رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
الكلّ في اليمن يريد العودة الى الماضي مع استثناء واحد. هذا الاستثناء هو «الشرعية» ممثلة بالرئيس الموقت عبد ربّه منصور هادي الذي لا يمتلك ماضيا يستطيع العودة اليه. الّا اذا كان الماضي استعادة عهد علي عبدالله صالح وشخصية الرجل. يمكن للتخلّص من عقدة صالح المساعدة في تأمين انتقال اليمن الى مرحلة جديدة لولا وهم القدرة على إعادة الحياة الى الدور الذي لعبه الرئيس السابق كرئيس للجمهورية العربية اليمنية ثم للجمهورية اليمنية بعد تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990.
تعود احدى المشاكل الأساسية الى غياب المشروع السياسي الواضح لمستقبل البلد وما يفترض ان يكون عليه بعد انفراط عقد الصيغة القديمة التي حكمت اليمن وتحكمت به بين 1962 و 1990، ثمّ بين 1990 و2011 عندما سعى الاخوان المسلمون الى اسقاط صالح ووراثته. ادّى ذلك الى سقوط المركز، أي صنعاء. انتقل الصراع في 2011 الى داخل اسوار العاصمة اليمنية، بما في ذلك الاحياء الداخلية.
مع اغتيال صالح، الذي كان اغتيالا على دفعات، من الظلم في المرحلة الراهنة الرهان على دور يمكن ان يلعبه الحزب الذي اسسه الرئيس الراحل في العام 1982 وهو «المؤتمر الشعبي العام». كان الاغتيال الاوّل لعلي صالح سياسيا عندما استغلّ حزب «التجمّع اليمني للإصلاح»، الذي تحوّل بعد وفاة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أواخر العام 2007، الى جزء لا يتجزّأ من تنظيم الاخوان «الربيع العربي» للاستيلاء على السلطة. ادّى ذلك الى سقوط الصيغة القديمة نهائيا وصعود صاروخي للحوثيين (انصار الله) الذين عرفوا كيف يكون ملء الفراغ الناجم عن المواجهة بين علي عبدالله صالح والاخوان المسلمين الذين أرادوا تصفيته جسديا في الثالث من يونيو 2011 في تفجير مسجد النهدين الواقع في حرم دار الرئاسة.
يريد «المؤتمر الشعبي» العودة الى الماضي، لكن مشكلته تكمن في ان صالح لم يعد موجودا. كان وجوده يستطيع تحريك كلّ اليمن. كان «المؤتمر» موجودا في كلّ زاوية من اليمن. في الشمال والجنوب والوسط. كان صالح، رغم الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها، بما في ذلك مساعدته في نشوء التيّار الحوثي وربطه بايران، اكثر يمني يعرف اليمن. يستحيل مع غيابه إعادة الحياة الى «المؤتمر الشعبي». هذا حزب يمتلك ماضيا، لكنّه لا يمتلك مستقبلا رغم قاعدته الشعبية العريضة ورغم الأفكار التي ينادي بها والتي تقوم على الاعتدال. هذا حزب ترعرع في حمى السلطة وكان وسيلة للتسلّق لدى كثيرين. لم يعد معروفا حاليا من يمثل «المؤتمر». هل هي الشخصيات التي لا تزال في صنعاء وتعيش في ظلّ الإرهاب الحوثي، ام تمثله الشخصيات التي انضمّت الى «الشرعية» او تلك الشخصيات المحترمة الموجودة خارج اليمن والتي رفضت ان تكون مرتبطة بالرئيس الموقت وما يمثّله؟
ليس وضع الاخوان افضل بكثير من وضع «المؤتمر» رغم انّ هؤلاء يستفيدون من مغانم «الشرعية» ولديهم وجود فيها. لكن الاخوان منقسمون على نفسهم، اذ بينهم من اقام علاقات مع الحوثيين، وهم يترحّمون من دون شكّ على تلك الايّام التي كانوا فيها يبتزون علي عبدالله صالح. كانوا يشاركونه في السلطة والثروة مستفيدين من المشاريع التي كانت تذهب لبعض قياداتهم، بما في ذلك تلك المرتبطة بالاتصالات او النفط او الثروة السمكية.
