في مارب يتحدثون عن الثأر ومبادرة تهجير الطلاب
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و 28 يوماً
الخميس 07 مايو 2009 07:15 م
الثأر مأساة لا تتوقف عند حصاد الأرواح والقضاء على قيم الإنسانية وتجاوز توجيهات الشريعة الإسلامية السمحاء ، أن نصفه بآفة فذلك وصف غير كافي وأن نطلق عليه مشكلة فالمشاكل كلها تخرج من مشكاته .

في محاولة لمعرفة وجهة النظر الأكاديمية حول قضية الثأر ومبادرة تهجير الطلاب طرحنا تلك القضية على عدد من الأكاديميين في محافظة مأرب وإليكم الحصيلة:

القضية بحاجة إلى تكاتف الجميع 

الدكتور/ عبدالله النجار عميد كلية التربية والآداب والعلوم بمأرب قال أذكر في بداية العام جاءتني طالبة وقالت: يا دكتور أنا ما استطيع أحضر. وعندما سألتها لماذا يا ابنتي، قالت: لابد ما يرافقني أبي أو أخي أو زوجي، وأنت عارف يا دكتور إن عندنا مشكلة ثأر مع ناس هنا في مأرب، لن أستطيع آتي لأن الذي سيرافقني لن يستطيع أن يأتي نتيجة وجود ثأر. وهذه واحدة من عشرات القضايا التي ظهرت. الطالب أو الطالبة لا يستطيع أن يحضر ويتعلم وينال حقه من العلم بسبب النزاع والثأر ولأن حياته قد أصبحت مهددة، للأسف الثأر له تأثير وأحياناً بطريقة لا ندركها نحن ولا نعلمها. غالباً ما يأتي طالب ويقول: أنا لا أستطيع الحضور لأتعلم لأني خائف. كثيرون لا يسجلوا في الكلية لأنهم خائفون من أن يترصد لهم آخرون في قضايا ثأر. قضية الثأر للأمانة مأساة بكل ما تحمل الكلية من معنى، مع انتشار الوعي والتعليم والثقافة يمكن الحد من هذه الظاهرة السيئة. هذه الظاهرة لا يمكن التخلص منها بقرار سياسي أو اجتماعي، إنما يمكن أن تنتهي من خلال إدراك الناس ووعيهم بأن هذه القضية تتنافى مع الدين ومع كل القيم الإنسانية لأن الكثير من الأبرياء يسقطون قتلى بسبب أحد الناس في تلك القبيلة قتل ابن عمك أو قريبك والمسلسل الدموي مستمر. الموضوع بحاجة إلى تكاتف الكثير من الجهات: خطباء المساجد والمؤسسات الدينية والأحزاب والتنظيمات، الدولة، الجامعات ودور العلم، كل الناس. لابد أن يتعاون الجميع من أجل تقليص الظاهرة لأن القضاء عليها بحاجة إلى وقت وجهود. والمشكلة أيضا أن هذه القضية تستخدم لخدمة أغراض أخرى.

 وأضاف نحن أولاً نتأكد من الحقيقة، إذا كانت هذه هي الحقيقة فعلاً من أن طالباً لا يستطيع أن يأتي إلى المحاضرات كل المحاضرات، نحاول بقدر الإمكان مساعدته ونكون مرنين ونقول له حاول بقدر ما تستطيع ونحن لن نكون عاملاً آخراً على حرمانكم من المواصلة، وإذا ما تأكدنا من حقيقة الأمر وأنه من الصعب الحضور نقول لهم: كونوا على اتصال ببعض زملائكم للحصول على بعض المقررات وأي شيء في اطار قدرتنا على المساعدة نحن مستعدون.

أما في أيام الامتحانات لا نستطيع المساعدة في الامتحانات كيف يمكن أن نساعده هنا؟ نقول لهم حاولوا بقدر الإمكان أن تصلوا إلى الجامعة بأي طريقة. المهم الأمن وسلامة الطالب وحين يدخل بوابة الجامعة هذه مسئوليتنا كاملة ولم ولن يتضرر أي طالب وقد تمكن من الدخول.

