هل أصبح بيان العلماء إرهاب وتكفير
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 16 يوماً
الثلاثاء 31 يناير-كانون الثاني 2012 08:44 م

يبدو أننا أصبحنا في زمن تبدلت فيه المقاييس وأنعكست فيه الموازين وعلى رأي البعض من الشواذ النشاز فإن المسيئين للذات الإلهية مبدعين متنورين والعلماء متهمين لأنهم أوضحوا حكم الشرع فيهم ...نحن في آخر الزمان حيث الروبيضة لذي تحدث عنه صلى الله عليه وسلم في حديثه : ( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))،قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة» .

فالرويبضة السفيه من أمثال هؤلاء هو اليوم من يتحدث بأمر العامة ويفتي في شئون الدنياء والدنياء والدين وعلى مذهب هؤلاء المفتون الجدد فإن الإساءة للذات الإلهية والتطاول على المقدسات الإسلامية إبداع وحرية وتنوير أما أن يوضح العلماء رأي الشرع في الإساءة للذات الإلهية ويدعون الدولة للقيام بواجبها والقضاء للقيام بدوره في تصرف حضاري راقي فهذه كهنوتيه وضلامية وتكفير و ...ألخ

والإشكالية أن هؤلاء الأشخاص المسيئون للذات الإلهية الشاذون عن قيم المجتمع اليمني المسلم وجدوا لهم جوقة من المطبلين والمدافعين عنهم وهو أمر يثير التعجب والإستغراب وهو دليل على ان هناك تيار بنخر في الخفاء ويعمل في الظلام ويشتغل في الخفاء لإيجاد تيار يعادي المقدسات ويسخر من الدين وينفذ مخططات وأجندة مشبوهة من حيث ولا يعلم تحت ستار ومظلة المدنية والإنسانية وحرية التفكير والإبداع والتعبير وغيرها من المسميات البراقة وهناك من يريد أن يسوق لنفسه عند أسياده في الغرب ليبدو لهم وكأنه ضحية المتشددين ومستهدف من المتطرفين والمتشددين بغية الحصول على لجوء سياسي والرحيل من هذه البلاد التي أصبحت الحياة فيها نوعا من الجهاد والسجن مع الأشغال الشاقة وكذلك يمني نفسه بأنه سينال شهرة في الغرب وجائزة من المنظمات المشبوهة والحاقدة على الإسلام والمسلمين كل هذا على حساب الإساءة للذات الألهية وللمقدسات الإسلامية .

هناك طابور خامس للأسف يحاول إرهاب كل منتقد لهذه الجريمة النكراء تحت لافتة التحذير من التكفير والكهنوتية والظلامية وإستهداف المبدعين وغيرها من الإتهامات الظالمة التي يحاولون إلصاقها دوما بالعلماء.

ونحن هنا لا بد أن نشيد بفتوى علماء اليمن وتحذيرهم من الإساءة للذات الإلهية حيث أصدروا قبل أيام فتوى وقع عليها عشرات العلماء يتقدمهم العلامة القاضي محمد بن إسماعيل العمراني وشيخ العلماء الأحرارالشيخ عبد المجيد الزنداني والشيخ أحمد بن حسن المعلم والشيخ عوض بانجار وغيرهم بما يزيد عن سبعين عالما من كبار علماء اليمن الذين حذروا من الإساءة للذات الإلهية ودعوا لإحالة مرتكبي هذه الجريمة إلى القضاء في تصرف حضاري وتعامل راقي فالدولة الشرعية ممثلة بالقضاء هي المخولة بالحكم على هؤلاء لكنني أستغرب عندما قام العلماء بدورهم رأى هؤلاء المسيئين للذات الإلهية والمناصرين لهم والمدافعين عنهم بعلم وبغير علم أن ما قام به العلماء جريمة لا تغتفر وكارثة عظمى وطامة كبرى بينما الإساءة للذات الإلهية مساءلة فيها نظر والله غفور رحيم وصاروا يتأولون لأصحابها ويلتمسون لهم الأعذار ويبررون ما كتبوا بشتى المبررات في كلام مخيط بصميل وتلفيقات عجيبة وغريبة لا تدل إلا ركاكة قولهم وسوء مقصدهم حين يكتبون المقالات ويحررون الأخبار وينشرون البيانات المدافعة عن المسيئين للذات الإلهية والمنددة بالتكفيرالذي لا وجود له إلا في أذهانهم ...

