قصتي العجيبة مع الشاب المعاجل
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 3 أيام و 19 ساعة و 41 دقيقة
الإثنين 23 ديسمبر-كانون الأول 2024 07:54 م
 

أتصل بي بالأمس أحد الشباب ليخبرني أنه يريدني في أمر خطير وقضية لا تحتمل التأخير، ولأنني لمست في حديثه الجدية والاهتمام وأيقنت أن الأمر جدا هام دعوته إلى منزلي على طول، طالبا منه أن يسرع في الوصول، فقد استبد بي الفضول لمعرفة ما سيقول.! 

 

فما إن وصل هذا الشاب وجلس حتى قال لي: أنه خزن وخدر وفكر وقدر ثم قرر أنه يريد أن يتعلم مني الكتابة، وليست أية كتابة بل الكتابة الساخرة التي تضحك القراء وتشع البهجة في الأجواء، لأنه قرأ مقالي السابق الذي كتبته عن موقفي مع المؤجر وضحك وتكركر، ولذا فقد قرر أن يتعلم مني الكتابة المضحكة في نصف ساعة، أو ساعة بالكثير لأنه مستعجل على الكتابة التي تقضي على الكآبة.! 

 

في البداية ظننت أنه يمزح معي وحاولت أن أعرف حقيقة الأمر الخطير والحدث الذي لا يقبل التأخير، فإذا به يؤكد لي يريد أن يتعلم مني الكتابة فعلا، وبأقصى سرعة ممكنة.! 

 

يريد أن أضع له خبرتي في الكتابة في زجاجة صغيرة ليشربها دفعة واحدة، وبعد نصف ساعة إلى ساعة تهطل عليه الأفكار والمقالات والمنشورات والكتابات، فيمسك بهاتفه ويكتب أروع مقال ساخر، من قرأه ضحك وتكركر، ثم يتبع المقال بمقالات ومنشورات، وهكذا يتحول بعد جلسة قصيرة معي إلى كاتب ساخر وبكتاباته يفاخر .! 

 

وقد طلبت منه أن لا يستعجل وأن ينتظر قليلا فالأحداث في بلاد الشام ربما تقود إلى ملاحم وأحداث هرمجدون، وسيظهر المسيح الدجال وحينها سينزل عيسى عليه السلام من السماء ليقتله، وما عليه حينها إلا أن يطلب من نبي الله عيسى بعد أن يفرغ من مهمته أن يطلب من رب العباد أن يحوله إلى كاتب ساخر في غمضة عين، أما أنا فلست بنبي ولا ولي ولا أملك عصا موسى عليه السلام ولا سلطة فرعون.! 

وحين سمع الشاب مني هذا الكلام ظن أنني أسخر منه فغضب غضبا شديدا وهب واقفا وغادر المجلس دون كلام وقد أحمر وجهه وتشنج جسمه.! 

 

وقد ذكرني هذا الشاب " المعاجل" بخرافة قديمة كنت أسمع بها في طفولتي أن من يشرب كأسا من الماء على جناح خفاش يحفظ القرآن كاملا ولا ينساه .!

وقد ذكرت سابقا في إحدى القصص أنني ذهبت حينها إلى الخرابة التي بجوار منزلنا غير عابىء بجدرانها التي يمكن تتهدم فوقي في أي لحظة، لم أخف مما فيها من زواحف وظلام، سمعت مرارا أنها مسكونة بالجن ، حكايات كثيرة سمعناها عن جنيات تلك الخرابة وأولادهن ، ورغم ذلك كنا كثيرا ما نذهب نحن الأطفال ونلعب بجوارها .!

 الخفافيش تسكن زواياها المظلمة ، رأيتها مرارا وهي تتدلى من السقوف وتغط في نوم عميق ، وحين نوقظها تطير مرتبكة وتصطدم بنا. 

كنت أمشي بحذر يتبعني أخي الأصغر، كنا قد أتفقنا بأن عليه أن يصوب ضوء الكشاف نحو السقف فجأة فيما سأقوم بالامساك بالخفاش، بعد عدت محاولات أمسكت بأحدها، غمست جناحه في الاناء وسكبت عليه الماء، بعد دقيقة أطلقته ليعود إلى نومه.! 

شربت الماء وانتظرت حدوث المعجزة الذهنية العجيبة حيث سيقوم الماء المبارك الذي شربته بتنزيل المصحف كاملا في ذهني خلال دقائق، لكن شيئا من ذلك لم يحدث .! 

 هززت رأسي مرارا حتى يشتغل ذهني لكن العملية فشلت، لم تمض سوى ساعة حتى شعرت بآلام شديدة في معدتي، وغثيان، ولم تهدأ آلامي الا بعد أن تقيأت كل ما في بطني .!

 

من المؤكد أن هذا الشاب المتحمس للكتابة الساخرة لم يسمع بهذه الخرافة ولم يعش طفولتنا، ولم يشرب ماء على جناح الخفاش كما شربته والا لكنت الآن من قراء مقالاته الساخرة.!

 

ويبدو أنه سينتظر معجزة تجعله كاتبا ساخرا خلال ساعة واحدة، وهذه لن تحدث إلا بمعجزة لنبي أو كرامة لولي، والعبدلله لا هو نبي ولا ولي والا كان قد تخارج مع المؤجر .!