مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات الكشف عن إستراتيجية جديدة وضربات اوسع ضد الحوثيين
تبدو اليمن كسفينة تتأرجح وسط أمواج وعواصف عاتية من كل حدب وصوب.. قد يكون الربان صلباً بما فيه
الكفاية لعدم الاعتراف والمغالبة، لكن الذين على السفينة يضعون أيديهم على قلوبهم بانتظار لحظة النجاة..
ما الذي يمكن تسجيله أثناء العبور؟ ما لذي ينتظرنا؟
الجنوب من الحقوق إلى العقوق!
ظل المرجل الجنوبي يغلي طيلة عقد ونيف على نار هادئة، وقودها الأخطاء التي مارسها النظام، وأفرز مؤخراً احتجاجات حركة المتقاعدين وبقية الفعاليات بداية 2007م، وتشكلت جمعيات لاحتواء هذه الفئات وكانت فكرة تكوينها وليدة مبكرة في 2000م تقريبا وحين بدأت حركتها كانت تحت سقف مطلبي سلمي يتعلق بحقوق صودرت بعد حرب 94م، وقد حذر العميد ناصر النوبة في يونيو 2007م، السلطات من أن احتجاجات المتقاعدين الجنوبيين ستخرج بعد 7/7/2007 من نطاق المطالب الحقوقية إلى إطار المطالب السياسية ما لم تسارع إلى حل المشكلة، وحدث بالفعل ما حذر منه حين طالب في فعالية عقدت بداية أغسطس 2007م بحق تقرير المصير لما سماه بشعب الجنوب.
وتحت ضغط ذلك الحراك نزلت السلطة بجحافلها بداية اكتوبر الماضي إلى عدن ورابطت شهرين متتالين وشكلت العديد من اللجان لاستيعاب مطالب المتقاعدين وامتلأت صفحات الجرائد بأسماء من أعيدوا إلى أعمالهم، وفيما أعلنت السلطة الرسمية حل القضايا العالقة وصفت قيادة الحراك الجنوبي ذلك بالتسطيح واستمرت فعالياتها التي بدأت تتحول من إطارها المطلبي إلى إطار سياسي أهم معالمه مصطلح القضية الجنوبية الذي ظلت الصحافة ردحا من الزمن تتحاشى التعاطي معه، وتحت ضغط الحراك ذابت حواجز الخوف ليتحول ذلك المصطلح إلى واقع يعيشه الكل بلا استثناء، والسبب كما يراه الدكتور ياسين سعيد نعمان أن السلطة لم تتمكن من إقناع الناس بأنها أنتجت دولة وطنية تمثل مظلة للجميع.
وخلال الفترة الماضية دفع بعض قادة الحراك الاحتجاجات نحو مطالب انفصالية طالبت بالاستفتاء على الوحدة وحق تقرير المصير، وأعلنت سعيها نحو الحصول على الاعتراف المحلي والدولي بالقضية الجنوبية، في تلك الأثناء حاولت أحزاب اللقاء المشترك الانخراط في صفوف تلك الفعاليات والإسهام في توجيه دفتها نحو النضال السلمي وقد ووجهت حركتها بالرفض الشديد من قبل بعض قيادات الحراك الجنوبي كما أن النظام الحاكم قلل من أهمية دور تلك الأحزاب حين صرح بأن الشارع هو من حرك المشترك، وكما يرى الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي علي مقبل عباد فإقصاء المشترك ومحاولة إبعاده عن قيادة حركة الاحتجاجات، كان بهدف عزل هذه الحركة ومحاصرتها وتوفير الظروف المناسبة للإجهاز عليها، وقد نشبت لاحقا خلافات حادة بين القيادات الجنوبية دفعت بالبعض إلى مقاطعة بعض الفعاليات.
معارضة الخارج لم تكن بمعزل عن الحراك الجنوبي فقد كانت على تواصل مستمر حيث عقدت لقاءات بين بعض القيادات ذات الثقل السياسي والجغرافي، وبين الفترة والأخرى كانت تظهر عبر تناولات إعلامية متقطعة في بعض القنوات العربية إلا أن تطورا مهما طرأ مؤخرا عبر معظم الشاشات العربية المهتمة بالتغطية الخبرية التي ناقشت ما يحدث في محافظات اليمن الجنوبية، فمثلا استضافت قناتا الحرة الأمريكية والـ BBC البريطانية اثنين من قيادات «تاج» الشهر الماضي وقد فسر البعض ذلك أنه رسالة أراد القائمون على تلك القنوات إيصالها لصانع القرار.
