تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات الكشف عن إستراتيجية جديدة وضربات اوسع ضد الحوثيين قد لا تصدقها.. أطعمة خارقة تقاوم الشيب المبكر وتؤخر ظهور الشعر الأبيض
اليوم لسان حال المعارضة هو: "ومن بعده الطوفان". وفي المقابل لسان حال الرئيس اليوم هو"من بعدي الطوفان". وفي المعادلة الطوفانية لا يمكن إلا تصور الأسوأ.
فبقدر الحجم الرمزي لانتقال الكثير من قيادات السياسية والعسكرية المحيطة بالرئيس إلى صفوف المعارضة فإنها لا تغير احتمالات الطوفان الذي سيحصل في حال أصر الرئيس على المواجهة. والأهم من هذا لا تغير احتمالات الطوفان بعده.
فلو قرر صالح المواجهة حتى الرمق الأخير، فإن تلك الانتقالات لن يكون لها قيمة استراتيجية. لأنه متى ما بدأت مواجهة مسلحة فستخلق لعبة جديدة ذات معادلات مصالحية خاصة بها وبالتالي قواعد مختلفة تماماً. وهذا سيؤدي إلى تحولات جديدة في الصفوف. بعضهم قد يعود إلى صف الرئيس والآخر إلى المعارضة. ولكن سنجد آخرين ممن سيخلق جبهات جديدة. وستدخل البلاد في حرب أهلية أو شبه ذلك. وللأسف فلا زال للرئيس ما يكفي من قوة لكي يدخل البلاد في فوضى عمياء.
وأما إذا خرج صالح من السلطة بغير مواجهة، فإن تلك التحولات أيضاً لن تؤثر على ما بعد صالح. فأول ما يسقط العدو المشترك فإن المشهد الأقرب هو أن تتوجه القوى الأساسية في المعارضة لتتواجه بعضها البعض، وسينقسمون إلى تحالفات جديدة. في البدء ستكون مواجهات سياسية ساخنة، ثم سيتطور الأمر إلى اغتيالات، ثم ستدخل البلاد في حالة من التوتر الأهلي الشديد وحالة من اللادولة. وسيشبه الحال ما حصل بين 1990-1994م ولكن مع فرق مهم هو غياب سلطة مركزية.
وفي حال ما بقي تحالف المعارضة قائما فإنه سيبقى بشكل صوري فحسب حيث سيتم إقصاء الأطراف ذات القوى المتوسطة مثل الاشتراكي، وبعض القيادات القبلية والعسكرية، وسيتم الإبقاء على الأضعف ليلعب دور التزيين، وستستلم السيادة الأطراف الأقوى. وبعبارة أخرى ستنتقل البلاد من حكم علي عبدالله صالح إلى حكم حميد الأحمر. وحميد إما سيحكم مباشرة وإما بشكل غير مباشر كما كان والده عبدالله الأحمر في السبعينات وبداية حكم علي صالح حيث كان أشبه بحاكم ظل قبل أن ينقلب عليه الرئيس ويحجم دوره. وعلى حد تعبير أحد اليمنيين فإن المشهد الثاني هو انتقال الحكم "من سنحان إلى عمران". وفي الغالب فإن حميد سيدخل في تحالف مع علي محسن بحيث يستمر التحالف السنحاني الحاشدي الذي حكم البلاد منذ صعود علي صالح للرئاسة. هذا الاحتمال يستبعده الكثير باعتبار أن المعارضة والقوى الشبابية رافضة تماماً لمثل هذه الصيغة. ولكن السؤال الملح هو حدود التنازل والابتعاد عن السلطة التي سيقبلها كل من حميد الأحمر وعلي محسن الأحمر؟ وهل سيكون رفض الشباب والقوى الأخرى رداعاً لهم؟ وهل هناك ما يكفي من القوة لمنع حصول هذا؟ مشهد ثالث هو أن تحصل معجزة فلا يتفكك المشترك بل يشكل حكومة ممثلة لشريحة غالبة من الشعب اليمني وتبدأ اليمن مسيرتها نحو الأمن والاستقرار.
