آخر الاخبار

صحفيات بلا قيود: حرية الصحافة في اليمن تواجه تهديدا كبيرا.. وتوثق عن 75 انتهاكا ضد الصحفيين خلال 2024. مركز الإنذار المبكر يحذر المواطنين في تسع محافظات يمنية من الساعات القادمة بشكل عاجل أردوغان يكشف عن أرقام اقتصادية تذهل العالم بخصوص الصادرات التركية خلال 2024 لماذا اصدرت وزارة الداخلية اليمنية قرارا بمنع تشغيل المهاجرين الأفارقة في عدن؟ وزير الخارجية الأمريكى: فوجئنا بسرعة سقوط نظام الأسد وإيران في وضع لا يسمح لها بالشجار .. عاجل وزير الخارجية الألماني والفرنسي في غرف التعذيب بزنازين صيدنايا سيئ السمعة بسوريا وزيرة خارجية ألمانيا بعد لقائها أحمد الشرع: حان وقت مغادرة القواعد الروسية من سوريا وزير الخارجية الفرنسي من دمشق يدلي بتصريحات تغيظ إيران وحلفاء امريكا من الأكراد بعد تهرب الجميع.. اللواء سلطان العرادة ينقذ كهرباء عدن ويضخ الى شريينها كميات من النفط لتشغيلها هكذا سيتم إسقاط الحوثيين عسكريا في اليمن .. تقرير أمريكي يكشف عن ثلاث تطورات ستنهي سيطرتهم نهائيا ...كلها باتت جاهزة .. عاجل

السر في..الشعب يريد!!
بقلم/ هناء ذيبان
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 17 يوماً
السبت 18 يونيو-حزيران 2011 12:02 ص

الحُريَّة محضُ عنوانٍ لما بعدها.. للاختيار.. للتغيير.. وليس للتعبير فقط, فلا حُريَّة لمن لا يملك القرار, ولا ديمقراطيَّة في بلدٍ مُحتل, سواء احتل من الخارج أو بواسطة الظَّلَمَة المُتكبِّرِين، فالهوية مفقودة, والبحث عنها جارٍ,من أجلِ هذا كان الناس في شعاراتهم ما بين استعادة الأمس والنَّظَر للمستقبل, والعيشُ هو الوصف للحراك الشعبي اليومي العادي المُخدَّر, لا بالوعود التي يُدرَك أنَّها كاذبة, بل مُخدِّرٌ من ألمِ ضياع الكينونة والخوف الغريزي، والعجز عن إحداثِ شيءٍ أمام إرادة الحاكم التي اسْتَعْبَدَت المحكوم,فكان لابد من أن يحَمَلَ الشَّعبُ إرادته بيده, ويمضى إلى الميدان لا يملك غيرها..

 يبدو المشهد غير مألوفًا, شابٌّ يقف أمام مدرَّعة يدفعها بيده, وآخرَ يفتح صدره لرصاص.. تسيلُ الدَّماءُ, شهيدٌ يتبعه آخر, والإرادة على حالها باقيَة, لم تغتالها الرصاصة, ولم تفتتها المدرَّعة, بل الغريب أنَّها تزداد قوة وترابطًا, تُمسك خيوط الموت بيدها وبالأخرى علم البلاد, وكُلّما خَطَفَ الموتُ بعضها أَعْلَت بيدِها الأُخرى العلم أكثر وأكثر!!

تَعَلّمَ الشَّعبُ من دفنِ شُهدائِه كيف يستنبتُ الدم, فيُنبتُ به الحريَّة, وكيفَ يزرعُ الدمعَ, فيُخرج منه العزم, وكيف يستثمرُ الحزن, فيُثمر له المجد!! شعبٌ أعزل لا يواجه فقط جبروت طاغية, بل جنونه أيضًا, وكلمة السر في هذا كله.. (الشعب يريد)!!

الشعب يريد..فبنيت الثقة بين أفراده وأطيافه الاجتماعيَّة المُختلفة, تلك التي كانت غائبة قبلاً بفعل القهر الأمنيّ والتدليس الإعلاميّ, الذي أتى بالخوف والشك, فضاعت معهم الثقة في الذات وبالآخر تبعيَّة..

