آخر الاخبار

صحفيات بلا قيود: حرية الصحافة في اليمن تواجه تهديدا كبيرا.. وتوثق عن 75 انتهاكا ضد الصحفيين خلال 2024. مركز الإنذار المبكر يحذر المواطنين في تسع محافظات يمنية من الساعات القادمة بشكل عاجل أردوغان يكشف عن أرقام اقتصادية تذهل العالم بخصوص الصادرات التركية خلال 2024 لماذا اصدرت وزارة الداخلية اليمنية قرارا بمنع تشغيل المهاجرين الأفارقة في عدن؟ وزير الخارجية الأمريكى: فوجئنا بسرعة سقوط نظام الأسد وإيران في وضع لا يسمح لها بالشجار .. عاجل وزير الخارجية الألماني والفرنسي في غرف التعذيب بزنازين صيدنايا سيئ السمعة بسوريا وزيرة خارجية ألمانيا بعد لقائها أحمد الشرع: حان وقت مغادرة القواعد الروسية من سوريا وزير الخارجية الفرنسي من دمشق يدلي بتصريحات تغيظ إيران وحلفاء امريكا من الأكراد بعد تهرب الجميع.. اللواء سلطان العرادة ينقذ كهرباء عدن ويضخ الى شريينها كميات من النفط لتشغيلها هكذا سيتم إسقاط الحوثيين عسكريا في اليمن .. تقرير أمريكي يكشف عن ثلاث تطورات ستنهي سيطرتهم نهائيا ...كلها باتت جاهزة .. عاجل

مذكرات سائق باص : حارة قريش
بقلم/ فوزي الجرادي
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 28 يوماً
السبت 06 أغسطس-آب 2011 05:12 ص

 منذ أسبوع والباص متوقف , وحالي عدم , فالبترول معدوم كما تعلمون , والحالة لا تسر ,والمصاريف في تناقص , والديون في تزايد , وزوجتي لا تكف عن التذمر والتشكي من حظها النحس , وتندب عيشتها معي , ولا تتعب من كثرة تعييري بما لدى أزواج أخواتها , وإنني لست مثل الآخرين , وأنني لو كنت "مفحوس" أنني في ميدان التحرير بين الرجال الصدق !!..

 وصباح اليوم سمعت جاري يتحدث عن حارة يباع فيها البترول بأضعاف ثمنه , محذرا من وجود عصابة قريش المشهورة بعنفها وخطورتها , تسيطر على الحارة لدرجه أنها فرضت اسمها على الحارة .

هذه المخاطر أفزعتني وتمنيت على إثرها لو بحوزتي آلة الزمن لتعيدني إلى زمن ما قبل الثورة الصناعية , حيث لا احتاج إلى بترول او باص , ولا وجود للمرور والفرزة , ولا علي صالح وعياله ولا حوثي ولا حراك ولا زوجتي أيضا.

ولكن ماذا اعمل ! أنا مضطر للمخاطرة لأجل لقمة العيش , شغلت الباص بما تبقى من بنزين , ودسست عشرة ألف ريال في جيبي , واتجهت نحو حارة قريش , ودعوات أبنائي خلفي تشجعني " لاحظوا أنانيتهم في التضحية بي " .

 المهم استغرق الوصول إليها نصف ساعة فقط, وكان الوقت في الظهيرة , ومن أول شخص سألته دلني على الحارة فقد أصبحت مشهورة في المنطقة , وقابلني عند مدخل الحارة آمراه عجوز جالسه على رصيف الشارع وهي تصيح : أربعه .. أربعه.. أربعه.. وبدأت تنظر إلي بعين ملؤها الشفقة .. لم افهم الأمر وقتها , ودخلت الحارة وهي شبه فارغة , والمنظر يدعو للارتياب والذعر .. حتى إنني فكرت في العودة , الهدوء مسيطر على المكان , ولا وجود لأي حركه .. إلا من دكان صغير على بابه دبه بترول صغيرة , فاستنتجت فورا – يا لبداهتي - أنها علامة داله على بيع البترول ,أوقفت الباص جانبا ,ونزلت باتجاه الدكان , وبسؤال واحد لصاحبه وجدت البترول ذا السعر الغالي "إنها مستلزمات السوق السوداء", وبمفاوضه صغيرة , قبلت السعر على مضض, فالدبة ناقصة ,والبترول لونه غير معتاد , واشتريت الدبة وفقا للمثل اليمني " ولد البلاء ولا عدمه ".

هرولت نحو الباص, وبمجرد اقترابي منه ظهر فجاءه أربعة رجال أعفاط وبأيديهم "صمل" ذكرني بمسئول الفرزة ,الشرر يتطاير من عيونهم ,تعلوهم ابتسامه صفراء تنبئ عن وقوع فريسة في شباكهم :

- وصاح كبيرهم "أسميته فيما بعد بأبوجهل" : أين عد تسير ؟

- أجبته بثقة مصطنعه: أرح لي .

- رد ابو جهل وبصوت عال : اطرح الدبة .

- رفضت برحممه : هذه دبتي " عاد أنا " اشتريتها " ذالحين " .

- صرخ احدهم : صورته جلده بيحكه ..

- وقبل أن اعلق بأي كلمه .. ارتفعت "الصمل" إلى السماء في الأعالي , ثم رئيت ظلها وهي تهوي على راسي وأنحاء جسدي , ودارت بي الأرض , ورئيت النجوم في عز الظهر, واصم الو شيش أذني, وتولدت لدي رغبه جامحة في النوم , وقبل أن اغرق فيه , لمحت لوحة إعلانية كبيرة مرفوعة في الشارع , تزينها صورة الرئيس..مكتوب تحتها: "هنيئا لشعبا انت قائدها ", ولا ادري كيف علقت هذه الصورة في ذاكرتي , وأنا أغادر دنيانا باتجاه دنيا اللاوعي .. حيث وجدت صورة زوجتي إمامي وهي تتحسر من عيشتها معي

 أفقت من غيبوبتي - لا ادري كم استغرقت – بنفسيه مهزومة ,وبجسم تزينه الوحنات , وجيب فارغ إلا من كشف الديون والمصاريف المطلوبة, وفوق ذلك بدون بترول, ولكن بقدر معقول من المعنويات , فمازال الباص واقفا في مكانه , لملمت أشلائي وقررت المغادرة وبسرعة خشيت ظهور أبو جهل أخر فينتزع مني الباص ايضا , وقبل أن أصل ناصية الشارع, ألقيت نظرة وداع للحارة , فشاهدت تلك المرأة العجوز الواقفة على الرصيف وهي تصيح : خمسه .. خمسة .. خمسة.. فأدركت على الفور أنني كنت الضحية الخامسة في ذلك اليوم ولاشك ..