البحرية البريطانية: تلقينا تقريرا عن حادث بحري على بعد 25 ميلا غرب المخا حكم قضائي يعمّق الخلاف بين الرئاسي والنواب شرطة تعز تعتقل قاتل أربعة من أفراد أسرته في صنعاء اشتعال حرب التكنولوجيا ..الصين تسبق الولايات المتحدة في التاكسي الطائر ذاتي القيادة بعداغتيال وزير الإعلام في حزب الله..مصادر تكشف تفاصيل لن تكن معروفة وغامضه احذروه…. القاتل الصامت يعيش في مطابخكم قرارات جديدة وصارمة… .اليمن يطالب الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات صارمة لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين بايدن يتخذ قراراً "مفاجئاً" لأول مرة قد يشعل الأوضاع في أوكرانيا و"يغضب" بوتين الاعلان عن هلاك قيادي بحزب الله تولى التخطيط والقيادة والسيطرة لعدد من معارك الحوثيين صحة مأرب تدشن حملة توعوية لطلاب المدارس حول وباء الكوليرا
كل جرائم الحوثي السابقة واللاحقة بحق اليمن واليمنيين في دفة، ومحاولته استغلال تعز مسيرة الحياة لعمل انقلاب في ساحة التغيير بصنعاء في دفة أخرى..
كادت الدموع أن تسقط من عيني وأنا أحدث بطلاً من أبطال مسيرة الحياة عبر المسافات الطويلة مشياً على الأقدام بحثاً عن وطن طالما حلم به.. لقد شعر بالسعادة في الطريق إلى العاصمة والعالم كله ينظر إليه، والمدن تستقبله وتنضم إلى صفه مرة أخرى..
لقد كان يتخيل إنه أحد الفاتحين، ويتذكر "فتح مكة" ويقرأ وطنه الحلم، وهو يقرأ تلك اللافتة التي ترفعها فتيات " قاع القيضي"وهن يستقبل سيل الشعب العظيم على بعد أمتار من العاصمة.. ولقد كان يمر في القرى والمدن من ثلاث محافظات، والناس يتنافسون في الإبداع والاستقبال ويهبون فوق ما يملكون..
كانت لحظات عظيمة، وكادت هاماتنا أن تلامس السماء ونحن على مداخل العاصمة، مئات الآلاف من مختلف المحافظات ونحن نفتح صنعاء.. وكان صوت أيوب طارش يصدح في السيارات المرافقة للمسيرة، "أللأرض عاد لها ذو يزن"؟.. و"املأوا الدنيا ابتساما"، وتعطلت لغة الشعارات والهتافات ولم يملك أحد السائقين لسيارة على سفحها مكبرات الصوت ما يقوله ونحن أمام القاعدة الرئيسية لولي العهد المخلوع احمد علي صالح، إلا أن يبكي بأعلى صوته، كان يبكي فرحاً، ويقول: "حلمي تحقق.. حلمي تحقق، كم كنت أحلم أن يأتي يوم نجتمع من كل اليمن.. حلمي تحقق.. ويبكي"..
لقد علمنا ونحن نستقبل ذلك الاستقبال في عقر دار علي عبدالله صالح، أن علي عبدالله صالح انتهى، وأن اليمن عاد، وكل ما علينا هو أن نصل إلى الغداء والمقيل، لنرتب الصورة قدر ما أمكن، لنتذكر ما استطعنا عن تلك اللحظات..
وجوار إحدى البوابات الرئيسية لمعسكر احمد علي كانت تركن سيارة حديثة لا اتذكر موديلها، لكنها كانت تحمل شعار الحوثيين "الموت.. الموت.. اللعنة".. وكان عليها مكبرات صوت تصرخ "حرية.. حرية.. وايش دخل السعودية".. السؤال يعود عليه؟ لقد ظننت أنها خرج من داخل المعسكر..
قال أحد الثوار: "ما ضرنا إلا اصحاب السيارات"، وهو يقصد أنهم تسببوا بازدحام.. لكني تذكرت سيارات كانت تجوب اثناء التوجه إلى صنعاء، وتعلن أن المسيرة ستصل إلى السبعين، وكان يتحدث أولاً ثم يعطي المكرفون لشخص بجواره ، ويقول هذا هو المتحدث الرسمي باسم المسيرة اسمعوا له. فيقول: المسيرة إلى السبعين، نحن لا نتبع أحد. وتمنيت أن آخذه بالضرب وأقول له من "فوضك تتحدث باسم المسيرة"، فاتجهت بالحديث إلى من جواري، وقلت له يجب أن نعمل حلاً.. وكان يتفق معي كل من أحدثه بذلك.
