روسيا تعلن الرد بعد قرارات أوكرانيا استخدام النووي… وبوتين يعلن توقيع مرسوماً يوسع إمكان اللجوء إلى السلاح النووي ارتفاع أسعار النفط مع تعطل الإنتاج في أكبر حقول غرب أوروبا تهريب الذهب... تفاصيل واقعة صادمة هزت الرأي العام في دولة عربية اتفاقية تعاون جديدة بين روسيا والسودان روسيا تستخدم الفيتو ضد قرار بريطاني عن السودان استعداداً للانفصال.. ليفربول يستبدل صلاح بـ نجم شباك أول دولة خليجية عظمى تستعد في إنشاء ائتلاف عسكري مع الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة
أظهر المقال الأخير الذي كتبه البرلماني والقيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي الشريك في الحكم، تناقضا لاعقلاني في سرد كثير من التفاصيل والمشاهد التي قال في مقاله المعنون بـ(شهادتي علي حادث جامع الرئاسة "النهدين")،أنه قد عاشها وشاهدها من أهوال حادث تفجير جامع النهدين بدار الرئاسة العام الماضي، الحدث اليمني الأبرز في عهد الرئيس السابق الذي ظهر العواضي في مقاله وهو أحرص عليه حتى من نفسه.
ولعل أبرز تلك التناقضات التي يمكن للقارئ المتفحص لتفاصيل مقاله السردي عن ذلك الحدث الذي استطاع العواضي إلى حد كبير، وبفعل الجمل والأوصاف المستخدمة، أن يجعل من نفسه بمثابة أحد أبرز أبطال "رواية هندية"، تجمع حبكتها الدرامية، مختلف جوانب فنون "التراجيديا" الانسانية، في شخص بطلها الأبرز..
فكيف لا وهو الذي كان أول الخارجين من الجامع عقب الانفجار، وأول المطمئنين على صحة "فخامة الرئيس" الذي خرج محمولا كأنه على كرسي بين أيدي أربعة أشخاص من قوات "التدخل السريع" التي لم نسمع بها أو بوجودها ودورها الإنساني باليمن إلا من سعادته ومع "فخامته"، وتمكنه حينها أيضا من إدراك لون السيارة الرصاصي ونوعها "اللكزس" التي نقلت الرئيس السابق لمستشفى العرضي وكذا لون البيج الخاص بالسيارة الأخرى "الحبة طربال" التي رافقتها، إضافة إلى أنه كان الوحيد المحتفظ بوعيه حتى آخر لحظات تنقلاته العلاجية، وفيما يتعلق بالبحث عن معين أو منقذ للمصابين اللذين توالوا بالخروج اليه تباعا وهو مايزال محتفظا بكل قواه العقلية إلى درجة ساعدته حتى على وصف نوع كل إصابة لحقت بالأربعة المصابين البارزين الخارجين بعده للتو من بين أهوال جحيم ذلك التفجير "الإرهابي الجبان" الذي حول جامع النهدين إلى "خربة معتمة"، وبعد ان ساقه إليه- وعلى غير موعد مسبق- شعوره الانساني المتمثل في حرصه على إنجاح جهود درئ فتنة الاقتتال الجاري مع آل الأحمر بالحصبة- حسب قوله.
أضف إلى ذلك انه تمكن ببراعة من إدراك خطر الكارثة قبل وقوعها،وتنبهه منذ الوهلة الأولى لسماعه "صوت يشبه صوت الجرس (صن) أو تلك الأصوات التي قال انها "تصدر عند إصطدام حديد بحديد أو معدن بحجر. وما تلاه من "صوت أخر أضخم" قال أنه هو الآخر(طن) وأنه "يصدر عن الإنفجارات"، التي قال أنها غمرته بلحظات شعور بسعادة إيمانية طغت على عدم حبه للموت ودفعته إلى الإسراع بالسجود في "مسابقة إيمانية" معه، وصولا إلى تلك "المروج الخضراء" التي تراءت له بالجنة وتزاحمت صورها في مخيلته لحظة خروره ساجدا بين يد الله. حيث قال : "... رغم أني لا أحب الموت لكن سعادتي كانت تلك اللحظة من أني سوف أموت وأنا أصلي لله، وعندها كنت مؤمناً بأن ساعة الموت قد حانت، فأسرعت للسجود لكي أموت وأنا ساجد، ولحظتها لم يكن في مخيلتي سوى صور تتزاحم للجنة ومروجها الخضراء والأبتسامة ولوالدتي وأخواني وإبني رامي وبقية أولادي الصغار".
