السنيورة اليماني .. دموع بشذى الفل والكاذي !
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 25 يوماً
الأحد 22 يناير-كانون الثاني 2012 07:46 م

في العام 2006 م وقف وهو يذرف الدموع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أمام وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ ببيروت متحدثا عن الآم شعبه جراء العدوان الإسرائيلي عليهم قائلا : إن اللبنانيين استندوا في مناشدتهم إلى أحزان الأمهات الثكالى والأطفال القتلى ومئات الجرحى والمشردين , وناشد الدول العربية الوقوف إلى جانب بلاده موقفًا تضامنيًّا ثابتًا يسهم في وضع لبنان على طريق السيادة . ويحلو للبعض اليوم تشبيه هذا البكاء بدموع الاستاذ محمد سالم با سندوة رئيس حكومة الوفاق التناصفية التي ذرفها أثناء كلمته امام اعضاء مجلس النواب طالبا منهم منح الحصانة لقاتل الاطفال والنساء والشباب ومذكرا بأهمية ذلك خوفا أن يحدث ما لاتحمد عقباه , ومنوها بأن طلبه ذلك سيجعل كثيرون يكرهونه , كما طالب بالمسارعة في تزكية عبدربه منصور ليكون مرشحا توافقيا لرئاسة البلاد ! وقد تم له ذلك باجماع المجلس , فنحن امة عاطفية تؤثر فينا دمعة الرجال أكثر من دماء الأطفال المسفوكة ونهتز لارتعادة صوت الرجل أكثر من تفاعلنا مع صرخات الثكالى والمقهورين ونتخوف من الغد الرمادي أكثر من رعبنا في يومنا الأسود . سيدي رئيس الحكومة لا اشكك مطلقا في وطنيتك وحبك لنا ولكنني احمل في نفسي أنات وفي قلبي غصات وفي عقلي تساؤلات ! نتعاطف مع دموعك أيها الحبيب ولكن أنات الثكالى ودموع الارامل واليتامى اغلى ـ وغصة قلوبنا أننا لم نحب لغة الإنهزام التي خاطبتنا بها وخوفك من حدوث مالا تحمد عقباه بعدم الموافقة على الحصانة .. نغمة تمنينا أنك لم تترنم بها وأنت في هذا المقام , فهناك شعرة فاصلة بين الحكمة والعجز وبين الحذر والجبن ..

ففي موقفك ذاك تمنينا ان تتحلى بقوة المنطق وثبات الجاش فان كانت الحصانة ستتم فليكن ولكن ليس من منطلق الخوف من بطش الحاكم وزبانيته وما سيقوم به من دمار وحرب وانقسامات ولا من مبدأ العجز وعدم القدرة على مواجهته وقطع دابره , لقد كانت كلمتك برغم عاطفتها الجياشة تحمل في طياتها مذلة واستجداء وكأنما تعرض على الشعب أخر فرصة له إن أراد النجاة من ذبح علي صالح وتنكيله بهم .. فإن كانت المعارضة تعرف حجم ضعفها وعدم تمكنها في مواجهة السفاح من قبل فما الذي دفع بها الى الساحات وهي تعرف مدى قوته وشدة بأسه وعتاده وحجم المخاطر التي تنتظر البلاد بتواجدها في الميدان فذلك تهور منها وحماقة , أكانت تغامر بأرواح الشباب ومكتسبات الوطن في نقلة غير مدروسة الخطوات والأبعاد نحو غد مجهول لم تحسب حسابه ؟ لقد وثق الناس بها ومنحوها الغالي والنفيس ليروا الظالمين أذلة يبكون وراء القضبان لا ليروكم أنتم في هذا الموقف الذي برغم جماله الوطني إلا أنه لا يحقق إلا النصر والغرور للظالم الطاغية , فقد حقق غايته ولن يحاكم هو ومن معه وسيسطر لمن خلفه سنة مذمومة فكل مجرم عليه ان يملك القليل من وسائل القوة والبلطجة لينجوا بنفسه .. وكل فاسد عليه ان يحوز القليل من أسباب النفوذ ليواصل مسيرته ..

وكل طاغية عليه أن لا يبالي بمن قُتل وليحترق المركب بمن فيه ليحقق لنفسه التمكين والسيطرة وإملاء الشروط التعسفية على الأخرين ! أردنا ممن يقودنا أن يتخذ قراراته من منطلق القوة والعلو لا من نقطة التراجع والتخوف من المجهول والارتعاد من الخيال , هناك مساحة لا يتواجد فيها الثائر الا وهو قد اعد العدة لها ولا مجال فيها للتراجع عن الهدف مهما كان الثمن .. فهذه الدموع نثق أنها صادقة وخرجت من أعماق قلبك الطيب ونفسك المتحملة مسئوليتها بكل أمانة , ولكننا نشعر أنها دموع ضعف لا قوة .. دموع حيرة لا عاطفة .. دموع أكراه لا قناعة .. دموع سياسة لا وطنية .. دموع انهزام لا نصر .. دموع المغلوب على أمره لا الفرح بنصره وراية مجده .. وهي في أعماقنا تجسد تماما حالة الضعف والتخبط والتردد التي تعيشها قياداتنا بعدم قراءة ورقة الواقع ومعطياته وخلفياته قراءة صحيحة حكيمة , تدرك كوامن الضعف لديها قبل عوامل القوة وتعي مخاطر فشلها قبل أسباب نصرها وتدرس حلولها قبل التضييق على خصمها ! وأتساءل متعجبا لماذا كل الثورات ترفع سقف مطالبها حتى تحقق أعلاها ونحن نخفضها حتى رضينا بأدناها ! يا سيدي رئيس الحكومة لن نكرهك ولن نشتمك ولا نقدر حتى على النظر في عينيك البريئتين .. فدموعك غالية وقد أثرت فينا جميعا ولك ما سألت وأكثر مما طلبت .. ولكنني ما زلت خائفا من ألاعيب الساحر وما قد غرسه في تربة الوطن وزرعه في بستان اليمن .. وأخشى انه برغم كل تسامحنا اليوم وسد باب الحرب الاهلية واقتتال الاخوة فيما بينهم , نكتشف غدا أننا كنا كمن يأمل هداية ابليس وإسلام فرعون ..

فنجد بعد ذلك كله انفصالا بعد وحدة وحروبا بعد تهدئة ونقمة بعد نعمة وطوائف شتى بعد جماعة واحدة .. فلا حداً على الظالمين ولا قصاصاً للمظلمومين طبقنا .. ولا عقوبة للفاسدين ولا حقوقاً للمساكين حققنا .. وفي أروقة السياسة ما زلنا ندور ونتخبط .. فبعد الحصانة يجب منحه شهادة تكريم لما قدمه للأمة مع إعتذار بسيط وليعد مستشارا مكرماً ! وأخر الكلام ليت عبد ربه يحب ( مثلك ) حقاً شعبه ويتقي في الأمة ربه .