المسيرة أسقطت علي عبدالله صالح نهائياً، وافتحت اليمن الجديد بعصر الشعب، وأنا متأكد أن الآلاف من الأحزاب ومختلف التوجهات شاركوا معنا دون أي دعوة حزبية.. بل إن بعضهم لم يشارك بأي مسيرة في الثورة إلا في هذه المسيرة.. فكنا نحن الشعب، ومن جميع المحافظات بقيادة تعز..
ولم نكن بحاجة إلا للحياة لنسعد في اليمن الذي صنعناه بأيدينا وخططناه بأقدامنا ورويناه بعرقنا ودمائنا ودموعنا وصبغنا من ترابه لون وجوهنا، بعد أن نصل للغداء والمقيل في ساحة التغيير بصنعاء.. ما كنا أبداً بحاجة إلى الاتجاه للسبعين ولا لرؤية قطرة دم، فصنعاء تحاصر الجاني منذ أكثر من 10 أشهر، وهي ليست بحاجة إلى من يفك الحصار عنه، ولو أرادت أن تزحف لزحفت عليه، لكنها لم تعد ترى أن هناك في السبعين ما يستحق أن نضحي لأجله، غير طاغية محاصر يتأهب للرحيل سراً عبر الجو.. وثوار صنعاء هم أيضاً من تعز، فنحن لا ننتظرهم ليتنفسوا غازات السبعين، ويتجرعون الرصاص من بلاطجة صنعاء مباشرة، وإنما لنفرح معاً، ونثور كما اتفق اكثرنا..
كانت أكبادنا ترجف بقوة، وأبصارنا تغض من الحياء ولا تصدق ما تراه من الابتهاج، وكانت على كل وجه يطل من نافذة في صنعاء أو يخرج إلى الرصيف صفحات نقرأ فيها خطوط المسند ونرى مدائن حمير وسبأ، غير أن هناك في صفوفنا من يريد بنا أن نكون وقوداً في مشروعه الذي لا يعنينا، يريد لنا الاتجاه إلى السبعين لتكسير رؤوسنا وسقوط قلوبنا التي تمتلأ بحب اليمن.. لأن انتصارنا هزيمة له، فبالنسبة له هو يريد السبعين..
كان الفرح يزيد كلما تقدمنا، ولم نتوقع مع كل خطوة، إلا ابتسامة أعظم فالأمن المركزي كعدو هو من يحرسنا، وفجأة أطلت علينا قوات الشيطان بالغازات السامة، فصرخت وأنا أبحث عن دراجة نارية تأخذني إلى البيت للغداء: هذا كله من أصحاب المكرفونات، الذين يطالبون بالاتجاه للسبعين، لقد أعطى هذا المشارك معنا المبرر لقوات المخلوع بكسر فرحتنا ونحن ما زلنا بعيداً.. قال صاحب الدراجة: صدقت.
لقد بدأ العد العكسي للفرحة، فهناك عرفت أن هناك لا محالة سيسقط من بيننا شهداء ولن نصل السبعين ولن نحقق نصراً، غير أن هناك أسراً ستبكي، وجرحى سيتألمون.. تباً لصديقي الغبيين اللذين كانا يدعوان على متن سيارة حوثية إلى الاتجاه للسبعين.. لقد شاركوا بالدماء.. وكان من بين الشهداء أحد أصدقائي الذي عرفته في المسيرات منذ بداية الثورة قبل بدء الاعتصامات.. وهو نشوان الجبر رحمه الله.. كنت أخشى تلك الدعوة لأنني أعلم أن أغلب الشباب تطغى الروح الثورية العظيمة فيهم على الوعي السياسي والتاريخي..
وبعد غازات ومواجهات وعدم غداء، وبكاء وشهداء، وصلت مسيرة الحياة إلى ساحة المجد والتضحية، ساحة التغيير بصنعاء.. عادت الفرحة، وقد تعرضت لدرس قاسي، وجاء إلى ساحة التغيير كل ثائر، فكانت تموج بالأبطال، وفي الصباح أثناء توجهي مروري من قرب منصة ساحة التغيير في الطريق إلى الجامعة اختلف الأمر..
