تعز بمُحافظها وصحيفة الجمهورية.مِن علامات نَجاح الثورة الشعبية!
بقلم/ د.علي مهيوب العسلي
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 24 يوماً
الأحد 24 يونيو-حزيران 2012 03:50 م

لكل ثورة عظيمة نجاحات تتحقق في الحال وأخرى تتحقق تبعا لها ،وأظن أن من بين النجاحات العظيمة للثورة الشبابية الشعبية هو اختيار رئيس الجمهورية للأخ شوقي هائل سعيد كمحافظ للمحافظة ،والذي لاقى الترحيب والاستحسان والتفاؤل من معظم مديريات تعز .وهو أول محافظ يمتلك القدرة والخبرة لإدارة المحافظة وبصلاحيات كاملة منحها إياه رئيس الجمهورية ولأول مرة في تاريخ الجمهورية من وحي ثورة الشباب،والذي لم يأتي جَابياً لصالح شلة حاكمة .لقد استبشر الثوار والمواطنين به خيرا ،وتحولت المحافظة من بؤرة توتر بين حماة الثورة والقوات العسكرية المرابطة هناك والتي تتلقى أوامرها من الأسرة العائلية التي كانت تحكم اليمن منذ ثلاثة عقود ولازالت مخالبها هناك, نتمنى من الأخ الرئيس إخراج الجيش من هذه المدينة التي أثبتت سِلميتها منذ زمن بعيد ،بل ومارستها عند استلام المحافظ الأخ شوقي مهامه فيها واستجابت بكل احترام وطواعية لإجراءاته الأمنية التي اتخذها لجعل المدينة خالية من المظاهر المسلحة ، حتى الذين خالفوا تلك الإجراءات عند توقيفهم من أجهزة الأمن سرعان ما يسلمون أسلحتهم إلى أجهزة الأمن التي تمتلك "مقص السلاح" كما أطلق عليه التعزيون فتقوم أجهزة الأمن بقصه أمام حَائزَهُ وتُسلمه قطع متناثرة لمالكه .وتحولت واجهات المحلات والمصانع والمدارس إلى شعارات كل بحسب المهنة التي يمارسها ففي المدرسة شعار "سلاحي قلمي " وفي المتجر شعار "سلاحي متجري" .. وهكذا !

هذه هي تعز الثائرة المثقفة المُسيسة المتطلعة لحياة كريمة خالية من التمييز تحترم القوانين وتُطبقها كسلوك حضاري تراكمي عبر الزمن ،حتى الذين زاروها في ذكرى المحرقة التي نُكبت بها تعز الثورة رجعوا بالانطباع الايجابي ويَحمِلون رسالة إلى مناطقهم يدعونهم بالاقتداء بهذه المدينة التي كان يطلق عليها بالحالمة والتي أصبحت الآن "تُكنى بالمعلمة" !

