يا علماء الإسلام أفتونا : هل من كفرا بواحٍ بعد هذا ؟
بقلم/ احمد الظرافي
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 24 يوماً
السبت 21 يوليو-تموز 2007 05:12 م

مأرب برس - خاص


 الرئيس المصري يأمر بخنق مليون ونصف مليون مسلم في غزة 

شن كاتب عراقي - عبر موقع الرابطة العراقية – في 19/7/2007 ، هجوما عنيفا ولاذعا على الرئيس المصري حسني مبارك ، وذلك ردا على قرار مبارك الأخير المثير للدهشة والقاضي بعدم السماح بدخول أي عراقي إلى مصر – المحروسة - إلا من الصهاينة - واصفا هذا الموقف الجديد من قبل الرئيس المصري بأنه " موقفا مخزيا وعارا في رصيد مواقفه المخزية للأمة العربية " كما ندد الكاتب بهذا القرار ، وقال - وهو محق في كل كلمةٍ قالها أو لم يقلها - أنه :" لا يمكن لمثل هكذا قرار أن يكون وطنياً أو قومياً , أو سياسياً صائباً , أو اقتصادياً , أو إنسانيا , أو عروبياً أو إسلامياً ... في ظل ما يعانيه الشعب العراقي من ويلات الاحتلال وما أفرزه من حكومات عميلة " طائفية " أذاقت العراقيين الأمرين " .

 ووصف الكاتب العراقي النظام المصري بأنه: " رأس الحربة التي تآمرت على المنطقة ، والعراق بوجه الخصوص" . الخ. وهذا هو الرابط لمن أراد قراءة المقال بالكامل : http://www.iraqirabita.org/index.html

 وإذا كان هذا رد فعل مواطن عراقي استفزه وأثار حميته موقف الرئيس المصري القاضي بمنع العراقيين من دخول مصر، فماذا يكون عليه موقف مليون ونصف مليون فلسطيني مسلم أمر الرئيس المصري بقتلهم خنقا في قطاع غزة ؟

 أي نعم ماذا يكون رد فعل هؤلاء إزاء موقف رهيب كهذا ؟ والواقع أن هذا ما يحدث وما يجري حاليا في أرض الواقع - وفي قطاع غزة تحديدا - وذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع ، فالرئيس المصري حسني مبارك ومنذ منتصف يونيو الماضي أي بعد أن تغلب الخير - المتمثل في حركة حماس - على الشر – المتمثل في العصابة الفتحاوية المدعومة من قبل السلطات المصرية – في قطاع غزة ، لم يعد مجرد متآمر على الفلسطينيين وقضيتهم العادلة فحسب ، وإنما كشر بأنياب ومخالب الشر والانتقام ضد الفلسطينيين ، وصار - منذ ذلك الحين - طرفا فاعلا وشريكا رئيسيا في الحرب المسعورة التي يشنها الصهاينة والأمريكان وعملاؤهم عليهم ، ولاسيما الحرب على قطاع غزة ، معقل حركة المقاومة الإسلامية " حماس " تلك الحركة الحرة الأبية الصامدة في وجه الكيان الصهيوني الغاصب وأذنابه من القرود الفتحاويين الخونة الذين يقهقون دوما باسم السلام الوهمي والمفاوضات المزعومة ، والذين لم يجلبوا للشعب الفلسطيني سوى الخراب والبوار والمزيد من الاحتلال والمستوطنات والفقر وإراقة الدماء ، وعلى رأس أولئك جميعا - كبيرهم – المدعو محمود عباس ، ذلك النذل الحاقد على الإسلام والجهاد ، وعلى كل ما يمت لهما بصله ، انطلاقا من عقيدته البهائية الشركية ، ذات الجذور اليهودية، وعلى خلفية موالاته غير المحدودة للصهاينة والأمريكيين، والتي يصفق لها الرئيس حسني مبارك ومن هم على شاكلته من الحكام العرب الذين باعوا دينهم وأمتهم وشعوبهم للأمريكان مقابل حفنة من الدولارات الملطخة بدماء الشعوب المقهورة , والتي يمنون بها عليهم - بعد أن يمتهنوهم ويهينوا كرامتهم ويبتزوهم أشنع ابتزاز في كل عام . 