نعم؛ لقد اختلف الأمر، لاحظت العصي والعنصرية والمناطقية وابتسامات حوثية خلفية، وثوار تعز الأبطال يصرخون: نريد أن نتجه الآن إلى السبعين.. نريد أن نعلن في المنصة عن الزحف.. نحن ما جئنا كي نزور ساحة التغيير..
تحولت الفرحة إلى أزمة في ساحة التغيير، يا لها من جريمة، هناك لم أخف غضبي، وصرخت بين الجموع: لا تصدقوا الحوثيين، أرواحكم أغلى من السبعين.. لم أفهم شيء في المحاضرة داخل الكلية، وخرجت بسرعة لأجد الأزمة ما زالت..
استمرت الأمور بهذه الطريقة حتى اليوم التالي، والعقلاء من المستقلين وأعضاء الأحزاب ومختلف التوجهات وعلى رأسهم أغلب أبناء تعز يحاولون احتواء الموقف بصمت، لكن الحوثي يصر على المنصة.. ويسير المسيرات داخل الساحة لإسقاط المشترك..
وفي المساء بعد أن كتبت مقالاً عن القضية، حضرت لأحد الخيام، لأجد الفرحة والثورة قد كسرت على وجه تعزي سار ملايين الخطوات ليصل إلى صنعاء.. كانوا يقولون: "سنذهب ونتجه إلى عدن، الحوثيين الكلاب حاولوا استغلال المسيرة، يجب أن يأتي الحوثي من صعدة ليتقدم الزحف".. الخ.. كنت أسمعهم صامتاً. وأكاد أبكي من الموقف.. لقد كانوا كأسود وقعوا في شباك ثعلب، وكادوا أن يسقطون من شاهق صعدوا إليه.. قلت في نفسي: يا ويل الحوثي من تعز.. سوف ينتقمون..
من تغرر بكلام الحوثيين المغلفين بوجوه شبابية مستقلة، هم قليل جداً، لكن ما حدث في ساحة التغيير أحرج الجميع.. أين فرحة حزيز، من انكسارة "دار سلم" من فوضى ساحة التغيير، فلا نحن دخلنا السبعين، ولا نحن احتفلنا بساحة التغيير.. أين الكلام المليح الذي كانت تسرده القنوات والمنصات عنا.. من أين جاء هذا.. كأننا كنا في نحلم في النوم، لكننا في صنعاء، وبأي وجه نعود؟..
أنقول: الحوثي خدعنا؟ أين فتح صنعاء؟ أنقول: تعز بعظمتها استطاع الثعلب الحوثي أن يخدش كبريائها ويأتم عرسها؟.. "لا لن نقول"، إنه درسٌ جديد ومؤلم، لكنه أنقذنا، وتعز وكل اليمن لن تصمت عن الحوثي... وكل ما قام به الحوثي هو التقليل من فرحتنا وفرحة تعز، أما الإصلاح في ساحة التغيير فقد استطاع احتواء الموقف وغير ملامح وجهه الناعمة تجاه الحوثي، وبدأ يشعر لأول مرة أن الأشواك الحوثية تحتاج إلى انتباه.. ويا ويل الحوثي من تعز.. تشعر تعز أن أفضل في الحياة جبان.. وأن أسوأ ما فيها الحوثي، حتى الإصلاح وهو يوضح لهم كيف حدث ما حدث عليه أن يتوخى الحذر وهو يبين لأبطال مسيرة الحياة ما أصبحوا يعرفونه.. لا يجب أن يسمعوا ذلك .. عليه أن يساعدهم على النسيان فقط.. وكأن المسيرة لم تتوقف بـ"دار سلم" ولم يطالب بعض من يدعون انهم منها بالمنصة.. وأن يقول لهم إنه خدع من الحوثيين عشرات المرات أيضا..
إن ما قام به الحوثة، كان لابد أن يحدث لكي نفهمهم أكثر وتكون الثورة قد أسقطت كل عدو لليمن.. فهناك اليوم وعي غير مسبوق أجده في كل خيمة.. وغضب خفي لدى كل تعزي.. وستبقى مسيرة الحياة وتنتصر الثورة، وسيبقى الحوثي مدانا، كلما أوقد ناراً للحرب أطفأها الله.