كذلك شبابها الثوار الذين هم مُميزون حقا في ممارسة الفعل الثوري والتصعيد الثوري بحسب خطط مدروسة تجعل المراقب والمخالف أيضاً لا يستطيع تمالك مشاعره بل ويصرح بإعجابه ويتركون آثراً في أعماقه بما يُسطرُّون هؤلاء الشباب الأطهار الناتج من الإبداع في الفكرة و التنفيذ فيُقدمون لوحة فنية إبداعية رائعة فعلى سبيل المثال مسيرة الحياة التي أذهلت الشعب اليمني بما حملته من أفكار ومن تحمل العناء ومن رسالة في المحطات التي عبروها ومن مشهد توحيدي للشعب اليمني كله حول الفكرة الثورية ومآلاتها التي بالضرورة ستحقق الرفاهية والإخاء والتعاون لكل الشعب ،إلى مسيرة "كافي مخاء" إشارة إلى هذا الميناء الذي أهمل منذ عقود ومنبهةً القيادة السياسية وقيادة المحافظة بأهمية الاهتمام بتنمية وتطوير مدينة المخاء التاريخية ،إلى المبادرات الشبابية برسم اللوحات المتعددة في جدران المدينة والتي توحي بالتنوع في هذه المدينة التي تقبل التنوع وتؤمن به ، ولا ترغب بالاستفراد من لون واحد وهي المعروفة بالمعطي العام والتي لا تأخذ إلا من عَرَق أبناءها المنتشرون في أنحاء الجمهورية والعالم، إلى المبادرات الفردية التي قام بها احد شباب الثورة بتصوير وتوثيق وكتابة مشكلات في حدود 178نقطة تحتاج من المحافظ بحثها وعلاجها كما صرح بذلك المحافظ نفسه والذي بادر وأخذ عينة منها ونزل إليها ووجدها كما وصفها الشاب الذي لم يُعرِّف بنفسه كما أشار إلى ذلك المحافظ القدير في حديثة لوسائل الإعلام ،إلى مواطن آخر قام بتصوير حالة فساد وأرسلها إلى المحافظ عبر الفيس بوك ،إلى الأخ العزيز شوقي الذي وضح ما سبق بل ولم يكتفي بذلك فاستخدم شبكة التواصل الاجتماعي وفتحه للتفاعل مع الجميع وهو الذي يصرح في لقاءاته وهو الحريص على ذلك بالخبرات والأكاديميين ليعينوه في التفكير الإبداعي لاختصار الزمن لتطوير تعز وفي فترة قياسية . وهو كذلك يقول انه على مسافة واحدة من كل الأطياف السياسية والفئات والشرائح في هذه المحافظة الواعدة .وقبل كل ذلك عندما وافق على قبوله بتحمل المسؤولية ودفع الضريبة المستحقة عليه لهذه المحافظة بادر بإعلان برنامجه وأولوياته عبر التلفون في قناة السعيدة فهل غيره من المسئولين عمل ذلك في الماضي أو الحاضر اشك في ذلك؟!

هذه هي تعز أيها الثوار والكثير الكثير في الطريق ونحن على موعد يُعَدُّ له هذه الأيام للمؤتمر التشاوري الأول لأبناء المحافظة وربما يكون تحت شعار " تعز أولاً " ومن المتوقع أن يخرج اللقاء بميثاق شرف وتحديد الأولويات العاجلة والمتوسطة والطويلة يسترشد بها محافظنا الكريم في إعداد الإستراتيجية الوطنية لتنمية محافظة تعز حتى 2030م .

ثم ننتقل إلى صحيفة الجمهورية ونرى تعز من زاوية أخرى والمتمثل في حنكة وذكاء العاملين على صحيفة الجمهورية الذين أدركوا كُنه مستقبل اليمن بأنه لن يتحقق إلا بفتح المجال لكل صاحب رأي أن يوصل فكرته بالنقد أو التأييد أو التطوير !

لقد مارست صحيفة الجمهورية بقيادة رئيس تحريرها المستنير الأخ العزيز سمير اليوسفي الذي تَحمّل أعباء هذا التغيير في صحيفة رسمية كانت تُكرر خطاب التضليل المُصّدر مركزياً مع بعض التميز في كُون صحيفة الجمهورية تُصدر من تعز الثقافة ،فَسُبحان الله في اعتقادي انه ليس مصادفةً أن تصدر الجمهورية من تعز التي تعني الاستقرار والالتزام بالدستور والسعي لتحقيق أهداف الثورة ،أي ببساطة الرغبة والاستعداد لتقبل الدولة المدنية الحديثة. نعم إن المركزية المَقيتة التي مورست في كل المجالات ومن ضمنها الإعلام كان يُعمم على الوسائل الرسمية بحسب أهواء أشخاص يدّعون أنهم قريبين جداً من الحاكم الفرد فيُصدرون التوجيهات والتعليمات لإبراز ما يرغبه ذلك الحاكم بنمط مُكَرر تجده في الإذاعة الرسمية والتلفزيون الرسمي ثم يتم تعميمه على الصحف الرسمية ابتدءاً بصحيفة الثورة مروراً بصحيفة الجمهورية وانتهاءً بصحيفة 26 سبتمبر الذي كان يُديرها المطبخ الأمني والإعلامي المُسبِّح بحمد الرئيس الفرد ليلاً ونهارا ً سراً وجهراً صدقاً وكذباً ،خطاب ممل تشاهده في التلفزيون لساعات طويلة قاتلة ببطء للوجدان والعواطف ومُدّمرة للنفس البشرية يَتكرر يومياً وبنفس الرتَابَة في الصحف الرسمية!

حقاً أيها المُبدع سمير لقد نَقلت صحيفة الجمهورية إلى الصدارة وتحدّيت الصعاب واتخذت القرار الشجاع مثلك مثل شباب الثورة عندما خرجوا ليغيروا هذا الظلام الحالك السواد الذي جَثم على عقولنا وتفكيرنا وتَطوُّر حياتنا طيلة العقود السابقة ،هنيئاً لك هذه الإرادة أنت وجميع العاملين في الصحيفة الأبطال كونكم غيرتم وَجه ما يعرف بالسلطة الرابعة باقتدار (الرأي والرأي الآخر) في عقولنا جميعا بعد أن يئسنا من أن الإعلام الرسمي الذي يُمول من دافعي الضرائب اليمنيين لا فائدة منه ولا يتوَقع منه الإسهام في تطوير الفكر والثقافة والتنمية وما شابه ذلك ! وإنما قد صُودر – الإعلام- من الشعب مثله مثل السلطة والذي يُعد أداة من أدواته وبالتالي كان يُوظف لصالح الحاكم دون سواه !

أشكركم أيها الإخوة الأعزاء في صحيفة الجمهورية على الثورة الفكرية وعلى الحراك الذي تديرونه ،ولكني أريد أن أدلي بملاحظتي الوحيدة لعلها تفيدكم في مسيرة ثورتكم الصحفية التي انتم سائرون عليها ،فأشكركم على نشر بعض كتاباتي التي أُرسلها إليكم عبر البريد الالكتروني دُون وسَاطة من احد ، ودون معرفتي الشخصية بكم رغم متابعتي المتواضعة لعطائكم ، وهذه ميزة غير متوفرة في الصحف الأخرى إذ يتم النشر بحسب المعرفة الشخصية بتلك الصحف ، ولكن الملاحظة هو عدم المعرفة بالسياسة التي تتبعونها وما هي المحظورات ،كون بعض المقالات لم تنشر رغم أهميتها في التوقيتات الزمنية مثل (يا شيخ حميد نقدر تضحياتك ...ولكن ما نشر يسيء لأخلاقك ،ما هو المطلوب قبل الحوار الوطني الشامل، وكذلك :رسائل عاجلة للرئيس ..بعيدا عن شغل الكواليس و صالح سميع بين خبطة الجدعان ...ونكثه بالعهود في ملاحقة الحيتان!) فهل يوجد مانع يستدعي عدم النشر ، إذا كان المانع مخالف لسياسة الصحيفة ولا أعتقد ذلك ارجوا منكم التوضيح لأنكم قد جَذبتم الجميع في سياستكم السديدة التي اتبعتموها في فَتح الصحيفة أمام الجميع واستقطبتم الكتّاب والمفكرين المحترفين منهم والهاوين ،أما إذا كان المانع تقني بمعنى أن شُهرتكم قد جَعلت الكُتاب يَتسابقون على توصيل أرائهم من خلال الصحيفة المقروءة الأولى والتي صارت مُحببة إلى قلوب وعقول اليمنيين جميعا وهذا هو عين الحقيقة فارجوا أن تزودوا أعداد الصحيفة أضعافاً مضاعفة ،فلقد لاحظت تَسابق المتابعين بشراء الصحيفة بل وحجزها من اليوم الأول وتُستنفذ في فترة قياسية من نزولها، وكذلك ارجوا أن تدرسوا إمكانية إصدار العدد بطبعتين يومياً إن أمكن هنا ستتحوّلون بعون الله وبصدقكم وإيمانكم بحرية الصحافة إلى "دار الجمهورية" كما هي الأهرام بمصر و أتمنى أن تخططوا لذلك .كذلك الشكر موصول لمواقع التواصل الاجتماعي الذي يعد ثورة حقيقية بارتباطه بكل جديد وبالسرعة الفائقة ودون تأخير واخص بالذكر (موقع يمن برس ،وموقع مأرب برس مع بعض العتب عليه مثله مثل صحيفة الجمهورية ،والشكر موصول لموقع التغيير نت وكل المواقع الأخرى التي يصعب عدها وتفاعلها المستمر)!

هذه هي ملاحظتي الوحيدة لكني أحببت في هذا المقال أن أسجل إعجابي وتقديري لانحيازكم للحقيقة واشد على أياديكم الاستمرار في هذا الاختيار الذي يُكابد عين الحقيقة والذي بَرهنتم بما لا يدع مجالا للشك من أن اتجاهكم هو الصحيح وأنكم في ثورة مستمرة تعلِّمون الناس ما معنى الرأي والرأي الآخر .ومقالي هذا لا أريد به المجاملة أو التَمجِيد لنشر مقالاتي و أنما لاستحقاقكم الإشادة والتأييد لما انتم سائرون عليه من اجل إعطاء كل ذي صاحب رأي حقه في التعبير ولكي يَقتدي بكم مَن تَخلّف عن الركب حتى الآن سواء الوسائل الرسمية أو الأهلية !

هذه هي تعز النموذج والتي يمكن الاقتداء بها على مستوى الوطن .ونتساءل هل يمكن اعتبارها والسعي والسماح لها بأن تكون عاصمة لإقليم من أقاليم اليمن الموحد لو اتجه الحوار إلى الوصول لدولة فيدرالية بأقاليم .نتمنى من السياسيين والمفكرين البحث في هذه الفكرة فهي جديرة بالعناية والاهتمام !

كذلك أوجه رسالة للإخوة في الجنوب وهي دعوة صادقة مفعمة بالحب والتقدير ومستوعبة ما تعرضوا له من تجريف وتخريب فأطلب منهم النزول من سقف بعضهم المعلن في فك الارتباط لأنه غير واقعي وغير منطقي بسبب ما عمقه النظام السابق من مشاكل ومصالح في جنوبنا العزيز ، فلو تم لا قدر الله ذلك فسيُقسم جنوب اليمن إلى دويلات ولن يعود كما كان عليه ،وكذلك من يطرح الفدرالية بإقليمين فهذا الطرح غير واقعي أيضاً لأنه مقدمة للانفصال ومن ثم الاقتتال والتقسيم كما في الفكرة السابقة .

إذن الفكرة القابلة للتطبيق هي الفدرالية القائمة على أقاليم ولن تحصلوا على ذلك إلا بالنزول من سُقوفكم وفتح الخطوط والتفاعل مع تعز التي يرغب أبنائها أن تكون عاصمة لإقليم من ضمن الأقاليم في الحوار الوطني فتعضِّدوا بعضكم بعضاً ، لأن قدركم هو تقوية بعضكم ، لكي يتحقق في اليمن الدولة المدنية التي ننشدها جميعا!

أخيراً الشكر لمحافظ محافظة تعز الذي نَدعمه في برنامجه وما نَلمس من تغيير على ارض الواقع والشكر موصول للأخ سمير اليوسفي الذي أتحفنا بنكهة اليوسفي الثقافية في الحرية والتعددية والتنوع الفكري الثقافي وفَتح شهيتنا للمزيد .كذلك الشكر لكافة الأحزاب السياسية في تعز لنضجهم في التعامل اليومي مع شباب الثورة والذين اثبتوا أنهم غير المركز في كل شيء .عاشت ثورة الشباب بأهدافها القيمية والخزي والعار لمن يريد وائدها أو إعاقتها ...

  alasaliali@yahoo.com