عاجل .. البنك المركزي اليمني يكشف عن نقل مراكز البنوك التي كانت بصنعاء إلى مدينة عدن... ضربة موجعة للمليشيا الحوثية
الدراما اليمنية.. بين إثبات الذات وتجاوز التحديات
تعرف على طرق تخفى مسيرات الحوثيين في البحر الأحمر؟
الكشف عن مخطط أمريكي إسرائيلي لنقل سكان غزة على 3 دول أفريقية
مبادرة لمواجهة تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر
الشركة الإسلامية اليمنية للتأمين تسلم الدفعة الأولى من مبالغ التعويضات لعدد من التجار المتضررين
اليمن: توقعات بهطول أمطار متفرقة خلال الساعات القادمة
9 عادات صحية وغذائية سيئة ينبغي تجنبها في رمضان.. تعرف عليها
العميد طارق :القوى الوطنية تتُقرِّب من النصر المؤزر واستعادة الدولة ومعركة اليمنيين ضد الحوثيين هي معركة أجيال ولن تتوقف إلا بدفن خرافة الولاية
عملية نوعية بالعبر.. أخطر عصابات التهريب تقع في قبضة القوات المسلحة
الأنظمة العربية اليسارية، أو ما يمكن أن يطلق عليها مصطلح: الأنظمة الراديكالية في الوطن العربي، تمكنت على مدى عقود عدة من استقطاب غالبية الشباب العربي المهزوم بضياع فلسطين ولواء اسكندرون والمحمرة، من خلال شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية، وقبل ذلك من خلال التمسّح بعباءة فلسطين. كان يأتي في مقدمة تلك الأنظمة: اليمن الجنوبي، الذي تحول إلى مصنع كبير لتزوير جوازات السفر وفندق أكبر لرجالات كارلوس وأنيس النقاش. الغريب – وهو ليس غريباً على الأنظمة الشمولية – أن اليسار العربي متناقض، فهو صفق طويلاً عندما أعلن العراق ضم الكويت إليه، وهو ذاته الذي يبارك الآن - صامتاً – الدعوات الانفصالية التي أعلنها الانفصاليون في جنوب اليمن. هذا التناقض هو الذي أوصل الأمة إلى أن تقف متفرجة على السودان وهو يقبل بلجنة تحكيم دولية لتحديد هوية مدينة سودانية هي مدينة «أبيي».
من حق اليسار العربي أن يفاخر بتاريخه النضالي ضد الإمبريالية العالمية، لكن ليس من حق الانفصاليين في جنوب اليمن أن يريقوا دماء الأبرياء في الضالع وعدن وحضرموت لحساب مشروع انفصالي خاص، وهم الذين «دوخونا السبع دوخات» في وقت سابق بـ«الوحدة العربية» التي يريدون اليوم فصم عراها. ما هو ليس من حق اليسار العربي تشتيت عقولنا من خلال تأييده وتصفيقه طويلاً لموضوعين متناقضين تماماً، هما: موضوعا احتلال الكويت والمطالبة بانفصال جنوب اليمن.
تناقضات اليسار العربي ليست وليدة اليوم، فهي صاحبة جذور تضرب في عمق التاريخ. اليسار العربي تمكن من عقد أول وحدة عربية بين مصر وسورية، لكنه سرعان ما أعلن موتها، بعد أن عاثت خيول الفراعنة فساداً في حلب الشهباء، على رأي الشاعر السوري (العربي) أدونيس. بعد ذلك تمكّن اليسار العربي من الوصول إلى الحكم في أهم بلدين عربيين في ذلك الوقت، هما: سورية والعراق، ومن خلال منظومة حزب واحد، هو: حزب البعث العربي الاشتراكي، لكن «الرفاق» ما لبثوا أن شقوا صفوف «الحزب الواحد» وأمسى «مؤسسه» وحيداً في مقاهي البرازيل.
لو لم تكن هذه التناقضات موجودة منذ بداية تشكّل اليسار العربي، لقلنا إن الجيل الجديد من اليسار العربي، أخطأ في تطبيق المبادئ على أرض الواقع، لكن هذه التناقضات قديمة وأساسية في تكوين يسارنا العربي، وهو ما يعني حتمية إعادة هيكلة اليسار العربي الجديد ليصبح جزءاً فاعلاً في التكوين الفكري والسياسي والاجتماعي للأمة، فاليسار العربي أنجب – في بداياته – فنانين وشعراء وأدباء عظاماً، وأسهم مساهمة فعالة في المسيرة الفكرية للأمة، لكنه لم ينتج «سياسياً» واحداً قادراً على المزاوجة بين الحلم والواقع.
رسم اليسار العربي نفسه على أنه «سحابة الضوء» التي تنير طريق الأمة وأنه الشمعة الأولى في نفق التحرر والخروج على الأغلال، لكن سُحب الدخان التي غطت سماء الكويت بعد تحريرها من الجيش العراقي، أطفأت سحابة الضوء في وحل التناقض، وها هي شمعة اليسار العربي تنطفئ في عيون القتلى الأبرياء في الضالع وعدن وأبين.
هذا لا يعني أن «الأنظمة اليمينية العربية» على حق، وأنها اختارت الطريق الصحيح، لكن الواقع أثبت أن هذه الأنظمة خرجت بأقل الأضرار، بعد المتغيرات السياسية والجيوسياسية التي طرأت على العالم في العقود الثلاثة الأخيرة. «الأنظمة اليسارية العربية»، زادت من نسبة الأمية والفقر، ولم تتمكن من السيطرة على مشاريع تحديد النسل التي طرحتها. ليس هذا فحسب، بل إن اليسار العربي، الذي «دوخنا السبع دوخات» بأهمية «وحدة الصف العربي»، تمكّن وباقتدار من تقطيع النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية للشعوب التي يحكمها.
اليسار العربي خدعنا لبعض الوقت، لكنه لن يستطيع أن يخدعنا كل الوقت، كما أن علينا أن نُصدق اليمينيين العرب القول ونخبرهم بأن شعوبهم لا تتطلع إلى مضيهم في الطريق الصحيح فحسب، بل إنها تتوق إلى أن تراهم يسلكون الطريق الأفضل نصرة لشعوبهم وقضايا أمتهم.
*نقلاً عن "الحياة" السعودية