وبالتأكيد إن لغة العقل ومنطق النفسانيين، لايستقيم مع منطق رواية صديقي العواضي، سيما فيما قاله هنا بالذات، لان البحث عن فرص النجاة والحياة في مثل هذه المواقف العصيبة لاتبقى للضحايا أي فرص تفكير أخرى، ثم ان منطق العقل يقول ان السجود في تلك اللحظة العصيبة التي أدرك فيها العواضي خطورة الكارثة، منذ اول "صنة" منذرة بالانفجار، كما قال، قد يكون بحثا عن فرصة نجاه من خلال ذلك السجود المعروف في التكتيك العسكري "بالانبطاح" لاتقاء خطورة الموت القادم من اي هجوم، حتى لو افترضنا تفاوت القدرات الايمانية من شخص إلى آخر.
ولم يقف الشيخ البرلماني ياسر العواضي في وصفه لمشاهداته وماعاشها من تفاصيل ذلك الحادث المدان من كل اليمنيين، بمختلف مشاربهم الإنسانية على الأقل، عند سعيه لايصال رسالة تسامح الرئيس السابق الذي قد اتفق معه شخصيا وآخرين بتحليه بذلك، من خلال حرصه وهو مابين الموت والحياة، على توجيه ابن شقيقه طارق بعدم الرد على ذلك الانفجار، حينما قال ان سمعه يقول لطارق قبل أن يغمى عليه:" (إسعفوا الناس ياطارق ولاتردوا بلغ القوات لا تضرب شيء ولاترد بأي شيء أنا بخير أنا بخير)، رغم ذلك، إلا ان توقيت اطلاق "العزيز العواضي" لمقاله بعد يوم او يومين من تصريحات سابقة لنجل شقيق صالح "يحيى محمد" حرص من خلالها هو الاخر، عند حواره مع صحيفة الرأي الكويتية، على إبراز خصلة التسامح في الرئيس السابق التي أقر لك أنني احد الصحفيين المستفيدين منها، رغم ان صديقك "يحيى محمد" لم يكن له أي حضور في خضم المشاهد التراجيدية التي رويتها في مقالك الوصفي حول تفاصيل ذلك الحادث المهول الذي تفاجأنا مؤخرا بأسماء الخمسة المتهمين بالوقوف ورائه كما أوردها ناطق حزبكم المؤتمر وحلفائه السياسيين" عبده الجندي". والتي تسابقت موقع حزبكم ومطابخه الإعلامية المختلفة لنشر أسمائهم الغريبة نوعا ما- مقارنة مع المتهمين بصورة وأخرى لدى حزبكم-بعناوين مختلفة جذابة وأخرى مثيرة للاهتمام.
وبالعودة إلى حديث "الصنين" السابق للانفجار وتسامح الصالح القادم من بين لحظات الموت المحققة، تتزاحم أسئلة كثيرة لدى المتمعن في قراءة المقال او من كان عليه ان يستخرج منه "مادة صحفية محررة"، كما كان الحال لدي، إذا أنني لم أسمع يوما ما، ولا الكثير غيري أنكم خبراء في مجال الانفجارات،حتى تجزموا مقدما ان صوت الطن الثاني يصدر عن الانفجارات، كما قتلموه في جملة مقالكم:".. فسمعت في أذني لحظتها صوت يشبه صوت الجرس (صن) أوتلك الأصوات التي تصدر عند إصطدام حديد بحديد أو معدن بحجر. من ثم صوت أخر أضخم (طن) الذي يصدر عن الإنفجارات". واما فيما يتعلق بتأكيد مقالكم على حرص "صالح" على عدم تفجير الموقف او الرد على ذلك الهجوم من خلال ماسمعته من توجيهه لابن أخيه طارق، فكل اليمنيين يعرفون يومها وانت اولهم، حينما قلت في مطلع مقالك ان توجهك لدار الرئاسة كان على غير موعد مسبق ومن أجل إقناع الرئيس صالح يومها، بالقبول بتوقيع حمير الأحمر بدلا عن شقيقه حميد الذي عجزت الوساطة على مقابلته للإمضاء على اتفاق مشروط من صالح، لوقف الحرب المتفجرة أصلا وعلى أشدها حينها بالحصبة، وبالتالي فكيف تستقيم توجهات صالح "بوقف الرد وعدم ضرب أي شيء" في ظل حرب جارية مع طرف سارعت، بعد الانفجار مباشرة، الكثير من الشخصيات الرسمية المحسوبة على المؤتمر والمقربة من صالح، إلى توجيه الاتهامات له، بالوقوف وراء ذلك التفجير الاستهدافي للرئيس صالح وأركان نظامه حينها. ثم اننا حتى لو افترضنا ان توجيهات صالح تلك، كانت تقتصر على عدم الرد او "ضرب أي شيء" على المتسببين بذلك الانفجار فقط، على فرضية انه هجوم ينبغي فيه الرد من منطلق عسكري، فكيف تقرؤون، ذلك الضرب المدفعي العنيف الذي طال بعدها، منازل شخصيات بارزة معارضة لصالح ونظامه، وممن أراد "متلقو توجيهات صالح" بعدم الرد، إيصال رسالة تخويف وتأكيد منهم على مايبدو، بوعيهم لوقوف تلك الشخصيات وراء ذلك التفجير الممقوت دينيا وديمقراطيا وأخلاقيا وسياسيا أيضا، كونه يؤشر على مساع لاحياء الطرق اليمنية القديمة في التخلص من الزعامات بدلا من صناديق الاقتراع التي ينبغي ان تسود،و بغض النظر عن تقييم جديتها من عدم جدواها يمنيا في الوقت الراهن.
