بريطانيا دولة مسيحية لا تعطي زكاة !!
بقلم/ محمد راوح الشيباني
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 28 يوماً
الثلاثاء 17 أغسطس-آب 2010 12:36 ص

لم تعد تذكر بلادنا ( اليمن ) في نشرات الأخبار العالمية إلا متبوعة بعدة صفات سيئة ، كل واحدة أسوأ من الأخرى ، ولن نستطرد في تعداد تلك النعوت وترديدها حتى لا تـثـبت علينا وعلى أجيالنا من بعدنا وتصبح وصمة الدهر على جبين كل يمني في الداخل والخارج ، ولكن سنأخذ أخـفـّها على سبيل الذكر لا الحصر وهي صفة ( البلد الأكثر فقرا في شبه الجزيرة ) ..

فهل نحن فقراء فعلا إلى هذا الحد الذي ينعتـنا به الآخرون ؟؟ نعم نحن فقراء فعلا ، ولكن ليس فقر موارد وثروات وخـيرات طبيعية وبقية مصادر الدخل المعروفة .. بل فقر إرادات وهمم عالية ونفوس شامخة وكبيرة بكبر الوطن .. ولاة أمرنا ليسوا بعظمة ( مهاتير محمد ) في ماليزيا ويفتقرون لحب أوطانهم كـ ( السلطان قابوس بن سعيد ) وفقراء إدارة : كـ( محمد بن راشد في دبي ) وقبل ذلك فقراء ذمم كذمة ( سوار الذهب في السودان ) في منتصف الثمانينات .. ولاة أمرنا فقراء نفوس عظيمة كعظمة الزعيم الصيني الراحل (ماوتسونج ) الذي قاد شعبه من قعر المخدرات والدعارة إلى ثاني اكبر دولة اقتصادية في العالم اليوم ، بعد أن كانت مدينة واحدة في الصين مثل ( شنغهاي ) وحدها يوجد بها أكثر من ( أربعين مليون عاهرة !!! ) .. إذن نحن فقراء لأن الذين تولوا مقاليد الأمور علينا في هذه البلاد وأسندت إليهم المناصب والمسؤوليات للتحكم في رقاب ومصائر وأرزاق العباد ، أكثرهم من أصحاب النفوس الشوهاء الصغيرة ، والإرادات الميتة ، والضمائر الواسعة ، والوجوه الصفيقة الوقحة التي فقدت حيائها وكبريائها وكرامتها ونخوتها والشعور بانتمائها لهذا الوطن الكريم بين الأمم ..

نحن فقراء بسبب هؤلاء الذين يذهبون يستجدون الشعوب والأمم في المؤتمرات الدولية باسم أكثر من ( 22 ) مليون نسمة وهم يحكمون وطن تقدر مساحتة بأكثر من ( 555000 ) ألف كيلو متر مربع معظمها ارض (بكر ) غير مستغلة تنتظر من يفجر فيها الأنهار والمشاريع التنموية لتفيض بخيرها رخاء وعسلا من الخيرات والعطايا الكريمة تجسيدا لقوله تعالى ( كلوا من رزق ربكم واشكروا له * بلدة طيبة ورب غفور ) نعم نحن من يملك وطنا من أغنى الأوطان بثروته السمكية المهولة وبثلاثة مناخات زراعية على مدار العام وبثروات جوفية بكميات وفيرة وفوق ذلك ، نحن أغنياء بثروة بشرية فتية أكثر من نصف تعداد السكان هم تحت سن الثلاثين سنة من العمر وهو ما لم تملكه حتى أغنى الدول في منطقة شبه الجزيرة والخليج ..

ولكن كل ذلك كما يقول المثل ( جواهر بيد فحام ) لا يستفاد منها وليس هناك أي أمل يلوح في الأفق بقرب الاستفادة منها في ظل سلطة عاجزة وكسيحة معظم رجالها ووزرائها من فئة ( السائبة والوصيلة والبحيرة والحام ، وجهاز تنفيذي فاسد معظمه من النطيحة والمتردية والموقوذة وما أكل السبع ) كل همهم هو استجداء المعونات والإعانات إلى جانب فرض المزيد من الضرائب المجحفة والموجعة على المصنعين والتجار وهم يعرفون قبل غيرهم أن كل هذه الأعباء والأوزار ستضاف فوق ظهر مواطني هذه الدولة المنكوبة بدولتها وبتصرفاتها الحمقاء غير المسئولة أو الواعية..