وللأسف لا أستطيع التفاؤل والاعتماد على روح المعارضة النقية والشبابية الموجودة في ساحة التغيير وذلك لأن هناك عوامل بنيوية أقوى بكثير منهم وترسبات تاريخية لا يمكن محوها في شهرين مهما كان. ثم إن القوى الشبابية نفسها معتمدة اعتمادا كلياً على القوى القبلية والعسكرية في الحماية والاستمرار. وهي قوى لا يمكن الاعتماد على استقرار تحالفها كما أسلفت للتو. ولكن أيضاً لا بد من وضع القوى الإقليمية في الاعتبار، والتي بعضها مستعد لتحويل اليمن إلى ساحة صراع بينها إذا ما استطاعت ووجدت إلى ذلك سبيلاً. خصوصاً السعودية وإيران.
وأياً كان فإن الجنونبيين سيتجهون نحو الانفصال. ليس كلهم ولكن ستتكون جبهة قوية بما فيه الكفاية لإعلان ذلك أو التحرك القوي نحوه. هذا لا شك فيه. وهناك قوى إقليمية حاضرة في اليمن تريد الانفصال وستعمل على دعمه بكل ما لديها. كما إن الحوثيين سيتجهون أكثر وأكثر نحو حكم محلي وربما يوسعون علاقاتهم الاقليمية بحثاً عن مصادر تمويل لحكمهم. وإذا تأخرت السعودية عن ذلك فإن إيران اليوم حاضرة ومستعدة بقوة.
يمكن تغيير المعادلة الطوفانية إذا وجد طرف خارجي يملك رصيدا عاليا لدى الأطراف الأقوى اليوم. على رأس أي طرف خارجي تقع السعودية. ولا يمكن تصور خيارات غير الطوفان ما لم تلعب السعودية دوراً إيجابياً أكبر. فاليمن سيبقى متأثراً سياسيا واقتصادياً بقرارات الرياض إلى حين تستقر الدولة الديمقراطية اليمنية. المشكلة أن السعوديين في حيرة اليوم. فلا يملكون استراتيجية واضحة نحو اليمن ولا مركزية حاسمة في التعامل مع هذا الملف المعقد وفي هذا الوقت الحرج بالذات. هذا فضلا عن انشغالهم بالقضايا الداخلية خصوصاً موضوع البحرين. ثم إن سمعتهم في الداخل اليمني ليست جيدة. فالناس ترى أنهم هم من اغتال الحمدي، وهم من اتى بعلي صالح إلى السلطة، وهم من عرقل الوحدة قبل 1990 ثم هم من دعم الانفصال في 1994 وهم أيضاً من صدّر التطرف الديني إلى المجتمع اليمني. هذه كلها ستقف عقبة أمام أي جهد سعودي، خصوصاً أنهم إلى اليوم يفضلون الانفصال على الوحدة ولا يزالون يدعمون التطرف الديني. والأمل هو أن تراعي القيادة السعودية ما يحصل في اليمن، وحساسيته، وتغير المرحلة، وضرورة بناء علاقات جديدة مع اليمن دولة وشعباً. بعد الدور السعودي يأتي الدور الأمريكي. فكل الأطراف تريد علاقة إيجابية معهم مستقبلاً، وبالتالي يمكنهم العمل على الخروج من المعادلة الطوفانية. ولكن مشكلتهم هم أنهم لا يقدرون العمل بغير دعم سعودي. هذا فضلا عن كون الولايات المتحدة فاقدة لكثير من شرعيتها في اليمن. ثم إنها لا زالت مصرة على النظر إلى اليمن من منظار التهديد الإرهابي للقاعدة، وهذه النظرة القاصرة تحدد خياراتهم، وتجعلهم يحجمون عن أي جهد حقيقي للعمل في اليمن.
دور أي لاعب خارجي هو الضغط على الرئيس للتنازل عن السلطة ولكن في الوقت نفسه الضغط على المعارضة لقبول تأجيل الخروج الفعلي للرئيس من السلطة. بحيث يتم تكوين مجلس رئاسي انتقالي يرأسه علي صالح إلى حين. وخلال تلك الفترة يتم إيجاد صيغة جديدة للتعامل بين أطراف المعارضة، والقيام بتعديلات دستورية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة. وهو ما يبدو أن الرئيس قد قبله من حيث المبدأ كما بدأت تتناقله بعض المصادر.
amiymh@gmail.com