الطريق من الثورة إلى العمالة
بقلم/ د. محمد أمين الكمالي
نشر منذ: 9 سنوات و 7 أشهر و 17 يوماً
الثلاثاء 31 مارس - آذار 2015 05:14 ص
 
العمالة لإيران ليست اطهر من العمالة للسعودية رغم قناعتي الراسخة بكل الأثر السيئ والتدميري للسعودية على اليمن ووقوفها الدائم في وجه تطلعات هذا الشعب المسكين في صف الطرف الأسواء دائما وصولا إلى تجميع كل أطراف اللعبة السياسية بخيوطها وان لم تحسن اللعب إلا أن ذلك لا يعطي المبرر لعمالة مضادة بالاتجاه الإيراني الذي لن يتردد باستغلال اليمن لتحقيق أقصى حد من مصالحة دون أي اعتبار .
ارفض التدخل الخارجي بالجملة وان كان الواقع لا يخفي هذا التدخل الظاهر من الآساس ولكن هل يقراء جيراننا الأقوياء النوويون منهم والمتخمين بالنفط وطائرات اف 16 اليمن بشيء من بعد النظر ولا أقول الإنسانية فهل تدرك السعودية اخطائها وجرائمها في حق اليمن ودورها في الوصول إلى ما وصلنا إليه على الاقل في المرحلة السابقة من تجاهلها لأبسط ما يستحقه اليمنيين واقتصار دورها على إعادة توزيع الحصص بين عملائها والإشراف على صرعاتهم للإبقاء على الجميع تحت أقدامها هل تبداء ولأول مرة بالتنبه إلى أن تمزق اليمن وانفجاره اخطر عليها ربما من وجود يمن مستقر ومزدهر فكونها الجار الأقرب يجعلها الوجهة الاولى التي تقصدها بوصلة الجموع الجائعة واليائسة والغاضبة كذلك .
وفي المقابل الامبراطورية الفارسية النووية والأكثر ذكاء إلا يلهمها ذكائها أن المقامرة بالورقة اليمنية وإحراقها ربما ليس الخيار الأفضل لها فان يكون هناك دولة يمنية مستقرة يتواجد بداخلها طرف حليف قوي يدعم توجهاتها وخطها العام بما يحترم خصوصية وظروف محيطه الداخلي افضل من خيار أن يكون لها جيب عسكري في حرب إقليميه تستنزف مقدراتها أو مجرد سلطة قهر وأقلية متجبرة توسع قاعدة الإرهاب .
فلا بديل لمصالحهم هم إلا أن يراعوا هم مصالحنا هذه المرة أو يستعدوا للقادم الأسواء وهم أن لم يروا ذلك فلان عملائهم المحليين يتخلون عن أي اعتبار بتدمير بلادهم خلال صراعهم على السلطة.
ولا ننسى التهديدات الاقتصادية الخانقة والتي تمثل السيناريو الأسواء حتى من الحرب في بلد يشكل المغتربون والمساعدات وقطرات من النفط الارضية المعيشية له لن يتحمل سياسة تجويع استطاعت أن تؤلم الدب الروسي وملالي طهران .
لو كان الحوثي ثوريا بحق ويسعى لبناء دولة والقضاء الفساد وضمان الحرية لكان وجد الكثير من بسطاء الناس ومخلصيهم وراءه دونا عن باقي القوى التي أثبتت انتهازيتها وسوئها ولكان وجد حينها صدى لأي دعوة للتقشف أو حتى اكل الحجار (وليس التعيش منها ) قبل الرضوخ لأي تدخل اجنبي ولكن اهم ما خسره الحوثيون ألمصداقية والأدهى انهم لا يدركون ما يعني ذلك أن يبدوا من فسادهم وقمعهم ورعونتهم وارتهانهم لطرف خارجي ونهمهم للسلطة لدرجة التحالف مع صالح الذي حاربهم سنوات طويلة وكان وقوفهم مع باقي فئات الشعب في الثورة ضده وضد منظومة سلطته وما تمثله هو مدخلهم للبدء بالتحرك على مستوى وطني واسع ورفضهم للمحاصصة معه في الوفاق ومطالبتهم بالعدالة التي تهرب منها الجميع هو ما جعلهم أمل من فقدوا ثقتهم بباقي آلأطراف.