وهنا أريد أن أقول: الشخص الذي لا يساعد نفسه لا يمكن أن يساعده الآخرون. يجب أولاً إن تساعد نفسك حتى يتمكن الآخرون من مساعدتك. نحن نقول في مأرب: «ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر». لابد من وجود أشخاص على قدر من المسئولية سواءً كانوا مشائخ أو أعيان أو شخصيات إجتماعية أو علماء، لأنهم هم من سيتصدون لمثل هذه الأعمال: وانصر آخاك ظالماً أو مظلوم بمعنى أن يأخذوا على يد الظالم. فأي إضرار بالعلم أو المصلحة العامة أو بمصلحة المحافظة يجب على الناس أن يتصدوا له ويهبوا ضده ويتخلوا عنه. حتى الدولة عندما تتخذ إجراء ضد هذا الشخص الذي يتقطع مثلاً في الطريق أو يختطف باصاً أو يهدد طالباً أو أستاذاً يجب على الآخرين أن يتخلوا عنه ويقولوا له أنت لست منا أبداً. ويجب أن لا يدافعوا عنه و إذا تعاون الناس وأدركوا مصلحة أنفسهم ومجتمعهم وتعاون معنا الأخ المحافظ، وأنتم ايضاً سيتحقق كل شيء. واعتقد أننا قادرون. وهناك ناس على قدر من المسئولية ويريدوا أن يختفي الثأر تماماً وأقول لأبناء محافظتي عليكم أنتم أن تتحملوا مسئوليتكم لتوفير أجواء آمنة ومستقرة للجامعة ولكل مشاريع التنمية. وإذا كان لأي شخص مطالب فلتكن وسائله سلمية خالية من قطع الطريق أو اختطاف باص أو تفجير أنبوب أو غيره. وأدعوهم إلى التخلي عن الدعوات المناطقية.

نحتاج إلى تغيير القناعات

الدكتور بكيل الولص نائب عميد كلية التربية والآداب والعلوم بمحافظة مأرب يقول أن إقبال الطلاب على التسجيل والدراسة في الكلية دليل وجود وعي لدى المجتمع بأهمية التعليم و التأهيل الأكاديمي .

غير أنه لا يرى أن ذلك كفيل بالقضاء على ظاهرة الثأر باعتبارها قضية معقدة ويعاني منها المجتمع اليمني بشكل عام ، خصوصا وأن هاجس الثأر لا يفارق مخيلة بعض الطلاب بسبب نزاعات قبيلتهم مع قبيلة أخرى.

 مبادرة جمعية المستقبل لا يمكنها القضاء على ظاهرة الثأر واستهداف الطلاب الجامعيين لكنها بذلك ترمي الكرة في مرمى المجتمع بكل فئاته وشرائحه ومكوناته الاجتماعية ويعتمد نجاح حملة التخفيف من آثار النزاعات القبلية على الطلاب على درجة إصرار المجتمع على الإنتصار للعلم ضد الجهل وللحضارة والقيم الانسانية ضد التخلف والبدائية . لذلك يرى الدكتور الولص أن ذلك يعتمد على الطلاب أنفسهم ومدى قناعتهم بمحاربة الثأر وقبل أن نعمل على تجريم المساس بالطلاب يجب أن يقتنعوا بأن استهداف رصاصات الثأر لهم جريمة وأن المشاركة في أي عمل من ذلك النوع هو ظلم منهم لأنفسهم .

يشير الولص إلى أن الكلية التي تضم طلابا من مديريات وقبائل شتى بينهم نزاعات وقضايا ثأر ساهمت في تقريب وجهات نظر الطلاب ، واجتماعهم في قاعات دراسية بشكل يومي كان له أثر إيجابي في تعميق أواصر الألفة والمحبة والأخوة ، وذلك قد يكون يوما ما عاملا مهما في القضاء على آفة الثأر إذا عمل الطلاب في اتجاه اقناع قبائلهم بأن الثأر جريمة ويجب أن تنتهي ، ولا ننسى أن الطلاب هم جيل المستقبل .

لا شك ان الوصول إلى تهجير الطالب واعتباره (حرما) ، وإقناع مشائخ القبائل بالتوقيع على وثيقة تهجير قبلية تجرم استهداف الوصول إلى الطلاب هو عمل جبار قد تعترضه العديد من الصعوبات والمعوقات كون الثأر بات ثقافة معشعشه في أذهان عدد كبير من  الناس ، وولي الدم لا هم له سوى أخذ ثأره من خصومة بغض النظر عمن سيكون المستهدف برصاصة ثأره ، لذا كان لا بد من إعادة الاعتبار للعرف القبلي وربط الناس بعاداتهم وتقاليدهم القديمة التي تحرم استهداف فئات معينة والاعتداء في أماكن معينة ، مع الأخذ في الاعتبار أن تغيير القناعات وانتقاد الثقافات يجب أن تسبقه إشادة بالصفات الحميدة والقيم التي يعتبرها المجتمع محل اعتزاز.

