مليشيا الحوثي تسخر من تهديدات ترامب
تدخل إنساني رفيع من برنامج حيث الانسان مع الصيدلي الذي دفع ثمن إنسانية كل ما يملك.... هكذا عادات الحياة من جديد مع فايز العبسي
قرابة مليار دولار خلال عدة أشهر ..مليشيا الحوثي تجني أموال مهولة من موانئ الحديدة لتمويل أنشطتها العسكرية .
اللجنة الدولية للصليب الأحمر تكشف عن دعمها للمرافق الصحية والمستشفيات في مناطق سيطرة الحوثيين عقب الهجمات الأميركية
عقوبات أمريكية جديدة على إيران وكيانات وشبكات تهريب تموّل الحوثيين
هل تغيّر واشنطن خطتها ضد الحوثيين لتكون أكثر حسماً.. أم ستكرر السيناريو؟
نتائج المنتخبات العربية في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026
خلال اجتماع موسع مع قادة الكتائب والسرايا والضباط..قائد شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات بمأرب يشدد على رفع الجاهزية وتثبيت الأمن
مأرب: الجمعية الخيرية لتعليم القرآن تنظم برنامج سرد القرآني ل200 طالب.
تتضمن 59 مادة موزعة على 6 أبواب.. الفريق القانوني يسلم الرئيس مسودة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة تمهيداً لاعتمادها وإصدارها بقانون
يباهي اليمنيون كثيرا بما ورد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام من أن «الإيمان يمان»، حيث لا يرى اليمني البسيط، ناهيك عن المثقف، أي تناقض بين هويته الوطنية اليمانية وهويته الدينية الإيمانية وهويته القومية العربية بشكل عام.
غير أن المتابع يرى بعض التغير بعد ظهور الحوثيين كجماعة ترى نفسها عابرة للحدود الوطنية والقومية، حيث ترى أنها جزء من «الثورة الإسلامية العالمية»، وبالتالي فإن الهوية ينبغي أن يعاد صياغة محدداتها بما يتناسب مع هذا التوجه. بالطبع هذا الكلام قد يروق للمسلم البسيط الذي يرى أن المسلمين أمة واحدة، وفقا للحديث: «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، لكن هذا ما يظهر للوهلة الأولى، أما الهدف النهائي للحوثيين، ولغيرهم من جماعات «التشيع السياسي» المرتبط بإيران، فهو إعادة هندسة الهوية الوطنية وتهميشها لمصلحة هوية أخرى طائفية، يسمونها «الهوية الإيمانية».
وهي تلك المرتبطة بجملة الخصائص والسمات التي تجعلها تابعة لـ«عَلَم الهدى من آل محمد عبدالملك بدر الدين الحوثي» الذي أمر الله بتوليه من جهة، والمرتبطة بتوجهات نظام «ولي» آخر، هو «الولي الفقيه»، الذي يمثل في إيران منصب «نائب الإمام الغائب»، وهو المنصب الذي أراد به الراحل الخميني إخراج الفكر السياسي الشيعي من دائرة الجمود، الذي فرضته عليه الرؤية التي تقوم على أساس أن «كل دولة تقوم قبل خروج الإمام الغائب هي دولة ظالمة»، وهي الرؤية التي أبعدت الشيعة عن السلطة قرونا طويلة إلى أن تم إنتاج مصطلح «الولي الفقيه»، الذي يحق له أن يكون على رأس «الدولة الشيعية» كنائب للإمام المهدي الغائب، لحين خروجه من «الغيبة الكبرى»، حسب الأصوليات التقليدية الشيعية.
وبالعودة إلى موضوع المقال، يمكن القول إن الحوثيين يهدفون إلى إعادة إنتاج شخصية إيمانية تختلف تماما عن مواصفات الشخصية اليمانية وطنيا وقوميا.
فعلى المستوى اليمني، لا يعتد الحوثيون ولا تياراتهم السلالية والطائفية بالملامح الوطنية ولا القومية للهوية اليمنية العربية، حيث إن الخلفية الأيديولوجية للحركة الحوثية تمثل مزيجا من الخمينية الإمامية والجارودية الهادوية، بما عُرف عن هذين التيارين من سلبية إزاء التاريخ الإسلامي، بوصفه تاريخا لدول ظالمة، اعتدت على «حق» أهل البيت في إمامة المسلمين، وكذلك بما عرف عن الخمينية والجارودية من مقت للهوية العربية، التي يراها الفارسي المتدين ناصبية قتلت «الحسين»، في حين يراها الفارسي غير المتدين أعرابية قتلت «رستم».
قد تشترك، بطبيعة الحال، جماعات «التشيع السياسي» مع غيرها من الجماعات الدينية الأخرى في تهميش الأبعاد الوطنية والقومية للشخصية العربية، غير أن موقف جماعات التشيع المرتبط بإيران يغالي في تجاوز الأطر المحددة للملامح الحضارية للشخصية العربية واليمنية بشكل يعيد إنتاجها لتغادر محدداتها الثقافية، بما يبعدها عن هويتها العربية، ويقربها بشكل أكبر من ملامح «الهوية الفارسية» في أبعادها القومية والثقافية.
إن أفضل مثال على محاولات مجاميع «التشيع السياسي» طمس ملامح الشخصية العربية بشكل عام يتمثل في عمليات المونتاج التي تعرضت لها شخصية الإمام الحسين عبر التاريخ، لتحمل صورته المعاصرة في المخيال السياسي الشيعي ملامح شكلية وروحية أقرب إلى منتجات المخيال الفارسي منها إلى تجسدات الشخصية العربية، بشكل يجعل طبيعة «اللطم السياسي» على مقتل «الحسين» محيلا على بكائيات «رستم»، الذي ربما تحول في اللاوعي السياسي لدى هذه المجاميع إلى بكاء وثأر سياسي لمقتل «الحسين»، الأمر الذي تم استغلاله في ضرب الوحدة الدينية والاجتماعية للمسلمين عبر تاريخهم القديم والحديث.
خلاصة القول.. إن ما تبشر به جماعات إيران من إعادة بناء الهوية الإيمانية المزعومة ما هو إلا غطاء لإعادة هندسة الوعي وتشكيل الهوية العربية في اليمن، بما يبعدها عن ملامحها الوطنية والقومية، تمهيدا لجعلها مجرد لبنة في مشروع إيران الإقليمي، الذي يسعى للسيطرة على مقدرات المنطقة، وذلك بإعادة إنتاج الهوية اليمانية في أبعادها الوطنية والقومية، لتتطابق مع الهوية الإيمانية في أبعادها السلالية والطائفية، وهو الأمر الذي سيفضي إلى مزيد من الصراعات، قبل أن تنهزم الجماعات الطائفية التي تعمل على هذا البرنامج لأهدافها الخاصة، وأهداف مموليها بشكل عام.