
ومع رفض الأقاليم الستة ، تبقى الجملة ناقصة في ظل إحجام الجماعة عن تحديد موقف واضح من مقترح الإقليمين الشطريين ، الذي لا زالت بعض القوى تأمل أن يكون بديلا لقرار الرئيس عبد ربه باعتماد مشروع الأقاليم الستة ، وتراهن على إقناع الحوثي بهذا المشروع ، مستخدمة قنوات تأثير متعددة داخلية وخارجية.
المواقف الرافضة لمشروع الأقاليم والفيدرالية عموما موجودة في الشارع اليمني وتحظى بتأييد واسع النطاق ، وتنطلق من المخاوف على مصير اليمن والكيان الوطني ؛ إذا ما طبقت الفيدرالية والأقاليم في ظل حالة اللادولة التي وصلت اليها اليمن اليوم ، وفي ظل بيئة تفتيتية في المنطقة العربية ، تطرح فيها مشاريع الفيدرالية كصيغة للتجزئة والتفكيك ، وليس كصيغة للحفاظ على تماسك الكيانات القطرية للدولة الوطنية التي أخذت مكانها في النصف الثاني من القرن العشرين عقب ثورات تحررية نتج عنها رحيل الاستعمار في بعض البلدان ، وسقوط الأنظمة الملكية في البعض الآخر.
وفي اليمن تعاظمت هذه المخاوف في ظل نقاش المشروع الفيدرالي في طل بيئة انقسامية حادة لم يتم معالجتها عقب ثورة فبراير 2011، وفي ظل سلطة انتقالية فاقمت من غياب الدولة وزادتها ضعفا على ضعفها القديم ، حتى وصل الامر الى بروز سلطة ميليشياوية موازية على ارض الواقع سيطرت على العاصمة وعدة محافظات شمالية منذ أواخر سبتمبر الماضي.
غير أن كل من يرفض الأقاليم لا يقف على نفس الأرضية التي يقف عليها الحوثيين ، ولا ينطلق من نفس المنطلق
فمن أي منطلق يتحرك الحوثيين في رفضهم للأقاليم ؟
هل هم مثل كثيرين يرفضونها لانهم يرون فيها تفتيتا لليمن ، وتجاوزا للأولويات التي تفترض أن استعادة وجود الدولة وهيبتها وسلطتها على كل جغرافيا الجمهورية اليمنية هي الأولوية القصوى الان ؟
أم أنهم لا يأبهون لوجود الدولة ، ويرفضون الأقاليم من زاوية تكريس نظام الهيمنة القديم ، ولكي يستكملوا الحلول محل الدولة دون عائق دستوري يقيدهم ؟
هل هم ضد الأقاليم الستة ، لانهم مع إقليمين شطريين ، أم انهم ينطلقون من منطلق وطني يرى إقرار الأقاليم في ظل الألغام التي تضمنتها وثيقة بنعمر ، وفي ظل حالة اللادولة داخليا ، وحالة الحضور الاستعماري الجديد في المنطقة العربية ؛ يرى ان ذلك تفتيتا وتقسيما لليمن ، وليس من أجل الحفاظ على كيانها الوطني في ظل دولة اتحادية ؟
هذه التساؤلات بدأت تثار الان ؛ وتتخذ من قياس مواقف الحوثيين على ارض الواقع المؤشر الأهم وليس فقط موقفهم المعلن من الأقاليم.
ولن يكون ممكنا الوقوف على التوجه الحقيقي للجماعة الصاعدة من هذه الأبعاد المرتبطة برفض مشروع الأقاليم الستة ، من دون اقترانها بمواقف عملية على الأرض. وتحديدا فإن ذلك يقتضي من الحوثيين توضيح موقفهم من :
1- مسألة الإقليمين الشطريين
2- مسألة عودة الدولة لممارسة سلطتها الحصرية كجهة شرعية وحيدة ومعنية بإدارة مؤسساتها ، وتولي مهامها
إذا وضحت هذه النقاط ، وأبدوا استعدادهم لفتح المجال لعودة الدولة ؛ يمكن أن يكون موقفهم من الأقاليم ومسودة الدستور فرصة مهمة لعودة الرشد ، وبناء تحالف وطني واسع النطاق ؛ تكون حركتهم جزءاً أصيلا منه
وضوح موقفهم من الإقليمين الشطريين لا يكون فقط بالتصريحات التي أطلقها عبدالملك الحوثي في خطابات سابقة وحملت مؤشرات على رفض " الانفصال ".
فتوسع الجماعة الذي تسعى بشكل حثيث للوصول به الى الحدود الشطرية السابقة ، من خلال التركيز في الأسابيع الماضية على التحضير لاجتياح محافظة تعز ؛ يكشف أن الجماعة ليس فقط تسعى الى الهيمنة والحلول محل الدولة ، بل واقتران تقويض الدولة مع تزايد احتمالات التجزئة التي ستكون أمرا واقعا إذا ما وصل توسع الحوثيين الى الحدود الشطرية السابقة ووقفت هناك ، الامر الذي سيعتبر ترسيما للحدود وليس فقط تحديد خيار الإقليمين الشطريين على الأرض. وحتى ذهابها لاستكمال السيطرة على المحافظات الجنوبية يبعث برسالة هيمنة جديدة ، في الوقت نفسه الذي يخفض من احتمالات الانفصال والتقسيم فيما اذا اكتفت بالسيطرة على محافظات الشمال .
هذه المؤشرات والاحتمالات المتوقعة منها تضع الجماعة أمام خيار واحد يمكن أم يفتح الباب لعودتها الى المسار الوطني الذي تتحقق عندها مصلحة اليمن واليمنيين وتكون الجماعة جزءاً فعلا فيه : رفض الأقاليم الستة ، ورفض الإقليمين الشطريين في نفس الموقف ، والقبول بعودة الدولة لممارسة مهامها كسلطة وحيدة معنية بإدارة البلد ؛ بما يقتضيه ذلك من وقف الهيمنة على مؤسسات الدولة باسم اللجان الثورية ، وسحب " لجانها الامنية " وإفساح المجال لعودة الجهاز الامني للدولة ، والتعاون معه لكي يستعيد توازنه.
هي استحقاقات صعبة على جماعة قطعت أمرها على ما يبدو باتجاه السيطرة والحلول محل الدولة ، بل وفرض هيمنة على المجتمع وفضاءاته التجارية والمدنية والعامة كلها .
غير أنها تبقى ممكنة في ظل المصاعب التي تزداد وتتضاعف أمام الجماعة ، وتزايد الغضب الشعبي من هيمنتها وسيطرتها وممارساتها وانتهاكاتها التي أصبحت سمة يومية للواقع المخيف الذي تعيشه البلاد في ظل حالة من الغموض واللادولة وتوقع الأسوء في العام القادم الذي يبدأ بعد ايام ، في ظل اقتصاد يشارف على الانهيار .