فأي نوع من الأسلحة استخدم الرئيس المصري في الحرب على الفلسطينيين في غزة ؟

لقد استخدم الرئيس المصري في هذه الحرب العدوانية الظالمة سلاحا فتاكا ، يعتبر من أخطر الأسلحة في الحروب ، استخدم الرئيس المصري سلاح الخسة والنذالة، سلاح القسوة والوحشية، استخدم سلاح القتل الجماعي بدم بارد وبشكل بطيء، ألا وهو سلاح الحصار والتجويع ، بدون رحمة ولا إنسانية ، واستخدمه على من ؟ على شعبٍ فقير محتل ، ومكسور الجناح ، ولا حول له ولا قوة .

حيث أن الرئيس المصري المجرد من كل إحساسٍ وضمير ، ومن أجل أن يرضي أسياده الصهاينة والأمريكيين المتطرفين ، قد أمر زبانيته وأزلامه بإغلاق المعبر الوحيد المتبقي لقطاع غزة والذي يشرف من خلاله هذا القطاع على العالم الخارجي ، ألا وهو معبر رفح على الحدود المصرية الفلسطينية – أمر بإغلاقه عمدا وعدوانا في وجه الفلسطينيين من سكان غزة ، فلا داخل يدخل ولا خارج يخرج منهم ، بما في ذلك حركة الشاحنات والمركبات التي تنقل المساعدات الإنسانية من مواد غذائية وطبية وغيرها ، وذلك في بادرة خبيثة وخطيرة في آن .

ولا يمكن تبرير ما تقوم به السلطات المصرية ضد الفلسطينيين عند معبر رفح إلا بشيء واحد ألا وهو نية الرئيس المصري حسني مبارك القاضية بخنق مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة ، خنقا بطيئا حتى الموت ، مع سبق الإصرار والترصد ، وإلا ما معنى إغلاق هذا المعبر والذي يعتبر الرئة الوحيدة التي يتنفس منها سكان قطاع غزة بعد أن أغلق الكيان الصهيوني في وجههم كافة المعابر وأطبق حصاره عليهم من جميع الاتجاهات - مع حربه العدوانية المستمرة ضدهم بأحدث الأسلحة الفتاكة ومن خلال الطائرات الأمريكية المقاتلة - والرئيس المصري وزمرة نظامه يعلمون ذلك جيدا ، فإن لم يكن ذلك هو هدف الرئيس المصري فماذا إذن ؟ وهل كون العدو الصهيوني هو من أمر بذلك يبرر إذعان السلطات المصرية لهذا الإغلاق ؟ ولم لا ترفع السلطات المصرية صوتها وتعلن بذلك على الملأ حتى تخلي مسئوليتها أمام شعبها وأمام أمتها وأمام المجتمع الدولي، من هذه الجريمة النكراء التي لم يعرف التاريخ لها مثيلا من قبل ، رغم أن مسئولية السلطات المصرية أبعد من ذلك تجاه الفلسطينيين حقيقة، ولكن هذا أقل ما يتوجب عليها فعله في ظل الواقع الراهن .

ويبدُ أن هذا القرار قد اعتبر قرارا نهائيا لا رجعة عنه ولا استثناء فيه ، من قبل السلطات المصرية ، وبالتحديد من قبل الرئيس حسني مبارك ، والذي يريد أن يثأر من حركة حماس بأي وسيلة ويريد أن يلوي ذراعها مهما كان الثمن ، لا لشيء إلا لكونها قد قطعت الطريق على الانقلابيين الفتحاويين المرتزقة والمدعومين من قبل النظام المصري والذين كانوا يخططون للانقضاض عليها بين عشيةٍ وضحاها بالتنسيق مع المخابرات المصرية ، وذلك طبقا لمخطط جهنمي شيطاني خطير دبر بليل عن طريق الموساد الإسرائيلي ، ولكون هذه الحركة الشجاعة التي ترفع راية الجهاد والتحرير ، قد فعلت ما كان يتوجب عليها فعله وهو تطهير شوارع غزة من دنس هذه الشرذمة الفاحاوية الحقيرة ، وأن تفرض الأمن فيها ، والذي كان يعبث به أولئك المفسدون الفتحاويون عديمو الأخلاق والضمائر ، تحت قيادة العميل المتهور محمد دحلان ، وبرعاية من السلطات المصرية التي قدمت السلاح لزمرة الانقلابين الفتحاويين الفاشلين ، والتي كانت تتقمص - زورا وبهتانا - دور الوسيط الساعي إلى إصلاح ذات البين بين حركتي فتح وحماس .

