في مأرب.. لا قاعدة لابن لادن بل قاعدة للمخابرات!!
بقلم/ أحمد محمد الزايدي
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 19 يوماً
الخميس 24 يونيو-حزيران 2010 10:00 م

من يطرح بان مأرب محافظة موبوءة بالقاعدة كمن يغطي عين الشمس بغربال ، نتساءل لماذا كل هذا الضجيج الذي اضر بمأرب أرضا وسكانا ؟، إن المتابع لما يكتب في الصحف ومواقع الانترنت عن مأرب يدرك حجم الإساءة والضرر الذي يلحق بكل صغير وكبير من أبناء مأرب ، ففيهم المتهم زورا بأنه ينتمي للقاعدة وآخر يتهم بأنه يأوي عناصر القاعدة وغيره يتهم بأنه يسهل للقاعدة تنقلاتها ويؤازرها سرا بقلبه ولم يبقى أحدا في مأرب بريء ، إذا كان هناك عنصر أو اثنين في وادي عبيده ينتمون للقاعدة فان وادي عبيده بقبائله ومشايخه ينتمون للقاعدة في نظر هولاء ، وهكذا في صرواح وغيرها ، حتى أن أصحاب هذا الطرح جعل المسئولين الكبار في الدولة يعتقدون أن مأرب لا يجب أن تدار إلا بالجيش والمزيد من المعسكرات والألوية التي أصبحت منتشرة في كل مناطق المحافظة .. في الطريق الرئيسي عشرات النقاط التي تدقق التفتيش على كل من يدخل مأرب أو يخرج منها ، وفي الجبال والمرتفعات المحيطة وفوق سكان القرى كما

هو حاصل في صرواح ..

في الحقيقة لا وجود لتنظيم اسمه القاعدة في مأرب ولا توجد ولاية اسمها ولاية مأرب تتبع أسامة بن لادن ، ومن يصدق المغفلين الذين يقولوا بان مأرب قد سقطت بيد القاعدة بغرض ضرب السياحة وسمعة مأرب وتشويه تاريخ أبناءها ؛ الموجود في مأرب قاعدة للجيش والمخابرات! وهذه القاعدة هي التي تقتل الناس الأبرياء وتهدم منازلهم على رؤوسهم أطفالا ونساء وشيوخا ، هذه القاعدة هي من تطارد الناس وتعد قوائم بمطلوبين وهم غير مذنبين ، وتسجن من يقع في يدها السنة والسنتين والثلاث دون وجه حق ودون محاكمات ، هذه القاعدة هي التي تبتز المواطنين وترهبهم تخضعهم للباطل ، الأبرياء يا هؤلاء هم ضحايا هذه السياسات التي لم تتغير تجاه أبناء مأرب ، ورغم جسامة التضحيات إلا أن الضرب بالحديد والنار هو الخيار الوحيد أمام الكبار في الدولة لتطويع مشايخها وقبائلها سواء كان على حق أو على باطل ولو بتهمة مرور شخص ينتمي للقاعدة مر من أراضيهم خلسة ، ولو اخذ المتابع لما يحصل في مأرب وغيرها من أحداث خاصة في الحرب ضد القاعدة الضحايا كوجه للمقارنة وتساءل كل منكم هل هناك ضحايا من تنظيم القاعدة أم ممن هم الضحايا ؟ كلنا نعرف أن من ذهبوا في عبيده الشهر الماضي أبرياء وان عناصر القاعدة التي لا تتجاوز العشرين في كل مأرب والغالبية منهم من غير أبناء مأرب ما هم إلا ورقة سياسية تلعب بها الدولة متى ما شاءت بهدف رصد وقتل الشخصيات السياسية والمعارضة .

عندما نطرح الواقع في مأرب وننفي وجود تنظيم للقاعدة فيها فإن هذا ما لا يسر الإخوة في الدولة ولا يرضيهم ، قلنا مرارا أن مأرب لا تحتاج كل هذه القاعدة من المعسكرات العريضة للجنود والدبابات التي يفترض أن تكون في الحدود بدلا من التمركز فوق رؤوسنا في صرواح وغيرها في مأرب ، ولن يصدق البعض إن قلنا أن في مأرب ما يزيد عن 16 لواء عسكريا! وان في صرواح وحدها أكثر من 60 موقعا عسكريا وكأننا نعيش في ظل احتلال! ، صرواح عاصمة سبأ التاريخ والحضارة ، صرواح المحرومة من التنمية ..المهجورة المبلية بالجيش، والمحاطة بالدبابات، المخنوقة بالنقاط العسكرية ، إن من لا يعرف حال سكان مأرب يعتقد من خلال طرح الإعلام اليوم أنهم سبب الفوضى الحاصلة ولكن الحقيقة أن مشايخ مأرب وقبائلها ينشدون الأمن والاستقرار، لان الفوضى في مأرب ليست في صالح احد من ساكنيها خاصة وقد طحنتهم قاعدة الجيش والمخابرات! وليسوا مجانين حتى يقبلوا بوجود قاعدة لأسامة بن لادن أو غيره ..

إن ما يجب أن تكون عليه مأرب من حال هو حال محافظة في أي دولة من دول العالم تغذي قطاعا واسعا من الشعب من خيراتها النفطية والغازية وعائداتها، ولم تطلب مأرب أكثر من ذلك ، ستقتنع مأرب بتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية والحكومات المتعاقبة والتي لم تنفذ ولن تنفذ ما دام تعاملهم مع أبناء مأرب ومشاكلهم وفق المنظور الأمني والعسكري لا المنظور التنموي ، إن مشاكل مأرب كما نعرفها كثيرة جدا بسبب الوضع القبلي الذي فتكت فيه الثأرات والحروب الممنهجة ، وما زاد التعقيد هو ترك المشاكل بلا حل .. بدت كبيرة ومستعصية على الحل بعد أن كانت صغيرة واتسعت وتشابكت أطرافها كما أن حالة الشك السائد تجاه مأرب من قبل كبار السلطة بمكوناتها أنتج مشكلة إضافية ، كما أن ربط حل المشاكل بالرئيس والوزراء ابقي المشاكل تتراكم لسنوات ، وما لجوء البعض إلى التقطع في الطريق ومنع مرور ناقلات الغاز والتهديد بتفجير أنابيب النفط واستهداف أبراج المحطة الغازية ،وهو الأمر الذي نرفضه، إلا وسيلة من قبل البعض وخيارا مفروضا أمامهم بعد أن طويت الخيارات الأخرى، ثم أن ما نتج من وراء الأخذ بهذا الخيار المفروض إلا الكوارث والمصائب.

 كان بإمكان الدولة وسلطاتها أن تعطي هذه المحافظة المهمة بعضا من وقتها لحل مشاكل الشباب والعاطلين عن العمل و مشاكل التوظيف وتعثر المشاريع وحل الثارات بالتعاون مع المشائخ، ولوفرت بذلك الدولة الجهد والوقت الذي يهدر بعد حدوث المصائب وبعد أن يستفحل الدواء ،و لأعفت نفسها من الإحراج أمام مواطني الشعب في المحافظات الأخرى بسبب انكشاف سياساتها الخدمية، ويكفي مثالا انطفاء الكهربا ساعات وعجزها وانعدام الغاز والنفط في ظل سوء الأوضاع التي أعقبت مقتل الشيخ جابر الشبواني في وادي عبيده .