الشعب يريد.. فلم يصمد أمام سيل إرادته رموز (المساحات الرماديَّة) فتهافتوا جميعًا, حيث لم يعد هناك خيارٌ ثالث, فإمَّا الأبيض أو الأسود.

الشعب يريد. فتوحَّدت التيَّارات السياسيَّة المُتباينة (رغمًا عنها هذه المرة ) فهي لم تكن بخيار سوى أن تجاري إرادة الشعوب التي يبدو أنَّها كانت أكثر تطلّعًا وحركيًّة منها, ففي حين كانت القوى السياسيَّة تحاول (تحسين) الأوضاع, كانت جموع الشعب تنادى (بهدمها)..

“الشعب يريد”.. فاستعاد بإرادته أجمل ما فيه من قيم وأخلاقيَّات سلوكيَّة كانت قد شوَّهتها عصا أمنيَّة غليظة, استباحت حرماته, وأرهقت كرامته, وأجهزت عليها أوضاع اقتصاديَّة مترديَّة أَحْنَت رَأسه وقصمت ظهره, وقبل هذا وذاك فساد سياسي سجن حُريَّته وأهدر حقوقه..

الشعب يريد..الخصم ينسحب, والشعب في مسيره لا يهدأ, وفعل الإرادة يمضى كالسيف القاطع, يُحوِّل المُضارع ماضي, ويخطُّ بنصله الحاد فعل المستقبل, لتبقى إرادة الشعوب كاسرة لكل قيد, جالية لكل ظلمة ليل, حافظة وممتنة لكل قطرة دم أريقت في سبيلها.

الشعب يريد..وما زالت قدرة الله تحوط ميادين الحريَّة والتغيير, تَرعى البذرة حتى تكبر وتترعرع أمام أعين أصحابها, لتظلّ شاهد إثبات بأنَّ أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر, وبأن سُبل الحياة إنما تتولد بإرادتها.

“الشعب يريد..وسنن الله تمضى في الكون, لا تُحابي مؤمنًا ولا تُجافي عادلاً, وإنَّما تعمل عملها في الأمم والدول حسب ما تقرره إرادتها..

لقد آن الأوان ليتولَّى الأمر جيلٌ يفقه الواقع, ويُديره بقدراتٍ تتخلى تدريجيًّا عن سلبيَّات الركون للذل والاستعباد، وعلى من يتصور أنَّ التكنولوجيا صنعت الثورة أن يفيق, فهي آلية من آلياتٍ استخدمها العقل في زمنٍ ما لمرحلةٍ ما, ويتغير الاستخدام لهذه الآلية أو غيرها.إنَّما لا يَصنع الثَّورات والتغيير إلا العقول المُستنيرة, وليست تلك العقول الفوضويَّة, المليئة بالرَّغبات والأُمنيَّات..

إنَّ “الشعب يريد” مرحلة, لكن المرحلة بعدها أنَّ “الشعب يصنع مستقبله”, وصُنع المستقبل ليس إلا بإرادة العقلاء, بفكرٍ سليمٍ, وعقلٍ راجحٍ, وتوحيدٍ للأهداف مهما اختلفت الأفكار, فقبول التباين يعني قبول الحياة، وإنْ كان نظام الاستبداد قد تهاوى فلابد من صناعةٍ للتغيير من نظامٍ مُسترشدٍ بهوية الأمة, لا بإرهاصات وَلَدَتها ظُلماتُ القُنُوط والضعف, بل بإرادة الأمة في حمل هويتها التي تعرفها أمام الأمم, لتشارك ببناء مدنيَّة القرن الجديد, وليس قرنًا تابعًا مُشوَّهًا من زمن الخوف والانهزام.

إنَّ مُراجعة الأفكار مطلوبة, وليس الإصرار عليها يعني الصمود, إنَّما الصمود يكون أمام ما تسوله النفس من خداعٍ للذات بالبقاء على عقلية ولدتها الهزيمة ولا تصلح لزمن الانتصار ومنهج التغيير.

الحق أقول: أنَّ الثورات صنعها اكتشاف الشعب لقدراته, اكتشافه أنَّ به قدرة على إحداث التغيير, بل أن يقظة الفكر كانت من أدام استمرار الحراك الثوري, بعقلٍ رشيد لتصطف الأفكار وتضع المنهج الجديد.