كل من له علاقة بالثأر تصبح دراسته غير طبيعية

يرى الدكتور حسين عبد الله الموساي - أستاذ النحو والصرف بكلية التربية والآداب والعلوم بمأرب " أن للكلية دورا كبير في نشر الوعي لدى الطلاب من خلال إقامة فعاليات ندوات وبرامج  كخطوة أولى تساهم في إيجاد القناعة لدى منتسبي الكلية حتى إذا ترسخت القناعة لدى الطالب سيكون مؤثرا على مساحة كبيرة من قبيلته وفي مقدمتهم الجيل الذي سيقوم بتعليم هم وسيكون قائداً لهم في المدارس, وأضاف الدكتور الموساي: ان كل من انغمر بهذه المشاكل أصبح لديه ملل وسأم منها ويتمنى حلها  لكن لاتوجد إجراءات عملية لاتخاذها ولا من يوجههم .

وأوعز غياب وتأخر بعض الطلاب الى صعوبة التنقل لوجود مشاكل بين أطراف مختلفة فيكون الطالب ضحية لذلك , اما الطلاب المرتبطين بالمشاكل فمستواهم التعليمي متدني وأنفسهم متحطمة وحالتهم غير مستقرة , وكل من له علاقة بالثأر فدراسته تصبح غير طبيعية حتى وان تخرج يبقى تأثير الثأر عليه قائم .

وطالب أستاذ النحو والصرف والذي ينتمي إلى ذات المحافظة مديرية حريب: العمل على نشر الوعي وفي مقدمته التعليم الأساسي , مناشداً كافة أبناء مأرب أن يدركوا أن الكلية اكبر محسنة حصلوا عليها منذ قيام الثورة وسيكسبون ثمارها في المستقبل , وان يسعوا إلى تأمينها وتطويرها وتوسيعها والارتقاء بها حتى يلحقوا بركب غيرهم لأنها وسيلة التحضر والارتقاء حسب قوله , مناشدهم أيضا: أن يقاوموا كل من يسيء أو يعرقل أو يسعى إلى المساس بالكلية الصرح العلمي والمنجز الكبير

شمعة أمل مأربية تنير ظلمات الثأر

الدكتور/قاسم محمد بحيبح قال لقد كانت سعادتي كبيرة وأنا أتابع أخبار جمعية المستقبل والسلم الاجتماعي وهي تتبنى مبادرة في نظر الكثيرين مستحيلة كيف لا وهي تخترق الأسوار وتدخل منطقة تعتبر محرم الخوض فيها وهي تجنيب الطلبة الصرعات القبلية والثأر في مأرب .

الطلبة هم الأمل والمستقبل وهم الطبقة المتعلمة والمستنيرة والمعقود عليها أمل التغيير والتنمية والانطلاق لمستقبل أفضل ولما كانت الصعاب التي تواجه العملية التعليمية في مختلف مناطق اليمن متشابهه فان طلاب مأرب ومثيلاتها من المناطق القبلية يواجه الطلاب فيها مصاعب إضافية أهمها خطر غول متوحش اسمه الثأر وكم من طلاب وكوادر كانوا أمل لمستقبل أفضل اغتالهم هذا الوحش بل لا نبالغ إن قلنا أن الكثير من طالبي الثأر كانوا يستهدفون الطلاب لأنهم الطريق الأسهل لهم كونهم بدون سلاح ولأنهم أفضل الشباب لدى أهلهم وكل قبائل مأرب بلا استثناء اكتوت بهذه النار .

وتعود بي الذاكرة لخطوة مشابهه كان قام بها مشكورا الزميل الدكتور عبد الباسط الشعيبي وإخوانه في اتحاد طلاب اليمن عام 1997وكانت تستهدف حماية طلاب جامعة صنعاء من الثارات وان كانت لم يكتب لها النجاح إلا أنها أحدثت صدى طيب وإثارة للرأي العام في هذه القضية.

