ما تقوله أصوات اليمنيين لرئيسهم الجديد
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الخميس 23 فبراير-شباط 2012 03:07 م

في أكثر من لحظه تاريخيه فاصله أثبت الوعي الشعبي اليمني تقدمه وتجاوزه لوعي " النخب " وإدراكه لحقائق الواقع الملموس دونما ضجيج أو كلام كثير وجمل إدعائيه ملتبسه .

خرج اليمنييون بكثافه لم تألفها الانتخابات الديكوريه في العقدين الماضيين . ذهبوا الى صناديق الاقتراع ليؤكسوا على مرحلة كابوسيه أسقطوها ، وليمنحوا الرئيس التوافقي شرعية شعبيه هي شرط نجاحه وفاعليته في أداء دوره ومهامه لما بعد 21 فبراير

هذه المشاركه التي فاقت كل التوقعات تعطي الرئيس الجديد والتسويه السياسيه عموما الأرضيه الصلبه التي يقف عليها بثبات ، شرعيه شعبيه كاسحه لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن

لم تكن هذه المشاركه الواسعه التي فاقت كل التوقعات مضمونه ، فقد كانت كل الاحتمالات قائمه وممكنه بما فيها احتمال العزوف عن المشاركه في إنتخابات بمرشح وحيد . لكن الصورة بانت تدريجيا من صباح الثلاثاء عن وضع مختلف ، ومرد اختلافه ليس دعاية المشترك ولا إدعاءات المؤتمر الكاريكاتوريه ، بل الوعي العميق بمجرى التاريخ ومتطلباته الذي يختزنه الوعي الشعبي البسيط ويعبر عنه بهدوء في اللحظه الفاصله دونما مزايدات أو إدعاءات نخبويه فارغة المعنى ومفتقره للمسؤليه الاخلاقيه كالتي أصمتنا بها أسماء منتفخه كنا نضنها كبيره

مثل هكذا نتيجه أفرزتها المشاركه الواسعه والمكثفه لليمنيين تقذف بالكرة مباشرة الى ملعب الرئيس الجديد الذي يتحمل المسؤليه الأولى في إنفاذ الاراده الشعبيه باعتباره رأس الدوله ورأس حربة التسويه السياسيه ومحورها في المرحله الانتقاليه الثانيه

وخلاصة هذه الرساله الشعبيه أن الرئيس الجديد لم يعد لديه أي حيثيات يمكن أن يستند إليها للقبول بتعطيل فعاليته ، والتباطؤ في السير نحو تنفيذ برنامج إصلاح اليمن ، من خلال عناوينه في مضامين الآليه المزمنه ، وأهداف الثوره الشعبيه السلميه كأطار عام باعتبارها الأصل والتسويه السياسيه هي الفرع الذي وجد لترجمة أهداف الثورة وتحقيقها بصيغة سياسيه

لقد تابع اليمنييون أداء هادي خلال الأشهر الماضيه وهو يخطو بحذر كمن يمشي في حقل ألغام

كان حذراً وصبوراً ، ومعذوراً في حذره وصبره وهدوءه وهي نفسها الصفات التي زادت مستوى ثقة الناس فيه وقدمته لهم بخلاف ما كان متوقعاً لدى بعض الأوساط التي ثابرت على تثبيط تفاؤل اليمنيين به ومراهناتهم على صبر الرجل وحكمته ومهنيته كقائد عسكري محترف

كل ذلك يختلف الآن مع هذا التأييد الشعبي الكاسح

مواصلة الرئيس الجديد سلوك الحذر أو القبول بتعطيل صلاحياته بعد أن أصبح رئيساً لليمن ، ومدعوماً بهذه الشرعيه الشعبيه القويه سيكون له رد فعل عكسي ، وسيبرز إذا ما حدث كعامل سلبي مؤثر على مرحلة يزدحم جدول أعمالها بمهام تأسيسيه كبرى ،دولة القانون والحوار الوطني في قمتها

كلمة السر في فعالية الرئيس عبدربه ومفتاح نجاحه لهما عنوان واحد : إستعادة مؤسسة الجيش ، وتحريرها من الإرتهان للإرادة الفرديه العائليه ، لتكون محكومه بالإرادة الوطنيه ومصلحة البلد ، والأداة الفاعله لإنفاذ هذه الإرادة الوطنيه الجامعه

يحتاج الرئيس الذي باركته إرادة الشعب الى استيعاب وضعه الجديد كصاحب قرار كامل ونافذ وليس مجرد شرطي مرور بين الفرقه والحرس . ومندون توحيد الجيش واستعادته من بين مخالب العائله سيبقى الرئيس ومؤتمر الحوار الوطني والمسار السياسي عموماً تحت رحمة المسيطرين على المؤسسه الوطنيه الكبرى والتي حولها صالح الى إقطاعيات خاصه لأبنائه وأقاربه

ولن يكون بإمكان الرئيس الجديد أن يستوعب دوره ومكانته المحوريه مالم ينطلق في تفكيره من الإقرار بواقع إنتصار الثورة الشعبيه السلميه التي قفزت به من الهامش الى واجهة البلد وحولته من صفر على شمال صالح إلى الرقم واحد في اليمن . مثل هكذا حدث ثورة كبرى وليست الأزمه الى نتاج لأساليب صالح التي أفرط فيها في محاولته تجنب سقوطه المحتوم بفعل الثورة .

فخامة الرئيس الرصين : أنت الأقوى الآن لأنك في سدة المركز السيادي للبلد ...فقط إستوعب هذه الحقيقه وأعترف بثورة الشعب الذي منحك تأييده الكاسح وبادر بترجمة التغيير الى قرارات جمهوريه....