من مذكرات الرئيس المخلوع
بقلم/ احمد رناح
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و يوم واحد
السبت 17 مارس - آذار 2012 10:57 م

جرت العادة أن يكتب الزعماء والرؤساء والشخصيات المهمة والمثيرة للجدل ، سواء في الوسط السياسي أو الاجتماعي أو العسكري مذكراتهم ، ليكشفوا الكثير مما خفي على الناس ابان حكمهم ومسؤولياتهم ، مما يدور خلف أروقتهم وكواليسهم . فيكشفوا كيف كانت حياتهم ونجاحاتهم بل واخفاقاتهم ، فتصبح مذكراتهم مادة دسمة للمؤرخين والكتاب والخبراء والمتتبعين لهم .

ما يهمني هنا وأود أن أكتب عنه هو . ماذا سيكتب الرئيس المخلوع علي صالح في مذكراته ؟ أشعر أيها الرئيس المخلوع كم هو الاحراج والخجل الذي ينتابك بين الفينة والأخرى عندما تفكر بمذكراتك !! أدرك تماما كم هي الصدمة التي ستواجهها ، لحظة اقترابك من محبرتك وامتشاقك لقلمك لتكتب أسوأ مذكرات زعيم مخلوع خلعه شعبه ... بالتأكيد ستقف متلعثما خجلا ، بماذا تبدأ وكيف تبدأ ...؟

صحيح أنك ستستعين بخبراء الاعلام والصحافة ممن شربوا من كأسك وأكلوا من مائدتك ، وستستعين أيضا بفلاطحة الغش والتزوير ممن تخرجوا على يديك واستلموا عطاياك وأوسمتك ، وممن لن تستغني عنهم دقيقة واحدة ، لأنك بنيت حياتك و ادارتك على الغش والتزوير .

لكن ماذا ستكتب ..؟ وماذا ستقول ..؟ هل ستكتب أنك حكمت قطعة من العالم تبلغ مساحتها 555.000 كم2 ، وتوجد على أفضل موقع استراتيجي من الكرة الارضية ، وتطل على أهم منفذ بحري ، ويوجد بها ثاني أهم ميناء في العالم بعد ميناء نيويورك . وخلال حكمك تناقصت مساحتها لتصبح 445.000 كم2 ، ولتصبح مثال عالمي في التخلف والفقر والفشل وسوء الادارة ، وسلمت منفذها البحري الى قراصنة البحر على وقع أسخف لعبة عرفتها البشرية ، وبعت ميناءها المقدس بل أرضها وبرها وبحرها بثمن بخس دراهم معدودة . بل واغتصبتها أنت وعائلتك وجعلتها ملكا لكم تعبثون بها كيف تشاؤون . أفقرت شعبها ونشرت البطالة بين شبابه ، أكرمت سفاءها وأهنت كبراءها وعقالها ، غيبت العدل وأخفيت القانون وضيعت الدستور ، ونشرت الظلم . حتى رأى الناس أنفسهم في غابة يسودها البطش المنظم والنهب للوقف والأوقاف والسطو على الأراضي والممتلكات دون رقيبٍ أو حسيب.

ملأت أركان الدولة ومرافقها من أبنائك وآقربك والمقربين منك ،  وتوجتهم بالرتب العسكرية والمواقع المرموقة ، والمراكز الهامة مع صغر سن أكثرهم ، فيما لم يزل يرزح في مكانه الكثير ممن أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن ، بل ويكون نصيب الكفوء منهم أن يحال إلى التقاعد ليكون بعدها الجو خالٍ لفراخ صالح كي تعشش وتبيض ...

كم أنا متعطش أن أقرأ مذكراتك، لأقرأها سطراً سطرا ، كلمة كلمة ، حرفا حرفا . لأكتشف كيف يستطيع المجرم واللص أن ينفذ جريمته ، ويخفي أدواتها ويمسح عنه عارها . أعدك أن أقرأ مذكراتك ، وأن أكتب تحتها توصية لتدرس كمادة للألغاز المستعصية ، وأمثلة لقلب الحقائق ، وعنوان للكذب والتزوير ، وفن لاحتراف الدجل والتدليس .