وأننا نأمل في هذه المرة النجاح لجمعية المستقبل والسلم الاجتماعي في مأرب ومقومات النجاح متوافرة فهي محصورة بإطار جغرافي محدد وورائها أبناء المحافظة وهم المعنيين بالقضية .

ونأمل من الجميع الوقوف خلف هذه المبادرة الطيبة والدفع بها قدما لان فيها الخير للجميع وننصح الإخوة بالتدرج في الخطوات في هذا المجال وان تبدأ بطلاب كلية مأرب ومدينة مأرب كونها سوق وملتقى لجميع أبناء المحافظة ثم تتوسع تدريجيا وان تحرص في جانب منها على زيادة الوعي لدى الطلاب بترك والابتعاد عن الصراعات والثارات والتفرغ للتعليم.

أكاديميو ومثقفو الجوف يساندون حملة التوعية ضد النزاعات

الجوف- مبخوت محمد
في إطار حملة التوعية التي تقوم بها جمعية السلام والتنمية بمحافظة الجوف تحت شعار «إلا التعليم»، والهادفة إلى رفع الوعي بالمخاطر التي تتعرض لها المؤسسات التعليمية جراء الثأرات والنزاعات القائمة، التقت «النداء» بفئة المثقفين والاكاديميين المستهدفة من حملة التوعية في هذا الاسبوع حول نظرتهم للمبادرة والآثار التي تسببه النزاعات على التعليم والتحصيل المعرفي.
د. صالح حسن سعيد عميد معهد قرناو التقني والزراعي الذي سيفتتح في الشهر القادم، قال: المخاطر كثيرة جراء انتشار النزاعات والثأرات، وأصبحت اليوم تهدد الطلاب في مختلف المراحل الدراسية.
وأضاف أن الطلاب في المراحل العمرية الاولى وفي ظل الثأرات والنزاعات تنشأ لديهم ثقافة متخلفة ومتوارثة فرضتها عليهم الاعراف والتقاليد غير الحميدة، وهي ثقافة لا تحترم قدسية المكان والزمان ولا الطالب، الأمر الذي ساهم في تدني مستوى التحصيل العلمي والمعرفي. وأشار إلى أن حالة الخوف عند الطلاب بسبب انشغال المجتمع الذي يعيش فيه في الثأرات والنزاعات، ومع غياب دور الأجهزة الأمنية لم يعد بمقدوره الابداع والتحصيل الدراسي المناسب.
وتمنى لحملة التوعية التي تقوم بها جمعية السلام والتنمية أن تنتهي وقد صيغت وثيقة تهجير تحرم استهداف الطالب من قبل أطراف النزاع.
وذكر أن ضعف الامكانيات المادية والتجهيزات تعيق جهود إدارة المعهد المهني والزراعي بمدينة الحزم في تبني صياغة وثيقة تهجير خاصة بالمعهد للعمل بها في العام الدراسي القادم والتي من خلالها تضمن التحاق الطلاب من مختلف مديريات الجوف للدراسة فيه.
وطالب جمعية السلام والتنمية بالتنسيق مع مختلف الأطراف المعنية بهذه الوثيقة للتوقيع عليها.
المهندس عبيد صالح عياش بكالوريوس هندسة كهرباء قسم اتصالات، تحدث لــ«النداء» حول حملة التوعية بضرورة الاهتمام بجميع طبقات المجتمع وكل فئاته العمرية والجلوس معهم ومع العقلاء، فالابن لا يستطيع التعليم في حالة أن والده يريد منه شيئاً آخر، وزيادة التوعية عن طريق اللقاءات والدورات مع المشائخ والجهات المعنية لتحقيق الهدف الذي من خلاله يحفظ الأمان لهذه المؤسسات. ويجب توعية الطلاب بأهمية طلب العلم وذلك من خلال التعاون مع الوجهاء ومدراء المدارس وأطراف النزاع، والقيام بدعم توقيع وثيقة التهجير وحماية المؤسسة التعليمية ودعم ومساندة هذه الوثيقة حتى تحقق فائدتها للجميع لأن الجهل واللامبالاة وعدم إدراك قيمة العلم والجهل لدى المجتمع جعلهم لا يدركون قيمة أنفسهم في المجتمعات الاخرى فيما تقام في المجتمعات الأخرى الحفلات ومناسبات الفرح بحصول أبنائها على شهادة جامعية.