الشارع وحده في الجنوب ظل وقودا لصراع مكونات الحراك الجنوبي الذي تشظى عن «متقاعدين، ملتقيات تصالح، مشترك» وكل طرف يحاول فرض رؤيته وخطابه على واجهة الفعاليات التي تنفذ، ولاحقا انقسمت ملتقيات التصالح والتسامح فذهب طرف للتصعيد خارج الإطار الوطني بينما ظل خطاب الطرف الثاني بسقف منخفض، ودخلت على الساحة أطراف تحلم بعودة «السلطنات والمشيخات» وهذه قامت بدعم عناصر متشنجة في الفعاليات والأنشطة تردد الشعارات الانفصالية.
السلطة كعادتها ربطت عينيها وسلكت طريقا معاكسا محاولة ترويض الشارع الجنوبي من خلال توزيع المناصب والملايين والسيارات ولم يدرك النظام الحاكم أنه بذلك يزيد من حجم الاحتقان ويوسع فجوة الحنق والغضب خاصة وأن من استهدفوا بالدعم هم شخصيات معروفة بولائها للمؤتمر الحاكم ووقوفها في الطرف الآخر من الفعاليات الاحتجاجية.
المعارضة والسلطة.. القطيعة الكاملة!
كان عام 94م عاما فاصلا بين السلطة والحزب الاشتراكي شريك الوحدة إذ أخرجته الحرب من معادلة الشراكة إلى مربع المعارضة «الملاحقة والإقصاء» ويعد عام 97م عاما فاصلا بالنسبة لحزب الإصلاح الذي كان يوصف بحزب الشدة للرئيس وشريك النصر.
إذ أخرجته الانتخابات التي تم التخطيط لها بدقة واستخدام كل وظائف الدولة تحت شعار الأغلبية الكاسحة، أخرجته أيضا من المعادلة الجزئية التي جمعته مع الحزب الحاكم.
ومنذ ذلك التاريخ وبالتدريج انضم الإصلاح لمجلس تنسيق المعارضة في لقاء تحالفي أطلق عليه اللقاء المشترك لحماية الهامش الديمقراطي من تغول المؤتمر الحاكم في مفاصل الدولة والحياة المدنية والسياسية وتماهى داخل أروقة السلطة بحيث يصعب التفريق بين الحزب الحاكم وأجهزة ووظائف الحكومة وكذا بقية المؤسسات.
حاولت أحزاب المعارضة الخوض في حوارات مستمرة مع الحزب الحاكم في سبيل حيادية اللجنة العليا وحيادية الجيش والأمن ووسائل الإعلام والوظيفة العامة والخزينة العامة وأبرم من أجل هذه النقاط اتفاقات عديدة لم تثمر سوى منصبين شكليين في اللجنة العليا للانتخابات قبيل الانتخابات الرئاسية.
ومع تكرار العمليات الانتخابية في اليمن فقدت جدواها ودب اليأس في نفوس الناس من مخرجات هذه العملية التي كررت صورة الحصان في دورة انتخابية وكان الحراك السلمي في الجنوب والعنف في الشمال أحد تجليات فقدان الثقة بالعملية الانتخابية وجدوى المراهنة على الصندوق الانتخابي.
وحاليا تخوض أحزاب المعارضة حوارات مريرة تدور في دائرة مفرغة حول هذه القضايا الجوهرية ومع فشل كل جولات الحوار يزداد القلق الداخلي والإقليمي والدولي وتصبح الأرضية في الداخل مهيأة لبروز تدخلات خارجية في حلحلة المشاكل اليمنية.
تمثل المعارضة عمقا شعبيا وتعبيرا اجتماعيا إلا أن السلطة باستمرار تحاول إضعاف هذه البنى والتشكيلات السياسية لصالح قوى التخلف والتشكيلات المتطرفة سياسيا ودينيا وهو ما يجعل المشهد المصحوب بترد اقتصادي خطير أقرب إلى فتيل قابل للاشتعال.
ويراهن المؤتمر الشعبي العام في حواره مع الأحزاب على انصياعها الدائم والرضوخ لمتطلباته في نهاية المطاف لكن المعارضة هذه المرة وبحسب قياداتها لن تقبل أن تكون شاهد زور لأن من شأن ذلك إخراجها من المسرح السياسي وعمقها الاجتماعي وهي تراهن على إحداث تعديلات جوهرية في بنية النظام الانتخابي لتتمكن من إحراز تقدم ملموس لتنقل برامجها إلى حيز التنفيذ.