وهناك – حاليا- آلاف الفلسطينيين - بينهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى ومعوقين ، عالقون في العراء في الجانب المصري من هذا المعبر ، بعد أن أوقفتهم السلطات المصرية ، وحالت بينهم وبين العبور إلى أهليهم في قطاع غزة ، وهم يمرون بحالة إنسانية مزرية قل أن يوجد لها نظير أو مثيل في العالم ، بل وقد مات منهم - قهرا وظلما - حتى الآن تسع وعشرون من العجائز والمرضى – كما ذكرت ذلك إحدى الصحف المصرية – والتي نددت بهذا الموقف المخزي والجبان من قبل النظام المصري الذي وصفته تلك الصحيفة – كما نقلت عنها صحبفة القدس العربي الصادرة في 21/07/2007 بأنه نظام فاقد للإنسانية " ويدعي أن مصلحة مصر هي سماع وطاعة الإسرائيليين علي حساب الدين والإنسانية "

مشيرة إلى " اعترف حسني مبارك شخصيا في حواره الأخير مع جريدة يديعوت أحرونوت الصهيونية بإنه أغلق معبر رفح بعد سيطرة حماس علي غزة حتي لا تفتعل حكومة إسرائيل معنا المشاكل وتقول إننا مش عارفين نتحكم في المعبر " – على حد قوله -

وإن هؤلاء العالقين المساكين يستغيثون - منذ أكثر من شهر - ويناشدون العالم التدخل لوضع حدٍ لمأساتهم الإنسانية التي لا يبررها شرع ولا ضمير، فلا يجدون آذانا تصغي لهم، ولا جهة تتدخل لنجدتهم، لا حكومية ولا إنسانية، ولا عربية ولا أجنبية. وكأنهم يصرخون في وادٍ، أو ينفخون في رمادٍ ، ولو أن هؤلاء كانوا يهودا أو نصارى لثارة ثائرة منظمات حقوق الإنسان منذ الوهلة الأولى ولأقامت الدنيا ولم تقعدها إلا بعد أن يهب الغرب بقضه وقضيضه لإنقاذهم .

وذلك طبعا باستثناء موقف حركة حماس التي قررت قبل حوالي أسبوع – بالرغم من محدودية دخلها وقلة مواردها - قررت دعم كل واحدٍ من أولئك العالقين بمبلغ مائة دولار ، وذلك لحين إيجاد حل لمأساتهم التي فرضها النظام المصري عليهم ، حقدا وانتقاما ، ونزولا عند رغبة الصهاينة والأمريكان ، والتي لا يستطيع الرئيس حسني مبارك أن يحيد عنها قيد أنملة ولو نجم عنها إبادة شعب مسلم بأكمله .

ولكن هل تصدقون أن السلطات المصرية قد حالت بين حركة حماس وبين إيصال هذه المساعدة الرمزية العاجلة لأولئك العالقين المساكين الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويتجرعون الويلات في الأراضي المصرية عند معبر رفح ، والذين تتفاقم مشاكلهم يوما بعد يوم ، هذا ما حدث حقيقة فهم لا يرحمون ولا يريدون أحدا يرحم أولئك العالقين المنقطعين عن أهلهم وبيوتهم . 

وهذا في الواقع ما تطرق إليه رئيس الوزراء الفلسطيني الشرعي الأستاذ إسماعيل هنية - وليخسأ محمود عباس ونبيل عمرو وياسر عبد ربه وسائر الأزلام الخونة في قيادة حركة فتح - فأشار الأستاذ هنية – حفظه الله في خطبة الجمعة الموافق 20يوليو2007–– أشار إلى أنّ الحكومة الشرعية أرسلت قبل أسبوع نحو أربعمائة ألف دولار إليهم، وذلك بواقع مائة دولار لكل شخص، وقال "كلّفت النائبين فرج الغول ومشير المصري المتواجدين بالقاهرة بتوزيع هذه المبالغ، لكن حتى الآن لم يُسمح لهم بالوصول حتى إلى العريش لتوزيعها"، وفق توضيحه.- كما نقلت عنه صحيفة الشعب المصرية التابعة لحزب العمل المعارض - 

– ولا يبدُ أن هذه المأساة في طريقها إلى الحل في الأجل القصير – لأن مفاتيح الحل ليست في أيدي السلطات المصرية أو العربية بشكل عام ، وإنما هي بأيدي الإدارتين الصهيونية والأمريكية وكل منهما – كماهو معروف - لا تأخذها بمسلم شفقة ولا رحمة . وأيضا في ظل ما تمارسه السلطة الفلسطينية المزعومة من تحريض لا أخلاقي سافر ومن دعايات كاذبة ضد أولئك العالقين ، نكاية بحركة حماس التي سددت لها ضربة موجعة في غزة وكشفت مخازيها أما القاصي والداني ، في منتصف يونيو 2007 ، وذلك بدلا أن تتدخل هذه السلطة "المسخ " لوضع حد لمأساتهم ، فهذا المدعو رياض المالكي وزير الإعلام في حكومة فياض الموالية للاحتلال الإسرائيلي ، يدعي وجود 79 شخصاً بين العالقين على المعبر تدّربوا في إيران وسورية وقطر ، وكأنه – قبحه الله - يدعو الكيان الصهيوني إلى إلقاء القبض عليهم ومعاقبتهم .

