هل اقترب قرار الحوثي الحرب على السعودية؟
بقلم/ الحاج معروف الوصابي
نشر منذ: 9 سنوات و 11 شهراً و 12 يوماً
الثلاثاء 02 ديسمبر-كانون الأول 2014 01:12 م

كما كان اليمنيون ينظرون ببرود وفي حالة من الاسترخاء للحوثيين وهم يُحكمون السيطرة على صعدة ويقتحمون دماج وعمران كأنما الأمر لا يعنيهم وكأنما حالهم مراقب للحدث ليس أكثر حتى دهمهم التتر ..

كذلك هي السعودية اليوم في الذي يجري في اليمن ، سلبية تتجلى حذو القذة بالقذة ، وشَبَه الغراب للغراب ..  

عند قراءة الايدلوجية الايرانية والعقلية السياسية للجيل المؤسس للجمهورية الاسلامية والذي ما زال هو الحاكم ، وتبعا للمتغيرات الحاصلة في المنطقة والتي للأذرع الايرانية الممتدة اليها الدور الفاعل والمحوري ــ في كل من لبنان والعراق وسوريا وصولا لليمن وهذا الأخير لدى الاستراتيجية الايرانية نقطة الارتكاز ــ فإن الحرب الايرانية السعودية باتت على وشك وأقرب من مقولة قاب قوسين ..

هذه الحرب التي ستُرسلها ايران على المملكة العربية السعودية عبر وكلائها وأذرعها المختلفة هي حتمية لدى الفكر السياسي لولاية الفقيه ، ومعتمدة منذ فترة وبها قرار ، لكنها كانت مؤجلة حتى تتجمع المعطيات وتأتي الفرصة بنفسها تمشي على اربع ..

الآن فقد تهيأت البيئتين الدولية والاقليمية لميلاد نظام اقليمي جديد تتربعه الامبراطورية الفارسية بعد طول ترويض للنظام الدولي وطول حرث في الإقليم محل استواء الامبراطورية القادمة ذات الحاضر والارث التاريخي ..

فالنظام الدولي تجاه ايران بات مسترخيا ومستسلما دون مناكفة ومسلما لها في الكثير من مصالح الصراع المحيطة بها ، بعد أن غمسته إيران بدهاء فارسي خبيث وببرود في عدد من المستنقعات الوبيئة الموجعة والتي أنهكته وأدمته واستنزفته حتى جرّته لها كأداة لخدمة مصالحها القومية في المنطقة دبلوماسيا وعسكريا ..

تجلى ذلك في أفغانستان ، وجنوب لبنان مع حزب الله ، وسوريا والعراق وأخيرا اليمن ..

الابداع لدى الاستراتيجية الايرانية أنها لا تُواجه خُصومها مباشرة بلحمها ودمها ومواردها ، بل بأذرع حديدية صنعتها على حين غفلة وغباء من خصومها جعلت منها الخازوق والكاسر لخصومها ومحركات صنعت دوامات للبيئة الدولية على مستنقعات وبيئة ..

الموجهات العقدية والفكرية ..

يتسم النظام السياسي الايراني بطبيعة غريبة وعجيبة في التنوع والتماسك والتشابك في البنية والمؤسسات والقرار ..

وبامتلاكه للرؤية والخطة والبرنامج ، والمرجعيات كمنظومة من الاشخاص ومراكز البحث ومؤسسات متخصصة تمد القرار بالبيانات والمعلومات والتوصيات والدراسات والنظريات .

ومن ثم فالفعل السياسي الايراني على مساري الدبلوماسية والسياسة الخارجية لا يسير هكذا اعتباطا أو ابن يومه كرد فعل للأحداث وإنما بوحي من عدد من النظريات التي باتت هي الموجهات ..

1ــ النظرية الأم : ولاية الفقيه وهي الاساس التي تنبثق عنها نظريات فرعية أخرى على طريق التوسع والتمكين للإمبراطورية الفارسية ,و الولي الفقيه عندهم هو الوكيل المؤقت للمهدي المنتظر الذي طاعته واجبه على العالم الاسلامي.

2ــ نظرية القومية الإسلامية : وصاحبها "مهدي بازركان" وجوهرها الإيمان بمهدي الشيعة المنتظر رسول العدل والحرية والذي يجب على إيران في زمن غيبته "أن تحل محله عبر الولي الفقيه وتوظيف كل الادوات والممكنات في العالم من أجل تحقيق الأهداف القومية الإيرانية الشيعية وتهيئة الارض لمقدمه.

3ــ نظرية تصدير الثورة الخمينية الإيرانية :  "واعتبارها أهم وظائف الدولة الإسلامية الإيرانية، لإقامة الحكومة العالمية العادلة" .

4ــ نظرية أم القرى:  أو دولة أم القرى التي تقوم على مفهوم "أنّ إيران هي مركز الإسلام العالمي، وأنّ الولي الفقيه هو قائدها الأوحد، وأن قُم هي البديل لمكة المكرمة، وأن المنامة تابعة لإيران حكماً، وبحسب هذه النظرية فإن أهدافها تتحقق من خلال:

- نشر التشيع الرافضي الصفوي في العالم الإسلامي، والسعي لإقامة حكومات صفوية تدين لإيران بالولاء التام، واستعمال كافة الوسائل لتحقيق ذلك، سواء كان بانتخابات، أو استفتاءات، أو انتفاضات أو اغتيالات، أو استخدام المغريات الاقتصادية وغيرها، أو بتشجيع الشيعة على نشر الفوضى في البلاد التي يعيشون فيها! أو بالتحالف مع أي غزو خارجي! أو بالتدخل المباشر أو غير ذلك" ..