فنحن إزاء معادلة طرفاها الشعب والصندوق الانتخابي فهل تستطيع المعارضة كسر الاستقواء بالأغلبية الكاسحة للمؤتمر؟ وهل يدرك المؤتمر أن فشل حواراته مع الأحزاب سيضع المشاكل الداخلية على الطاولة الإقليمية والدولية؟ وهو ما بدت ملامحه مؤخرا بسعي قوى معارضة في الخارج إلى إحداث تحركات دولية وتدويل الأزمة السياسية اليمنية.
حرب صعدة.. مسمار في خاصرة اليمن
حسين بدر الدين الحوثي قائد الحركة الحوثية أسهم بفعالية مع رموز منتمية إلى المدرسة الزيدية بتأسيس «حزب الحق» عام 1990، ونجح في أول انتخابات نيابية عام 1993 عن محافظة صعدة باسم ذلك الحزب مع صديقه عبد الله عيظة الرزامي.
وبعد تأسيس حزب الحق بسنوات نشب الخلاف داخل أجنحته بفعل رغبة السلطة في تفكيكه خاصة بعد اتهامه بمناصرة القوى الانفصالية في حرب 1994م، وقد علق عدد من قيادات الحزب عضويتهم واتجهت فئة أخرى إلى تأسيس منظمة الشباب المؤمن التي دعمت رسميا من الرئيس علي عبد الله صالح الذي قال «لقد جاءنا مجموعة من الإخوان وقالوا هؤلاء شباب مؤمن معتدل، لا يريدون أن يكون لهم ارتباط خارجي مع قيادة خارجية، ويريدون دعم الدولة، حتى يبتعدوا عن الارتباط والتبعية الخارجية، وفعلاً نالوا الدعم، على أساس أنهم شباب مؤمن».
الدعم الرسمي الذي تلقاه الحوثي وأتباعه مكنهم من التمدد والانتشار بصورة سريعة خلال سنوات قليلة واستهدف الدعم التأثير على نشاط قوى سياسية وحزبية فقد الحزب الحاكم تحالفه معها مثل الإصلاح والاشتراكي، ونقطة توازن مع التيارات السلفية التي تحظى برعاية رسمية، على حساب بزوغ قوة فكرية جديدة ستعيد ترتيب الساحة الدينية والسياسية من جديد وفق أجندة يمسك بها المؤتمر من جميع أطرافها، ويرتب أوراقها المبعثرة لتكوين توازن قوى لصالح السلطة.
حسين الحوثي الذي اعتزل العمل السياسي في 1997م وترشح بدلا عنه أخوه يحيى باسم المؤتمر بالبرلمان ومثله العديد من قيادات المؤسسة، بدأ نشاطه منذ عام 1997، بإنشاء مراكز دينية في مديرية حيدان، محافظة صعدة حسب تقرير أمني قدمه الدكتور رشاد العليمي وزير الداخلية إلى مجلس النواب، أطلق عليها اسم الحوزة، ثم امتد نشاطه بإنشاء مراكز مماثلة في بعض المحافظات والمديريات، وقام بتوسيع نشاطه، من خلال تلك المراكز.
ولأن حسين الحوثي انطلق في تحقيق أهدافه مستفيداً من الثورة الإسلامية في إيران.. فقد بدأ بترديد شعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام..)، مستفيدا من قصة الشعار وأثره في الثورة الإيرانية، باعتباره وسيلة تربوية تقيس حجم الأتباع وتربيهم على الانضباط، وقد أخذ هذا الشعار بالانتشار، فكتب على الجدران في محافظة صعدة ومحافظات أخرى، وطبع في ملصقات علقت في البيوت وعلى السيارات وفي أسوار البيوت، وظلت هذه الشعارات قائمة وحين صلى الرئيس في جامع الهادي بصعدة الجمعة التي تزامنت مع ذهابه للحج ردد المصلون عقب انتهاء الصلاة الشعار، ليجد أولئك أنفسهم في السجون مطالبين بالتخلي عن ترديده.
وعد مراقبون مرحلة ترديد الشعار بأنها تحول اتباع الحوثي من الفعل الديني إلى الفعل السياسي وهو ما أثار حفيظة النظام الحاكم الذي بدأ بمراقبة ورصد تحركات هذه الحركة ودخلت في مفاوضات معهم للتخلي عن الشعار لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، وتطورت لاحقا إلى المواجهات العسكرية التي اندلعت في صيف 2004م لتدخل اليمن بعدها في دوامة معقدة من الصراع الدموي الذي لا تعرف بدايته من نهايته.