أما النظام المصري الموتور ، والمدفوع أيضا بالإملاءات والتوجيهات اليومية ذات الطابع التحريضي العلني السافر من قبل الإدارة الأمريكية ، فقد رد على تلك الاستغاثات والمناشدات بإرسال المزيد من التعزيزات الأمنية والعسكرية لأحكام السيطرة على المعبر في وجه أولئك المساكين الذين تقطعت بهم السبل فلا يدرون أين يذهبون وماذا يفعلون ؟ وكذا في وجه عوائلهم المنتظرين – بدورهم - على الجانب الآخر من المعبر والذي تسيطر عليه حكومة الكيان الصهيوني ، بل وربما للتعبير عن قوة عضلاة النظام المصري أمام أي تمرد قد يقوم به أولئك العالقون المجردون من كل سلاح ، والذين نفدت ما بحوزتهم من أموال وأقوات ، وصار كل واحد منهم صفر اليدين وأفقر من ابن يومين .

وآخر ما تفتق عنه ذهن السلطات المصرية هو إقامة خمسة مخيمات منفصلة ليُحشر فيها أولئك الفلسطينيون العالقون في معبر رفح ، وكأن حياة المخيمات قد أصبحت – والعياذ بالله - لعنة تطارد الفلسطينين أينما حلوا وأينما ذهبوا .

والغرض من هذه الخطوة التي ابتكرتها السلطات المصرية مؤخرا – أبعد ما يكون عن النزاهة أو الإنسانية ، أو الحرص على راحة أو سلامة أولئك العالقين ، إنما هو فرض الرقابة الصارمة عليهم ، وإبقائهم دوما تحت أنظار الأجهزة الأمنية المصرية ، بل وربما التكسب من وراء ظهورهم ، وذلك من خلال المساعدات الإنسانية التي ستُقدم لهم ، والتي ستكون السلطات المصرية طرفا فيها – بطبيعة الحال -.

ولو أن المأساة تقتصر على هؤلاء العالقين المساكين في هذا المعبر ، لهانت ، ولكن المأساة أدهى وأمر ، وأكبر من ذلك بكثير ، إنها مأساة تتعلق بشعب غزة برمته والبالغ تعداده زهاء مليون ونصف مليون إنسان أغلبهم من اللاجئين المشردين أو المنفيين من الضفة الغربية ومن اللاجئين من فلسطين الداخل عام 1948 ، والذين يعيشون أصلا – ومنذ وقت طويل - حياة في منتهى البؤس والشقاء ، وعلى شفير المجاعة ، بسبب الحصار الجائر والحرب الصهيونية المتواصلة ضدهم ، ونظرا للازدحام الشديد في شريط غزة الساحلي الضيق شحيح الإمكانات وقليل الموارد – مع ما في هذا المجتمع الكثيف والمزدحم من الثكالى والأرامل والأيتام والمعوقين والعاجزين.

والواقع أن هذه الحرب الخبيثة والخطيرة التي يشنها الرئيس المصري حسني مبارك - في تحالف واضح مع حكومة الكيان الصهيوني ضد سكان غزة - قد بدأت تؤتي أكلها ، فاليوم هاهي جميع الأقوات قد نفدت - أو توشك على النفاد - من قطاع غزة ، وكان لابد لها أن تنفد بعد مرور أكثر من شهر على إغلاق هذا المعبر الحيوي والحساس ، حيث يعتبر – كما سبق أن قلنا- المنفذ الوحيد الذي تصل منه الإمدادات الغذائية والمواد الطبية إلى كافة مدن ومخيمات القطاع .

وقد أصبح الكثيرون من سكان غزة - الفقراء والمعدمين أصلا – أصبحوا عاطلين عن العمل وصاروا في الوقت الراهن يبحثون عن رغيف الخبز اليابس فلا يجدونه إلا بشق الأنفس، وكذلك سائر الأشياء الضرورية من أدوية ومن حليبٍ للأطفال, و، و... ألخ.