وعلى ذلك فكل شيء مشروع لنقل مركز الكون الى أم القرى الجديدة ، وبطبيعة الحال فلن يتسنى ذلك حتى تزول ما تسمى مكة المكرمة والمدينة المنورة من المشهد كحضور مركزي وقوة جذب لدى العالم الاسلامي ..

المعطيات الراهنة ..

ــ نجحت إيران في تعديل مسار النظام الدولي في الازمة السورية من القطب الاوحد الى ما يشبه إعادة الهيكلة ببروز تكتل دولي مناوئ تقوده روسيا والصين وايران وبقية من القوى الاخرى .

ــ نجحت ايران في القضاء على مشروع التكتل السني الذي كان على وشك أن يتبلور مثلثه تركيا مصر السعودية وذلك باختطاف مصر السنية ودورها المحوري الذي قد كان مرسي اعاده على مساره ، وبدفعها العربية السعودية بطريقة ذكية وغير مباشرة عبر وكلائها (الدولي ) وأذرعها (الاقليمي) الى المواجهة المباشرة مع فضائها السني في المنطقة المتمثل بما يسمى الربيع العربي السني ، ثم مصادمتها المباشرة والغير مباشرة مع السياسة الخارجية التركية ، فكانت النتيجة أن كسّرت العربية السعودية نقاط قوتها بنفسها ، ومزقت عمقها الاستراتيجي ..

ــ نجحت إيران تماما في استغلال الفوضى العارمة في المنطقة باستكمال بناء بنية أذرعها الصفوية في كل من ايران وسوريا ودول مجلس التعاون باستثناء السعودية نسبيا ( المنطقة الشرقية ) ما يعني استلام سيادة هذه الدول والجغرافيا والسكان تماما .

ــ استلام ايران اليمن كهدية دون عناء يذكر دبلوماسيا او سياسيا أو موارد بسيطرة الحوثيين على القرار والمقدرات والموقف السياسي في اليمن ..

تجاه السعودية ..

فهذه لدى إيران هي الهدف الاستراتيجي لمشروع الامبراطورية القائم على المسوّق الديني والثروة والمركز الجغرافي بالنسبة للعالم ..

التكتيك الراهن ..

لدى الحوثيين في اليمن وهم رأس الحربة أن الدخول في حرب محدودة مع المملكة العربية السعودية سيؤدي الى جمع اليمنيين حولهم وستفوت تلقائيا هذه الانتقادات وصيحات الرفض ضدهم بل وسيُطبع لهم لدى الشعب اليمني كأبطال منقذين أمام دولة شقيقة يحمل اليمنيون تجاهها بعض العتب وربما الوجع في نسق العلاقات التاريخية بين البلدين هي في السياق الطبيعي والمعتاد في العلاقات الدولية يسعى الحوثيون بفعل محركات عقدية جعلها مبادئ مصيرية .

كما يهدف الحوثي من هذا التكتيك والمناورة فرض نفسه كلاعب اقليمي ليس منه بد ، والضغط على السعودية تبعا للمتغيرات الجديدة للخضوع والتعامل على قاعدة أخف الضررين بتقديمها المعونات المالية ودعم الخزينة اليمنية التي افرغها او تسبب كواجب عليها وليس تفضلا منها ، ولتحسين وضع المقيمين اليمنيين في المملكة ..

والقصد من هذه وتلك استحقاقات داخلية بات الحوثيون مُجبرين على الوفاء بها ، ولرفع رصيده الشعبي من جهة خرى .

والتوقعات أنه كلما اشتدت على الحوثيين في الداخل اليمني كلما فر الى خيار الحرب هذه ..

اما عند ايران ..

فإنه عند هذه اللحظة تكتيك وخطوة استراتيجية ايضا ..

ففي الاول (التكتيك ) تريده ايران صفعة وفعل بالمثل لما يجري في سوريا ومشاغلة للسعودية ولإخضاع الدبلوماسية السعودية في أي مفاوضات تتعلق بمصالح ايران في المنطقة .

كما أن ايران تريد منها في الوقت نفسه نقطة قوة محورية لتحسين موقفها التفاوضي مع الفاعل الدولي والدفع به الى التراجع عدد من الخطوات بضغط قوي يفرضه هذه المرة الواقع على الارض.

ومع أخبار حضور تعزيزات للحوثيين من حزب الله وربما مثلها من فيلق بدر ومليشيا ايران في الخليج ، وتلك الانباء عن توجيه الحوثيين لصواريخهم من صعدة باتجاه السعودية ،والتسويات السياسية الراهنة للحوثي مع خصوم الداخل ، ومع مراجعة العقلية السياسية للحوثيين وحضور عفاش مختبئا في هذه العقلية ..

وعلى ضوء ما سبق فإن فتح الحوثي جبهة حرب مع السعودية أمر تؤكده المعطيات والتجليات والنظرية السياسية إلاَّ أن تسبق الدبلوماسية السعودية وتقدم مساحات من التنازلات وقدر من الاسترضاء ..أو أن المتغيرات تختلف على الارض اليمنية في المواجهات القبلية لغير صالح الحوثيين ..