نهاية مأساوية لمدرس وزوجته وابنه .. وأخر يفشل في بيع إحدى كليتيه بصنعاء الحوثيون يشيعون ستة من قياداتهم العسكرية بالعاصمة صنعاء أكثر من 43 برجا بدون تراخيص ومخالف للمواصفات.. محافظ إب بيع التراخيص وينهب الشوارع برعاية حوثية من مدير مكتب الأشغال دراسة دولية...ألمانيا تواجه أزمة سياسية واقتصادية متفاقمة.. وهذه أسبابها؟ تفاصيل اتفاق السيسي وترامب بخصوص الحرب في غزة وفاة امرأة بانفجار لغم في مديرية نهم ومنظمة شُهود تحمل الحوثيين المسؤولية يوتيوبر مصري يكشف لحظات الرعب وتفاصيل إختطافه من قبل مليشيات الحوثيين الإرهابية قائد عسكري يتفقد جبهات محور الباحة بين تعز ولحج إيران حول قدرتها على تصنيع النووي: ''آية الله أفتى بحرمة ذلك'' بيان عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويشدد على ضرورة الإنسحاب الكامل للإحتلال من قطاع غزة
ما يحدث هذه الأيام في اليمن أمر مقلق للغاية من الناحية الأمنية، ليس في معدل ارتفاع الجريمة وحدوثها، بل في نوعية الجريمة وتفاصيلها، في أدواتها ومكانها وتوقيتها، أمر ليس محزن فقط، بل مقلق ومخيف جدا .
من المُسلمات ان كل هذه الجرائم من مخرجات الجماعات الإرهابية التي اعتادت على تفجير القنابل في الشوارع عشوائيا لتدمر بلادها وتقتل أبناءها وتلطخ جدران الوطن بالدماء لحساب الذين يدفعون هنا وهناك .. في الحقيقة لم اعد قادرا على استيعاب أفعالها وجرائمها، فجرائم كهذه تشرئب لها الأبدان، و يندى لها الجبين، فهل بلغت الوحشية ببني الإنسان حد كهذا من قبل، هل أصبح في مجتمعنا أناس انسلخت من جلدتها الإنسانية حتى أصبحت اقرب الى الحيوانات المفترسة .. أصبحوا لا يميزون بين المعقول واللامعقول، بين الأخلاق و الدنس .. بين القيم والشهوة، في حين أن جرائم كجرائمهم مرفوضة حتى في زمن الجاهلية وعبادة الأوثان .
كل هذا غريب ان يحدث في بلد يعرف عنه التحفظ والتمسك بالعادات والتقاليد المتأصلة في بيئته الإجتماعية، ولكن علينا ان ندرك ان حضور العادات والتقاليد بمفردها وبشكل "جامد" لا تكفي لإقناع الناس بالتمسك بالأخلاق، فانعدام الوازع الديني والتصور الشامل للعقيدة الأخلاقية هو الأساس ولولاه لا تنفع عادات ولا تقاليد .. اغلب من يقوم بممارسة عبادة من العبادات ما عاد يمارسها خوفا من الله او إتباعا لأمره بل خشيةً من توبيخ المجتمع "الحاضر" اكثر من الدين والمنظومة الأخلاقية . ورد ما يقال ان الأخلاق والقيم الُمثلى لا تقوم إلا على أساس من عقيدة، تضع الموازين وتقرر القيم وتصيغ الجزاء وتوقعه على الملتزمين والمخالفين .. مالم فتظل هذه الأخلاق متأرجحة بلا ضابط ولا سلطان، حيث ان المنظومة الأخلاقية لابد ان تنبثق في المجتمع من تصور اعتقادي شامل .
ان الإسلام اليوم كأخلاقيات وقيم ومبادئ ومثل وإنسانيات رفيعة لا وجود له في الميدان .. وان وجد فوجود باهت .. خافت النبرة .. فالإسلام الحقيقي والمنظومة الأخلاقية أيضاً، غائبان عن المعركة ولا وجود لهما إلا في عيون دامعة ونفوس مكبوتة وقلوب كظيمة ومشاعر فوارة .
تقديرنا ان هذا الغياب هو ما يمثل الدافع الرئيس لكل الجماعات المتطرفة لصناعة جرائمها "اللاأخلاقية" .. فالإسلام ليس من صنع التطرف، بل ان كل نماذج التطرف والإرهاب في الوطن العربي صنيعة «قاعدة الاستبداد » اولاً .. وتفكك المنظومة الأخلاقية ثانياً، ففي ظل تواجد الإسلام الحقيقي «المعتدل» و الحريات والمنظومة المتكاملة للأخلاق لا يمكن أن ينمو فكر التطرف والإرهاب أو التعصب الديني، الذي ينتج كرد فعل لأي فكر يغلق الباب عليه بالقوة . وهذا بذاته ما واجهته هذه الجماعات من إغلاق الأبواب أمام أفكارها حتى تولد لديها تطرف ديني يحمل السلاح ويفجر القنابل ويرفع شعارات لا تمس للإسلام لا من قريب ولا من بعيد، حتى صار يتاجر بالإسلام وأخلاقياته ومُثله .
على الحكومات ان تدرك ان الإنتصار العسكري على الجماعات الإرهابية لايكفي، فلا بد من وجود انتصار فكري يساند ذلك ويتوازى معه زمانا ومكانا .. فأي فكر خاطئ وهدام لا يحارب الا بفكر اخر سليم، يصور للشعب أضراره وخطورته و يحميهم منه ومن مخالبه. لذلك فإن غياب الإسلام الحقيقي وأخلاقياته أصبح سببا جوهرياً في نمو الأفكار المتطرفة وصناعة إرهابها خصوصا بعد الثورة حين وأعلنها البعض ( مدنية - مدنية ) متخوفين من عبارة ( دولة إسلامية ) او حتى ( مدنية – إسلامية ) .
ماعلينا فعله في الوقت الراهن هو تولي زمام الأمور الأمنية، وفهم طبيعة الأمور في الدنيا ووضع الأولويات، والعمل على تبني الإسلام الحقيقي المعتدل، وبناء المنظومة الأخلاقية للأمة من جديد وعلى أسس واضحة ومتكاملة تنبثق من عقيدة، كي لا نجعل غيابهما سببا للتطرف مرة اخرى. يتوجب علينا ايضا ابتداع نظام لا يهمش الدين ويغيبه او يجعله حبرا على ورق، ولا يلغي الحداثة والمعاصرة و" المدنية " في آن معا. هذه الأمور بحد ذاتها وبمجملها سنجد لها حضوراً بارزاً ان فتشنا في كتب حضارتنا .. ولكن بعد ان نعلن مصالحتنا لهويتنا الإسلامية .