حيث استقبلت هذا الشهر الكريم وقبله العام الميلادي الحالي بانهيار العملة الوطنية ورفع تسعيرة الخدمات الأساسية الهامة المعدومة أصلا مثل الماء والكهربا والمحروقات وغيرها ، لا لتقليل العجز في الميزانية ولكن لتغطية متطلبات الإنفاق الباذخ والفاجر على ملذاتها ومهرجاناتها وسفاهاتها وسفرياتها ومؤتمراتها الاحتفالية دون أي قيمة يستفيد منها الوطن .. إن الذهاب إلى ( بريطانيا ) في هذا التوقيت بالذات يبعث على السخرية أمام الرأي العام المفجوع والمنكوب بعملته الوطنية المغتالة ظلما وعدوانا ، فبريطانيا دولة مسيحية لا تعطي ( زكاة رمضان ) لمن يفد إليها ، حتى وان كانت بمبرر الحضور الشخصي لحفل تخرج الولد ( خالد ) .. فالنفوس الصغيرة لا يمكن لها أن تكون بحجم الوطن وكبريائه وخيراته ، لأنها الفت السؤال والتسول واستمرأته ولم يبق في وجهها مزعة لحم يواري سؤتها ، فقد أسقطت عن نفسها كل أوراق التوت .. ولو كان ولاة أمرنا يفقهون شيئا من التعامل مع الدول المانحة لكانوا طلبوا من هذه الدول بناء عدة محطات توليد كهرباء لسد العجز في مجال توليد الطاقة التي عوقت التنمية ونـفرت المستثمرين وانحدرت بالناتج القومي المحلي إلى درجة غير مسبوقة ، ولكانت استفادت من ساعات الإطفاء المهدورة التي تصل في أجمالييها إلى أكثر من اثني عشر ساعة يوميا وهي ساعات ثمينة منذ أكثر من خمسة عشر سنة من الإظلام ( المبرمج ) كانت كفيلة برفد الخزينة العامة بعشرات مليارات الريالات شهريا ولساعدت في رفع الناتج القومي المحلي للوطن وأغرت الكثير من رجال الأعمال باستثمار أموالهم في الداخل بدلا من تهريبها بشكل عملات صعبة إلى الخارج حيث الأرباح مضمونة والكرامة والحقوق مصونة .. وشعار ( بلادك حيث ترزق لا حيث تخلق) كما يقول المثل الذي لا أحبه ولكنها الضرورات التي تبيح كل المحظورات في وطن يتحكم به ( العيال ) من أبناء الذين أسندت إليهم الأمانة فخانوها فظهروا على الساحة فجأة مدعومين بنفوذ ومراكز آبائهم فأفسدوا البلاد بعقيلاتهم المراهقة بعد أن تخلى الرجال الرجال عنها ، قهرا وكمداً وإقصاء .. ترهيبا وترغيبا ومحاربة معنوية ومادية .

آخر السطور :

في الوقت الذي تتناوش ( الذئاب ) هذا الوطن من كل حدب صوب ومن اتجاهاته الأربع مهددة بالإفلاس والانهيار التام تطالعنا حكومة القهر الوطني بقانون شركات الحماية الخاصة وكأننا قد أنجزنا كل شيء ولم يبق معنا سوى كيف ننشئ مثل هذه الشركات دون أن تدري هذه الحكومة أن ذلك يعني سحب السيادة الأمنية منها لصالح هذه الشركات ، الحكومة ركنت إلى أن كل هذه الشركات هي أساسا مملوكة لبعض الوزراء والقيادات الأمنية ذات العيار الثقيل بينما كان الأولى بها إيجاد فرص عمل لجيشها الجرار من أفراد الأمن العام والمركزي الذين تحول غالبيتهم إلى بيع القات وتركوا مرتباتهم لمن يقوم بالتغطية عنهم ، أما البلية الثانية هي انشغال نفس الحكومة بصفقة الواقي الذكري ( الكندم ) لتحديد النسل والحد من الانفجار السكاني حسب زعمها عبر وزيرها المشهور بفمه الكبير المعقوف من أسفل لتسهيل بلع مثل هذه الصفقات غير الشريفة ، وهكذا تكون الحكومات وإلا فلا .. وربنا اطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا ربنا فاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا .