إنهيار مخيف للريال اليمني في عدن صباح اليوم الخميس محكمة الاستئناف الكويت تحجز قضية طارق السويدان للحكم أردوغان يحسم موفقة من حرب غزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة
في الأيام القليلة الماضية , أثبتت أحداث تونس أن إرادة الشعوب لا تنثني أمام عمليات الإعدام والمجازر الجماعية التي يقوم بها جند السلطان في الساحات العامة , لإرهاب الناس العزل عن المطالبة بحقوقهم المشروعة , عمليات إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الذين يخرجون بعد حياة الضنك الطويلة , تكررت في أكثر البلاد العربية التي تخرج فيها مظاهرات تطالب بتحقيق شيء من الإنسانية والكرامة لهذا الإنسان العربي , الذي أصبح مملوكاً للنظام الذي يحكمه يتصرف به كيف يشاء فلا يحق له أن يطالب بحق أو يعترض على قرار صدر من قصر الوالي المعظم .
هذه المرة تغيرت أسس اللعبة ووقع ما لم يكن في بال النظام العربي الصامت عن نطق كلمة , يدين بها ما يحدث في تونس , ولأن الساكت عن الحق شيطان أخرس فقد نطق الشيطان الأكبر أخيراً على استحياء ولم يتحمل الصمت , مستنكراً وبلطف استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الأمن التونسي فيما ظل النظام العربي صامتاً يترقب .
الحكومات العربية التي تخرج علينا للتنديد والاستنكار لقتل الإسرائيليين لفرد أو فردين من الفلسطينيين , وربما سيرت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الضخمة وحركت إعلامها , ودعت لعقد قمم واجتماعات طارئة لاتخاذ إجراءات ضد عمليات العدو, وانبرى حكامها للتنافس على الخطابات الحماسية استنكاراً لقتل الأبرياء , هاهي اليوم تقف متفرجةً على الضحايا الذين يسقطون من شباب ونساء تونس ولا بواكي لهم , ذلك أن أكثر هذه الحكومات موبوءة بنفس أمراض النظام التونسي من فساد ورشوة ومحسوبية ونهب للثروات وقمع للحريات وتلاعب بالوظائف ومستقبل الشباب , وسقوط هذا النظام بسبب هذه الأحداث يعني منعطفاً تاريخياً هاماً للشعوب العربية لنيل حريتها من هذه الأنظمة الفاسدة التي استبدت وطغت وظنت أن الحلول الأمنية والسطوة العسكرية كفيل بالحفاظ عليها مدى الحياة .
الشعب التونسي - الذي لم يصمت بعد - أصاب الحكومات العربية بالذهول وبدأت تراجع حساباتها من جراء هذه الصدمة , التي لم تكن تتوقعها في بلدٍ كتونس , لذلك صدرت قرارات في أكثر من بلدٍ عربي انحاز فيه الحاكم للشعب وللفقراء فيما كانوا في السابق لا يبالون في قراراتهم بشعب ولا فقراء .
فرئيس تونس يقيل وزير الداخلية ويعد بإصلاحات مهمة ستشهدها البلاد وتحقيقات في قضايا الفساد والرشوة وتوفير مئات الآلف من الوظائف للعاطلين بعد أربعة أسابيع من الثورة الشعبية العارمة !!
والحكومة الجزائرية تعلن عن تخفيض الأسعار بعد أعمال شغب استمرت أربعة أيام !!
وملك الأردن يقف إلى جانب الفقراء أيضاً !!
حيث وافق مجلس الوزراء الأردني على خطة بملايين الدولارات للسيطرة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية، كما خفض أسعار بعض أنواع الوقود لتخفيف أثر ارتفاع أسعار الغذاء على الفقراء وأعلن مجلس الوزراء أن هذه الإجراءات جاءت لتنفيذ توجيهات من الملك عبدالله !!
وفي بلادنا توجيهات عليا صدرت متضمنة إيقاف وزير النفط بسبب أزمة المشتقات النفطية وعدم توفرها في الأسواق والتي أدت إلى حدوث اختناقات أمام محطات الوقود وأوجدت تذمرا لدى المواطنين!!
عجيب والله هذا العطف والحنان على المواطن والرأفة به والوقوف لجانبه !!
أرأيتم كيف أن الشعب التونسي اليوم يصنع بثورته تاريخاً جديداً للشعوب العربية , وإن من العار أن يترك الشعب التونسي وحده , فحتى مجرد الاحتجاج والاستنكار للأسف لم نسمعه من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني العربية ، إن النعامة التي تدفن رأسها في التراب جبناً أفضل بكثير من تلك الشعوب العربية وأحزابها ومنظماتها غير القادرة حتى على تنظيم وقفة احتجاج واحدة تساند فيها الأبرياء الذين يسقطون بالرصاص الحي , أو حتى إصدار بيان استنكار من اجل إشعار المواطن العربي بأنه أمة واحدة .
إن صور الضحايا من مختلف الأعمار والتي تبث عبر وسائل الإعلام كافية بتليين الحجر الصلب , وهز مشاعر قساة القلوب , فمتى نسمع صرخة استنكار من علماء الدين الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق , أو ليسوا يقيمون الدنيا ويقعدونها بالبيانات وخطب الجمعة على ما هو أقل مما يحصل في تونس من قتل وإعدام للأبرياء ؟!
وهل نرى موقفاً مشجعاً للمثقفين العرب ومؤسساتهم وأحزابهم أم أن الصمت سيتواصل إلى أجلٍ غير مسمى ؟
أو ليس من العيب أن يستنكر الكفرة في الشرق والغرب ما يحدث في تونس فيما يظل العرب المسلمون صامتين صمت المقابر عما يجري لإخوانهم وبني جلدتهم ؟ وإن نطقوا يكونون تبعاً لغيرهم وكأنهم ينتظرون الإذن بإنكار المنكر والصراخ من الألم من الأمم أو الولايات المتحدة فإن نطقت نطقوا وإن صمتت صمتوا .
وأخيراً لكأن أحفاد الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي يريدون هم لا غيرهم أن يحققوا قصيدته (إرادة الحياة ) التي قال في مطلعها :
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر