صالح وإعادة اليمن الى ماقبل 62.
بقلم/ شهاب محمود
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 8 أيام
الأحد 09 أكتوبر-تشرين الأول 2011 01:42 م

  نشرت وكالة رويترز العالمية في الاول من يونيو تقريرا بالغ الاهمية عن اليمن قالت فيه أن الرئيس صالح يهدد امام مقربية بأنة "سيترك اليمن كما وجدة". للاسف مر خبرا كهذا مرور الكرام على النخبة السياسية اليمنية ولم يتم تدارس خطورة الامر وجديتة. والكارثة الاكبر تكمن في أن صالح لا يُخطط إلى إعادة اليمن كما وجدة ، بل يَخطط إعادتة كما كان قبل عام 1962 ، أي تدمير الجمهورية والوحدة تماما ، ومشاريع التدمير هي المشاريع الوحيدة التي يخطط لها صالح بحنكة ويفي بتنفيذها. تلكما امرين حتميين في مخيلة صالح ، إلا انهما وللأسف غائبين عن اليمنيين بسبب انشغالهم بالاحداث الدرامية اليومية التي اعجزتهم عن قراءة الأمور ببعداً إستراتيجيا .

في ما يتعلق بالوحدة ، فذلك أمرا مفروغ منة ، وقد نجح صالح بالفعل حتى الان في تدميرها. كانت لليمنيين قبل الوحدة مشروع واحد وأمل واحد يجمعهم ، وهو الوحدة اليمنية. إلا ان صالح الذي خطط لتدميرها قبل بدءها ، عمل كل ما من شأنة أن ينتج بكراهية للوحدة. وقد تحقق له الامر بالفعل ، والشواهد كثيرة على ذلك. ليس أقلها كره الجنوبيين للشماليين لعدم التفريق بينهم وبين النظام وليس اخرها كره الشماليين للجنوبيين بحجة انهم يشتتون اليمن بالمطالبة بالانفصال .

تبدو تفاصيل سيناريو إعادة اليمن الى ما قبل 62 غير واضحة المعالم أجمع حتى الان. فتفاصيلة الخطيرة الصامتة والحثيثة وارتكان الناس إلى الثورة الحالية أموراً يجعلهما يستبعدا حدوث أمر كذلك ، لكن هنالك من الدلائل والشواهد ماهي كافية للتوقف عندها والنظر إليها بتأني وحذر. وأفعال الرئيس صالح مؤخرا ، تجعل من الصعب أن يمر سيناريو كهذا من دون أن يراه احد ، خاصة اولئك الذين عرفوا صالح عن قُرب .

في خطابة من العاصمة السعودية الرياض لمؤتمر قبائل اليمن في منتصف أغسطس ، هاجم صالح جمهورية مصر العربية ومعها دول أخرى بشدة ، متهمة أياها انها كانت تلعب "على الحبلين" في الحرب الاهلية اليمنية بين الجمهوريين والملكيين التي تلت ثورة 62. لم تنصر الجمهوريين في اليمن دولة كما نصرتهم مصر ، حتى أن جمال عبدالناصر أرسل قواتة الى اليمن للحرب في صف الجمهوريين ، في عملية عُرفت ب "فيتنام ناصر" ، لكثرة الضحايا التي سقطوا من الجيش المصري. كانت حينها السعودية ، تسمح لطائرات إسرائيلية ان تمر فوق اجوائها لتجلي يهود يمنيين ، كما كشفت احد الصحف الاسرائيلية قبل عامين. الاشادة بمصر ومدح السعودية ( خاصة وصفها بالعاصمة السياسية) من قبل صالح في وقت كهذا بالرغم من دورهم المتناقض تماما في قيام الجمهورية اليمنية ، امرا لم يكن بريئ ، وإنما دليل على بعض طموحات صالح في إعادة اليمن الى ما قبل 62 وبدعم سعودي. والأهم ، ألم يكن الاستقبال السعودي لصالح بعد حادثة النهدين شبيه بأستقبالهم لعائلة حميدالدين عام 62؟ إلا انهم لم يسمحوا لعائلة حميد الدين بالعودة ، وسمحوا لصالح بذلك.... ذلك ربما لأن مهمتة لم تنتهي بعد .!

مؤشرا أخر ، هو ما سر الهجوم اللاذع الذي يشنة صالح على الاخوان المسلمين هذة الايام مع أنهم هم حلفائة الحقيقيين إلى الأمس القريب؟؟ بل انه لم يصل الى الحكم إلا بتحالف إسلامي قبلي وخاض بهم وبعلمائهم حربة في الجنوب وصعدة ومع هذا يبدوا اليوم وكأنة عدوهم منذ ما قبل الميلاد؟ لم يعد تفسير تخويف الناس بهم منطقيا ، فالعالم واليمنيين أصبح يعلم جيدا تراهات كتلك. ولكن الأهم من ذلك هو صمت صالح التام مؤخرا عن الحوثيين والتخويف الذي كان يقولة عن انهم يخططون لاعادة الملكية إلى اليمن؟ لقد سكت عنهم مع أنهم اعداءة التقليدين والحقيقين مقارنة بالاخوان المسلمين وال الاحمر. بل والابعد من ذلك ، ماهي خفايا التجنيد للحوثيين في الحرس الجمهوري داخل محافظة حجة والسماح لهم بالسطرة على العديد من الاماكن والاليات العسكرية هناك؟. يحتاج الحوثي فقط إلى ميناء وسيكون بأمكانة ان يعلن دولة مستقلة حينها.. تمتلك حجة ميناء ميدو !.

ألقى صالح خطابة السنوية في ذكرة انتصار ثورة 1962 هذا العام ، ولم يتطرق أبدا من قريب ولا من بعيد الى العصر "الكهنوتي الامامي البائد" كما كان يسميه في خطاباتة السنوية. بل حتى انه لم يكن يفتتح مختبرا طبيا او طريقا او يلقي خطابا في العيد الا وتحدث بأقذع الشتائم عن العصر الامامي. ما سر هذا الزهد العجيب في الحديث عن موضوع مناسبة الاحتفال وفي لحظة تاريخية مفصلية كهذة الثورة؟

إقليميا ، تستضيف إيران هذة الايام مؤتمرا شديد الحساسية عن اليمن ، دعت فية منهم معروفين بالولاء الامامي المطلق كحسن زيد وغيرة ، ولكنها أيضا استدعت اهم رموز الليبرالية في اليمن كمنى صفوان وغيرها.. مالذي تخطط لة ايران في اليمن حاليا ، وبنكهة مخلوطة ، ليبرالية وملكية؟ ذلك امرا لا يقل خطورة عن ما يخطط لة صالح .

يعمل صالح بطاقة لا تٌمل وجهد لا يعرف التعب من أجل تدمير اليمن منذ ان صعد السلطة ، ولكنة اليوم يعمل ليس فقط على تدميرها بل على نسفها تماماً. تلك بعض المؤشرات ، وهنالك العديد غيرها ، والمؤشرات الاخطر هي تلك التي لا يستطيع الناس ملاحظاتها او الاطلاع عليها. متى ستفيق الاحزاب اليمنية والمعارضة والشباب من سبات الاحداث اليومية والنظر إلى سيناريوهات طويلة الامد لن تعيد اليمن الى الوراء فحسي ولكن ستُغيبة عن الخارطة والتاريخ تماما .

shihab20102020@gmail.com