عبدالملك الحوثي يريد بدوره العودة الى الماضي، أي الى عهد الامامة. لذلك اعلن بعد سيطرة «انصار الله» على صنعاء عن انّ هناك شرعية جديدة هي «الشرعية الثورية» وانّ «ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014» حلت مكان «ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962» التي كانت انقلابا عسكريا قضى على العهد الامامي. لا يستطيع الحوثي إعادة الحياة الى العهد الامامي في بلد يحتاج اوّل ما يحتاج الى مشروع مرتبط بثقافة الحياة وليس بثقافة الموت المستوردة من ايران.
ليس لدى الحوثي ايّ مشروع سياسي او اقتصادي او تربوي او ايّ شيء من هذا القبيل باستثناء ربط اليمن، او على الاصحّ جزء من اليمن بالمشروع التوسّعي الايراني الذي يستهدف المملكة العربية السعودية وكلّ دولة من دول الخليج العربي. يختزل الانتماء الى الماضي، الذي عفا عنه الزمن، طموح الحوثيين الذين يعتقدون ان نشر الفقر والبؤس والتخلّف يمكن ان يبني دولة في القرن الواحد والعشرين. لديهم مشروع من دون افق لن ينتهي قبل استنفاد الغرض من قيامه.
لا مكان في اليمن للامامة مجددا حتّى لو ارتدت ثوبا مذهبيا إيرانيا. هناك طريق مسدود امام الحوثيين. كانوا يصلحون في مرحلة معيّنة لدور أراد علي صالح منهم لعبه، أي ان يقيموا توازنا مع الاخوان الذين أرادوا التمدد في كلّ اليمن وان يحرموا الرئيس السابق من ممارسة اللعبة التي كان يتقنها، وهي لعبة قائمة على ان يكون في دور الحَكَم في أي صراع داخلي بين الأحزاب او القبائل اليمنية، وحتى داخل كلّ حزب من الأحزاب او قبيلة من القبائل.
من الطبيعي ان يكون في الجنوب من يريد العودة الى الماضي، أي الى ما قبل الوحدة. هذا حلم مشروع لولا ان الجنوب اثبت انّه لا يستطيع ان يكون دولة واحدة موحّدة. منذ استقلّ الجنوب في العام 1967 وهو مسرح لحروب أهلية لم تنته فصولها بعد. لولا هذه الحروب لما كانت الوحدة في 1990.
يطرح هذا الوضع السؤال الكبير. هل تستطيع «الشرعية» تقديم مشروع للمستقبل، خصوصا ان ليس لديها ماضيا تستطيع ان تحلم به او ان تكون أسيرة له، اللهمّ الّا اذا كان هناك من يتصوّر ان في استطاعته ان يكون علي صالح آخر. وهذا من رابع المستحيلات.
قد تكون هناك حاجة الى إعادة تكوين «الشرعية»، رغم حاجة التحالف العربي الذي يخوض معركة دفاع عن النفس من خلال «عاصفة الحزم» الى هذه «الشرعية». ما تشمله إعادة تكوين «الشرعية» البحث عن مشروع لليمن الجديد لا يأخذ في الاعتبار الحاجة الى محاربة المرض والجوع والفقر فقط. ما يبدو مطلوبا اكثر من ايّ وقت هو مشروع يأخذ في الاعتبار ان اليمن جزء من منظومة امنية إقليمية تمتد من الخليج العربي الى القرن الافريقي. هل في «الشرعية» من يستطيع استيعاب هذا الواقع وان مطار عدن ليس مطارا عاديا يبحث عمّن يستغل المنطقة الحرّة فيه كي يبيع بضاعته.
ما يبدو مطروحا هو الخروج من عقدة اسمها اليمن الواحد الذي يحكم من صنعاء، الى اليمن الذي يشكّل منطقة استراتيجية ذات حدود مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وشاطئ يمتد من الخليج العربي... الى البحر الأحمر. في وسط هذا الشاطئ باب المندب الذي يتحكّم بكل الملاحة في قناة السويس. بكلام أوضح، ثمّة حاجة الى مشروع مستقبلي لليمن من منظور امني استراتيجي قبل ايّ شيء آخر. هل هناك «شرعية»، حتّى لو كانت موقتة، قادرة على ذلك، أي قادرة على امتلاك تصوّر للمستقبل؟