تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات الكشف عن إستراتيجية جديدة وضربات اوسع ضد الحوثيين قد لا تصدقها.. أطعمة خارقة تقاوم الشيب المبكر وتؤخر ظهور الشعر الأبيض
* نصر طه مصطفى
يعد المجتمع الدولي اليوم بحاجة لأدلة جديدة على ازدواجية المعايير التي تستخدم ضد الدول الصغيرة فهو يؤكد كل يوم هذه الحقيقة، فإيران ليس من حقها مجرد امتلاك مفاعل نووي بينما من حق إسرائيل أن تمتلك عشرات القنابل النووية، ولذلك تم إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن للشروع في اتخاذ إجراءات عقابية ضدها . ومهما كان حجم الخلاف مع السياسات الإيرانية تجاه العديد من القضايا إلا أن المرء لا يملك إلا أن يتعاطف معها في مسألة ملفها النووي ليس فقط لأنها دولة إسلامية ولكن أولا وأخيرا لأن ذلك من حقها مثلها مثل أي دولة في العالم تمتلك مثل هذه التقنية المتقدمة . الواضح حتى الآن أن إيران تدير معركتها السياسية حول هذا الأمر بحنكة وحصافة وأنه لا يوجد ثمة اختلاف في الأداء السياسي بين عهدي الرئيس السابق خاتمي والرئيس الحالي أحمدي نجاد، وأنها ماضية في تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي مهما كان الثمن الذي ستدفعه وهو على أي حال لن يكون ثمنا كبيرا . فحاجة الآخرين لإيران ربما كانت أكبر من حاجتها لهم فقادتها يعرفون تماما إمكاناتهم وأوراق قوتهم التي تزداد مع مرور الأيام وهم يعرفون جيدا أن تكرار تجربة حصار العراق مع بلدهم لن تجدي، لأن دولا كثيرة وفي مقدمتها روسيا لن تقبل ذلك ناهيك عن أن الاتحاد الأوروبي يتعامل بمرونة كبيرة مع الملف النووي الإيراني، في حين تعاني الإدارة الأمريكية من حيرة شديدة في كيفية التعاطي مع هذا الملف الشائك . لا أحد يعلم إلى أي مرحلة وصلت إيران في نشاطها النووي وما إذا كانت هناك أمور غير معلنة في تعاونها مع الروس في هذا المجال، لكن الأكيد أنها في حالة سباق مع الزمن لإنجاز برنامجها النووي الذي تقول إنه لأغراض سلمية رغم أن لديها كل الحق في أن تمتلك سلاحا نوويا من حيث المبدأ مثل الهند وباكستان وإسرائيل على الأقل رغم ما قد يسببه ذلك من ازدياد حالة التوتر في المنطقة وزيادة المخاطر على الأمن والسلام والاستقرار في هذا المكان من العالم الذي تحتشد فيه الأساطيل والجيوش والثروات والديانات والعرقيات، ومع ذلك فلابد لنا أن نحاول قراءة مواقف مختلف الأطراف بدقة أكثر في ظل ما يقال أن إيران وسوريا هما الوجبة القادمة للولايات المتحدة . على عكس كل التوقعات فإن الاحتلال الأمريكي للعراق وإسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين لم يؤد إلى محاصرة الدور الإيراني في المنطقة وتحجيمه بل أدى إلى توسعه وزيادة تأثيره في محيطه الإقليمي بصورة لم تكن في مخيلة كل أدمغة البيت الأبيض والبنتاغون التي خططت لغزو العراق كمرحلة أولى يتبعها إسقاط النظامين الإيراني والسوري . فإيران اليوم هي صاحبة التأثير الأكبر في العراق إلى درجة يعتبر البعض فيها أن الولايات المتحدة هي التي غدت محاصرة من قبل إيران داخل العراق، وأن إيران لو قررت الدفع بأنصارها داخل العراق للانضمام إلى المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي لخرجت قواته من العراق خلال أيام لأنها حينئذ لن تتحمل تحالفا سنيا شيعيا يقود مقاومة مسلحة ضدها، لكن إيران لا تريد أن تخرج الولايات المتحدة من العراق بل هي تريدها أن تبقى فيما تعتقده أخطر مستنقع تورطت فيه خلال السنوات الأخيرة، ناهيك عن أن استمرار وجودها داخل العراق يجعلها تظل رهينة تحت رحمة النفوذ الإيراني الكبير هناك حيث تصلح ورقة للمساومة في أي لحظة تقررها هي وليس البيت الأبيض، ولعل قادة أمريكا يدركون ذلك جيدا ويعلمون حجم المأزق الذي تورطوا فيه فيلجأون لمواجهته بالتضييق الناعم على المشروع النووي الإيراني في المحافل الدولية سواء بالضغط من خلال الاتحاد الأوروبي أو بالضغط على روسيا نفسها باتجاه تحجيم تعاونها مع إيران في هذا المجال . ولم تكتف إيران بممارسة دور إقليمي جديد في العراق بل حافظت على تأثيرها الممتد منذ عدة سنوات في لبنان من خلال (حزب الله) وتمكنت من الحفاظ على علاقتها الوثيقة مع سوريا، وسعت لإصلاح علاقاتها مع معظم الدول العربية وبالذات دول الخليج وأكثر من ذلك أخذت تحاول صنع أدوار سياسية لها في دول بعيدة عنها جغرافيا مثلما فعلت بدعمها السياسي والاعلامي الصريح لجماعة حسين بدرالدين الحوثي في اليمن التي قادت تمردا مسلحا ضد النظام في محافظة صعدة، وكل ذلك يدل على أن إيران تهدف لفتح العديد من جبهات المواجهة ضد الولايات المتحدة تقودها من خلال أنصارها في أماكن مختلفة بعيدا عن أراضيها وحدودها. الأوروبيون يحرصون منذ وقت مبكر أو تحديدا منذ وفاة الإمام الخميني في عام 1989م على تطبيع علاقاتهم مع إيران، ونجحوا بالفعل في ذلك إلى حد كبير خاصة في عهد الرئيس محمد خاتمي . ورغم القلق الذي انتابهم جراء وصول المحافظ أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة فإنهم حرصوا على إثبات حسن النوايا رغم تصريحاته القوية ضد (المحرقة اليهودية) ومطالبته بإلغاء إسرائيل من الوجود، فمصالحهم اتسعت في إيران وحاجتهم لنفطها كبيرة ولا غنى لهم عنه، أما روسيا فإن إيران بالنسبة لها واحدة من أهم الجسور التي تحاول من خلالها استعادة نفوذها وتأثيرها الدولي الضائع مثلما ليس بعيدا عن ذلك دعوة روسيا لقادة حماس إلى موسكو لإجراء محادثات معهم بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية . إذن فإن وضع إيران الإقليمي وعلاقاتها الدولية في أفضل حالاتها وليس العكس، وهي ماضية في مشروعها النووي بإصرار لن تتراجع عنه وستستمر في ممارسة تكتيكاتها السياسية البارعة لكسب الوقت، والتلويح بأوراق قوتها عندما يتطلب الأمر ذلك حتى تتمكن من تحقيق هدفها وحينها سنرى كيف سيكون حجم التحولات والمتغيرات التي ستشهدها المنطقة الأخطر والأهم في العالم .