ورغم توقعات البعض أن مقتل حسين الحوثي سيؤذن بانتهاء المواجهة إلا أن ما حدث هو العكس فتوسعت دائرة الحرب من مديرية حيدان إلى المديريات المجاورة وفي تطور لاحق لتشمل كل مديريات صعدة.
وتخللت تلك الحرب تهدئة من قبل الطرفين وتفاوض بغية الوصول إلى حل لإنهاء أزمة طاحنة خلفت المئات من القتلى والألوف من الجرحى ولا تلبث كل تهدئة أن يشتعل فتيلها من جديد، فمثلا قبل الانتخابات الرئاسية أعلن النظام الحاكم انتهاء الحرب في صعدة وأصدر عفوا عاما شمل كل الأطراف المشاركة وتم الإفراج عن جميع المعتقلين على ذمة تلك الأزمة ودفع التعويضات وبناء على ذلك حصد المؤتمر الشعبي العام أغلبية الأصوات في تلك المحافظة المنهكة، وبانتهاء تلك المرحلة دخلت كل الأطراف في دوامة حرب ضروس ومرحلة ثالثة فتحت شهية الأطراف الإقليمية للحصول على مكاسب دولية فدخلت دولة قطر على الخط بوساطة لفك الاشتباك قيمتها 500 مليون دولار سال لها لعاب الجميع، ولا يبعد الدور القطري عن المسار الإيراني الذي يقع على النقيض من المسار السعودي في اليمن.
تلك الوساطة أيضا تاهت في جبال صعدة وخاضت العديد من الجولات التي كانت تنتهي بإعلان حنقها ومغادرتها اليمن دون إعلانها عن أسباب واضحة، فمرة تحمل الحوثي وأتباعه وأخرى تحمل السلطات الرسمية، ولأنها ظلت متمسكة بشعرة معاوية فقد حافظت على إقناع الطرفين بحاجتهم الماسة إليها وهو ما يفسر الرجوع إليها بين الحين والآخر أو بالأصح بين كل جولة دامية وأخرى لتلعب دور الحكم في حلبة المصارعة حين يوقف القوي إذا حاول البطش بخصمه وتوفير أرضية مناسبة لجولة جديدة.
ويتضح للمتابع من المعلومات التي تحدثت عن آخر ما وصلت إليه لجنة الوساطة أن الصراع في صعدة سيستمر وإن في فترات قادمة.. وما الحل الذي يتم تعليبه إلا بمثابة تنويم لخلايا قابلة للاستيقاظ وبشكل أقوى في المستقبل، ومع كل ذلك تظل هناك مساحة واسعة مسكوت عنها في هذه الحرب التي تعد من أخطر أحداث اليمن المعاصر في عهد الرئيس علي عبد الله صالح. وثمة تسريبات تشير إلى وجود أطراف مستفيدة من استمرار رحى هذه الحرب سواء كانت على المستوى الرسمي أو الشعبي، وإلى أن يحين إعلان المنتصر فإن الوطن سيكون الخاسر الوحيد باقتصاد متدهور وبنية اجتماعية مفككة يمتد أثرها ليشمل كل محافظات اليمن التي قدمت المئات من القتلى في حرب غير واضحة المعالم، وإن استمر الحال على ما هو عليه فستظل صعدة مسمار صلب في خاصرة الوطن لن يتركه إلا إذا تحول إلى أطلال.
القاعدة: عدو شرس تأسس على أنقاض جيل قديم
تتجه المؤشرات إلى أن النظام يسير في طريق المواجهة مع جيل جديد من تنظيم القاعدة بدأ في التشكل مؤخرا على أنقاض التنظيم القديم. وبعض التغيرات السياسية وطريقة الحرب على الإرهاب فرضت على النظام اتخاذ طريقتين ظاهرتين في تعامله مع التنظيم.
إحدى هذه الطرق اقتضت عملية الاحتواء والتدجين إلى درجة وصل الحال فيها بكثير من المصادر إلى اعتبار بعض العمليات المنسوبة للقاعدة من صنع النظام نفسه، وتأكيدها استخدام النظام الجماعة كورقة توظيف، لكن إحدى الطرق الأخرى اقتضت من النظام استخدام العنف والتصفية الجسدية لبعض رموز تنظيم القاعدة وتشديد إجراءات السجون عليهم، وعادة ما رافق اللجوء لهذا الأسلوب ضغوط خارجية. ولم يتساير الحال في الطريقة الأولى مع كافة رموز التنظيم بالرغم من ظهور شخصيات كانت تعتبر قيادية بالنسبة للقاعديين في نظر كثير من المتابعين والمراقبين كالبدوي والبنا وآخرين، غير أن هؤلاء صدر بحقهم صكوك براءة من نسبتهم للقاعدة من الجيل الجديد بعد اتخاذهم قرار التحالف مع النظام. ويتزعم جيل القاعدة الجديد ناصر الوحيشي الذي فك جميع ارتباطاته والتزاماته مع الجيل الأول، ويشير تقرير بريطاني إلى أن الرجل انشأ جماعته الجديدة الذين معظمهم شبابا صغار السن ولا تعرفهم الدوائر الأمنية ويرتبطون أيدلوجيا بفكر تنظيم القاعدة العالمي، وأنهم يرتكزون في تنفيذ عملياتهم بهجمات ضد مصالح محلية يمنية وغربية من داخل الأراضي اليمنية.
وينسب تقرير وحدة الاستخبارات الاقتصادية البريطانية إلى خبراء غربيين في مكافحة الإرهاب قولهم إن جيل القاعدة الجديد في اليمن قد كثف تواجده ونشاطاته بأسلوب أشد خطورة من ذي قبل بعد أن انشق وانفصل كليا عن محاربي القاعدة القدامى باليمن الذين نبذوا العنف وتصالحوا مع النظام الحاكم وانخرطوا في المجتمع.
وتشير سلسلة الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها البلاد مؤخرا إلى صحة ما يذهب إليه التقرير البريطاني، ورغم عدم إحداث هذه الهجمات أضراراً كبيرة، فقد أكد مهتمون بنوعيتها واستهدافها لمناطق حساسة وتحظى بحماية أمنية مبالغة، وقبل الهجوم الذي استهدف إدارة الأمن بمدينة سيئون في محافظة حضرموت الأسبوع الماضي. كانت محافظة مأرب قد شهدت خلال الأسابيع الماضية فقط سلسلة هجمات استهدفت مناطق عسكرية ودوريات أمنية أهمها ذلك الهجوم الذي قضى على دورية عسكرية بالكامل عن طريق عبوة ناسفة ونتج عنها وفاة أربعة جنود وإصابة آخرين. وفي هجمات حملت بصمات القاعدة أيضا، تعرضت المصالح الأجنبية منذ منتصف مارس الماضي إلى سلسلة هجمات متقاربة، ويعتبر استهداف السفارة الأمريكية بصنعاء بقذائف سقطت قرب مدرسة مجاورة من أخطر تلك الهجمات، إذ يعزى إليه تعقيد العلاقات اليمنية الأمريكية المعقدة أصلا على خلفية قضايا التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
وبحسب التقرير البريطاني، فقد كانت الحكومة اليمنية في وقت سابق تسيطر على المقاتلين الإسلاميين وتملك القدرة على التعامل معهم عن طريق عدة وسائل منها الحوار والتفاهم والوصول إلى حلول وسطية معهم، أما الآن فقد فقدت الحكومة تماما سيطرتها على زمام الإرهاب لتتحول إلى مواجهة عدو شرس لا يقر بالهزيمة ولا يرضخ لحوار أو تهديد ولا يعترف بشرعية نظام مسلم حاكم أو دستور أو قانون.
كما يشير التقرير إلى أن ما يزيد حدة التوتر والعنف في البلاد هو أن مقاتلي الجيل الجديد من تنظيم القاعدة قد كثفوا نشاطاتهم بشكل امتد إلى العديد من المناطق والمحافظات مشتملة على وسط وشمال وشرق وجنوب اليمن.
رغيف الخبز سيحسم الجولة!
يواجه الاقتصاد العالمي خصما قويا لذا تجده يتهاوى بين حبال حلبة المصارعة التي أجبر على دخولها مع علمه المسبق أن فرص فوزه ضئيلة ولحظة استقباله الضربة القاضية باتت وشيكة، وضحاياها حسب التوقعات الدولية سيتجاوزون ملياري نسمة تقريبا خلال السنوات القادمة.
تلوح الأزمات الاقتصادية في الأفق شاهرة سيفها على دول العالم الثالث والأقل نموا وتظهر بصورة مخيفة تستأصل شأفة الملايين بذعرها الذي تنشره عبر الآفاق، وترتعش أمام هذه الجائحة بلدان العالم الأول التي بدأت في اتخاذ إجراءات وقائية وتدابير عملية للمواجهة والتحصن قبل أن يقع الفأس في الرأس، فقد بدأت دول كبيرة مثل روسيا العام الماضي بفرض قيود على الصادرات وتبعتها دول أخرى كتايلاند والأرجنتين والهند وغيرها، وهذا ضاعف من مشكلة أسعار الغذاء أكثر من حجمها الحقيقي، وزادت تلك الدول من رسوم التصدير للحفاظ على المحاصيل متوفرة في السوق المحلي، في محاولة للإبقاء على الأسعار منخفضة تفاديا لتوترات سياسية واجتماعية.
