آخر الاخبار

صحفيات بلا قيود: حرية الصحافة في اليمن تواجه تهديدا كبيرا.. وتوثق عن 75 انتهاكا ضد الصحفيين خلال 2024. مركز الإنذار المبكر يحذر المواطنين في تسع محافظات يمنية من الساعات القادمة بشكل عاجل أردوغان يكشف عن أرقام اقتصادية تذهل العالم بخصوص الصادرات التركية خلال 2024 لماذا اصدرت وزارة الداخلية اليمنية قرارا بمنع تشغيل المهاجرين الأفارقة في عدن؟ وزير الخارجية الأمريكى: فوجئنا بسرعة سقوط نظام الأسد وإيران في وضع لا يسمح لها بالشجار .. عاجل وزير الخارجية الألماني والفرنسي في غرف التعذيب بزنازين صيدنايا سيئ السمعة بسوريا وزيرة خارجية ألمانيا بعد لقائها أحمد الشرع: حان وقت مغادرة القواعد الروسية من سوريا وزير الخارجية الفرنسي من دمشق يدلي بتصريحات تغيظ إيران وحلفاء امريكا من الأكراد بعد تهرب الجميع.. اللواء سلطان العرادة ينقذ كهرباء عدن ويضخ الى شريينها كميات من النفط لتشغيلها هكذا سيتم إسقاط الحوثيين عسكريا في اليمن .. تقرير أمريكي يكشف عن ثلاث تطورات ستنهي سيطرتهم نهائيا ...كلها باتت جاهزة .. عاجل

الصراع الدموي ليس من الدعوة
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 16 سنة و 6 أشهر و 24 يوماً
الإثنين 09 يونيو-حزيران 2008 07:25 م

نصوص الكتاب والسنة تدعو إلى الدعوة بالحسنى واللين والرفق والحكمة والتدرج حسب الطاقة في إقناع الناس برسالة الإسلام العظيمة وعدم إرهابهم فكرياً أو السيطرة على عقولهم بقوة السلاح، فقد قال سبحانه وتعالى لرسوله: (لست عليهم بمصيطر)، وقال: (لا إكراه في الدين)، وقال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وقال: (إن عليك إلا البلاغ)، ولكن للأسف فإن بعض الداعين إلى الإسلام فهموا النص خطأً، وقرأوا الرسالة غلطاً، فقاموا بمشروع دموي تصادمي مع الحكّام ولو كانوا ظلمة، وهذا خلاف المنهج الإسلامي الصحيح، يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».

فكلما اجتمع في بعض البلاد جماعة للدعوة وبدأ نفعهم وأثرهم الطيب في تصحيح أفهام الناس وتربيتهم على النهج القويم سوّل لهم الشيطان مصادمة الحاكم، فقام خطيبهم يصيح: من يبايعني على الموت، وكلما استبشرنا خيراً بطالب علم وبدأ يصلح عقائد وأفكار الناس ترك ذلك كله أمام زهو الجمهور وإعجاب المحبين وهتف في الحضور: (يا خيل الله اركبي)، فيؤخذ إلى الزنزانة، ويوضع بين أربعة جدران حتى يخرج أحدهم ولسان حاله يقول: (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ). وبعض الجماعات الأخرى تطلب منازلة الحاكم من على المنابر، ونسيت أن ثكنات الجيش وطوابير العسكر ومخازن السلاح أكبر من المساجد والمخيمات والمعسكرات الكشفية، فيُسحب هؤلاء المجتهدون المغرر بهم ممن نقص فهمهم للدين فيُعذَّبون ويُذبحون ويُسلخون ويُجلدون، وتُشرَّد أسرهم، وترمّل نساؤهم، ويُيتَّم أطفالهم، فلا يستفيد الآخر من الأول، وأين الاعتبار (فاعتبروا يا أولي الأبصار)، (مصائب قوم عند قوم فوائد)، هل هذه الممارسات صحيحة في الإسلام؟ أما كان منهجه (ص) اليسر لا العسر، والرفق لا العنف، والحكمة لا الطيش ولا التهور؟ حتى وصفه ربه بذلك فقال: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)، وقال له: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، حتى إنه (ص) في العهد المكي لم يواجه الجاهلية بالقوّة بل بقي يدعو ويربي ويصبر على الأذى، ويصحح عقائد الناس، ويزكي نفوسهم، ويطهر ضمائرهم، ويجتث الشر من أرواحهم حتى أسس أعظم وأعدل دولة في العالم، وقال له بعض أصحابه: لو قتلت رأس المنافقين عبدالله بن أُبيّ بن سلول؟ فقال (ص): «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه»، ولكن في العصور المتأخرة تُرك هذا المنهج تماماً عند كثير من الدعاة وكثير من الجماعات الإسلامية، وآثروا المواجهة الدموية مع الأنظمة الحاكمة ولو كانت ظالمة، وسلكوا العنف وحملوا السلاح وتمنوا لقاء العدو، فعُطِّل مشروع الدعوة، وأُغلقت حلقات العلم، وأوقف النفع العام، ومُنعت الكلمة الطيبة، وشُوِّهت الدعوة، وفُتِحت السجون، وانقسمت الشعوب بين عدو وصديق ومحب ومبغض، ثم نُسب هذا كله إلى الجهاد الإسلامي، وهذا خطأ في فهم المصطلحات الإسلامية والمقاصد الشرعية؛ لأن غالب من يوجه هذه الجماعات والطوائف ليسوا من علماء الشريعة الراسخين في العلم، فمنهم الطبيب والمهندس والمبتدئ ونصف المتعلم والعامي، ودفعت الأمة ضريبة هذه الأخطاء سواء من صفوف الدعاة أو من صفوف العسكر أو من سمعة الإسلام أو من حياة الأطفال والنساء، فهل آن لنا أن نكون شجعاناً، وندرس ملفات الماضي بصدق ووضوح، ونأخذ منها العبر والدروس، ونزنها بميزان الشرع على خُطى رسول الله (ص)، ولا نبقى في هذا النفق المظلم نفق المواجهات الدامية والصدام المسلح بين الحاكم والمحكوم، ونخسر رسالتنا ونكون سبباً في نار فتنة تأكل الأخضر واليابس؟ أيها الدعاة اقرأوا المشروع الرباني النبوي الحضاري لرسولنا (ص) فهو الإمام القدوة والنبي المعصوم الذي أُمرنا باتباعه وحده بدون سواه (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).

* الشرق الأوسط