آخر الاخبار

تعرف على تشكيلة الوزراء في حكومة تصريف الأعمال السورية بعد خلع الأسد شرطة المنشآت بمحافظة مأرب تختتم العام التدريبي 2024م وتكرم منتسبيها تزايد السخط الشعبي ضد الحوثيين في مناطق سيطرتهم ومتحدث جبهة الضالع يتوقع سقوطهم القريب محافظة إب تغرق في جرائم القتل والاختطاف في ظل هيمنة مليشيا الحوثي عاجل: مطار صنعاء يخرج عن الخدمة وسقوط ضحايا مدنيين وتدمير واسع في غارات شنها طيران الاحتلال ايران تهدد رسميا بنشر الفوضى والطائفية في سوريا وابتعاثها خلال أقل من عام عاجل.. طائرات حربية تشن سلسلة من الغارات الجوية على أهداف بالعاصمة صنعاء عاجل: انفجارات عنيفة الآن تهز العاصمة صنعاء والإعلان عن سقوط قتلى ''فيديو والمواقع المستهدفة'' اللواء العرادة يشدد علي تعزيز التعاون بين اليمن ومصر لتأمين الممرات المائية وأهمية باب المندب بالنسبة لقناة السويس الرئيس العليمي يوجه بصرف علاوات سنوية لكافة منتسبي السلطة القضائية.. تفاصيل اجتماع حضره بن مبارك والمعبقي

حين تهزأ واشنطن بالجميع
بقلم/ محمد كريشان
نشر منذ: شهرين و 10 أيام
الأربعاء 16 أكتوبر-تشرين الأول 2024 07:31 م
 

“هل تراك تهزأ بي؟!”… هكذا قال الرئيس الأمريكي جو بايدن مستغربا وهو يرد على صحافي يسأله عما إذا كان اتصل مؤخرا بالرئيس السابق دونالد ترمب.

إذا كان بايدن رأى في مجرد سؤال كهذا، من أمريكي لرئيسه، استفزازا يلامس الاستخفاف به شخصيا فماذا الذي يمكن أن يقال وبايدن نفسه وإدارته يستخفون بالعالم كله وهو يكرر دون ملل منذ أكثر من عام أن واشنطن تعمل على وقف إطلاق النار وتحث إسرائيل على تجنب استهداف المدنيين وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة؟!!

ماذا عسى أن يقول الفلسطينيون، ومعهم أحرار العالم، وهم يرون بايدن وكامل إدارته يدمنون الكذب، منذ أكثر من عام، وهم يعلمون تماما أنه كذب صريح، ومع ذلك يحاولون استغباء الجميع وكأنهم من السذاجة بحيث يصدقون كل ما يثرثرون به، وتقريبا بنفس المفردات، دون أدنى خجل أو تحفظ.

لقد بلغ السيل الزبى ولم يعد ممكنا انتقاء الكلمات في الحديث عن الموقف الأمريكي ومعظم الموقف الأوروبي (عدا بعض الدول التي تستحق التحية وأوساط شبابية ونشطاء ما زالوا يتظاهرون إلى اليوم). هذا هو “العالم الحر والمتحضر” الذي ظل لعقود يقدم نفسه نموذجا وحيدا وأعلى لأنبل قيم الإنسانية والحرية إلى درجة تنصيب نفسه أستاذا يحاضر على بقية العالم. لقد عرّت حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي هذا العالم كما لم يفعل أي حدث ذلك من قبل إلى درجة حرمانه حتى من مجرد ورقة توت يستر بها عورته فبدا عاريا مفضوحا بكل قبحه، الظاهر منه و”ما تخفي صدورهم أكبر”.