العبد لله كاتب هذه السطور لا يدعوا لتكفير فلان أو فلانة فالتكفير حكم قضائي له ما بعده وله شروطه التي يعرفها كبار العلماء كما أنها من مهمة الدولة الشرعة ممثلة بقضائها كما تحدثنا من قبل.

إنها شنشنة نعرفها من أخزم ولحن نعرف من دفع لزماره وأجندة نعلم من يقف خلفها ويمولها وقد رصدت مؤخرا عشرات المقالات التي تسير في هذه الزفة وتعزف هذا اللحن النشاز على قيمنا وديننا وأخلاقنا وأدركت إلى أي مدى هؤلاء من الوقاحة والبجاحة فآخر شيء كنا نتوقعها أن ينشط هؤلاء في الدفاع عن المسيئين للذات الإلهية وللمقارنة لا يجرؤ ناشط أو مفكر غربي على أن بسخر من رموزهم لأنه سيحاكم كما في قوانين كثيرا من الدول الغربية بتهمة الإساءة للرموز والخيانة العظمى ويحكم عليه بالإعدام وتسكت المنظمات المدنية والحقوقية الغربية عن الكلام المباح كما سكتت شهرزاد في صباح ليالي ألف ليلة وليلة وعن القول بأن عقوبة الإعدام بشعة وتحط من كرامة الإنسان كما ترفع عقيرتها هذه المنظمات لمحاولة منع تطبيق الحدود الشرعية في البلدان الإسلامية فإهانة الرموز في الغرب جريمة توجب الإعدام بينما يريد هذا الطابور الخامس أن يصبح التطاول على المقدسات الإسلامية والإساءة للذات الإلهية ضمن إطار حرية الرأي والفكر والتعبير ويصبح من يقترفها مبدع ومتنور وحر بينما العلماء الذين يحذرون منها ظلاميين وكهنوتيين وتكفيريين سبحان الله (مالكم كيف تحكمون) ؟!!

لكننا يجب أن ننبه في هذا المقام على أن الإسلام بريء من أي ممارسات مغلوطة قد تصدر من بعض المحسوبين عليه والإسلام كما في صدر الإسلام يرحب بالفن والإبداع المنضبط بالضوابط الشرعية وقد أنشد الشاعر كعب بن زهير في محراب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وفي الجامع وبعد صلاة الفجر فبدا شعره: (ببانت سعاد فقلبي اليوم متبول ...ألخ والقصيدة معروفة فأستمع منه صلى الله عليه وسلم وعفا عنه وأعطاه بردته بعد أن كان من قبل قد أهدر دمه لأنه هجاه فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المبعوث رحمة للعالمين يهدر دم شاعر لأنه هجاه وسخر منه وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم واليوم تصدر إساءات لرب العالمين ويحذر منها العلماء ويقوموا بواجبهم في البلاغ والتبيين وتوضيح حكم الشرع في قائليها والدعوة لإحالتهم للقضاء فيواجهون بحملة إعلامية شرسة تحاول إرهابهم عن القيام بواجبهم ويتهمون بالتكفير والتطرف والإرهاب والظلامية والكهنوتية إلى آخر تلك الإسطوانة المشروخة التي يعزفها بعض هؤلاء منذ أمد بعيد ...

الشعب اليمني شعب مسلم وسيظل مسلم ولن يرضى بمثل هذه الإساءات لرب العالمين في يمن الإيمان والحكمة والله المستعان ..