أكثر من 22 عاماً واجهزة معمل الحاسوب بجامعة تعز خارج إطار العصر والتكنولوجيا.. برنامج حيث الإنسان يحدث نقلةً تعليميهً مثالية ومتطورة وينعش الأمل في صفوف طلاب الجامعة
عاجل .. البنك المركزي اليمني يكشف عن نقل مراكز البنوك التي كانت بصنعاء إلى مدينة عدن... ضربة موجعة للمليشيا الحوثية
الدراما اليمنية.. بين إثبات الذات وتجاوز التحديات
تعرف على طرق تخفى مسيرات الحوثيين في البحر الأحمر؟
الكشف عن مخطط أمريكي إسرائيلي لنقل سكان غزة على 3 دول أفريقية
مبادرة لمواجهة تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر
الشركة الإسلامية اليمنية للتأمين تسلم الدفعة الأولى من مبالغ التعويضات لعدد من التجار المتضررين
اليمن: توقعات بهطول أمطار متفرقة خلال الساعات القادمة
9 عادات صحية وغذائية سيئة ينبغي تجنبها في رمضان.. تعرف عليها
العميد طارق :القوى الوطنية تتُقرِّب من النصر المؤزر واستعادة الدولة ومعركة اليمنيين ضد الحوثيين هي معركة أجيال ولن تتوقف إلا بدفن خرافة الولاية
خلافاً لرغبة أباطرة الفناء للتحلي بالصمت وعدم رفع النحيب المفزع لئلا تجفل الجراد عن مصائدنا، - اليوم أكتب عن صعدة.
... الحرب هي الوليمة وهي الغنيمة، لهذا ما ان تقع الحوافر على الحوافر حتى تستنسر بغاث الطير، وتتكاثر نوارس الجيف التي تتقصى حصتها من الجراح ونثار البطون المبقورة، مطلقة شهقات اللذة كلما بعث إليها بجنازة لم يبرد دمها بعد.
- صعدة لم تكن يوماً وجهتي ولا سؤالي، لا في غابر الأيام ولا في الحاضر... ومن ذا الذي يعرف شيء عن صعدة، إلاّ من تواليها المفزعة بعد عدة حروب جائرة وغادرة في كل معانيها وحذافيرها؟
صعدة، - مدينة هابيل وقابيل بإمتياز -، تعيش اليوم لحظة غسقية... محافظة اُنتزعت منها الحياة عنوة لتحرم من التجارة البينية ومن سمر الليالي ومن السهر ومن الملل... تلك المنطقة التي لم تعد تعرف ماذا عليها أن تفعل لتعود كما كانت عليه قبل أكثر من نصف قرن، وأكثر من حرب، وعيد جلوس، وأكثر من ثورة!
في صعدة محرقة حقيقية، وأبواب القيامة المؤذنة لنهاية النهايات دوماً ما تنطلق من هناك... صعدة تفحمت وأمست غباراً... دماء قانية سائبة تسيل من أعتاب البيوت التي كانت... أجساد وخيوط من الدم والأشلاء تنساب من بقايا الأبواب المكسرة والنوافذ المطلة على ذلك الخلاء الوحشي... وأشجار مقتولة خضرتها في ظلال ذلك الفناء العلني.
كأن كل من تبقى فيها صار نسياً منسيا... إنسان صعدة هو الذبيح وهو الجريح وهو المعلق من روحه ومن كعبه على قمة الهاوية... إنسان صعدة هو الشريد اللاجئ المعذب المبدد والمنفي والمبعد وسجين جرحه وعتمته إلى الأبد... إنسان صعدة هو غاية الحروب التي طالت وهو الهدف العسكري.
... الصواريخ تعرف صعدة، والقذائف تعرف الطريق إليها، والدبابات وجرافات الخراب... الطائرات والمجوقلات الحربية تتابعها يومياً إلى الحقول الجردآء وإلى المدارس المحطمة وإلى الفصول الدراسية المخلعة... الأرواح الشريرة أيضاً تلاحق صعدة إلى السوق وإلى المستشفيات التي تحولت إلى مقابر.
صعدة التي تفجر من جسدها البركان، ذلك الصوت المقاوم بهشاشة خطاب الضحية وصلابته في آن، هي المتعددة المتجددة المستعدة لإستقبال جحافل الجيوش العسكرية والقبلية والفقهية المنغمسة في الفضيحة والخارجين للتو من أجل عبادة آلهة الحرب والقتل والعودة بها مكبلة إلى كهوف الظلام.
وقبل أن يتطوع البعض بثرثرة مجانية عن فلسفة العلاقة "الفنطسية" بين القارورة والماصورة ودبر الإنسان!!! - تلك الخزعبلات البالية التي احترف إطلاقها القوى المناوئة لوجود القوات المصرية أوآئل الثورة في نفس المكان... - على من يريد ان يُدعى بإبن أبيه التعرف على أولئك الذين أحترفوا علف الموت وتفريخه، وعلى من هم أكثر الناس سعياً للإحتكار وربط المواطن ككلب أليف إلى سارية العَـلم، والتحديق ملياً في الوجوه للتعرف على أولئك الذين هم أكثر نزعة لإحتقار من يتحول إلى غنيمة.
بعد كل تلك الحروب الفاضحة، يعتريني الغضب حين نطيل صلاة الغائب عليها... - صعدة المقيمة في أنفاسنا، هي من يختبرنا في موتنا المعلن في كل ثانية صمت، وهي من يعرفنا تماماً، وحصارها لا يعني إلاّ حصارنا ووصولنا إلى حافة الذل والهاوية.
... كل من يعتقد أنه بعيداً عما يجري... بعيداً عن سؤال الضحايا وطوابير الأيتام والثكالى والسبايا والممنوعين من الحياة، هو يعيش كذبة هائلة، - صعدة هي المعيار.
وفيما تُنتزع صعدة بيتاً إثر بيت، وجامعاً إثر جامع، ومدرسة إثر مدرسة، وروحاً إثر روح... رحى المعركة الآن في صعدة قائمة على أشدها، حيث لم ينته عدوان قابيل على أخيه هابيل بعد... وكل ما هو خارج من صعدة يغدو محل سؤال لا ينجو منه أحد، وسرعان ما ينفلت السؤال الى أسئلة:
ما الذي نفعله نحن، وما الذي يجب فعله؟... وماذا عن جرائم الحرب تلك الدائرة على الأرض؟... أيضاً، حصار البشر والحجر؟... هل سكوتنا جريمة؟... وهل يجوز تنصلنا حتى يتم - لاسمح الله - تدخل المجتمع الدولي في شؤون البلاد؟
- والمحك الأهم: ما الذي يفعله هذا الرجل باليمن؟
abdulla@faris.com