وأما فيما يتعلق بإصابة "طارق محمد" في الحادث ورؤيتك له والدماء تسيل من وجهه، في حين ان كل الصور التي رأيناها لطارق مؤخرا لم تظهر أي أثار لاصابة في وجهه، كماهو الحال بالنسبة لبقية المصابين في تلك اللحظة العصيبة عليك وعلى "الرئيس صالح" الذي خرج لحظتها محمولا على أربعة أكتاف في صورة إنسانية مؤلمة، لم تقوى أمام هولها، كل جراحاتك الدامية، و ما ألم بجسدك وأطرافك وقدمك من جراحات دامية وآلآم شديدة قلت أنك كنت تتمنى عندها، لو انك تقوى على فعل مايجب على انسانيتك القيام به، لتلبية استغاثات الشهيد المرحوم عبدالعزيز عبدالغني،حينما وصل اليك بجسد محترق تماما، أو تلبية نداءآت "علي محمد مجور" الذي وصل اليك ثانيا بجسم متفحم ولا حتى مرأى رشاد العليمي وهو يزحف اليك على ظهره بعد تضرر أطرافه، لم تقوى كل هذه المشاعر الإنسانية المصدومة بعجز مرضي مبرر، ولا كل ما رافقها أيضا من آلام قاتلة، دفعتك لأن تستل "جنبيتك" لقطع قدمك المصابة للتخلص منها ومن ذلك الألم الذي قلت انهما كانا سبب إعاقتك عن القيام بواجبك الانساني تجاه المستعينين والمستغيثين من جوارك، ولم تقل في المقابل ايضا وفي ظل هذه المشاهد الاليمة والاحساس بالعجز،كيف ان ذلك الالم والقدم التي منعت عن قطعها، لم يعيقانك عن السؤال والتأكد من صحة "فخامة الرئيس" المتجه إلى المستشفى دون غيره، ولم تخبرنا أيضا كيف امكنك القيام بذلك، في الوقت الذي أقررت فيه بعجزك عن القيام بأي دور انساني تجاه كل من كان يأن ويصرخ ويتالم ويحتضر ويستغيث من حولك، فيما أنت غارقا في التفكير بقطع قدمك لاسعافهم والقيام بواجبك الانساني والديني والاخوي تجاهم، دون ان تشير أيضا إلى الكيفية التي تمكنك من القيام بذلك الدور، بعد ان تقتطع قدمك المكسرة،كماتقول، إذا ما كان معروفا ان القطع يؤدي إلى عجز حركي شبه كامل كما يقر بذلك كل الأطباء..
وفي الاخير كل ملاحظاتي المذكورة والمسجلة حول ما ورد في المقال الذي لايعني خلوه من وصف عقلاني وتفاصيل جديدة ومفيدة حول الباحثين عن معلومات تفصيلية عن ذلك الحدث الذي هو كل اليمنيين وكان من الاولى على شخص مسؤول ومقرب من "صالح وأركان نظامه السابق" بحجم ياسر العواضي ان لا يغفل أهمية الاستشاره وأخذ الرأي حول مايتعلق بمدى نجاح اختياره للالفاض وتوفقه في اختيار الأوصاف والتعابير والمفردات المستخدمة في وصفه لتفاصيل ماقال انه شاهدها وعاشها حول حدث مهول أشغل الجميع عربا وعجما حينها، وباعتبار ان ما أوردها من تفاصيل تعد بمثابة شهادة له حول ذلك الحادث الغادر الذي لم تنكشف خطوطه العريضة بعد، ولا هوية كل الضالعين ورائه، وغياب مؤشرات التوصل إلى أي نتائج أخرى في ظل الحديث الجاري من بعض السياسيين اليوم، على ضرورة ان تطوى صفحاته في خضم الأحداث والجرائم والقضايا التي أسقطتها الحصانة القانونية الممنوحة لصالح وأركان نظامه. aldaare2000@gmail.com