أجهزة الأمن تضبط كميات كبيرة من مخازن الذخيرة في محاولة تهريبها جنوب اليمن
حيث الإنسان يصنع السعادة لصانع سعادة الأطفال.. رحلة التنقل بين محطات الألم والحرمان.. تفاصيل الحكاية
بشكل عاجل الرياض توفد طائرة خاصة الى مطار سيئون وتستدعي رئيس حلف قبائل حضرموت وقائد قوات الحماية الحضرمية
في موقف مخزي.. الرئاسة الفلسطينية تدين تصرفات حماس وتصفها بـ ''غير المسؤولة''
حسن نصرالله «يعيد» طبيبة لبنانية علوية من أمريكا الى لبنان بالقوة
اليمن تعلن موقفها من القصف الإسرائيلي على قطاع غزه
الحوثيون ينهبون مخازن برنامج الغذاء العالمي بمحافظة صعدة
الكشف عن اسم قيادي حوثي قُتل في الغارات الأمريكية الأخيرة
سلسلة غارات أمريكية دمرت مخزنًا سريًا استراتيجيًا داخل معسكر للحوثيين في الحديدة
تقرير حقوقي شامل بين يدي العليمي.. توجيهات رئاسية بتسهيل عمل لجنة التحقيق الوطنية والتعامل بمسئولية مع ما يرد في تقاريرها
مها طال الزمان وتباعدت المسافات تبقى في الذاكرة بقايا صور تجاهد لتقاوم النسيان والتقادم, وتبقى نافذة على حديقة خلفية, يسترجعها الانسان كلما أراد التخلص من هموم الحياة والعودة الى زمن جميل ولحظات أجمل. الصور التالية بقيت في ذاكرتي مع صور أخرى عن اليمن السعيد وعن أهله الكرام.
1-الحاج حسن وسر السعادة والصحة:
لفترة من الزمن سكنت في محافظة عمران وتوجد في هذه المحافظة مدينة جميلة جدا موغلة في القدم تسمى "ثلاء" وبها حصن يسمى حصن الغراب مقام على جبل عال لا تصل اليه الى من خلال طريق واحد وقد شهد هذا الحصن معارك دامية مع الأتراك.
في هذه المدينة تعرفت على حسن أو "احصن" بحسب اللهجة المحلية, وهو "شاب" في أواخر العقد السابع من عمره انحنى ظهره وبدت عليه علامات الزمن ولكن ما يشدك اليه هو التماسك والثقة والنظرة القوية البادية على عينيه التي لم يستطع الزمن التأثير عليها.
قبل صلاة فجر أحد الأيام أصبت بالذعر لرؤية الحاج حسن يستمتع بالغطس في بركة مسجد "نبهان" الصغير التي لم أكن أستطيع لبرودة الماء فيها- وأنا الشاب- مجرد الوضوء فيها ,حيث كنت اضطر للتوضأ في البيت ومن ثم الاختباء تحت البطانية لدقائق حتى تزول رجفة البرد من عظامي, خصوصا أن المنطقة والمناطق المجاورة مشهورة بالبرد القارص, حيث يقول علي بن زايد "البرد حل المصانع ومسكنه بيت علمان" وبيت علمان موطن البرد هذه لا تبعد كثيرا جدا عن ثلاء.
بعد الصلاة أختلست النظر اليه لأطمأن على أنه ما زال على قيد الحياة بعد هذه المغامرة المجنونة ولكنه خرج في هدوء وخطوات قوية الى صحن المسجد ليقرأ القرءان على ضوء الفجر الخافت فيما فضلت الجلوس في داخل المسجد لأنعم بالدفء .
بلغت دهشتي ذروتها عندما رأيته يكرر "جريمته" بحق نفسه على مدى أسبوع كامل ,مستمتعا كامل الاستمتاع كأنه يمارس الغطس في أحد الجزر الاستوائية الشديدة الحرارة وليس في ثلاء, عندها بلغ صبري حده ولم أستطع مغالبة الفضول لمعرفة السر وراء عدم اصابته بنزله برد كما يحدث لنا لمجرد ملامسة الهواء البارد أنوفنا وكذلك سر قوته رغم اقترابه من الثمانين عاما,فسلمت عليه بعد أحد الصلوات فرد السلام بلطف وأجلسني بجواره وسألته بعد تردد عن السر.
"يا ابني الماء البارد عافية وصحة أنا لي أكثر من ثلاثين سنة وأنا أتغطس في هذا الماء". احسست برعشة برد تسري في جسمي.
"يا ابني عندكم في الصومال مطيط؟" سألني فجأة وأنا لم أفق بعد من صدمة الغطس في الماء البارد لثلاثين سنة.
"لا" أجبته ولم أكن أعرف الكثير حينئذ عن المطيط وهي أكلة يمنية تشبة الشوربة وتدخل في صناعتها عناصر طبيعية عديدة.
"أبسر يا ابني أنا من صغري وأنا أفطر على مطيط وعسل وأنت عارف أن المطيط مسامير الركب" قلت هذه واحدة.
"من وأنا عمري 10 سنين الى اليوم وأنا أعمل في "الجربة" الحقل" وهذه الثانية أسررت لنفسي.
"أحرص على أن لا تفوتني صلاة في المسجد وأقرأ جزء من القرءان كل يوم"
"لا أحمل أي حسد أو مكروه لأحد وأتجنب آكل شيء حرام" قالها وربت على كتفي كأنه يريدني أن أعتنق هذه المبادئ من أجل ضمان حياة أكثر صحة وسعادة.
اليوم وبعد مرور كل هذه الأعوام على مقابلتي للحاج حسن أستغرب عند قراءتي لكتب مثل "كيف تحقق السعادة وتؤثر في الناس" لكارنيجي والكتب المشابهة لها التي تقول بأن النظام الغذائي الصحي والاستمتاع بالعمل والصلاة وحب الخير للناس هي مفاتيح السعادة ,فالحاج حسن من ثلاء لم يقرأ لكارنيجي وغيره ولكن الله رزقه بحكمة "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" فجعلته هذه الحكمة يطبق مجموعة من الطرق الحياتية جعلته سعيدا قويا معافى مقبلا على الحياة.
حفظك الله يا عم حسن ان كنت لا زلت حيا مستمتعا بالغطس في مسجد نبهان كما عهدتك ورحمك الله ان كان المولى قد توفاك فلقد علمتني درسا لن أنساه, ولقد حاولت اتباع بعض نصائحك في الحياة ولكن لسوء الحظ ليس من بينها الاستحمام في الماء البارد في الشتاء.
كاتب صومالي – السويد
Osman.m.ahmed@gmail.com