مباراة افتتاح خليجي 20 : الألم .. بوابة الأمل
بقلم/ حبيب العزي
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 20 يوماً
الأربعاء 24 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 04:51 م

أعلم بداية ان كل تلك الجماهير الرياضية ، التي توافدت على ملعب 22 مايو في الحبيبة عدن ، منذ الساعة الثالثة عصراً بكل ذاك الحماس وكل ذاك الابتهاج ، لحضور مباراة الافتتاح في العرس الخليجي رقم 20 ، قد خيم عليها الصمت واحتبست أنفاسها منذ الدقائق الأولى لمباراة الشوط الأول ، حيث كان الهدف الأول الذي جاء لصالح المنتخب السعودي ، ثم تطور الصمت ليصبح بعدها كآبة تخيم على الوجوه ، وألماً يعتصر كل من تابع أحداث تلك المباراة .

شخصياً .. كان التوتر يسيطر علي ، ويرتفع مع كل هدف يدك شباك منتخبنا ، مع أني لست رياضياً ، ولا أدعي لنفسي المعرفة بمجمل التفاصيل الفنية للرياضة عموماً ، ولكرة القدم بشكل خاص ، لكن أهمية الحدث ربما هي التي قادتني قسراً ، وجعلتني " أتسمَّر" وبشكل عفوي امام شاشة أبوظبي الرياضية – الناقل الحصري للحدث - قرابة الست ساعات وبشكل متواصل حتى نهاية الشوط الثاني من مباراة الافتتاح ، وهنا أصدقكم القول أنني كنت قد قررت عدم الاستمرار في كتابة هذه السطور بعد النتيجة " المحرجة " لنا كبلد مستضيف للحدث ، والتي قد يصفها البعض بأنها " فضيحة " كبرى ، لكنني تذكرت بأن الألم هو بوابة الأمل – كما يقال - ، ومن لم يذق طعم الألم يوماً فكيف سيعرف طعماً للنجاح ، حيث وبضدها تتبين الأشياء .

إن شعوري بالألم ذاك لم ينسني أبداً إحساسي بتلك البهجة وبذاك السرور ، وأنا أتابع وأشاهد كل تلك اللوحات الفنية الرائعة ، التي تجلت في افتتاح دورة خليجي 20 ، والتي رسمتها ونظَّمتها أياد مبدعة ، أظهرت لضيوف اليمن ولمشاهدي ومتابعي هذا الحدث الرياضي الهام ، ذاك الثراء العظيم وذاك التنوع والتعدد في ميراثنا الفني والحضاري في اليمن الحبيب ، والذي لا شك باننا نفاخر به كيمنيين ، فالأمة التي ليس لها ماض حضاري وليس لها تراث عريق ، أمة بلا تاريخ وبلا مستقبل .

إن ذلك الحضور الكبير واللافت للأنظار من قبل الجماهير الرياضية ، التي توافدت إلى أرض الملعب من مختلف مناطق اليمن لتشهد هذا الحدث التاريخي والعرس الهام - على الأقل - بالنسبة لتاريخ الكرة اليمنية ، ثم ذاك الحضور الإعلامي لمختلف وسائل الإعلام اليمنية ، المرئية منها والمقروءة والمسموعة والإلكترونية ، على اختلاف مشاربها واتجاهاتها السياسية ، في صورة حية جسدت لنا شيئاً آخر إيجابي يحسب لليمنيين بصفة عامة ، و لكرة القدم بصفة خاصة ، وهو أن ما فرقته السياسة في اليمن قد جمعته كرة القدم في مشهد يبعث على الارتياح لكل إنسان محب لليمن الواحد الموحد .

ولا ننسى أن الحدث لا زال في بدايته ، وأن الخسارة التي مني بها منتخبنا في الجولة الأولى ليست نهاية المطاف ولا نهاية الدنيا ، وما يدرينا فقد تكون هذه الخسارة هي سبباً رئيسياً في إحراز نصر قادم نتوخاه ، حيث وكلنا يعلم أن كرة القدم كلها مفاجآت ، ولا بد في النهاية من رابح وخاسر ، فلماذا نجلد ذاتنا كل هذا الجلد ، ولماذا نُحمِّل اللاعبين فوق طاقاتهم ، فإن أحرزوا نصراً وأهدافاً رأيناهم نجوماً في السماء ، وإن حلت بهم هزيمة أو عثرة رفعنا عليهم كل السياط الغليظة ، ووضعنا على أعيننا النظارات السوداء ولم نعد نرى سوى كل عيوبهم ، متناسين كل الإيجابيات الماضية والحاضرة ولربما حتى القادمة ، وهذا أمر لا يجوز بأي حال في تقديري .

ختاماً .. يجب أن لا تعلو وجوهنا الكآبة لمجرد بضعة أهداف – مع قسوتها – من الوهلة الأولى ، و لنتحلى جميعاً بروح الأمل وبالتفاؤل ، ولنكن أوفياء ومنصفين أدبياً ومعنوياً ، لكل تلك الجهود التي سهرت الليالي الطوال من اجل التحضير لهذا الحدث ، الذي أرى أن مجرد استضافتنا له يعد إنجازاً نفاخر به ، حتى لو خسرنا في جولة هنا أو هناك ..

ولا ننسى .. أن الألم هو بوابة الأمل .

* ومستشار للتحرير بمجلة المرأة والتنمية