|
لست مع الطرح القائل أن المشترك شريكا في صناعة الأزمات ، فمن يمتلك مواقف ضعيفة لا يستطيع أن يكون شريكا في صنع أزمة، وإذا كان كذلك فإنه ذلك يعني انه قوي ، وكان من الأولى أن يصرف قوته باتجاه الضغط على السلطة ، وليس نحو صناعة أزمة!! فمن الغباء تبديد القوة والقدرة في صناعة أزمة وعدم إنتاج حل لتصبح جزء من المشكلة .
كما أن صناعة الأزمات السياسية ليست حلا ، وبالتالي إذا كان الهدف منها صفقات ، فإن ذلك يجعل الأزمات كامنة ومرحلية حتى تغدو بعد ذلك مشكلة معقدة يكون أطراف الصفقات جزء منها وأحد ضحاياها ، وعادة ما يكون الخاسر الطرف الضعيف الذي رضي بالمساومة مقابل تلك الصفقات الشخصية أو الحزبية.
في كلا الحالتين فإن ثمة توجه لصياغة خطاب إعلامي وسياسي جديد للمؤتمر بعد إفلاس خطابة السياسي والإعلامي الراهن من خلال إظهار المشترك شريكا في صناعة الأزمات ، فسير المؤتمر نحو الانتخابات منفردا يوازيه خطاب سياسي لم يعد مستساغا لدى الناس ، وبرنامج أثبت فشله ، يجعله في أمس حاجة لتغيير خطابه ، فمن الناحية النظرية سيمارس خطابا يضع المشترك شريكا في صناعة الأزمات ، ومن الناحية السلوكية سيتجه نحو صناعة الأزمات وتأجيج المشاكل وتفخيخ الحياة السياسية ، بهدف إلغاء الانتخابات أو دفع الناس نحوها.
واعتبار المشترك شريك في صناعة الأزمات يستهدف بالأساس أحد الأطراف القوية في المشترك من الناحية الإعلامية ، كما أن الإيحاء لهذا الطرف بأن خوض الانتخابات سيؤثر على قوته يهدف إلى تفكيك المشترك الذي لم يحدد خياراته بعد وكذلك إضعاف الثقة الجماهيرية فيه ، وبالتالي فإن خوض الانتخابات من دون بعض أطراف في المشترك ومقاطعة البعض، من الناحية الإستراتيجية سيجعل اللقاء المشترك ضعيفا ومشتت المواقف وغير قادر على اتخاذ قرارا موحدا ، وبالتالي فإن الخاسر المباشر هو الطرف القوي في المشترك على المدى البعيد والهدف هو إضعافه ، ولذلك فإن كل أحزاب المشترك ستكون متماثلة في الضعف وغير قوية وفاعلة مستقبلا ، وستدخل مرحلة الخلاف والتفكيك ، الحاكم يريد أن يحول خسائره القادمة ، ليس فقط تجنب الخسائر بل تحقيق أهداف إستراتيجية من ضمنها تفكيك المشترك وإضعاف الطرف القوي فيه ، وضرب إمكانية أإتلاف جديد من خلال إضعاف وقتل الثقة فيما بينها ، وهذا سيتم في حال أن أطراف المشترك لم تتفق ولم تحسم خياراتها ، وتصرف كلا منها على حده دون اتخاذ قرارات جماعية مشتركة.
أمام القوى السياسية خيار واحد وحاسم وإيجابي برأيي : إبقاء النظام دون شرعية هو الأهم وإضعاف فرص الثقة بذاته ونجاحاته يتطلب بالمحصلة مقاطعة الانتخابات بإيجابية وإبقاء خيار التغيير مفتوحا ومتاحا ، فمادام أن النظام لم ينصاع للمطالب الدستورية المشروعة ، ولم يصلح وضعا سيئا ، فإنه سيكون عرضة للتآكل من داخله وخارجه ، وبالتالي ففرص التغيير ستكون محصلة تلقائية لنظام فقد كل ممكنات البقاء والثقة واستنفد أي رصيد فاعل على مستوى الخطاب والشخوص والسلوك، وهذا يجعل المشترك بديلا يتمتع بثقة عالية نتيجة مواقف واضحة وموحدة تغير نظرة الجماهير إلى أحزابه وأنها أحزاب وطنية هدفها إنقاذ البلاد وإصلاح الأوضاع وليس تحقيق مكاسب شخصية وحزبية جزئية .
الطرف الأقوى في المشترك أمام مرحلة صعبة وفي المحك ، فخوض الانتخابات دون بقية شركاءه سيحمله مسؤولية ما سيترتب عليه مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها من الأزمات التي أبرزها تفكك وحدة البلاد.
لابد أن يتخذ المشترك قرارا وخيارا جماعيا موحدا إزاء الانتخابات والمرحلة القادمة ، على أساس ذلك سيتحدد مستقبل البلاد ، وعلى أساسه ستتحدد ملامح الحياة السياسية المقبلة بكل تجلياتها وأحداثها .
في الإثنين 20 أكتوبر-تشرين الأول 2008 11:08:27 ص