الأخذ بيد اليمن بعيدا عن حافة الانهيار
بقلم/ آيفن لويس
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و 27 يوماً
السبت 16 يناير-كانون الثاني 2010 04:30 م

ما دفعني لكتابة هذا المقال هو مقال افتتاحي نشرته صحيفة 'القدس العربي' قبل بضعة أيام توحي فيه بأن الغرب يولي اهتمامه لليمن فقط في سياق التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة، وبان بريطانيا وأمريكا تعتزمان 'دس أنفيهما' بالشأن اليمني الداخلي في سيناريو مماثل لما حدث في العراق وأفغانستان.

اسمحوا لي أن أوضح تماما بأننا جميعا قد تعلمنا الكثير من واقع تجاربنا في الماضي. من الواضح أن مساعدة بلد للابتعاد عن حافة الكارثة أكثر تحبيذا وسهولة من محاولة إعادة بناء ما تبقى من دولة ما بعد انهيارها، وتكون آثاره أخف وطأة على المواطنين العاديين.

لهذا السبب فإننا ملتزمون تماما بمساعدة اليمن على مواجهة التحديات العديدة الماثلة أمامه حاليا، ونهدف إلى تسهيل استجابة دولية منسقة تتماشى مع مصالح اليمنيين أنفسهم.

ربما يكون الإرهاب أكثر قضية ملموسة بالنسبة للمواطنين العاديين في الغرب الذين يقرأون التقارير الصحافية حول اليمن، لكننا لا ننظر إلى الإرهاب على أنه بالضرورة التهديد الأكبر أو الوحيد الذي يواجه اليمن اليوم.

فالسبب الأساسي للعديد من التحديات التي يواجهها اليمن اقتصادي. وهناك العديد في اليمن ممن يشعرون بأنهم مهمشون ولديهم إحساس بخيبة الأمل، ويكافحون لأجل توفير المعيشة لعائلاتهم من الموارد الطبيعية المتضائلة. والاضطرابات المدنية حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية متنامية، وخصوصا في الجنوب. لكن مع ذلك، فإن غالبية الضيم مشترك على المستوى الوطني للبلاد، بما في ذلك انعدام فرص التوظيف، وانتشار الفساد، وعدم الإيفاء ولا المساواة بتقديم الخدمات الحكومية وسيادة القانون في أنحاء البلاد، وعدم وجود آليات فعالة لتقديم الدعم الاجتماعي للمحتاجين فعليا.

كما أن هذا الشعور المتنامي بالتهميش وخيبة الأمل ينعكس في استئناف القتال في صعدة، حيث يمكن التوصل لتسوية طويلة المدى فقط عبر السبل السياسية.

وإننا مستمرون في تركيزنا على توفير المساعدات الإنسانية الطارئة، عبر الأمم المتحدة وغيرها، لمن نزحوا نتيجة لهذا القتال، بينما نستمر بالتعاون بشكل وثيق مع الحكومة اليمنية دعما لجهودها لأجل التوصل إلى تسوية سلمية. لم يأت اهتمامنا باليمن فجأة بعد التقارير التي وردت عن محاولة تفجير الطائرة فوق ديترويت، بل إننا دأبنا منذ بضع سنوات على تعزيز مساعداتنا لليمن.

ففي شهر آب/أغسطس 2007 وقعنا مع الحكومة اليمنية ترتيبات الشراكة لأجل التنمية مدتها عشر سنوات تأكيدا لدعمنا، كما أننا نتفق فيما بيننا على أهداف ترمي لخفض مستوى الفقر وتطبيق إصلاحات هناك. واتفقنا كذلك على تقديم مبلغ 105 ملايين جنيه إسترليني يعتبر مؤشرا لما سنساهم به ما بين 2008/2009 وحتى 2010/2011، وذلك يعتمد على إيفاء الحكومة اليمنية بالتزاماتها وقدرتها على استيعاب المساعدات. وقد تعاظم القلق لدى المملكة المتحدة خلال الشهور الثمانية عشر الماضية بشأن اليمن، وتغيرت استراتيجيتنا تبعا لذلك. حيث تركز أهدافنا على دعم الحكومة اليمنية في توفير الخدمات والوظائف لمواطنيها، وكذلك تنمية دولة قوية ديمقراطية قادرة على معالجة أسباب الصراع وعدم الاستقرار.

أجل، إننا ننظر إلى تنظيم القاعدة في اليمن على أنه تهديد كبير محتمل للشرق الأوسط وللعالم، لكن ليس هناك ما يستفيد منه تنظيم القاعدة أكثر من عدم الاستقرار. وزيادة استحكام القاعدة في اليمن ستكون كارثة بالنسبة لهذا البلد بالنظر إلى سلسلة آثار الدماء والدمار التي خلفوها وراءهم في البلاد التي كان لهم وجود قوي فيها. كما أن للقاعدة تأثيرا مدمرا على قدرة اليمن على الاستفادة من السياحة، وهو ما يعتبر مأساة بالنسبة لبلد يحفل بتاريخ غني ولديه مناطق طبيعية خلابة. وبالتالي فإننا ملتزمون بالتعاون مع جميع المعنيين في المنطقة لأجل تعزيز قوة السلطات اليمنية لتوفير إدارة رشيدة فعالة وعادلة لضمان ألا يكون للقاعدة موطىء قدم في اليمن.

وعلى النقيض لما يزعمه المقال الافتتاحي لصحيفة 'القدس العربي'، استجابتنا لصعوبات اليمن يجب ألا تكون عسكرية بشكل أساسي. كما أكد الرئيس أوباما بأنه ليس لديه نية إرسال قوات أمريكية لليمن. بل إن اليمن بحاجة عاجلة للتوصل إلى تسوية سلمية للقتال في صعدة.

يمثل مؤتمر اليمن المزمع عقده في أواخر الشهر الجاري جزءا من عملية تركيز الوعي الدولي بالصعوبات الكثيرة التي يمر بها اليمن، وتوجيه الدعم الدولي لضمان استجابة منسقة لهذه الصعوبات. ليس هناك ضمان بتحقيق النجاح، حيث أن الوضع في اليمن صعب للغاية. إلا أن الجهود الطموحة المبذولة الآن لتعزيز صمود اليمن أمام هذه التهديدات سيكون تحقيقه أكثر سهولة وبلا حدود مقارنة بمهمة إعادة بناء ما انهار في حال تركنا اليمن ينهار.

وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط