التحرر من الأجندات
بقلم/ فاروق مقبل الكمالي
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 7 أيام
الخميس 07 أكتوبر-تشرين الأول 2010 07:35 م

في عالم الضلال الذي يصر على التمادي وطمس الحقيقية وتقطيع الهوية أوصالا يصير ما أفصح عنه " المصطفى سلمي سيد مولود " من قناعة تؤيد وتسعى إلى عودة الصحراء الغربية إلى الجسد المغربي الواحد تحت مضلة مشروع الحكم الذاتي جريمة ..ويصير على هذا المصطفى أن يدفع ثمن موقفه النابع عن قناعة كونه آن أوان إنهاء حياة الفاقة والتخلف والجوع التي يعيشها نحو200 ألف مواطن صحراوي منذ نحو 30 عام في مخيمات " تندوف" بالصحراء الغربية جريا بلا طائل وراء سراب دولة لا وجود لها أساسا إن لم تكن أصلا كسراب بقيعة .

الحقيقية هي أنني لم أكن مهتما يوما بالصحراء الغربية وما يجري فيها ولا متتبعا لأخبار جبهة البوليساريو وما تسعى خلفه, وربما يعود ذلك إلى أن قضية الصحراء الغربية برمتها بدأت وامتدت ومستمرة على سنوات عمري فقط ثلاثة عقود وبالإضافة إلى البعد المكاني بيني وبين المغرب العربي فإن شيء من الاهتمام بالقضية لم يولد كما لم يولد لدى صحافتنا بعد .

لكن بروز مشكلة ما يسمى "بالحراك الجنوبي " في بعض المحافظات الجنوبية اليمنية وبروز أشخاص ومسميات وألقاب وصفات نضالية,وليست عدا ضلالية في حقيقتها أخذت في السير في طريق يمكن القول أنها الطريق التي يوشك كثير من القيادات البوليسارية في الصحراء الغربية أن يهجروها عن قناعة ..قادني إلى محاولة تتبع الأمر والربط بين المواقف المتناقضة بين من ملوا وكرهوا العيش في عالم الضلال وبين من يريدون أن يجرون ملايين المواطنين اليمنيين إلى ذلك العالم الموحش لمجرد أنهم ألفوا لأنفسهم حياة هناك في ظل أجندات خارجية وداخلية إقليمية ودولية وحين شرعت بالكتابة في هذا الموضوع كنت أفكر بأنه في ظل حراك جنوبي تسيره شخوص لاتتصف بالمسئولية والجدية ,ومؤهلة بدرجات متفاوتة فقط لإشعال المآسي في الوطن وجعل المواطن اليمني في المحافظات الجنوبية وقودا لهذه المأساة فقد آن أوان تحرر المواطن اليمني في الجنوب والشمال من الأجندات المفروضة عليهم .

المصطفى سلمي سيد مولود وهو المفتش العام "لشرطة البوليساريو" حتى اختطافه أواخر سبتمبر الماضي بعد اجتيازه نقطة العبور إلى مخيمات " تندوف" قادما من موريتانيا يقول في إشارة إلى قيادة جبهة البوليساريو "هؤلاء الأشخاص منذ 20 عاما وهم يفاوضون (في الأمم المتحدة ) وخلال هذه الفترة لم نتوصل إلى شيء وليست لدينا معطيات حول طبيعة هذه المفاوضات .. وحقيقية أن قيادتنا صارت مرتبطة بشكل كبير بطابع معين, والحقيقة أن استمرار الوضع الحالي أصبح أمرا صعبا يضر بمصلحة شعبنا لأن كل يوم يمر يزيد من معاناتنا وبالتالي فإن أفضل حل يمكن الوصول إليه لقضيتنا نحن الصحراويين هو المقترح المغربي المتمثل بالحكم الذاتي وهذا وحده كفيل بوضع حد للمحتجزين بالمخيمات الذين يعيشون في تفرقة شاملة ومعاناة متزايدة " ثم يردف بشيء من التوضيح السياسي الأكثر حنكة :"وإذا ما نظرنا للمسألة بشيء من الجدية والمسئولية ليس أمامنا من خيار سوى أن نتخلى عن الحسابات الضيقة سواء كانت حسابات إقليمية أو دولية إذ أن دول مثل الجزائر وفرنسا وأسبانيا وأمريكا تبحث عن مصالحها,ونعمل لما فيه مصلحة شعبنا ونهاية لمعاناته وأرى أن الحكم الذاتي هو الحل الأفضل ".

لاغرابة في كلام المصطفى وإن كان نظن أن الرجل ليس أكثر من مفتش عام في شرطة جبهة "البوليساريو" لكن الرجل يمتلك خبرة عشرون عام قضا معظمها مفاوضا الأمم المتحدة ضمن وفد الجبهة المطالب بإقامة دولة الصحراء والانفصال عن السيادة المغربية لذا فهو يدرك جيدا كيف تسير الحسابات داخل دهاليز كنتونات الجبهة ويدرك إلى أي طريق مغلق تسير هذه القيادة التي لاتتصف بالمسئولية والجدية كما هي غير مؤهلة لإنهاء مأساة الصحراويين حد قوله ومثلما ظهر رجلا سياسيا بهذا القول فقد كان شجاعا جدا كما يجب على مفتش عام للشرطة أن يكون ,حين قال بصوت عال:" أريد أن يتحرر الصحراويون من الأجندات" .