ما وراء ترحيب الحكومة بمقتل بن لادن
بقلم/ عبد الرزاق الجمل
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 6 أيام
الثلاثاء 10 مايو 2011 08:11 م

بعد مقتل الشيخ أسامة بن لادن على يد القوات الأمريكية في باكستان، سارعت الحكومة اليمنية، قبل غيرها، إلى الترحيب بالعملية "الناجحة"، وتمنت أن ينال من أسمتهم بـ"الإرهابيين" في مختلف بقاع العالم ذات المصير.

لكن الترحيب اليمني الرسمي بالعملية الأمريكية ضد بن لادن فُسر بطرق أخرى، تتناسب، إلى حد كبير، مع سياسة نظام صالح في التعاطي مع ملف القاعدة، فصالح الذي يستثمر هذا الملف بطرق مختلفة ولأكثر من غرض، بحسب كثير من المتابعين والمهتمين، لن يفوت فرصة كهذه، لاسيما وأنه يمر بأزمة كبيرة على خلفية الثورة الشعبية المطالبة برحيله.

والترحيب اليمني، من منظور العارفين بصالح وبنظامه، لا يمكن أن يؤخذ على ظاهره، فمن يحرص على وجود القاعدة ليلعب بورقتها، لن يرحب بحدث يعرف أنه سيضعفها، لأنه سيؤثر عليه في المقام الأول.

وإذا كان البعض قد فهم من الترحيب أنه عبارة عن محاولة من قبل النظام اليمني لتذكير الأمريكان بالرئيس صالح كحليف في الحرب على الإرهاب في بلد اعتبرت الإدارة الأمريكية القاعدة فيه أخطر من القاعدة في أفغانستان وباكستان، إلا أن آخرين روا أن ترحيب صالح ليس أكثر من رسالة استفزاز لتنظيم القاعدة، رغبة منه في استحلاب ردة فعل تجعل منه عدوا لدودا وهدفا للتنظيم في نظر الأمريكان.

وتخوف البعض من أن يكون الترحيب الرسمي اليمني مقدمة لأعمال "إرهابية" ضد مصالح أجنبية أو غيرها ينتوي النظام القيام بها باسم تنظيم القاعدة كردة فعل على الترحيب بمقتل الشيخ أسامة بن لادن، لما لابن لادن من مكانة وقداسة في نفوس أعضاء القاعدة.

لكن المهتم بشئون الجماعات الإسلامية، سعيد الجمحي، استبعد استغلال النظام اليمني عملية قتل بن لادن لتحقيق أغراض خاصة، لأن النظام اليمني، بحسب الجمحي، لا يمتلك الذكاء الكافي لاستغلال مثل هذه الحوادث بالشكل المطلوب.

غير أن توظيف النظام اليمني لمثل هذه العملية لا يتطلب ذكاء خارقا، فالغرب الخائف من تنظيم القاعدة يمكن أن يعطي اعتبارا لأتفه الحجج وأبعد الروابط، وما لا يمرر على غيره يمكن أن يُمرر عليه بسهولة، والنظام اليمني، بحكم خبرته الطويلة، يدرك هذا الأمر جيدا.

فعلى الرغم من أن اتهام القذافي للثوار الليبيين، في بداية الثورة، بأنهم على علاقة بتنظيم القاعدة وبأنهم يتعاطون حبوب هلوسة من بن لادن، قوبل بالضحك والسخرية في الوطن العربي، إلا أنه أُخذ على محمل الجد في الغرب، كما أن توظيف نظام صالح لهذا الملف كان يتم بطريقة مكشوفة جدًا.

وكان تكتل وطن للثورة الشبابية الشعبية في اليمن قد حذر من قيام نظام صالح بتنفيذ هجمات ضد المصالح الأجنبية في اليمن وتسويقها للمجتمع الدولي باسم الإرهاب كردة فعل على مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وقال التكتل في بيان له الأسبوع الماضي إنه تابع باهتمام بالغ تداعيات مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وردود الفعل المختلفة من الحكومات والجهات الرسمية وغير الرسمية.

ومحاولة اغتيال العولقي

بعد أسبوع من ترحيب الحكومة اليمنية بمقتل بن لادن، وأملها أن ينال من أسمتهم "الإرهابيين" في مختلف بقاع العالم، المصير ذاته، جاءت عملية شبوة التي كانت تستهدف الداعية اليمني المطلوب أمريكيا، أنور العولقي.

ويبدو أن هناك ما هو أكبر من الترحيب العلني، بالنسبة للنظام اليمني، خصوصا وأنه يعيش أزمة كبيرة بسبب الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله، وليس بعيدا أن تكون العملية التي استهدفت العولقي، من ثمار ذلك، أي أن نظام الرئيس صالح الذي ظل لعقود يخوف شعبه بـ"العرقنة" و "الصوملة" هو يهديهم اليوم "البكسنة".

الجدير بالذكر أن العمليات التي يقوم بها الطيران الأمريكي على مناطق في بعض المحافظات اليمنية، توقفت منذ فترة، وبحسب وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي فإن العمليات الأمريكية توقفت في نهاية عام 2009م، لأنها أثبتت عدم جدواها، أي بعد الكارثة الإنسانية التي خلفتها عملية المعجلة.

عودة العمليات، واستهداف مكان تواجد فيه العولقي، بحسب وسائل الإعلام الأمريكية، يشير إلى أن القصف جاء بناء على معلومات استخباراتية قد تكون من الداخل.