حين يصير القتَلة أشبه بمحمية طبيعية
بقلم/ صلاح السلقدي
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و يوم واحد
الجمعة 16 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:40 م

قطعاً لم تكن مصادفة ان يطلع خبر شروع مجلس النواب اليمني بالإعداد لقانون يوفر لعلي عبدالله صالح واعوانه القتلة الحصانة أمام القضاء اليمني في نفس يوم (17ديسمبر) يوم الذكرى الثانية لمذبحة المعجلة المروعة التي ارتكبها علي عبدالله صالح بمشاركة خارجية مخزية، فتزامن هذا الإعلان بيوم الجريمة هو متعمد وله مدلوله السياسي والقانوني كون جريمة المعجلة هي ابشع جريمة ارتكبها صالح من حيث الشناعة والأداة المستخدمة بالجريمة( طيران أجنبي) فضلا عن عدد القتلى من الاطفال والنساء- صحيح ان سجل صالح حافل بالانتهاكات الإنسانية والجرائم الاقتصادية، لكن ما ميز جريمة المعجلة إضافة إلى ما تم شرحه فهي جريمة هزت وجدان العالم وهو يشاهد على شاشات التلفزة العالمية صور جثث الأطفال وأشلاء النساء والشيوخ متناثرة ومتفحمة بشكل مروع وبشاعة طريقة القتل (الغدر) ليلا باستهداف منازل لأناس عُـزّل وبسلاح محرما دوليا وفق مصادر امريكية محايدة كشفت عن نوع السلاح المستخدم بالجريمة. أضف ان منطقة الجريمة(المعجلة) في (محافظة جنوبية- أبين) محافظة عبدربه منصور هادي، الرئيس بالإنابة له ربما معاني ورسائل أخرى اريد توصيلها.

- منح الحصانة من المسائلة القانونية للقتلة من (حزب الحصان ورئيسه) من قبل مجلس نواب أشمط عجوز بلغ من العمر عتيا،(قرابة تسعة أعوام) - يقال زوراً وبهتاناً انه مجلس شعب يحمي أرواح الناس ودمائهم واعارضهم ويصون ممتلكاتهم- هي سابقة لم يسبقه أحد إليها من قبل . صحيح ان هذا القانون المزمع صدوره من قبل (مجلس نواب علي صالح وشركائه) لا يوفر للقتلة الحماية أمام شرائع السماء ولا أمام قوانين الارض، منها القضاء الدولي والمحكمة الدولية (محكمة الجنايات الدولية) مثلا، ولا تقره المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الانسان ومنظمات حقوقية دولية مثل المجلس العالمي لحقوق الإنسان ومنظمة العفو والدولية ,وغيرها من المنظمات الحقوقية الدولية وحتى العربية على ركاكتها وبمقدور اُسر الضحايا اللجوء إلى هذه الجهات الحقوقية الدولية بعد ان عز القضاء المحلي، لكن إقرار هذا القانون يعد استفزازا صريحا لأسر الضحايا واستخفافا واضحا بدماء الشهداء وتحديا وقحا لكل المواثيق الدولية التي تصون حقوق البشر وتقتص من الجناة والمجرمين. وعليه فمن العار ان يمر هذا القانون مرور الكرام من امام حكومة (محمد سالم باسندوة) ومن أمام الجميع تحت عذر اقبح من الذنب نفسه وهو ان إقرار هذا القانون هو احد بنود المبادرة الخليجية الموقعة بين الحاكم والمشترك وانه لا مناص منه. ولذا ينبغي التصدي لهكذا جريمة ستنحت بصميم صخر التاريخ بأحرفٍ من خزي وكلمات من عار بجبين كل صامت ومتخاذل لم يتصد لجريمة تنسج خيوطها من اشلاء الضحايا ويكتب حبره من دماء الشهداء وتختم بمداد بدموع واليتامى وأنين الثكالى. فمن كان لا يبال بعار سيلحق به او خزي سيوصم به بين عيونه فليصمت أمام جريمة قانون منح الحصانة للقتلة والمجرمين.

- ولمن يود ان يقف بوجه هذا العبث المشين لا يحتج بعدم امتلاكه الادلة التي تدين علي عبدالله صالح واعوانه القتلة بجرائمهم ومنها جريمة المعجلة، فإصرار هؤلاء القتلة على بند الحصانة من المحاكمات والملاحقات وتضمينها بالمبادرة الخليجية هو اعتراف صريح وجلي -لا يحتاج الى ذكاء نابغة ولا الى حدس عبقري ليكتشف ذلك - بارتكابهم لجرائمهم ،وإلا ماذا يمكن تفسر ذلك بغير هذا التفسير إن كانون لم يقترفوا جريمة ؟ فقد أضحى المسيء (القاتل) يقول خذوني، ..خذوني إلى اقرب مشنقة أو اقرب زنزانة، ولكن يصعقنا تيار الدهشة ويستبد بنا شيء من الاستغراب إن تكون أحزاب المشترك التي علق عليها الآمال وعقد بها شيء من التفاؤل قبل ان تمتطي ظهور الشباب وتعتلي صهوة ثورتهم الى داخل (طروادة) الحكم هي اليوم شريكة فاعلة بتوفير الحماية للقتلة والمجرمين وجعلهم - كمحمية طبيعية يمنع العبث بها- وتبحث هذه الأحزاب لهؤلاء القتلة عن مخارج قانونية وسياسية ،ولتدليل على ذلك هو التكريم الذي يقوم به وزراء المشترك لوزراء علي عبدالله صالح المنصرفون للتو من الوزارات وعمل لهم احتفالات وخطب المدح والثناء أشبه بمدائح (شيخ الجعاشن) لرئيسه المتهم صالح و(قوم صالح). ففي الوقت الذي يمثل هذا التكريم استفزازا لأسر الضحايا وطعنة بخاصرة ثورة أوصلتهم الى الوزارة فهو يعد إدانة للمشترك نفسه لأن هذا التكريم يعتبر براءة باطلة لهؤلاء القتلة من جرائم وانتهاكات لطالما المشترك تكلم عنها ورصدها اولاً بأول، فضلا عن ان هذا التكريم يعد ايضا تفنيدا ظالما لحُجج الضحايا واُسر الشهداء وأدلتهم الدامغة عن جرائم هؤلاء الوزراء المكرمين. وهنا يكون المشترك شريكا بجرائم القتلة ومساهما بذلك ولو باثر رجعي.

-لا يوجد تفسيرا لهذا الاستخفاف المشين الذي يقوم به وزراء المشترك من توفير المأمن للقتلة والمجرمين، فضلا عن صمتهم عن محاسبة ناهبي الثروات إلا تفسير واحد فقط هو انهم أي وزراء المشترك يخشون ان ينبش ملف المستور ويظهر ما وراء الأكمة من خفايا وأسرار غير سارة لهم ،وإلا هل من تفسير غير هذا؟.