 انقلابهم على انفسهم ثم على الوطن والسلمية والثورة ومبدائها والسعي وراء السلطة مرتهنين للخارج ومتحالفين مع الشيطان وممارسة نفس أساليبه القمعية والقتل العشوائي للمحتجين السلميين هو ما يجعل قطاعات من الشعب ترحب بعاصفة الحزم كونها تمثل معادلة كاسرة لتحالف عودة صالح ممتطيا ظهر الحوثي وان كانت من السعودية وهؤلاء لا يمكن اتهامهم بالعمالة وهم من وقفوا بصدور عارية أمام رصاص صالح ودافعوا عن حق الحوثي كطرف وطني كان يتم شيطنته ثم أمام نيران الحوثيين بينما عملاء السعودية الذين وقفوا في صف صالح هم حلفائهم ألآن ومعهم في تسلطهم وليراجعوا كشوفات اللجنة خاصة .
في خضم التطورات المتسارعة أتى رد السعودية على خطاب مبادرة صالح رد استباقيا بالتسريبات عن استجداء صالح وولده العودة لبيت الطاعة وهو ما يقدم دليل دامغ ليس على تورطه فقط بل على استعداده لخيانة حلفائه كورقة يتم استخدامها وحرقها والرد اللاحق بقصف قيادة الحرس يدل على عدم التسامح مع عملائهم الذين يخرجون عن الطاعة وهو ما لم يدركه صالح اثناء رقصه وتلاعبه انهم تسامحوا مع إحراقه لليمن ولكنهم لن يغفروا له مساسه بمصالحهم.
فمبادرة صالح أتت أيضا اعتراف ضمني انه زعيم القاعدة ويعرض وقفها لإطلاق النار, صالح الذي خدع الحوثيين بإمكانية سيناريو مشابه ل94 بدخول عدن وفرض حقائق يضطر معه العالم والإقليم للتعامل مع الامر الواقع وخصوصا أن الحوثيين وجدوا تساهلا دوليا وانبطاح داخليا للقوى السياسية كلما فرضوا أمر واقع خلال الفترة السابقة .
في تقييمي أن المتأثر الأكبر بالضربات سيكون صالح ومليشياته لإنها كانت جيش نظامي يعتمد على مقومات السلطة(وليس الدولة) وهذا ما تم ضربه بشكل رئيسي أما الحوثي فما سيحدث فقط هو العوده خطوة إلى الوراء ليعتمد نفس استراتيجيته السابقة بعيدا عن الاستقواء بمقدرات الدولة التي امتلكها حديثا ولم يجيد استخدامها بشكل فعال بعد وسيفقد تسهيلات صالح لاستخدام تلك المقومات التي انتهى اغلبها فعلا النقطة الاخرى هي فقدان الدعم الخارجي وهذه ليس من الممكن انهائها كليا حيث تدل التجارب السابقة على استحالة ذلك.
والخارج السعودي وغطاءه العربي ﻟﻦ ﻳﻘﻠﻘﻮﺍ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻒ ﻣﺨﻠﻔﺎﺗﻬﻢ ﻣن اليمن فهم ﻓﻘﻂ ﻳﺪﻣﺮﻭﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻀﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺠﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﺎﺭﻭﺧﻴﺔ ﻣﻔﺴﺤﻴﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﺘﺸﻜﻞ ﺍﺭﺽ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻟﻠﻤﻠﺸﻴﺎﺕﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺴﻢ وهذا السيناريو الذي يبدو اقرب للعيان من استعادة أي شرعية بعيدا عن العودة لصاحب الشرعية الحقيقية وهو الشعب اليمني .
