للشقيقة الكبرى ... دعوا أحلامنا ولا تجهضوها مرةً أخرى
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 23 يوماً
الثلاثاء 24 مايو 2011 05:49 م

منذ قرابة قرن, يحلم اليمنيون بدولة المؤسسات على أنقاض دولة الفرد, وتوج أحرارهم ذلك بثورة 1948م, إلا أن الشقيقة والجارة الكبرى أخذت على عاتقها – ولا زالت – مهمة الوقوف كحجرة عثرة أمام تحقيق حلم تبلور حالياً إلى صيغة أكثر تطًوراً وشمولية ويحظى بإجماع يمني, هو: الدولة المدنية.

خلال ثلثي قرن, ظلت المملكة تتنقل من مربع إلى آخر كلاعب سيرك, فمن عدو للائمة الذين انتزعت منهم أراضي شاسعة إلى داعم سياسي ساهم بإجهاض الحلم ووأد ثورة 48م, وداعم سياسي ومالي وحاضن للإماميين الذين خاضوا مواجهة ضد الدولة الجمهورية الوليدة, وداست على الصراع السياسي والاختلاف المذهبي معهم وفق قاعدة "عدو عدوي صديقي".

تراجع دور مصر في دعم ثورة 26سبتمبر 1962م, عقب هزيمة حزيران 67م وفرضت المملكة مصالحة بين الطرفين (الجمهوريين والملكيين) وفق أجندتها ومصالحها, لتتحول داعماً علنياً للجمهورية عبر مشائخ وشخصيات ظلوا حجر عثرة أمام تطور ونمو دولة الجمهورية, ووأدت الحلم اليمني مرة ثالثة بالتآمر مع قوى غربية ويمنيين على الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي رحمه الله والذي أراد ان يحقق الحلم.

 أستمرت الشقيقة في دعم نظام جمهوري يتناقض مع تكوينها وبنيتها السياسية الملكية ذات الحكم الأسري لتخوض اليمن الشمالي حرباً بالنيابة عنها والولايات المتحدة ضد الحكم الشيوعي في جنوب اليمن.

تواصل دعم جارتنا الشقيقة - سامحها الله – فوفرت مختلف وسائل الإجهاض لأي جنين قد ينمو في رحم اليمن وسيتمخض عنه مولود الدولة, ودعمت المشائخ و(صالح) ليتعاونا معاً على دفن الحلم, وحتى الدعم السعودي لليمن خلال تلك العقود, نجده بعيداً عن إحداث تنمية حقيقية وإنشاء بنية تحتية عكس الدعم الكويتي والهولندي والصيني, وحصده الطرفين, وهو ساهم بترسيخ الواقع المخضب بالفقر والجهل والمرض والتخلف مع تخمة في العنف والصراعات والمذلة والانكسار.

تنقلت المملكة من مربع إلى آخر فيما يتعلق بعلاقتها بمصر بشأن اليمن, حيث كانت خصماً لمصر التي دعمت ثورة اليمن في عهد عبدالناصر, ليتحول إلى تعاون مصري سعودي للمضي باليمن وشعبها نحو المزيد من الواقع المؤلم والمخزي للعرب جميعاً.

 وحينما أتفق فرقاء الحكم في الشمال والجنوب على الوحدة كانت المملكة رافضةً لتوحد اليمنيين وأستمر موقفها كذلك في حرب 1994م, لينقلب حالها منذ أعوام قليلة لتكون في صف الوحدة اليمنية كحريص عليها مادام حرصها الظاهري سيحفظ لها بقاء رجلها المخلص الرئيس صالح في الحكم دون إعتبار لحالة التشرذم والتششت والانقسام إجتماعياً بسبب سياساته وفساده.

وبقدرة قادر, صار الإماميون الذين دعمتهم منذ عام 48م وحتى مابعد ثورة 62م, خطراً عليها وعلى اليمن وعلى المنطقة عموماً وأقحمت الدين بالسياسة وحضرت صراعات المذاهب مابين سنة وشيعة والصراع القومي العربي الفارسي الصفوي.

وحينما اتفق اليمنيون على ثورة وخرجوا إلى الشوارع بمختلف شرائحهم وفئاتهم يتطلعون إلى إسقاط نظام لم يعرفوا منه سوى الفساد والفشل والإستبداد ورابطوا في ساحات التغيير وميادين الحرية عزل من السلاح ويواجهون آلة القمع (الصالحية) بصدور عارية وضعتهم محل إعجاب العالم أجمع, حالمين بدولة مدنية حديثة تنهي حكم الفرد وتعيد لهم ولوطنهم الحرية والكرامة, فكانت هي لهم بالمرصاد تسعى بسياسة ناعمة لوأد هذه الثورة وإجهاض حلم الملايين من اليمنيين مرةً أخرى.

فقط, نتمنى ان ترفع المملكة يدها عن التدخل في شئون اليمن ويتوقف دعمها السياسي والمالي للرئيس فاقد الشرعية الشعبية ونظامه المتهاوي, وفق قاعدة إسلامية أصيلة "لا ضرر ولا ضرار", وتنفيذاً لشعار رفعه نظام صالح ذاته بعد ان صادق على بيع الأراضي اليمنية الملهوفة في عهد الأئمة, وهي "من الجيرة إلى الشراكة".

نؤكد للمملكة وحكامها انه لن يصلهم من اليمن سوى الخير فقط, مهما وصلنا منهم الشر, فقط نتمنى ان يدعونا نحقق حلم الآباء والأجداد لينعم به الآبناء والأحفاد والمتمثل بإكتمال ثورتنا للشروع في تأسيس الحلم وهو الدولة.