يحدث هذا على مرأى ومسمع من حكومات الدول العربية والأجنبية ، بل يبدُ – وكما يؤكد ذلك واقع الحال - أن الحكومات العربية قد أعلنت براءتها من الفلسطينيين وقضيتهم ، وأسلمتهم لقمة سائغة لكل عدو حقود يتجهمهم ، ويتفرعن عليهم ، وكذا في ظل صمت مطبق من جامعة الدول العربية وتحديدا من قبل عمرو موسى ، الذي أصبح – وهو الأمين العام - مجرد سفير متجول لنقل ما يمليه عليه سيده حسني مبارك - وغالبا ما يكون ذلك – بطبيعة الحال - لخدمة الحكومتين المتطرفتين : الصهيونية والأمريكية ، حيث لم يعد للجامعة العربية ، تلك المؤسسة الرسمية الهزيلة والفاشلة ، من همٍ سوى السهر على مصالح هاتين الحكومتين في المنطقة ، وذلك نيابة عن حكام العرب بشكل عام والرئيس المصري بشكل خاص .

في حين أن هذه الجريمة البشعة التي تجري تفرض على عمر وموسى - بصفته تلك - تفرض عليه أن يكون صاحب موقف في هذا الشأن، حتى ولو كان بتقديم استقالته ، فهذا في حد ذاته موقفا لمن كان عنده ذرة من الإنسانية أو الكرامة أو الإحساس بالمسئولية ، ولو لم يقدم شيئا لأولئك المحاصرين الجائعين من أهلنا وإخواننا وبني جلدتنا في غزة ، ولكنه – على كل حال - أحسن مليون مرة من الاستمرار في إدارة مؤسسة عاجزة عن إغاثة أي ملهوف عربي حتى في أحلك الظروف مثل الظرف الحالي الذي يمر به قطاع غزة ، فما بالك إذا كانت هذه المؤسسة طرفا في تلك الجريمة البشعة وليست مجرد طرف عاجز أو محايد.

ولكن عمرو موسى- في الواقع - أعجز من أن يتخذ حتى مثل هذا القرار ، لكون الرجل مسير وزمامه في يد مولاه الرئيس حسني مبارك - الذي زمامه هو بنفسه- بيد مولاه جورج بوش والإدارة الأمريكية .

وحدث ولا حرج عن موقف العلماء من هذه المسألة - والذين وجهت لهم السؤال الذي يعتلي هذا الموضوع - فإن هؤلاء - والذين يفترض بهم أن يكونوا هم نبض أولئك المحاصرين في غزة ولسانا ينطق باسمهم ويحث القادة العرب على التدخل لإيجاد حل عاجل لمأساتهم - قد خيم عليهم صمت القبور ، بل وتواروا عن الأنظار وكأن لا وجود لهم في الساحة ، كشأنهم دائما عند كل مصيبة فادحة تنزل بالأمة ويكون للحكام ضلعٌ فيها ، بل أنهم مافتئوا يحثوننا على طاعة هؤلاء الحكام ما لم يأتوا بكفر بواح ، دون أن يعطونا معنى واضحا ومحددا لذلك الكفر البواح ، فنحن حتى الآن لم نسمع صوتا لأي عالم يندد بهذه الجريمة النكراء ضد إخواننا في غزة ، لا من قبل شيخ الأزهر ولا من إمام المسجد الحرام ولا من القرضاوي ولا من الزنداني ولا من الإخوان المسلمون ولا من سواهم من علماء الأمة ومفكريها وقادة الرأي فيها ، لأن هكذا رأي سيكون ضد إرادة الحكام العرب وسيسلط الأضواء عليهم من قبل المخابرات الأمريكية CIA سيئة الصيت ، والتي ستحشرهم في زمرة الأرهابين وهي التهمة الجاهزة التي يوصف بها كل مناوئ لأي شكل من أشكال الهيمنة الأمريكية على مقدرات العالم الإسلامي .

 ولو كان الأمر يتعلق بتفجير هنا أو اعتداء هناك على هذه المصلحة أو تلك من المصالح الأمريكية أو الصهيونية – مثلا – لتصدرأولئك العلماء واجهة القنوات الفضائية ولأشبعوا هذا العمل تنديدا وذما وقدحا . وهذا لأن كل شئ قد صار بالمقلوب وصار لسان الحال في هذا الزمان :

 قتل أمرءٍ "مستعمرٍ " جريمةٌ لا تغتفرْ وقتل شعبٍ " مسلمٍ " مسألة فيها نظرْ

مع الاعتذار عن التحريف المقصود والمتعمد في هذين البيتين .