 

انتظروا قريبا جيلا فلسطينيا جديدا كافرا بالعدالة الدولية وبكل ما يقال عن تسوية سلمية مع عدو لا حدود لوحشيته

 

لم يعد هناك مجال، لا لواشنطن ولا لحلفائها وحلفاء إسرائيل في أوروبا وغيرها، لأي فذلكة في صياغة المواقف مما يجري حاليا في قطاع غزة، كما أن “قاموس البهلوانيات” في التعبير الدبلوماسي استنفد كل مفرداته القديمة والجديدة فبات عاجزا عن أن يقول أي شيء ذي معنى أو دلالة، خاصة وأن هؤلاء جميعا هم من يمدون إسرائيل بكل أنواع السلاح وكل ما تحتاجه من دعم مالي سخي. لقد تعطلت لغة الكلام بعد كل هذه الأشهر من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة وصولا في اليومين الماضيين إلى قصف المدنيين في مركز تموين وتوزيع مساعدات في مخيم جباليا ذهب ضحيته العشرات، وكذلك التوحش الذي فاق كل تصور حين أحرق العشرات من اللاجئين أحياء مع خيامهم في دير البلح، في محيط مستشفى شهداء الأقصى، وفي منطقة صنفها الاحتلال نفسه بأنها “منطقة آمنة”!! لقد ارتكب الاحتلال في يوم واحد 4 مجازر أودت بحياة 62 وأصابت 220، عدا عن العشرات يوميا، مما رفع أعداد الشهداء إلى أكثر من 42 ألف منذ الثامن من أكتوبر العام الماضي.

“لقد تقطعت كل حبال الرجاء ولم يبق سوى رجاؤنا في الله”… قالها باكيا على شاشة قناة “الجزيرة” منير البرج المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، وعلى غراره يمكن أن يقال إن كل الحبال التي كانت تنتظر دورا ما، أمريكيا أو غربيا أو أمميا، لوقف حرب الإبادة هناك قد تقطعت هي الأخرى بالكامل، ولكل ذلك تداعياته الخطيرة التي لا أحد يقدرها الآن حق قدرها.

انتظروا قريبا جيلا فلسطينيا جديدا كافرا بالعدالة الدولية وبكل ما يقال عن تسوية سلمية مع عدو لا حدود لوحشيته. هذا الجيل ليس مستعدا أن يضحك على ذقونه أي كان بمفردات معسولة عن “حل الدولتين” وعن ضرورة القبول بإسرائيل دولة طبيعية في المنطقة، جيل لن يقبل سوى بكنس الاحتلال عن أرضه مهما بلغت الأثمان بعد كل ما عايشه في قطاع غزة مما تجاوزت فظاعته بكثير ما رواه له الآباء والأجداد من حروب سابقة منذ النكبة عام 1948.

انتظروا قريبا جيلا عربيا جديدا لن يكون مقتنعا بشيء اسمه “مجتمع دولي” كان يفترض أن يكون عموده المركزي قانونا دوليا وضع بعد الحرب العالمية الثانية ليفصل في كل النزاعات عبر مؤسسات أقيمت لهذا الغرض من الأمم المتحدة إلى “محكمة العدل الدولية” إلى “المحكمة الجنائية الدولية” ليتضح أن كل ذلك إنما وضع فقط للرجل الأبيض العنصري، المسيحي واليهودي، وليس لغيره مما ينظر إليه على أنهم أقل قيمة منه بكثير. هذا كله سيغذي بدوره أجواء كراهية، بل حرب حضارات ضارية حذر من ويلاتها بعض المفكرين والعقلاء في الغرب نفسه.

انتظروا خريطة أخرى في المنطقة في أمد ليس بالبعيد جدا، ولكن ليس تلك التي يمني بها نتنياهو نفسه، ومعه واشنطن. سنرى أنظمة عربية تسقط وأخرى تقوم لأن حالة الوهن والمذلة التي أظهرتها معظم الدول العربية تجاه ما حدث لغزة، وما خلفته لدى شعوبها من قهر وإحباط لا يمكن إلا أن تولد تغييرات عميقة لا يعرف مداها حاليا وخاصة في الدول المحيطة بفلسطين. لن تعود المنطقة أبدا إلى سكونها العادي وكأن شيئا لم يكن فالطوفان كان شديدا ومدمرا ولنتذكر ما حدث بعد نكبة 1948 في المنطقة من تحولات كبرى. هذه المرة ستكون التحولات أعمق وأشد بكثير، عندها فقط سنعرف حقيقة من استخف بمن.