وبدأت حكومات بعض الدول بفرض حظر فوري على تصدير منتجات غذائية أساسية إستراتيجية مثل الأرز، وكذلك تجميد بعض أسعار السلع للسيطرة على التأثيرات السيئة للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة في العالم، وقد بلغ عدد تلك الإجراءات ما لا يقل عن 48 إجراء اتخذتها حكومات في العديد من أنحاء آسيا منذ مطلع العام الحالي، حيث تأمل تلك الحكومات في أن تكون انعكاسات الصدمة الحالية مؤقتة، وان لا تستمر أكثر مما استمرت.
وحذر مدير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الدول التي تواجه نقصا في الحبوب من أنها إذا لم تتخذ القرار السياسي الذي تزيد به مساحة رقعتها الزراعية وتكتفي ذاتياً أنها سوف تواجه تظاهرات واضطرابات وقلاقل سياسية، كما حذرت (فاو) من أن أسعار المواد الغذائية المرتفعة باطراد تشكل تهديدا لملايين الأشخاص في البلدان الفقيرة. وتوقع الأمين العام للأمم المتحدة أن يتسبب نقص الغذاء في حرب أهلية في بعض البلدان الأشد ضررا وتعرضا لهذه المخاطر.
ويرى بعض المحللين أنه بات على صنّاع السياسات في آسيا الاستعداد للحرب المقبلة، حرب التدهور والتراجع في الأداء التي بدت بوادرها في الظهور من خلال التراجع المتوقع في طلبات التصدير،
لكن ما هو مؤكد هو أن شعوب العالم الثالث الفقيرة ستمر في مراحل ضاغطة وأكثر صعوبة مما حدث في بعض الدول التي شهدت احتجاجات ومظاهرات ساخطة أدى بعضها إلى سقوط ضحايا بين قتلى وجرحى.
كما حذر برنامج الأغذية العالمي من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يشكل اكبر تحد في تاريخه واعتبره «تسونامي صامت» يهدد عشرات الملايين من الأشخاص الإضافيين بالمجاعة.
وقالت رئيسة برنامج الغذاء العالمي جوزيت شيران إنه من الضروري اتخاذ إجراءات لإنعاش الإنتاج الغذائي ومساعدة الفقراء على التعامل مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأضافت في حديث للبي بي سي: «إننا نرى الآن أن حوالي 100 مليون شخص كانوا ربما في غير حاجة إلى مساعدة غذائية قبل ستة أشهر، هم الآن غير قادرين على توفير الغذاء الكافي لعائلاتهم».
ونبهت المسؤولة الأممية إلى تناقص موارد برنامج الغذاء العالمي، فقالت إن احتياجات ميزانيتها تشهد ارتفاعا بعدة ملايين دولار أسبوعيا بموازاة مع ارتفاع تكاليف المواد الغذائية، وأضافت: «ما نستطيع أن نحصل عليه من غذاء تناقص بنسبة أربعين في المائة.»
وعلى غير العادة فاليمن التي تحتل دائما مراتب متأخرة في التقارير الدولية جاءت هذه المرة متقدمة بين البلدان الأكثر تعرضا لخطر الأزمات الغذائية فقد ارتفعت تلك الأسعار بنسبة 200% خلال العامين الماضيين، مقارنة مع ارتفاعها عالميا بنسبة 40% خلال 2007م وهي نسبة غير مسبوقة، ومعها لا يتمكن المواطن ذو الدخل المحدود من مسايرتها خاصة وأنها مرشحة للارتفاع حتى 2015م حسب تقارير دولية.
ولذا فالعدو الحقيقي الذي يهدد اليمنيين هو خطر المجاعة الذي تتقزم أمامه كل المخاطر الأخرى ويصبح الحديث عن انفصال وما شابه نوع من المزاح السياسي، ولذلك فالحراك الذي تشهده اليمن من أقصاها إلى أقصاها حراك مطلبي يتعلق بتحسين مستوى دخل القوى العاملة حتى تستطيع اللحاق بقطار الأسعار الذي خلف وراءه الألوف من الضحايا، ما لم فالمشهد القادم سيحسمه رغيف الخبز الذي ستتهاوى أمامه العديد من الحكومات، وهو كفيل بتوفير الجهد على القوى الاجتماعية والسياسية التي لا زالت تراوح في دائرة مفرغة دون إحراز أي تقدم يذكر.