وسيكون الخاسر الرئيسي والحقيقي هو اليمن البلد الفقير والمنهك والمثقل الذي يحتاج إلى دعم مالي اقل بكثير من تكلفة العمليات العسكرية الحالية ويحتاج إلى رغبة جدية من كل آلأطراف الخارجية وتابعيهم الداخليين في اقرار حقيقي للبنات بناء الدولة وتحقيق العدالة التي التف عليها الجميع وهربوا منها بشتى الحجج .
الوضع اليمني يقراء عادة من الخارج إلى الداخل وموقف ايران هنا يرتبط بمفاوضات النووي مع الأمريكان مما يجعلها عاجزة نسبيا بسبب لعبة العصا والجزرة التي يقوم بها الرئيسالامريكي والكونجرس وربما هذا نفسه ما شجع السعودية على الدخول المباشر في اليمن وان لم يكن السبب كون الاسباب تتصل بمصالحها و تتعلق بمشكلات تماسكها الداخلي وصراعاتها الخارجية .
الموقف الامريكي غير الممانع للعاصفة على اعتبار إمكانيه استثمار أي نتيجة يتم الوصول اليها بما يحقق مصالحها أي كانت تبعاته علي آلأطراف الاقليمية والموقف الروسي ليس اقل انتهازية في انتزاع اكبر قدر من المكاسب من هكذا صراع إقليمي يحدث اعادة ترتيب في توزيع المصالح الدولية في المنطقة .
في المقابل هناك من يسوق الحجج بالحديث عن التدخل العربي في شؤون داخلية لدولة اخرى وان من يرفضون التدخل ألآن هو قبلوا التدخل السوري في حرب لبنان الأهلية بغطاء عربي وقيام حزب الله برد الدين وتدخله في سوريا دون أي غطاء خلا عقيدتها الداخلية وخطها العام .
ولابد أن نتذكر التدخل السعودي لصالح الملكيين في الستينات وجزاء سنمار الذي تلقاه من وقفوا وتصدوا لذلك التدخل من قبل المحسوبين على الطرف الجمهوري وكذلك صالح الذي فتحاجوائنا للطائرات الامريكية واستعانته بالطيران السعودي وضد الحوثييين بالذات .
على الطرف الاخر هناك من يتحدث عن السيادة الوطنية ومقاومة الغزاة وتناسي الحرب الاهلية المستمرة واجرائات القمع والهيمنة والقتل والتورط في صراعات داخلية خدمة لمصالح طرف أو اخر مطالبا المواطنين بتقديم التضحيات حفاظا على الدولة وجيشها وأسلحتها التي يتم ادخارها للاستخدام ضدهم في قمع المتظاهرين السلميين وضرب الجنوبين العزل .
متناسيا أن معسكرات الاستخدام الداخلي مغروسة في خاصرة المدن والحواضر بدل من أن تكون منشورة على الحدود دفاعا عن الوطن لم نلاقي خيرها واليوم لا نسلم شرها بدل أن تحمينا تتحامى بنا كدروع بشرية .
لازلت وساظل اؤمن أن اليمني هو الحل بكل مساوئة ومحاسنه وان الثورة كانت خطوة أولى ضد الكثير من المسلمات الصنمية كحتمية التدخل الخارجي والارتهان كمرتزقة في صراعات القوى الدولية ولن تكون ثورة اذا كانت تستبدل عمالة جهة بجهة اخرى وبغير العدالة (التي التف عليها الجميع) والدولة لن تقوم لنا قائمة وما ندفعه ألآن هو ثمن سكوتنا عن غياب العدالة , فنحن لم نعد طرف في المعركة كما يحاول البعض تصويرها ولكن مجرد ضحايا .
لقد تجاوزنا حافة الهاوية و سقطنا في الهاوية فعلا ربنا يعين ونخرج منها لكن المأساة تكتمل ليس لأننا ثرنا ضد الطغيان كما يزعمون لكن لان الطغاة هم من استعمل سياسة الارض المحروقة وهدم المعبد على الجميع اذا لم يكن خاضع لهم واخرها حشرنا بين الرضا بالإعدام الخارجي أو الإنتحار الوطني لتنطبق علينا مقولة ابن خلدون الطغاة يجلبون الغزاة .