معارضة الخارج: ظاهرة صوتية أم قنبلة موقوتة؟
إلى ما قبل خمس سنوات تقريبا كان الحديث عن معارضة الخارج يبدو مثيرا للضحك وغير ملفت للانتباه، وكان عديد مراقبين سياسيين يذهبون إلى أبعد من ذلك عندما كانوا يؤكدون بأن الحديث عن معارضة الخارج بعد توقيع اليمن مع السعودية على اتفاقية جدة الحدودية بين البلدين مجرد تحصيل حاصل وصفر على الشمال. وغالبا ما اعتبر الظهور الإعلامي للسياسي المعارض عبدالله الأصنج بمثابة «زنقلة سياسية» وليس معارضة جادة.
لكن شيئا فشيئا، تناسلت المواقع الإلكترونية الصادرة من الخارج باسم ما تعتبره «الهوية الجنوبية» والمطالبة بحق «تقرير المصير» وتكرر ظهور قادة جنوبيين بارزين من ضحايا حرب 94م وكثرت أسماء الملتقيات الجنوبية في الخارج. يأتي ذلك مع تصاعد الزخم الذي تعيشه حركة الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية، ولعل نبوءة أحد المتابعين تتحقق ولو بعد حين. قبل عدة سنوات، وصف أحد المراقبين لمعارضة الخارج بأن الأخيرة منكفئة على نفسها في مواقع الكترونية، إلا إنه اعتبر أن هذه المعارضة قد تمتلك حظوة مع مرور الزمن إذا استغلت الفرص وعوضت النقص العددي بتحرك دولي واهتمام أكثر بالجانب الإعلامي.
اليوم يبدو الحال قريبا من هذه الرؤية، وبالفعل تحولت المواقع الالكترونية إلى مصدر إزعاج حقيقي للنظام بدليل استهدافها الكترونيا، وأصبحت معارضة الخارج ضمن حسبة النظام وقد كلفت الحكومة اليمنية مزيدا من تنشيط الدبلوماسية لاحتواء هذه المعارضة بعدما كانت الآراء تنقسم إزائها إلى فريقين، هناك من كان يعتبرها مجرد ظاهرة صوتية وآخر يعتبرها بمثابة قنبلة موقوتة للنظام.
ومع أن المسميات الجنوبية في الخارج تعددت إلى أكثر من شكل ولون، غير أن التجمع الديمقراطي الجنوبي « تاج» يعد الأكثر بروزا من بين هذه المسميات وقد تأسس عام 2003م، ويقود التجمع حاليا سفير اليمن السابق في دمشق أحمد الحسني كأمين عام ومسئول عن ملتقيات التصالح والتسامح التي ظهرت مؤخرا في محافظات جنوبية وقوبلت بحملة إعلامية رسمية.
مارد الاستعمار حين يخرج من القمقم
من تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن أمريكا استطاعت النفاذ إلى أي دولة في العالم خصوصا إذا ما كانت هذه الدولة تقع في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث. وكانت اليمن من بين أهم الدول تأثرا بالأحداث بعد أن شهدت مياهها وأراضيها أعمالاً شبيهة نوعا ما بما حدث في مدينة نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001م.
وحاليا يدور جدل إعلامي حول مدى قدرة النظام اليمني للتكيف مع ورقة الإرهاب وتحويلها إلى نتائج إيجابية لصالحه بعد تفلت الأوضاع بشكل غير مسبوق. من نتائج العولمة يقال إن العالم مثل السفينة الواحدة، وتعد اليمن أحد ركاب هذه السفينة، وأي خرق فيها سيغرق الجميع، وحينما أدركت صنعاء هذه الحقيقة استطاعت توظيف ورقة الإرهاب دوليا لجني المزيد من الأرباح، لكن النتيجة كانت مؤخرا ظهور جيل جديد من القاعدة خارج عن نطاق السيطرة. يضاف إلى ذلك أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ في أكثر من مكان، وصحيح أن أمريكا يهمها استقرار اليمن لأسباب كثيرة، إلا أن الأمور في صعدة وفي الجنوب لا تبشر بخير وبالتالي فخيار البحث عن بديل آمن تحت السيطرة الدولية لازال مطروحا على طاولة البحث.
ومن سوء طالع اليمن أن حركة الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية، نبهت مارد الاستعمار البريطاني للاستيقاظ من قمقمه والحنين إلى جنة عدن. هكذا يحاول تلفزيون بي بي سي على الأقل إثبات ذلك حين ينقل الأحداث الأخيرة بما يشبه الاستفتاء على وحدة عام 90م. ويشجع الوضع العام الذي تعيشه المنطقة العربية وظهور نظرية الفوضى الخلاقة الدول العظمى للتفكير من جديد بهندسة البلدان بطريقة تتفق مع أساليب العصر الجديد.
((مؤامرة إقليمية)).. ليست مقنعة!
تحاول إيران بقوة فرض نفسها كلاعب إقليمي جديد في المنطقة لملئ فراغ ترى انه أصبح مهيئا لها أكثر من أي وقت مضى حاليا. وبظهور حركة الحوثي في محافظة صعدة أضيفت هذه الأحداث في نظر كثير من المراقبين إلى استراتيجية طهران المتبعة في دول المنطقة وبالذات في لبنان كتجربة حزب الله على سبيل أوضح. وسبق للسلطات اليمنية أن اتهمت إيران أكثر من مرة بالتورط في أحداث صعدة، إلا أن صنعاء عدلت الاتهام أخيرا ليصبح القول كما جاء على لسان مسؤولين يمنيين إن تدخل إيران في صعدة ليس بالضرورة يتم بطرق رسمية وإنما عن طريق جهات ومراجع فكرية ودينية، ومعروف عن حركة الحوثي تأثرها بأيدلوجية الثورة الإيرانية.
وبما أن هذه الأيدلوجية تمتلك حضورا في الجغرافيا الخليجية أيضا وبالذات في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت. فقد أدى ظهور حركة الحوثي إلى استثارة المخاوف الخليجية والسعودية منها على وجه التحديد. وزاد الطين بلة دخول قطر على خط الوساطة بين السلطات اليمنية والحوثيين ما دفع المتابعين للتأكيد على أن دخول قطر في هذا الموضوع من شأنه إثارة مخاوف إضافية لدى الجارة الكبرى خصوصاً وأن علاقاتها مع قطر تتعرض لبعض المشاكل وعرف عن قيادتي البلدين تسابقهما مؤخرا في محاولة تصدر قضايا المنطقة.
ومع بروز موجة الاحتجاجات الجنوبية كتحدّ آخر يواجه النظام في اليمن ممزوجا بنغمة مناطقية تريد إعادة الأوضاع إلى ما قبل 1990م عادت دول الخليج مجتمعة لتتصدر بعض الواجهات الإعلامية كطرف في «نظرية المؤامرة» على ما يجري لليمن بهدف تصفية ثارات قديمة مرتبطة بموقف اليمن من حرب الخليج الثانية.
وتحضر الكويت تحديدا في هذه النظرية وهي الدولة التي كانت طرفا رئيسيا للحرب معتدى عليها من جانب النظام العراقي. وعلاوة على إشارة المصادر إلى أن الكويت لا تزال الدولة الخليجية الوحيدة تقف حائلا دون انضمام اليمن لدول مجلس التعاون. تردد في وقت سابق أن أراضيها استضافت قياديين جنوبيين لبحث مشروع إقامة دولة اليمن الانفصالية.
وتعتبر زيارة وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي للدول الخليجية الست وتسليم قادتها وزعمائها رسائل شخصية من الرئيس علي عبد الله صالح ليست ببعيدة عن هذا المنحى، إذ أشارت مصادر صحفية إلى أن رسالة صالح الجديدة للقادة الخليجيين تضمنت الإشارة إلى ضرورة ضبط قادة سياسيين مقيمين في الدول الخليجية ولهم ارتباط مباشر بدعم وتغذية أعمال الشغب التي حدثت مؤخرا في المحافظات الجنوبية. إلا أن البعض يرى -مع ذلك- أن الحديث عن مؤامرة خليجية على وحدة اليمن حاليا ليس مقنعا بما يكفي، وأن الاستغراق به أمر مبالغ فيه يهدف إلى صرف الأنظار عن أخطاء النظام الداخلية.
وملخص هذه الرؤية أن تقادم الزمن والتطورات المتسارعة التي شهدتها المنطقة خففت من نزعة الانتقام التي اعترت الخليجيين تجاه دول الضد على خلفية موقفها من حرب الخليج، كما أن النتائج والتداعيات التي جرها سقوط النظام العراقي بتلك الصورة التي شاهدها ملايين العالم أثبتت بأن الأيام تأتي بالأسوأ. وبالتالي فليس في قاموس الغالبية العظمى من الخليجيين استحسان تكرار التجربة مع النظام في اليمن.
* نقلا عن الأهالي